الأزياء الشعبية في تهامة متعددة ومتنوعة أيضاً لارتباطها الشديد بثقافة الحياة اليومية عند الإنسان التهامي في الزمن الماضي، نجد أنه يصعب أحياناً على المرء فصلها عن بعض الثقافات الشعبية المتواشجة معها في الحياة وهو الذي يجعل المرء في أحيان كثيرة يقف أمام هذه الأزياء وقفة المتأمل الحائر والمندهش المعجب بين براعة الإبداع الفني للشكل والأبعاد الدلالية للمضمون وهما وجهان لعملة واحدة تمثل قراءة الإنسان اليمني في تلك الحقب الغابرة من الزمن للوقوف أكثر أمام الأبعاد الجمالية والإنسانية التي كان يتمتع بها المبدع الجميل. تنقسم الأزياء الشعبية في تهامة إلى قسمين رئيسين يتمثل الأول في الزي الرجالي ، وهو وإن كان البارز منه نوعاً معيناً ألفه الناس لظهور الشخص به في المناسبات العامة ، إلا أن هناك إلى جانب الزي الرسمي المألوف ازياء إضافية وهيئات يظهر بها الرجل في حياته العامة ،هذه الهيئات تختلف باختلاف المناسبة التي تحتم ارتداء هذا الزي بالهيئة التي تتوافق معها.كما أن الزي الرجالي مر بمراحل تختلف أو تتطور باختلاف مراحل الزمن والثقافة العرفية السائدة أما القسم الثاني فهو الأزياء النسائية ، ويسقط عليها في التعريف العام مايسقط على الأزياء الرجالية من حيث الاختلاف والتطور والعوامل المناسباتية في المرحلة المتقدمة. كان الزي الذي يرتديه الرجل في معظم أجزاء تهامة خلال ممارسته الحياة العامة في المحيط والبيئة العملية من حوله عبارة عن: مئزر أسود يسمى رقعة ، يلفه حول خصره لتصل أطرافه في الجزء السفلي من الرجل إلى مافوق الركبة ، وذلك لكي تسهل عملية التحرك والجري والصعود إلى الجبال أثناء الرعي وجمع وتقطيع الأشجار للاستفادة خصوصاً أهل المناطق أو البيئات القريبة من الجبال القطعة الثانية تتمثل في الخنجر «السكين» والذي كان يتم التفنن في هندسة وضع المقبض عليه بطريقة تضفي على حامل هذا الخنجر شيئاً من الهيبة التي تجسد البعد الرجولي كما أنها تعطي بعداً جمالياً للقطعة نفسها التي تنعكس على شخصية الرجل ، بالإضافة إلى الفأس الذي يحمله بيده ولايستغني عنه وله غرضان الأول للدفاع عن النفس من أي شيء قد يصادف أو يعترض طريق الإنسان الغرض الثاني للفأس يتمثل في كونه آداة من الأدوات الهامة في حياة الرجل والتي يتسعين بها على قطع الأشجار هذا إن كان الرجل يسكن قرب الجبال ومصب الوديان ، أما إن كان من سكان المناطق السهلية «الخبت» فهو يستعيض عن الناس بالقدوم يستعين به على بعض الأعمال الزراعية ، وبالنسبة لبقية الجسد «الجزء العلوي» فكان الرجل يمارس حياته العملية عاري الظهر والصدر والبطن أي أن الرجل كان لايرتدي أي زي من الأزياء التي تغطي النصف العلوي من جسده وذلك في حياته العملية غالباً ،كما أنه في الغالب كان لا يلبس نعلاً في قدميه ، وكان يقطع المسافات في عز الظهيرة حافي القدمين وهذه الطريقة في ارتداء الزي تمثل المرحلة الأقدم في حياة الرجل في معظم مناطق تهامة. الطريقة الثانية أو النوع الثاني للزي الذي يرتديه الرجل وهي الطريقة الثانية التي تمثل زي الرجل الناضج الكبير في المناسبات العامة وتتمثل في ثوب ومئزر أسود اللون يسمى الثوب الذي يوضع على النصف الأعلى من الجسم «مدرعة» بكسر الميم ، ومئزر ويسمى رقعة وهما من البز الذي يطلق عليه «المصبغ» وهما بالإضافة إلى الهيئة الجميلة التي يضفيها على الشخص ويقومان بالحد من ظهور الأوساخ والاتربة العالقة بهذا والتي كثيراً ماتثار حول الشخص بسبب الرياح وطبيعة السهل التهامي. المعجر: وكان يلفه الرجل حول خصره «لشد الوسط» ولوضع الخنجر فيه باعتباره حزاماً ، كما أن المعجر ذا الألوان الزاهية المخططة عليه بشكل طولي يعطي مع اللون الأسود بعداً جمالياً للشكل وارقى هذه المعاجر النوع الوردي. العمامة: وهي مايلفه الرجل على رأسه لاتقاء حرارة الشمس من ناحية ، ولاظهار نوع من الوقار والهيبة اللذين ينمان عن علو المكانة والنضج العمري والعقلي،وغالباً ماتكون هذه العمامة طويلة كالعمامة التي يرتديها السودانيون فوق رؤوسهم. يضاف إلى هذه الهيئة السيف الحميري المطرزة قبضته بالفضة وذلك في حالة الحرب هذا قبل ظهور «البندق» السلاح الناري ، أما بعد ظهوره فكان الرجل التهامي يحمل السلاح ، ويستعيض عن «المعجر» الذي يشد به وسطه بحزام يملأه رصاصاً ذخيرة ، يسمى طيار وهو الخيام الذي يلف حول الخصر مشكلاً في الوقت نفسه علامة «*» في ظهر وصدر الرجل ومن أقدم الأسلحة «الثلاثي ، والسودي» وزي الشباب في المناسبات العامة في الأعراس لايختلف عن هذه الطريقة إلا بكون رأس الشاب كثيف الشعر وكثيراً ماكانت توضع عليه «العكاوة» الفضية التي تبدو بارزة بوضوح على منطقة الجبهة وبها يضع الشاب «المشقر» مجموعة من الزهور ذات الروائح العطرية الجميلة ليزين بها رأسه وزي الشباب يشكل ملمحاً عالياً من ملامح الهندام ، اليمني القديم غاية في الروعة. للزي الرجالي في تهامة واليمن عموماً الكثير من الدلالات التعبيرية التي تختلف قراءتها من شكل إلى آخر حسب المناسبة والظروف البيئية ،ويمكن إجمال هذه الدلالات للزي الرجالي من حيث العموم في القراءة الشكلية للملمح العام بأن البعد الجمالي يتمثل في الاجزاء العليا من جسم الرجل «ربطة العمامة ، تسريحة الشعر ،العكاوة ، المشاقر ، الطيار ، وضعية السلاح» بينما يمكن قراءة الشكل السفلي من القطع المرتادة على الجسم بأنها المنطقة التي تعبر في قراءاتها عن الملمح الرجولي ، المتمثل في الحذر ، والشجاعة وعدم الاستقرار الأمني والسياسي بالمخاطر البيئية وغيرها من الأوضاع التي تستدعي الاستنفار والعيش في حالة حذر دائم لمواجهة أي طارئ.