صنعاء ترد على تهديدات نتنياهو وكاتس    اليمن يتوعد الكيان المؤقت بما هو أشدّ وأنكى    ترامب يعلن تنفيذ ضربات "فتاكة" ضد تنظيم القاعدة بنيجيريا    بين حقّ الحركة وحفظ التوازن: المجلس الانتقالي في قلب المعادلة الإقليمية لا على هامشها    غدر في الهضبة وحسم في وادي نحب.. النخبة الحضرمية تفشل كمين بن حبريش وتسحق معسكر تمرده    ما بعد تحرير حضرموت ليس كما قبله    صرخة في وجه الطغيان: "آل قطران" ليسوا أرقاماً في سرداب النسيان!    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    أبو الغيط يجدد الموقف العربي الملتزم بوحدة اليمن ودعم الحكومة الشرعية    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    الكويت تؤكد أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لحفظ وحدة وسيادة اليمن    صنعاء.. تشييع جثامين خمسة ضباط برتب عليا قضوا في عمليات «إسناد غزة»    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    وطن الحزن.. حين يصير الألم هوية    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حريق يلتهم مستودع طاقة شمسية في المكلا    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يزور عددا من المصانع العاملة والمتعثرة    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    توتر جديد بين مرتزقة العدوان: اشتباكات مستمرة في حضرموت    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    الأحزاب ترحب بالبيان السعودي وتعتبر انسحاب الانتقالي جوهر المعالجة المطلوبة    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    هيئة التأمينات تعلن صرف نصف معاش للمتقاعدين المدنيين    مدرسة الإمام علي تحرز المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم لطلاب الصف الأول الأساسي    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صنعاء تحتفل بتوطين زراعة القوقعة لأول مرة في اليمن    3923 خريجاً يؤدون امتحان مزاولة المهنة بصنعاء للعام 2025    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بالفيديو .. وزارة الداخلية تعلن دعمها الكامل لتحركات المجلس الانتقالي وتطالب الرئيس الزبيدي بإعلان دولة الجنوب العربي    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    سلامة قلبك يا حاشد    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    الجزائر تفتتح مشوارها بأمم إفريقيا بفوز ساحق على السودان"    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    هيئة الزكاة تدشن برامج صحية واجتماعية جديدة في صعدة    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محطات تحلية المياه..انتشار واسع ومعايير مفقودة..!!
في ظل أزمة مصادر وضمائر
نشر في الجمهورية يوم 22 - 07 - 2009

مع أن قضية المياه أصبحت تمثل مصدر قلق رسمي وشعبي نتيجة انحسار منسوب المياه الجوفية بشكل مخيف، وكذا التوسع والنمو البشري الذي لا يتوازى مطلقاً مع حجم الموارد المائية ما يوحي ذلك بحجم الخطر القادم ما لم توجد حلول جذرية لهذه المشكلة، إلا أن هناك قضية أخرى لا تقل أهمية عن قضية التهديد الذي يواجه المصادر المائية في بلادنا، وقد برزت ملامحها بشكل واضح خلال الفترة الماضية والمتمثلة في تلوث المياه، أو بالمعنى الأصح غياب المواصفات المطلوبة لتوفير مياه شرب نقية صالحة للاستخدام الآدمي من خلال الاستثمار العشوائي وضعف الرقابة في مجال تحلية المياه وتقديمها للناس في مختلف محافظات الجمهورية على شكل سلعة ضرورية وملحة يحتاجها المواطن، لاسيما في ظل اعتقاد الكثيرين بعدم صلاحية المياه التي توفرها المؤسسة المحلية للمياه وفروعها في الجمهورية للشرب لأسباب لا نفهمها حتى الآن..
ولأهمية القضية وارتباطها باحتياجات الناس الضرورية وسلامتهم الصحية والانتشار الكبير لمحطات التحلية الوهمية في مختلف المحافظات وبشكل مقلق دون توفر أدنى مقومات الجودة والسلامة الصحية كان لابد من دراسة هذه الظاهر وبشكل موضوعي بعيداً عن التحيز أو الانفعال أو المبالغة للوصول إلى حقائق واضحة والبحث عن حلول حتى جزئية وجادة تضمن مراعاة المواصفات المطلوبة للحفاظ على الصحة العامة للجميع وكشف الإهمال في الرقابة والأسباب التي أدت إلى انتشار الآلاف من محطات التحلية الوهمية للمياه.
لهذا كان ل«الجمهورية» جولة في عدد من المرافق والمحطات والجهات المعنية، وجولة في أوساط المواطنين للحصول على آراء وأجوبة وحلول مقترحة لحل قضية المياه الملوثة، أو بالمعنى الأصح المياه التي لا تتوفر فيها أبسط مقومات السلامة الصحية.
وكانت الجولة الأولى في وزارة المياه والبيئة من خلال اللقاء مع معالي المهندس عبدالرحمن الإرياني، وزير المياه والبيئة، وطرحنا عليه بعض التساولات حول أسباب الانتشار الكبير لمحطات التحلية للمياه، وضعف الرقابة على جودة المخرجات لهذه المحطات، فأجاب الأخ الوزير:
لا شك أن قضية المياه وما تمثله من تحديات، هذه القضية المرتبطة بحياة الناس تشكل مشكلة كبيرة لابد من معالجتها بشكل جذري وفوري؛ لأنها أخطر مما قد يعتقد البعض ،فبالإضافة إلى التهديد الحقيقي الذي يواجه بلادنا والمتمثل في انحسار منسوب المياه الجوفية وتهديدها بالجفاف هناك التوسع العمراني والنمو السكاني الكبير وكذلك الاستنزاف العشوائي للمياه الجوفية دون أي دراسات علمية أو غيرها.
أضف إلى ذلك أزمة الإدارة للموارد المائية، فالأزمة أزمة إدارة، كذلك ولا يجب تجاهلها مطلقاًَ، ورغم أن هناك جهوداً حكومية كبيرة وجادة لتنفيذ استراتيجيات فاعلة لحل هذه المشكلة رصدت لها إمكانيات كبيرة بالتعاون مع المنظمات المانحة إلا أنها لن تحقق أهدافها دون الوعي والمشاركة المجتمعية المطلوبة لاسيما في ظل غياب ثقافة الاسترشاد في التعامل مع المورد المائي.
وطبعاً حول سؤالكم بشأن محطات التحلية ليس لهذه المحطات التي انتشرت بشكل كبير أية علاقة في دعم أو مساندة الجهود الوطنية للتغلب على مشكلة ندرة المياه، بل العكس فهي تسهم في تفاقم المشكلة من خلال المساهمة في نضوب المصادر المائية كالآبار وغيرها وبشكل غير مدروس ودون مراعاة المخاطر التي تهدد المياه في بلادنا، والهدف الوحيد لهذه المحطات هو البحث عن الأرباح المالية فقط، وهذه مشكلة أخرى لابد من مواجهتها.
الشيء الآخر هو الانتشار الكبير لهذه المحطات نتيجة الحاجة المجتمعية الكبيرة للمياه النقية، والطلب المتزايد لمياه الشرب الصالحة في المدن الرئيسية، فتم استغلال هذه الحاجة وانتشرت محطات التحلية بشكل لا يصدق، وطبعاً هذا الانتشار للمحطات لا يتناسب مع إمكانيات الرقابة المتوفرة لدى الجهات المختصة، لهذا يشكو الناس من مواصفات غير دقيقة، أو بالمعنى الأصح رديئة.
ولا يمكن هنا إنكار وجود رقابة بيئية وصحية على هذه المحطات؛لكن المشكلة أن حجم الاستثمار في هذا الجانب كان أكبر من المتوقع، وبالتالي وجدت صعوبة في مراقبة أدائها، ولابد من حلول جذرية وضوابط تحدد مقاييس ومواصفات مطلوبة للجودة من جهة ووعي مجتمعي مطلوب للتعامل مع محطات التحلية من جهة أخرى.
منافسة المياه المستوردة
الدكتور ناصر با عوم، وكيل وزارة الصحة العامة والسكان يرى أن فتح باب الاستثمار في المياه المعبأة للشرب أظهر تبايناً في نقاوة المياه، فهناك مصانع ومحطات مياه نستطيع القول إنها ذات كفاءة عالية في التنقية والنظافة وهو ما جعلها تنافس بشكل كبير، وهناك مصانع ومحطات غير مهتمة بالمنافسة وأقول إنها تفرض نفسها بالقوة في كثير من المحافظات وهي غير ملتزمة بالجانب الصحي، وكما نسمع أن هناك محطات لا يتم تشغيلها إطلاقاً حيث يتم تعبئة العلب البلاستيكية من الخزانات مباشرة ليتم وضع لواصق المحطات عليها دون وجود تعقيم أو نظافة لهذه العلب التي يتم تكرر استخدامها.
فجميعنا مسئول أمام انتشار هذه الظاهرة؛ إذ يجب على المواطن أن يتحرى قدر الاستطاع،ة كما يجب على الجهات المسئولة من صحة البيئة استخدام أجهزة فحص حديثة لتقييم مصانع ومحطات المياه، ويكون نزولها باستمرار حتى يضمن المواطن أن هناك رقابة كما يجب على المستثمرين في مجال المياه وبما يضمن المنافسة للمياه المستوردة التي أضحت تتواجد في السوق اليمني نتيجة لفقدان الثقة بالمنتج المحلي، وهو ما يجب الانتباه إليه، فاستيراد المياه المعبأة من دول مجاورة سيعمل على إيجاد منافسة قوية مستقبلاً، ويأتي هذا لحاجة الناس الملحة للمياه التي لا غنى عنها في أي مكان.
توعية المواطن
وتحدث الأستاذ عبدالحليم السكري، مدير مركز التوعية البيئية في أمانة العاصمة بأن مشكلة مياه الشرب هي أحد أهم أسباب انتشار محطات ومصانع المياه، بالإضافة إلى الازدحام السكاني وزيادة الطلب على المياه الذي عمل على التوسع الكبير للمحطات والمصانع التي نادراً ما نجد الالتزام لدى أصحابها في التنقية والنظافة، وهو ما جعل كثيرين منا يبحثون دائماً عن الأفضل، فهناك عدد من الشركات الحديثة ومحطات تنقية المياه استطاعت أن تنال ثقة المستهلك لالتزامها بجميع المعايير الدولية، وهناك من يسيء إلى محطات ومصانع تنقية المياه بعد التنقية والنظافة والسعي للربح السريع، وهؤلاء سيكون مصيرهم ونهايتهم قريبة لعدم خوفهم من الله ولخيانتهم أنفسهم أولاً والمواطنين ثانياً.
ويجب على صحة البيئة القيام بدور أفضل في الرقابة وبما يحد من الغش وذلك بإنزال عقوبات قاسية بحق كل من أثبت الإخلال بعمله من تجار المياه في جميع الجوانب المرتبطة بالصحة وتحفيز كوادر الرقابة بمكافآت مجزية، بالإضافة إلى استخدام أجهزة فحص حديثة للمياه، ووضع حلول للعلب البلاستيكية المستخدمة في التعبئة باعتبارها تسبب عدداً من الأمراض لنهاية عمرها الافتراضي والاستخدام المستمر دون مراعاة الجوانب الصحية وهو ما يوجب علينا جميعاً وعلى وسائل الإعلام المختلفة لعب دور إيجابي في إيصال مثل هذه القضايا المهمة المرتبطة بصحة المواطن إلى الجهات المعنية وفتح صفحات وبرامج لتوعية المواطن بالأضرار المترتبة على استخدامه مياهاً ملوثة.
أوساخ عالقة ومترسبة على العبوات
كما يرى المواطن علي حسن منصر أن مصانع ومحطات تنقية المياه في اليمن لن تصل بعد إلى المستوى المتعارف عليه في تنقية المياه من حيث النظافة والمعالجة ووسائل النقل والتخزين وغيرها من الأمور المرتبطة بالتنقية، فقد يكون ضرر هذه المحطات المنتشرة أكثر من فائدتها، فهناك أوساخ عالقة ومترسبة نجدها على أغطية الدبب البلاستيكية إضافة إلى عدم نظافتها إطلاقاً، وكل ما يوجد في هذه المحطات يدل على عدم الالتزام في التعقيم والمعالجة وهو ما يستدعي وجود رقابة مستمرة من الجهات المعنية ومعاقبة وإغلاق جميع المحطات والمصانع التي لا تتوافر فيها الشروط اللازمة أو التي تخل بعملها وهو ما سيحدث التزاماً لدى الجميع.
محاصرة التلوث
ولأهمية معرفة الأجهزة الحديثة في فحص وتنقية المياه، وأهم الخطوات المتبعة يقول محمد يحيى الوجيه، مدير مختبر المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي في أمانة العاصمة بأن المختبر يقوم بفحص الماء في خزانات المياه يومياً للتأكد من خلوها من الملوثات ووضع الكلور في الخزانات المركزية ومراقبة ذلك عند الضخ للمواطنين بأخذ عينات من الماء لفحصه وللتأكد من وجود الكلور ويستمر إجراء الفحص يومياً للتأكد من وجود الكلور، وإذا وجد تلوث أو عدم وجود غاز الكلور تقوم المؤسسة بمحاصرة التلوث بشكل سريع، كما نقوم بفحص الأملاح الكلية الذائبة في الماء والتي لا تزيد عن (450) ملجم في كل لتر.
وحول سؤالنا عن محطات ومصانع المياه أجاب بأن المؤسسة ليست جهة اختصاص ويمكنها فحص المياه في المحطات والتأكد من نقاوتها، ولكن الكثير من المحطات تهمل هذا الجانب الذي توليه المؤسسة أهمية كبيرة من خلال تأهيل عدد من الكوادر في هذا المجال واستخدام أجهزة مخبرية وتقنية حديثة لمضاعفة الرقابة.
جشع بعض التجار
ومن الجانب الآخر المتمثل بمسئولي مصانع ومحطات تعبئة المياه يقول أحمد محمد سيف الشرعبي، مدير فرع شركة مياه في أمانة العاصمة : إن انتشار مصانع ومحطات مياه الشرب يعود لعدد من الأسباب أهمها بحث المواطن عن مياه صحية نظيفة نتيجة لتلوث مياه الشرب في المحافظات اليمنية، وهو ما فتح شهية وجشع بعض التجار لفتح محطات تجارية ومصانع للمياه دون الالتزام بأدنى المعايير الصحية ودون وجود آلات التكنولوجيا الحديثة في تنقية المياه التي تستخدمها عدد من الدول المجاورة، فالكثير من مصانع المياه مازالوا يعملون بالآلات والمعدات القديمة، وهو ما أفقد المواطن الثقة بنقاوة المياه.
وطبعاً لا ننكر أن هناك مصانع وطنية تحرص على توفير أعلى معدلات الجودة، في إنتاجها للمياه النقية وهي أكثر أماناً وصحة للاستخدام، لكن فارق السعر جعل الكثيرين من المواطنين يتجهون لاستخدام مياه محطات التحلية التقليدية دون الاكتراث بالمخاطر الصحية الناتجة عن قلة الجودة التي قد تصل إلى حد التلوث.
ونتمنى من الجهات المعنية مضاعفة جهود الرقابة على مصانع ومحطات مياه الشرب كون هذه الخدمة من أهم الخدمات المرتبطة بصحة المواطن وتتحمل الدولة المسئولية الأولى في الرقابة والتقييم بإنزال اللجان إلى مواقع العمل وتوفير أجهزة فحص حديثة لمراقبة كل من يخل بهذه الخدمة.
استخدامات خاطئة
كما رأى المهندس عبدالقادر العريقي، يعمل مديراً فنياً في شركة متخصصة لمعالجة المياه بأن جميع المحطات التجارية المختصة بتنقية المياه لا يوجد فيها فنيون متخصصون في جميع مجالات التنقية والتشغيل، فجميع استخدامات المواد التكميلية للتشغيل استخدامات خاطئة، إضافة إلى عدم وجود قياسات مستمرة لمخرجات وحدات التحلية وهو ما ينتج عنه مياه غير صالحة للشرب ويعود ذلك لفتح هذا الباب تجارياً وتقاعس دور صحة البيئة في القيام بواجبها في تشديد الرقابة على مصانع ومحطات المياه إضافة إلى استخدام بعض محطات ومصانع المياه لتقنية قديمة لا يمكن الاستفادة منها وأدعو أصحاب المحطات أن يلتزموا بما قدموا عليه من خدمة لأن المواطن هو الضحية لأصحاب محطات ومصانع المياه ولأجهزة الرقابة التي مازال دورها غائباً، كما أن الاستثمار الحقيقي في هذا الجانب لم يأت بعد، فالكثير من المحطات والمصانع الموجودة تعبر عن العشوائية.
من جانبه تحدث معاذ ناجي أحمد، عامل محطة تنقية أن الكثير من المحطات لا تلتزم بالمعايير المحددة في تنقية المياه، ولا تهمها المعالجة وصحة المواطن إطلاقاَ؛ عكس بعض المحطات الملتزمة بجميع المعايير للتنقية المتمثلة بعدد من المراحل وهي التعقيم الرملي لإزالة الشوائب يليه تعقيم الفلترة والتعقيم بالأشعة البنفسجية.
ومن خلال تجربته في عدد من محطات التنقية يرى أن هناك الكثير ممن لا يخافون الله لا يستخدمون أجهزة التنقية ويتم تعبئة جميع الدبب البلاستيكية من الخزان مباشرة دون مراعاة أساليب النظافة والتشغيل ودون وجود الرقابة من الجهات المعنية التي غالباً ما تكون على علم بذلك.
التقنية الحديثة
ويرى الشيخ عبدالرحمن زيد العوادي، رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المياه المعدنية أن قضية المياه في اليمن من أهم القضايا السكانية المرتبطة بالصحة العامة للفرد، وما نشهده من استثمار في مجال المياه لا يلبي حاجة المواطن من المياه النقية، فالكثير من محطات ومصانع المياه في اليمن تعمل بمعدات وأجهزة تشغيلية قديمة في تنقية ومعالجة المياه، إضافة إلى عدم الالتزام عند البعض في تشغيل أجهزة التنقية.
وهو ما يشكو منه المواطن بشكل مستمر، فالنظافة والتنقية تقع على مسئولية إدارة الشركة أو المحطة التي يهمها صحة المواطن بالدرجة الأولى، فالإدارة الجيدة هي التي تعمل على الاهتمام بكل ما هو جيد، إضافة إلى الاهتمام بالأيدي العاملة في مصانع ومحطات المياه، وإدخال التقنية الحديثة هو الأساس للمنافسة في السوق ونيل ثقة المستهلك.
وندعو أجهزة الرقابة ووسائل الإعلام إلى القيام بمسئولياتها الوطنية ومضاعفة الرقابة على مصانع ومحطات مياه الشرب كون الكثيرين من العاملين في هذا الجانب لا يهمهم سوى الجانب المادي فقط وهو ما يستدعي مضاعفة الرقابة وتكريم الناجحين.
300 مخالفة في النيابة
بعد ذلك كان لابد لنا من زيارة إلى الجهات المعنية في الرقابة والإشراف على محطات تنقية المياه في صحة البيئة بأمانة العاصمة، وهناك التقينا المهندس محمد أحمد البيضاني، مسئول المياه في صحة البيئة بأمانة العاصمة، حيث أكد أن إدارة المياه تقوم بإنزال لجان دورية إلى محطات تنقية مياه الشرب ليتم فحص مياه المحطات كل شهر في المختبر المركزي.
وهناك تعاون بين الجهات المعنية من الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس والمختبر المركزي وصحة البيئة، ومن خلال الرقابة المستمرة استطعنا إحالة أكثر من (300) مخالفة إلى النيابة خلال الشهرين الماضيين؛ جميعها متعلق بالمياه، ولدى الإدارة عدد من الخطط لتحسين أداء محطات تنقية المياه وذلك بالالتزام بالمواصفات الحديثة في التنقية والنظافة والتوزيع وبهدف صحة المواطن، داعياً المواطنين إلى إبلاغ الجهات المعنية عند وجود مخالفات، فدور المواطن هو الطريق الأساسي للقضاء على المتلاعبين بالصحة العامة .
خلاصة
في الأخير تظل صحة المستهلك حلقة ضائعة في كل الاعتبارات التي يأخذها بالحسبان كل الأطراف، فأمانة الإنتاج وضمان الجودة يغيبان أو هكذا يغيبان في ظل سباق المستثمرين على سوق المياه المكلور، فالرقابة شكلية إن وجدت، وملامح الاستهتار بصحة المستهلك في محطات التحلية ليست بحاجة إلى من يرصدها، فالعيوب ظاهرة، والمخالفات واضحة، وهي مصدر شكوى الجميع، ابتداء من عمليات الترقيع لخروم الدبات وسوء التغليف أو إغلاق فتحة (الدبة) فضلاً عن تلوث الماء في كثير من الحالات.. وإذا كانت هذه بعض الملامح الظاهرة لغياب الرقابة الذاتية والحكومية على المياه المكلورة التي يفترض فيها أن تكون نقية وصالحة للشرب فكيف الحال مع جوانب الكلورة التي يفترض أن يكون التعامل معها دقيقاً وحذراً.
وبعيداً عن أي حسابات إنتاجية تتعلق بمبدأ الربح أو الخسارة تبقى الكثير من الأسئلة عالقة دون إجابات، على أمل أن تحظى هذه القضية باهتمام الجهات المسئولة وأصحاب الشأن؛ لأنها ترتبط في المقام الأول بصحة الإنسان وسلامته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.