وفاة محتجز في سجون الحوثيين بعد سبع سنوات من اعتقاله مميز    من أسقط طائرة الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي" وتسبب في مصرعه "؟    إيران تعلن رسميا وفاة الرئيس ومرافقيه في حادث تحطم المروحية    قيادات سياسية وحزبية وسفراء تُعزي رئيس الكتلة البرلمانية للإصلاح في وفاة والده    اشتراكي الضالع ينعي الرفيق المناضل رشاد ابو اصبع    مع اقتراب الموعد.. البنك المركزي يحسم موقفه النهائي من قرار نقل البنوك إلى عدن.. ويوجه رسالة لإدارات البنوك    إطلاق نار وأصوات اشتباكات.. الكشف عن سبب إطلاق ''مضاد للطيران'' في عدن    مأساة في حجة.. وفاة طفلين شقيقين غرقًا في خزان مياه    الجوانب الانسانية المتفاقمة تتطلّب قرارات استثنائية    لماذا صراخ دكان آل عفاش من التقارب الجنوبي العربي التهامي    بن مبارك بعد مئة يوم... فشل أم إفشال!!    وفاة طفلة نتيجة خطأ طبي خلال عملية استئصال اللوزتين    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    عبد الله البردوني.. الضرير الذي أبصر بعيونه اليمن    أقرب صورة للرئيس الإيراني ''إبراهيم رئيسي'' بعد مقتله .. وثقتها الكاميرات أثناء انتشال جثمانه    الريال يخسر نجمه في نهائي الأبطال    هجوم حوثي مباغت ومقتل عدد من ''قوات درع الوطن'' عقب وصول تعزيزات ضخمة جنوبي اليمن    تغير مفاجئ في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    انفراد.. "يمنات" ينشر النتائج التي توصلت إليها لجنة برلمانية في تحقيقها بشأن المبيدات    مدرب مفاجئ يعود إلى طاولة برشلونة    بعثة اليمن تصل السعودية استعدادا لمواجهة البحرين    عودة خدمة الإنترنت والاتصالات في مناطق بوادي حضرموت بعد انقطاع دام ساعات    مدارس حضرموت تُقفل أبوابها: إضراب المعلمين يُحوّل العام الدراسي إلى سراب والتربية تفرض الاختبارات    كنوز اليمن تحت رحمة اللصوص: الحوثيون ينهبون مقبرة أثرية في ذمار    أول رئيس إيراني يخضع لعقوبات أمريكا . فمن هو إبراهيم رئيسي ؟    قادم من سلطنة عمان.. تطور خطير وصيد نوعي في قبضة الشرعية وإعلان رسمي بشأنه    هادي هيج: الرئاسة أبلغت المبعوث الأممي أن زيارة قحطان قبل أي تفاوض    الدوري الفرنسي : PSG يتخطى ميتز    الليغا .. سقوط البطل المتوج ريال مدريد في فخ التعادل وفوز برشلونة بثلاثية    غموض يحيط بمصير الرئيس الايراني ومسؤولين اخرين بعد فقدان مروحية كانوا يستقلونها    قبيل مواجهة البحرين.. المنتخب الوطني يقيم معسكر خارجي في الدمام السعودية    إلى متى نتحمل فساد وجرائم اشقائنا اليمنيين في عدن    إنتر ميامي يتغلب على دي سي يونايتد ويحتفظ بالصدارة    ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 35,456 شهيداً و 79,476 مصابا    الجامعة العربية: أمن الطاقة يعد قضية جوهرية لتأثيرها المباشر على النمو الاقتصادي    مصدر برلماني: تقرير المبيدات لم يرتق إلى مستوى النقاشات التي دارت في مجلس النواب    وزير المياه والبيئة يبحث مع المدير القطري ل (اليونبس) جهود التنسيق والتعاون المشترك مميز    عدن.. وزير الصحة يفتتح ورشة عمل تحديد احتياجات المرافق الصحية    رئيس هيئة النقل البري يتفقد العمل في فرع الهيئة بمحافظة تعز مميز    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الهجري في وفاة والده    تقرير: نزوح قرابة 7 آلاف شخص منذ مطلع العام الجاري    اليونسكو تزور مدينة تريم ومؤسسة الرناد تستضيفهم في جولة تاريخية وثقافية مثمرة    نهائي دوري ابطال افريقيا .. التعادل يحسم لقاء الذهاب بين الاهلي المصري والترجي التونسي    دعاء يريح الأعصاب.. ردده يطمئن بالك ويُشرح صدرك    بعضها تزرع في اليمن...الكشف عن 5 أعشاب تنشط الدورة الدموية وتمنع تجلط الدم    جريمة لا تُغتفر: أب يزهق روح ابنه في إب بوحشية مستخدما الفأس!    الجيش الأمريكي: لا إصابات باستهداف سفينة يونانية بصاروخ حوثي    توقيع اتفاقية بشأن تفويج الحجاج اليمنيين إلى السعودية عبر مطار صنعاء ومحافظات أخرى    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوابة الحلم
نشر في الجمهورية يوم 20 - 07 - 2009

حديث صاحبي يسكب دلواً بارداً على رأسي الغارق في حمى الركض اليومي ..صاحبي ابن الحارة القديمة يعود من بلاد بعيدة عالما فلكيا ..حائط منزله يحمل أوسمة وشهادات وهو يقول أشياء كثيرة عن الحسابات الفلكية والكونية ..لا أفهمها ..لكنني استوعبت قوله : إن هناك فسحة كونية في حائط الزمن تعبر الكون ..كذا كل أعوام..تنزلق منها بوابة الحلم ..فيجب أن أنزلق فيها بأمنية واحدة عزيزة لمدة ثلاثين ثانية وسأعود منها بهدايا الحياة و نعيمها ..
أغوص في المقعد الجلدي الوثير مفكراً ..أفتش عن أمنية حميمة في تجويف رأسي العتيق هناك أمانٍ نائمة وأخرى ضامرة وأمان ٍغارقة في الرماد كجثث ألقتها أمواج الحياة على شؤاطى قاحلة ..قي كراريس الطفولة هناك أمنية مدفونة عن أسرة حميمة..فقد كان أبي يعاقر الخمر وأمي تدمن القات والشيشة وكانت حياتهما كقطبين مضادين يلتقيان ولا يلتقيان .. في المساء كانت أمي تجلس بجانبه بكامل زينتها وهي تعبئ فاها بوريقات القات وصدرها بدخان الشيشة وتضحك لحديثه وتسعل بشدة فيهتز جسدها ويعرق وجهها ويخرج الدخان من فيها أمواجاً متقطعة..وأبي كأنه سلطان زمانه يجلس هناك بثيابه.. النظيفة التي تفوح منها رائحة العطر والعرق وكوفيته البيضاء تميل إلى الأمام يبرز من تحتها شعره الأسود اللامع ..وهو يحلب برفق العشب الأخضر في فمه ..كان يجلس بهدوء ووقار ..كنت أحس بأنه يرتفع إلى السماوات بعيداً وحين يعود يقذف في أذنها بعض كلمات ويتركها تنفجر ضاحكة ..وفي منتصف الليل نجدهما يقفان تحت ضوء القمر. يتناجيان كحبيبين متيمين .. وحين نعود من المدرسة نسمع صراخهما يغطي عنان السماء وأصوات الأواني تتدحرج والكوؤس تتكسر والأثاث تقلب وحشد من الجيران يشهد الدوامة تلف المنزل وتعبث بأركانه..حينها كنت أشعر بالخجل يلبسني ويدمي قلبي.. كنت أتمنى أن تكون أسرتي .... صاحبي يهزني ..أين أنت ..الزمن يتسلل من بين أصابعنا أترك أوراق الطفولة الصفراء تنساب بعيدة في ذهني ..امرر أصابعي بين شعري ..افرك رأسي ..أبحث عن أمنية كانت متأججة في قفصي الصدري ..واليوم هي سابحة في لجي مظلم في الماضي البعيد..هي أن أكون شخصاً مهماً في الحياة .. أو صحافياً أكتب عن الفساد وأقود الفقراء إلى مدينتهم الفاضلة..لكن أبي رحل فجأة وتركنا على أرصفة موحشة اغتالت طفولتي ودفنتني تحت أكداس المسؤوليات والتضحيات ..فرحت ألهث خلف الأعمال البسيطة لسد ثغرات الحياة ..فهل....
-لا ..يجدي التفكير هنا أسرع يا رجل .. صوت صاحبي يخترق أفكاري ..أنظر في وجهه أراه شديد الحماس ..تعلم الفلك والحسابات الغريبة ..وقلبه الأخضر أزداد اخضراراً..يريد أن يتقدم بتجربة العمر سيخلده تأريخ الفلك وسأعود أنا بغنيمة العمر..تقفز في ذهني أمنية..كانت آنذاك بحجم الحياة ..أحس بها مشتعلة ينحسر عنها الرماد ..يرتفع نبض قلبي ..تنقطع أنفاسي أحس بها في عروقي ..كانت منعشة كنسمة الصيف ترطب روحي ..بنت الجيران ..ذلك الحب الذي نشب في خلايا شبابي ..كنت أكتب لها أشعاري وأخفي دفاتري تحت وسادتي كنت احملها في قلبي تحت رموشي زنبقة بيضاء رقيقة تمدني بنسغ الأمل في صحارى أيامي المجهدة أكملت مرحلة الثانوية والتحقت بالجامعة ..وانقطعت أنا عن الدراسة فطلبت مني أن أكمل الدراسة وقالت:
-الحياة كفاح ..كانت شديدة الحماس للحياة ومواكب التقدم و كان حديثها شعارات وحكماً ..شمرت عن ساعدي ..وغرقت في طوفان الكفاح ..وانزلقت هي عن رصيفي وارتبطت بإنسان آخر ..وحين سألتها قالت:
- عش الواقع واترك الرومانسية..بكيت ليلتها بحرقة و لم أنم حتى الصباح ..كانت أكثر الأماني احتراقا في صدري وظل رمادها يؤجج روحي لسنوات طويلة ..هل احمل هذه الأمنية إلى بوابة الحلم وأبعثها حية من الرماد..
يقوم صاحبي غاضباً يغادر الحجرة ..وأسمع صوته الغاضب ..
- الغبي ...الأبله سيترك الفرصة الذهبية تفلت..
أتذكر زوجتي أم أولادي التي تنعتني دوماً بالغباء ..أنا أجلس بجانبها كل مساء احلب العشب الأخضر في فمي ..اشعر بأبي يتقمصني ..اشعر بأنني سيد زماني..أجوب الآفاق بصمت ووقار وهي تجلس بجانبي تثرثر بصوتها العريض اللاذع الذي يمزق صمتي وجولاتي الدونكيشوتية.. وفي الصباح تصرخ في وجهي وتصفني بأنني غبي ..وهي تحلم بزوج غني ..مليونير..فجأة ..شيء ما ينزلق في رأسي ..يضيء دهاليز رأسي ينير حيرتي ..ظلمات طريقي..أقفز صارخاً:
-وجدتها ..وجدتها..
- ماذا وجدت ضالة أرشميدس...يا غبي..
- وجدت الأمنية..أريد أن أكون مليونيراً..مليونيراً..رددت ببلاهة ..أحسست بخيبة أمل تلبسني وأنا أنظر في وجه صاحبي الصارم...ينظر إلى الساعة أمامه..استدرت بدوري رمقت الساعة..كانت عقاربها تلتصق ببعضها ..أحسست بالنبض يتوقف في عروقي.. .يهرول صاحبي إلى كمبيوتره المحمول ..ويحرك بأنامله قرصه المصقول .. ثم يتركه ويفتش في أوراقه المغلفة بأحجية وإشارات كنقوش إغريقية..ثم ضرب بقبضته على الطاولة ..وقال:
-لا جدوى الآن...أحسست بكلماته كرصاصات تصفع وجهي تصعق روحي ...وسألته بحزن:
-لماذا .. لقد وجدت الأمنية..
_ لا جدوى الآن .... لقد التأمت فسحة الزمن واختفت بوابة الحلم.. ألن نجد فسحة أخرى ... أردت أن أكون مليونيراً لأغلق فم زوجتي بأكداس النقود حتى لا تصفني بالغباء لكنني حقاً كنت ... - بعد خمسين عاماً ..يقول صاحبي ..وهو يغلق باب معمله الفلكي خلفي..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.