فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محطات تحلية المياه..انتشار واسع ومعايير مفقودة..!!
في ظل أزمة مصادر وضمائر
نشر في الجمهورية يوم 22 - 07 - 2009

مع أن قضية المياه أصبحت تمثل مصدر قلق رسمي وشعبي نتيجة انحسار منسوب المياه الجوفية بشكل مخيف، وكذا التوسع والنمو البشري الذي لا يتوازى مطلقاً مع حجم الموارد المائية ما يوحي ذلك بحجم الخطر القادم ما لم توجد حلول جذرية لهذه المشكلة، إلا أن هناك قضية أخرى لا تقل أهمية عن قضية التهديد الذي يواجه المصادر المائية في بلادنا، وقد برزت ملامحها بشكل واضح خلال الفترة الماضية والمتمثلة في تلوث المياه، أو بالمعنى الأصح غياب المواصفات المطلوبة لتوفير مياه شرب نقية صالحة للاستخدام الآدمي من خلال الاستثمار العشوائي وضعف الرقابة في مجال تحلية المياه وتقديمها للناس في مختلف محافظات الجمهورية على شكل سلعة ضرورية وملحة يحتاجها المواطن، لاسيما في ظل اعتقاد الكثيرين بعدم صلاحية المياه التي توفرها المؤسسة المحلية للمياه وفروعها في الجمهورية للشرب لأسباب لا نفهمها حتى الآن..
ولأهمية القضية وارتباطها باحتياجات الناس الضرورية وسلامتهم الصحية والانتشار الكبير لمحطات التحلية الوهمية في مختلف المحافظات وبشكل مقلق دون توفر أدنى مقومات الجودة والسلامة الصحية كان لابد من دراسة هذه الظاهر وبشكل موضوعي بعيداً عن التحيز أو الانفعال أو المبالغة للوصول إلى حقائق واضحة والبحث عن حلول حتى جزئية وجادة تضمن مراعاة المواصفات المطلوبة للحفاظ على الصحة العامة للجميع وكشف الإهمال في الرقابة والأسباب التي أدت إلى انتشار الآلاف من محطات التحلية الوهمية للمياه.
لهذا كان ل«الجمهورية» جولة في عدد من المرافق والمحطات والجهات المعنية، وجولة في أوساط المواطنين للحصول على آراء وأجوبة وحلول مقترحة لحل قضية المياه الملوثة، أو بالمعنى الأصح المياه التي لا تتوفر فيها أبسط مقومات السلامة الصحية.
وكانت الجولة الأولى في وزارة المياه والبيئة من خلال اللقاء مع معالي المهندس عبدالرحمن الإرياني، وزير المياه والبيئة، وطرحنا عليه بعض التساولات حول أسباب الانتشار الكبير لمحطات التحلية للمياه، وضعف الرقابة على جودة المخرجات لهذه المحطات، فأجاب الأخ الوزير:
لا شك أن قضية المياه وما تمثله من تحديات، هذه القضية المرتبطة بحياة الناس تشكل مشكلة كبيرة لابد من معالجتها بشكل جذري وفوري؛ لأنها أخطر مما قد يعتقد البعض ،فبالإضافة إلى التهديد الحقيقي الذي يواجه بلادنا والمتمثل في انحسار منسوب المياه الجوفية وتهديدها بالجفاف هناك التوسع العمراني والنمو السكاني الكبير وكذلك الاستنزاف العشوائي للمياه الجوفية دون أي دراسات علمية أو غيرها.
أضف إلى ذلك أزمة الإدارة للموارد المائية، فالأزمة أزمة إدارة، كذلك ولا يجب تجاهلها مطلقاًَ، ورغم أن هناك جهوداً حكومية كبيرة وجادة لتنفيذ استراتيجيات فاعلة لحل هذه المشكلة رصدت لها إمكانيات كبيرة بالتعاون مع المنظمات المانحة إلا أنها لن تحقق أهدافها دون الوعي والمشاركة المجتمعية المطلوبة لاسيما في ظل غياب ثقافة الاسترشاد في التعامل مع المورد المائي.
وطبعاً حول سؤالكم بشأن محطات التحلية ليس لهذه المحطات التي انتشرت بشكل كبير أية علاقة في دعم أو مساندة الجهود الوطنية للتغلب على مشكلة ندرة المياه، بل العكس فهي تسهم في تفاقم المشكلة من خلال المساهمة في نضوب المصادر المائية كالآبار وغيرها وبشكل غير مدروس ودون مراعاة المخاطر التي تهدد المياه في بلادنا، والهدف الوحيد لهذه المحطات هو البحث عن الأرباح المالية فقط، وهذه مشكلة أخرى لابد من مواجهتها.
الشيء الآخر هو الانتشار الكبير لهذه المحطات نتيجة الحاجة المجتمعية الكبيرة للمياه النقية، والطلب المتزايد لمياه الشرب الصالحة في المدن الرئيسية، فتم استغلال هذه الحاجة وانتشرت محطات التحلية بشكل لا يصدق، وطبعاً هذا الانتشار للمحطات لا يتناسب مع إمكانيات الرقابة المتوفرة لدى الجهات المختصة، لهذا يشكو الناس من مواصفات غير دقيقة، أو بالمعنى الأصح رديئة.
ولا يمكن هنا إنكار وجود رقابة بيئية وصحية على هذه المحطات؛لكن المشكلة أن حجم الاستثمار في هذا الجانب كان أكبر من المتوقع، وبالتالي وجدت صعوبة في مراقبة أدائها، ولابد من حلول جذرية وضوابط تحدد مقاييس ومواصفات مطلوبة للجودة من جهة ووعي مجتمعي مطلوب للتعامل مع محطات التحلية من جهة أخرى.
منافسة المياه المستوردة
الدكتور ناصر با عوم، وكيل وزارة الصحة العامة والسكان يرى أن فتح باب الاستثمار في المياه المعبأة للشرب أظهر تبايناً في نقاوة المياه، فهناك مصانع ومحطات مياه نستطيع القول إنها ذات كفاءة عالية في التنقية والنظافة وهو ما جعلها تنافس بشكل كبير، وهناك مصانع ومحطات غير مهتمة بالمنافسة وأقول إنها تفرض نفسها بالقوة في كثير من المحافظات وهي غير ملتزمة بالجانب الصحي، وكما نسمع أن هناك محطات لا يتم تشغيلها إطلاقاً حيث يتم تعبئة العلب البلاستيكية من الخزانات مباشرة ليتم وضع لواصق المحطات عليها دون وجود تعقيم أو نظافة لهذه العلب التي يتم تكرر استخدامها.
فجميعنا مسئول أمام انتشار هذه الظاهرة؛ إذ يجب على المواطن أن يتحرى قدر الاستطاع،ة كما يجب على الجهات المسئولة من صحة البيئة استخدام أجهزة فحص حديثة لتقييم مصانع ومحطات المياه، ويكون نزولها باستمرار حتى يضمن المواطن أن هناك رقابة كما يجب على المستثمرين في مجال المياه وبما يضمن المنافسة للمياه المستوردة التي أضحت تتواجد في السوق اليمني نتيجة لفقدان الثقة بالمنتج المحلي، وهو ما يجب الانتباه إليه، فاستيراد المياه المعبأة من دول مجاورة سيعمل على إيجاد منافسة قوية مستقبلاً، ويأتي هذا لحاجة الناس الملحة للمياه التي لا غنى عنها في أي مكان.
توعية المواطن
وتحدث الأستاذ عبدالحليم السكري، مدير مركز التوعية البيئية في أمانة العاصمة بأن مشكلة مياه الشرب هي أحد أهم أسباب انتشار محطات ومصانع المياه، بالإضافة إلى الازدحام السكاني وزيادة الطلب على المياه الذي عمل على التوسع الكبير للمحطات والمصانع التي نادراً ما نجد الالتزام لدى أصحابها في التنقية والنظافة، وهو ما جعل كثيرين منا يبحثون دائماً عن الأفضل، فهناك عدد من الشركات الحديثة ومحطات تنقية المياه استطاعت أن تنال ثقة المستهلك لالتزامها بجميع المعايير الدولية، وهناك من يسيء إلى محطات ومصانع تنقية المياه بعد التنقية والنظافة والسعي للربح السريع، وهؤلاء سيكون مصيرهم ونهايتهم قريبة لعدم خوفهم من الله ولخيانتهم أنفسهم أولاً والمواطنين ثانياً.
ويجب على صحة البيئة القيام بدور أفضل في الرقابة وبما يحد من الغش وذلك بإنزال عقوبات قاسية بحق كل من أثبت الإخلال بعمله من تجار المياه في جميع الجوانب المرتبطة بالصحة وتحفيز كوادر الرقابة بمكافآت مجزية، بالإضافة إلى استخدام أجهزة فحص حديثة للمياه، ووضع حلول للعلب البلاستيكية المستخدمة في التعبئة باعتبارها تسبب عدداً من الأمراض لنهاية عمرها الافتراضي والاستخدام المستمر دون مراعاة الجوانب الصحية وهو ما يوجب علينا جميعاً وعلى وسائل الإعلام المختلفة لعب دور إيجابي في إيصال مثل هذه القضايا المهمة المرتبطة بصحة المواطن إلى الجهات المعنية وفتح صفحات وبرامج لتوعية المواطن بالأضرار المترتبة على استخدامه مياهاً ملوثة.
أوساخ عالقة ومترسبة على العبوات
كما يرى المواطن علي حسن منصر أن مصانع ومحطات تنقية المياه في اليمن لن تصل بعد إلى المستوى المتعارف عليه في تنقية المياه من حيث النظافة والمعالجة ووسائل النقل والتخزين وغيرها من الأمور المرتبطة بالتنقية، فقد يكون ضرر هذه المحطات المنتشرة أكثر من فائدتها، فهناك أوساخ عالقة ومترسبة نجدها على أغطية الدبب البلاستيكية إضافة إلى عدم نظافتها إطلاقاً، وكل ما يوجد في هذه المحطات يدل على عدم الالتزام في التعقيم والمعالجة وهو ما يستدعي وجود رقابة مستمرة من الجهات المعنية ومعاقبة وإغلاق جميع المحطات والمصانع التي لا تتوافر فيها الشروط اللازمة أو التي تخل بعملها وهو ما سيحدث التزاماً لدى الجميع.
محاصرة التلوث
ولأهمية معرفة الأجهزة الحديثة في فحص وتنقية المياه، وأهم الخطوات المتبعة يقول محمد يحيى الوجيه، مدير مختبر المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي في أمانة العاصمة بأن المختبر يقوم بفحص الماء في خزانات المياه يومياً للتأكد من خلوها من الملوثات ووضع الكلور في الخزانات المركزية ومراقبة ذلك عند الضخ للمواطنين بأخذ عينات من الماء لفحصه وللتأكد من وجود الكلور ويستمر إجراء الفحص يومياً للتأكد من وجود الكلور، وإذا وجد تلوث أو عدم وجود غاز الكلور تقوم المؤسسة بمحاصرة التلوث بشكل سريع، كما نقوم بفحص الأملاح الكلية الذائبة في الماء والتي لا تزيد عن (450) ملجم في كل لتر.
وحول سؤالنا عن محطات ومصانع المياه أجاب بأن المؤسسة ليست جهة اختصاص ويمكنها فحص المياه في المحطات والتأكد من نقاوتها، ولكن الكثير من المحطات تهمل هذا الجانب الذي توليه المؤسسة أهمية كبيرة من خلال تأهيل عدد من الكوادر في هذا المجال واستخدام أجهزة مخبرية وتقنية حديثة لمضاعفة الرقابة.
جشع بعض التجار
ومن الجانب الآخر المتمثل بمسئولي مصانع ومحطات تعبئة المياه يقول أحمد محمد سيف الشرعبي، مدير فرع شركة مياه في أمانة العاصمة : إن انتشار مصانع ومحطات مياه الشرب يعود لعدد من الأسباب أهمها بحث المواطن عن مياه صحية نظيفة نتيجة لتلوث مياه الشرب في المحافظات اليمنية، وهو ما فتح شهية وجشع بعض التجار لفتح محطات تجارية ومصانع للمياه دون الالتزام بأدنى المعايير الصحية ودون وجود آلات التكنولوجيا الحديثة في تنقية المياه التي تستخدمها عدد من الدول المجاورة، فالكثير من مصانع المياه مازالوا يعملون بالآلات والمعدات القديمة، وهو ما أفقد المواطن الثقة بنقاوة المياه.
وطبعاً لا ننكر أن هناك مصانع وطنية تحرص على توفير أعلى معدلات الجودة، في إنتاجها للمياه النقية وهي أكثر أماناً وصحة للاستخدام، لكن فارق السعر جعل الكثيرين من المواطنين يتجهون لاستخدام مياه محطات التحلية التقليدية دون الاكتراث بالمخاطر الصحية الناتجة عن قلة الجودة التي قد تصل إلى حد التلوث.
ونتمنى من الجهات المعنية مضاعفة جهود الرقابة على مصانع ومحطات مياه الشرب كون هذه الخدمة من أهم الخدمات المرتبطة بصحة المواطن وتتحمل الدولة المسئولية الأولى في الرقابة والتقييم بإنزال اللجان إلى مواقع العمل وتوفير أجهزة فحص حديثة لمراقبة كل من يخل بهذه الخدمة.
استخدامات خاطئة
كما رأى المهندس عبدالقادر العريقي، يعمل مديراً فنياً في شركة متخصصة لمعالجة المياه بأن جميع المحطات التجارية المختصة بتنقية المياه لا يوجد فيها فنيون متخصصون في جميع مجالات التنقية والتشغيل، فجميع استخدامات المواد التكميلية للتشغيل استخدامات خاطئة، إضافة إلى عدم وجود قياسات مستمرة لمخرجات وحدات التحلية وهو ما ينتج عنه مياه غير صالحة للشرب ويعود ذلك لفتح هذا الباب تجارياً وتقاعس دور صحة البيئة في القيام بواجبها في تشديد الرقابة على مصانع ومحطات المياه إضافة إلى استخدام بعض محطات ومصانع المياه لتقنية قديمة لا يمكن الاستفادة منها وأدعو أصحاب المحطات أن يلتزموا بما قدموا عليه من خدمة لأن المواطن هو الضحية لأصحاب محطات ومصانع المياه ولأجهزة الرقابة التي مازال دورها غائباً، كما أن الاستثمار الحقيقي في هذا الجانب لم يأت بعد، فالكثير من المحطات والمصانع الموجودة تعبر عن العشوائية.
من جانبه تحدث معاذ ناجي أحمد، عامل محطة تنقية أن الكثير من المحطات لا تلتزم بالمعايير المحددة في تنقية المياه، ولا تهمها المعالجة وصحة المواطن إطلاقاَ؛ عكس بعض المحطات الملتزمة بجميع المعايير للتنقية المتمثلة بعدد من المراحل وهي التعقيم الرملي لإزالة الشوائب يليه تعقيم الفلترة والتعقيم بالأشعة البنفسجية.
ومن خلال تجربته في عدد من محطات التنقية يرى أن هناك الكثير ممن لا يخافون الله لا يستخدمون أجهزة التنقية ويتم تعبئة جميع الدبب البلاستيكية من الخزان مباشرة دون مراعاة أساليب النظافة والتشغيل ودون وجود الرقابة من الجهات المعنية التي غالباً ما تكون على علم بذلك.
التقنية الحديثة
ويرى الشيخ عبدالرحمن زيد العوادي، رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المياه المعدنية أن قضية المياه في اليمن من أهم القضايا السكانية المرتبطة بالصحة العامة للفرد، وما نشهده من استثمار في مجال المياه لا يلبي حاجة المواطن من المياه النقية، فالكثير من محطات ومصانع المياه في اليمن تعمل بمعدات وأجهزة تشغيلية قديمة في تنقية ومعالجة المياه، إضافة إلى عدم الالتزام عند البعض في تشغيل أجهزة التنقية.
وهو ما يشكو منه المواطن بشكل مستمر، فالنظافة والتنقية تقع على مسئولية إدارة الشركة أو المحطة التي يهمها صحة المواطن بالدرجة الأولى، فالإدارة الجيدة هي التي تعمل على الاهتمام بكل ما هو جيد، إضافة إلى الاهتمام بالأيدي العاملة في مصانع ومحطات المياه، وإدخال التقنية الحديثة هو الأساس للمنافسة في السوق ونيل ثقة المستهلك.
وندعو أجهزة الرقابة ووسائل الإعلام إلى القيام بمسئولياتها الوطنية ومضاعفة الرقابة على مصانع ومحطات مياه الشرب كون الكثيرين من العاملين في هذا الجانب لا يهمهم سوى الجانب المادي فقط وهو ما يستدعي مضاعفة الرقابة وتكريم الناجحين.
300 مخالفة في النيابة
بعد ذلك كان لابد لنا من زيارة إلى الجهات المعنية في الرقابة والإشراف على محطات تنقية المياه في صحة البيئة بأمانة العاصمة، وهناك التقينا المهندس محمد أحمد البيضاني، مسئول المياه في صحة البيئة بأمانة العاصمة، حيث أكد أن إدارة المياه تقوم بإنزال لجان دورية إلى محطات تنقية مياه الشرب ليتم فحص مياه المحطات كل شهر في المختبر المركزي.
وهناك تعاون بين الجهات المعنية من الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس والمختبر المركزي وصحة البيئة، ومن خلال الرقابة المستمرة استطعنا إحالة أكثر من (300) مخالفة إلى النيابة خلال الشهرين الماضيين؛ جميعها متعلق بالمياه، ولدى الإدارة عدد من الخطط لتحسين أداء محطات تنقية المياه وذلك بالالتزام بالمواصفات الحديثة في التنقية والنظافة والتوزيع وبهدف صحة المواطن، داعياً المواطنين إلى إبلاغ الجهات المعنية عند وجود مخالفات، فدور المواطن هو الطريق الأساسي للقضاء على المتلاعبين بالصحة العامة .
خلاصة
في الأخير تظل صحة المستهلك حلقة ضائعة في كل الاعتبارات التي يأخذها بالحسبان كل الأطراف، فأمانة الإنتاج وضمان الجودة يغيبان أو هكذا يغيبان في ظل سباق المستثمرين على سوق المياه المكلور، فالرقابة شكلية إن وجدت، وملامح الاستهتار بصحة المستهلك في محطات التحلية ليست بحاجة إلى من يرصدها، فالعيوب ظاهرة، والمخالفات واضحة، وهي مصدر شكوى الجميع، ابتداء من عمليات الترقيع لخروم الدبات وسوء التغليف أو إغلاق فتحة (الدبة) فضلاً عن تلوث الماء في كثير من الحالات.. وإذا كانت هذه بعض الملامح الظاهرة لغياب الرقابة الذاتية والحكومية على المياه المكلورة التي يفترض فيها أن تكون نقية وصالحة للشرب فكيف الحال مع جوانب الكلورة التي يفترض أن يكون التعامل معها دقيقاً وحذراً.
وبعيداً عن أي حسابات إنتاجية تتعلق بمبدأ الربح أو الخسارة تبقى الكثير من الأسئلة عالقة دون إجابات، على أمل أن تحظى هذه القضية باهتمام الجهات المسئولة وأصحاب الشأن؛ لأنها ترتبط في المقام الأول بصحة الإنسان وسلامته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.