الهلال يصعق الأهلى بريمونتادا مثيرة ويقترب من لقب الدورى السعودى    قيادي حوثي يفتتح مشروعًا جديدًا في عمران: ذبح أغنام المواطنين!    "الغش في الامتحانات" أداة حوثية لتجنيد الطلاب في جبهات القتال    شاهد.. جثامين العمال اليمنيين الذين قتلوا بقصف على منشأة غازية بالعراق في طريقها إلى صنعاء    بأمر من رئيس مجلس القيادة الرئاسي ...الاعدام بحق قاتل في محافظة شبوة    العثور على مؤذن الجامع الكبير مقتولا داخل غرفة مهجورة في حبيل الريدة بالحج (صور)    فضيحة في سجون الحوثي النسائية...انتهاكات جسيمة في سجون النساء بصنعاء تدفع إحدى النزيلات لمحاولة الانتحار    المعارك تتواصل في اليمن.. الحوثيون يُعلنون عن مقتل 4 من مقاتليهم    شاهد: قهوة البصل تجتاح مواقع التواصل.. والكشف عن طريقة تحضيرها    كنوز اليمن تحت سطوة الحوثيين: تهريب الآثار وتجريف التاريخ    الرئيس الزُبيدي يطالب بخطط لتطوير قطاع الاتصالات    البرلمان العربي يحذر من اجتياح رفح جنوب قطاع غزة    الذهب يصعد متأثراً بآمال خفض اسعار الفائدة الأميركية    فتيات مأرب تدرب نساء قياديات على مفاهيم السلام في مخيمات النزوح    السلطة المحلية تعرقل إجراءات المحاكمة.. جريمة اغتيال الشيخ "الباني".. عدالة منقوصة    أبطال أوروبا: باريس سان جيرمان يستضيف بوروسيا دورتموند والريال يواجه بايرن في إياب الدور قبل النهائي    فارس الصلابة يترجل    السياسي الوحيد الذي حزن لموته الجميع ولم يشمت بوفاته شامت    صورة.. الهلال يسخر من أهلي جدة قبل الكلاسيكو السعودي    عودة نجم بايرن للتدريبات.. وحسم موقفه من صدام الريال    التشكيل المتوقع لمعركة الهلال وأهلي جدة    مبابي يوافق على تحدي يوسين بولت    منظمات إغاثية تطلق نداءً عاجلاً لتأمين احتياجات اليمن الإنسانية مميز    مسيره لطلاب جامعات ومدارس تعز نصرة لغزة ودعما لطلاب الجامعات في العالم    مليشيا الحوثي تقتحم قرية بالحديدة وتهجّر سكانها وتختطف آخرين وتعتدي على النساء والأطفال    ضجة بعد نشر فيديو لفنانة عربية شهيرة مع جنرال بارز في الجيش .. شاهد    تعاون حوثي مع فرع تنظيم القاعدة المخيف في تهديد جديد لليمن مميز    ضعوا القمامة أمام منازل المسئولين الكبار .. ولكم العبرة من وزير بريطاني    رشاد العليمي وعصابته المتحكمة في نفط حضرموت تمنع تزويد كهرباء عدن    صنعاء.. اعتقال خبير في المواصفات والمقاييس بعد ساعات من متابعته بلاغ في هيئة مكافحة الفساد    سلطات الشرعية التي لا ترد على اتهامات الفساد تفقد كل سند أخلاقي وقانوني    القاعدي: مراكز الحوثي الصيفية "محاضن إرهاب" تحوّل الأطفال إلى أداة قتل وقنابل موقوتة    تغاريد حرة.. رشفة حرية تخثر الدم    رغم تدخل الرياض وأبوظبي.. موقف صارم لمحافظ البنك المركزي في عدن    ليلة دامية في رفح والاحتلال يبدأ ترحيل السكان تمهيدا لاجتياحها    البشائر العشر لمن واظب على صلاة الفجر    عقب تهديدات حوثية بضرب المنشآت.. خروج محطة مارب الغازية عن الخدمة ومصادر تكشف السبب    هل يستطيع وزير المالية اصدار كشف بمرتبات رئيس الوزراء وكبار المسئولين    البدعة و الترفيه    الشيخ علي جمعة: القرآن الكريم نزَل في الحجاز وقُرِأ في مصر    فاجعةٌ تهزّ زنجبار: قتيلٌ مجهول يُثيرُ الرعبَ في قلوبِ الأهالي(صورة)    رباعية هالاند تحسم لقب هداف الدوري.. وتسكت المنتقدين    حقيقة وفاة محافظ لحج التركي    استهداف السامعي محاولة لتعطيل الاداء الرقابي على السلطة التنفيذية    وفاة مريض بسبب نقص الاكسجين في لحج ...اليك الحقيقة    الليغا: اشبيلية يزيد متاعب غرناطة والميريا يفاجىء فاليكانو    تعز: 7 حالات وفاة وأكثر من 600 إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    ها نحن في جحر الحمار الداخلي    بخط النبي محمد وبصمة يده .. وثيقة تثير ضجة بعد العثور عليها في كنيسة سيناء (صور)    أمريكا تغدر بالامارات بعدم الرد أو الشجب على هجمات الحوثي    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    يا أبناء عدن: احمدوا الله على انقطاع الكهرباء فهي ضارة وملعونة و"بنت" كلب    الثلاثاء القادم في مصر مؤسسة تكوين تستضيف الروائيين (المقري ونصر الله)    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    تعز مدينة الدهشة والبرود والفرح الحزين    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محطات تحلية المياه..انتشار واسع ومعايير مفقودة..!!
في ظل أزمة مصادر وضمائر
نشر في الجمهورية يوم 22 - 07 - 2009

مع أن قضية المياه أصبحت تمثل مصدر قلق رسمي وشعبي نتيجة انحسار منسوب المياه الجوفية بشكل مخيف، وكذا التوسع والنمو البشري الذي لا يتوازى مطلقاً مع حجم الموارد المائية ما يوحي ذلك بحجم الخطر القادم ما لم توجد حلول جذرية لهذه المشكلة، إلا أن هناك قضية أخرى لا تقل أهمية عن قضية التهديد الذي يواجه المصادر المائية في بلادنا، وقد برزت ملامحها بشكل واضح خلال الفترة الماضية والمتمثلة في تلوث المياه، أو بالمعنى الأصح غياب المواصفات المطلوبة لتوفير مياه شرب نقية صالحة للاستخدام الآدمي من خلال الاستثمار العشوائي وضعف الرقابة في مجال تحلية المياه وتقديمها للناس في مختلف محافظات الجمهورية على شكل سلعة ضرورية وملحة يحتاجها المواطن، لاسيما في ظل اعتقاد الكثيرين بعدم صلاحية المياه التي توفرها المؤسسة المحلية للمياه وفروعها في الجمهورية للشرب لأسباب لا نفهمها حتى الآن..
ولأهمية القضية وارتباطها باحتياجات الناس الضرورية وسلامتهم الصحية والانتشار الكبير لمحطات التحلية الوهمية في مختلف المحافظات وبشكل مقلق دون توفر أدنى مقومات الجودة والسلامة الصحية كان لابد من دراسة هذه الظاهر وبشكل موضوعي بعيداً عن التحيز أو الانفعال أو المبالغة للوصول إلى حقائق واضحة والبحث عن حلول حتى جزئية وجادة تضمن مراعاة المواصفات المطلوبة للحفاظ على الصحة العامة للجميع وكشف الإهمال في الرقابة والأسباب التي أدت إلى انتشار الآلاف من محطات التحلية الوهمية للمياه.
لهذا كان ل«الجمهورية» جولة في عدد من المرافق والمحطات والجهات المعنية، وجولة في أوساط المواطنين للحصول على آراء وأجوبة وحلول مقترحة لحل قضية المياه الملوثة، أو بالمعنى الأصح المياه التي لا تتوفر فيها أبسط مقومات السلامة الصحية.
وكانت الجولة الأولى في وزارة المياه والبيئة من خلال اللقاء مع معالي المهندس عبدالرحمن الإرياني، وزير المياه والبيئة، وطرحنا عليه بعض التساولات حول أسباب الانتشار الكبير لمحطات التحلية للمياه، وضعف الرقابة على جودة المخرجات لهذه المحطات، فأجاب الأخ الوزير:
لا شك أن قضية المياه وما تمثله من تحديات، هذه القضية المرتبطة بحياة الناس تشكل مشكلة كبيرة لابد من معالجتها بشكل جذري وفوري؛ لأنها أخطر مما قد يعتقد البعض ،فبالإضافة إلى التهديد الحقيقي الذي يواجه بلادنا والمتمثل في انحسار منسوب المياه الجوفية وتهديدها بالجفاف هناك التوسع العمراني والنمو السكاني الكبير وكذلك الاستنزاف العشوائي للمياه الجوفية دون أي دراسات علمية أو غيرها.
أضف إلى ذلك أزمة الإدارة للموارد المائية، فالأزمة أزمة إدارة، كذلك ولا يجب تجاهلها مطلقاًَ، ورغم أن هناك جهوداً حكومية كبيرة وجادة لتنفيذ استراتيجيات فاعلة لحل هذه المشكلة رصدت لها إمكانيات كبيرة بالتعاون مع المنظمات المانحة إلا أنها لن تحقق أهدافها دون الوعي والمشاركة المجتمعية المطلوبة لاسيما في ظل غياب ثقافة الاسترشاد في التعامل مع المورد المائي.
وطبعاً حول سؤالكم بشأن محطات التحلية ليس لهذه المحطات التي انتشرت بشكل كبير أية علاقة في دعم أو مساندة الجهود الوطنية للتغلب على مشكلة ندرة المياه، بل العكس فهي تسهم في تفاقم المشكلة من خلال المساهمة في نضوب المصادر المائية كالآبار وغيرها وبشكل غير مدروس ودون مراعاة المخاطر التي تهدد المياه في بلادنا، والهدف الوحيد لهذه المحطات هو البحث عن الأرباح المالية فقط، وهذه مشكلة أخرى لابد من مواجهتها.
الشيء الآخر هو الانتشار الكبير لهذه المحطات نتيجة الحاجة المجتمعية الكبيرة للمياه النقية، والطلب المتزايد لمياه الشرب الصالحة في المدن الرئيسية، فتم استغلال هذه الحاجة وانتشرت محطات التحلية بشكل لا يصدق، وطبعاً هذا الانتشار للمحطات لا يتناسب مع إمكانيات الرقابة المتوفرة لدى الجهات المختصة، لهذا يشكو الناس من مواصفات غير دقيقة، أو بالمعنى الأصح رديئة.
ولا يمكن هنا إنكار وجود رقابة بيئية وصحية على هذه المحطات؛لكن المشكلة أن حجم الاستثمار في هذا الجانب كان أكبر من المتوقع، وبالتالي وجدت صعوبة في مراقبة أدائها، ولابد من حلول جذرية وضوابط تحدد مقاييس ومواصفات مطلوبة للجودة من جهة ووعي مجتمعي مطلوب للتعامل مع محطات التحلية من جهة أخرى.
منافسة المياه المستوردة
الدكتور ناصر با عوم، وكيل وزارة الصحة العامة والسكان يرى أن فتح باب الاستثمار في المياه المعبأة للشرب أظهر تبايناً في نقاوة المياه، فهناك مصانع ومحطات مياه نستطيع القول إنها ذات كفاءة عالية في التنقية والنظافة وهو ما جعلها تنافس بشكل كبير، وهناك مصانع ومحطات غير مهتمة بالمنافسة وأقول إنها تفرض نفسها بالقوة في كثير من المحافظات وهي غير ملتزمة بالجانب الصحي، وكما نسمع أن هناك محطات لا يتم تشغيلها إطلاقاً حيث يتم تعبئة العلب البلاستيكية من الخزانات مباشرة ليتم وضع لواصق المحطات عليها دون وجود تعقيم أو نظافة لهذه العلب التي يتم تكرر استخدامها.
فجميعنا مسئول أمام انتشار هذه الظاهرة؛ إذ يجب على المواطن أن يتحرى قدر الاستطاع،ة كما يجب على الجهات المسئولة من صحة البيئة استخدام أجهزة فحص حديثة لتقييم مصانع ومحطات المياه، ويكون نزولها باستمرار حتى يضمن المواطن أن هناك رقابة كما يجب على المستثمرين في مجال المياه وبما يضمن المنافسة للمياه المستوردة التي أضحت تتواجد في السوق اليمني نتيجة لفقدان الثقة بالمنتج المحلي، وهو ما يجب الانتباه إليه، فاستيراد المياه المعبأة من دول مجاورة سيعمل على إيجاد منافسة قوية مستقبلاً، ويأتي هذا لحاجة الناس الملحة للمياه التي لا غنى عنها في أي مكان.
توعية المواطن
وتحدث الأستاذ عبدالحليم السكري، مدير مركز التوعية البيئية في أمانة العاصمة بأن مشكلة مياه الشرب هي أحد أهم أسباب انتشار محطات ومصانع المياه، بالإضافة إلى الازدحام السكاني وزيادة الطلب على المياه الذي عمل على التوسع الكبير للمحطات والمصانع التي نادراً ما نجد الالتزام لدى أصحابها في التنقية والنظافة، وهو ما جعل كثيرين منا يبحثون دائماً عن الأفضل، فهناك عدد من الشركات الحديثة ومحطات تنقية المياه استطاعت أن تنال ثقة المستهلك لالتزامها بجميع المعايير الدولية، وهناك من يسيء إلى محطات ومصانع تنقية المياه بعد التنقية والنظافة والسعي للربح السريع، وهؤلاء سيكون مصيرهم ونهايتهم قريبة لعدم خوفهم من الله ولخيانتهم أنفسهم أولاً والمواطنين ثانياً.
ويجب على صحة البيئة القيام بدور أفضل في الرقابة وبما يحد من الغش وذلك بإنزال عقوبات قاسية بحق كل من أثبت الإخلال بعمله من تجار المياه في جميع الجوانب المرتبطة بالصحة وتحفيز كوادر الرقابة بمكافآت مجزية، بالإضافة إلى استخدام أجهزة فحص حديثة للمياه، ووضع حلول للعلب البلاستيكية المستخدمة في التعبئة باعتبارها تسبب عدداً من الأمراض لنهاية عمرها الافتراضي والاستخدام المستمر دون مراعاة الجوانب الصحية وهو ما يوجب علينا جميعاً وعلى وسائل الإعلام المختلفة لعب دور إيجابي في إيصال مثل هذه القضايا المهمة المرتبطة بصحة المواطن إلى الجهات المعنية وفتح صفحات وبرامج لتوعية المواطن بالأضرار المترتبة على استخدامه مياهاً ملوثة.
أوساخ عالقة ومترسبة على العبوات
كما يرى المواطن علي حسن منصر أن مصانع ومحطات تنقية المياه في اليمن لن تصل بعد إلى المستوى المتعارف عليه في تنقية المياه من حيث النظافة والمعالجة ووسائل النقل والتخزين وغيرها من الأمور المرتبطة بالتنقية، فقد يكون ضرر هذه المحطات المنتشرة أكثر من فائدتها، فهناك أوساخ عالقة ومترسبة نجدها على أغطية الدبب البلاستيكية إضافة إلى عدم نظافتها إطلاقاً، وكل ما يوجد في هذه المحطات يدل على عدم الالتزام في التعقيم والمعالجة وهو ما يستدعي وجود رقابة مستمرة من الجهات المعنية ومعاقبة وإغلاق جميع المحطات والمصانع التي لا تتوافر فيها الشروط اللازمة أو التي تخل بعملها وهو ما سيحدث التزاماً لدى الجميع.
محاصرة التلوث
ولأهمية معرفة الأجهزة الحديثة في فحص وتنقية المياه، وأهم الخطوات المتبعة يقول محمد يحيى الوجيه، مدير مختبر المؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي في أمانة العاصمة بأن المختبر يقوم بفحص الماء في خزانات المياه يومياً للتأكد من خلوها من الملوثات ووضع الكلور في الخزانات المركزية ومراقبة ذلك عند الضخ للمواطنين بأخذ عينات من الماء لفحصه وللتأكد من وجود الكلور ويستمر إجراء الفحص يومياً للتأكد من وجود الكلور، وإذا وجد تلوث أو عدم وجود غاز الكلور تقوم المؤسسة بمحاصرة التلوث بشكل سريع، كما نقوم بفحص الأملاح الكلية الذائبة في الماء والتي لا تزيد عن (450) ملجم في كل لتر.
وحول سؤالنا عن محطات ومصانع المياه أجاب بأن المؤسسة ليست جهة اختصاص ويمكنها فحص المياه في المحطات والتأكد من نقاوتها، ولكن الكثير من المحطات تهمل هذا الجانب الذي توليه المؤسسة أهمية كبيرة من خلال تأهيل عدد من الكوادر في هذا المجال واستخدام أجهزة مخبرية وتقنية حديثة لمضاعفة الرقابة.
جشع بعض التجار
ومن الجانب الآخر المتمثل بمسئولي مصانع ومحطات تعبئة المياه يقول أحمد محمد سيف الشرعبي، مدير فرع شركة مياه في أمانة العاصمة : إن انتشار مصانع ومحطات مياه الشرب يعود لعدد من الأسباب أهمها بحث المواطن عن مياه صحية نظيفة نتيجة لتلوث مياه الشرب في المحافظات اليمنية، وهو ما فتح شهية وجشع بعض التجار لفتح محطات تجارية ومصانع للمياه دون الالتزام بأدنى المعايير الصحية ودون وجود آلات التكنولوجيا الحديثة في تنقية المياه التي تستخدمها عدد من الدول المجاورة، فالكثير من مصانع المياه مازالوا يعملون بالآلات والمعدات القديمة، وهو ما أفقد المواطن الثقة بنقاوة المياه.
وطبعاً لا ننكر أن هناك مصانع وطنية تحرص على توفير أعلى معدلات الجودة، في إنتاجها للمياه النقية وهي أكثر أماناً وصحة للاستخدام، لكن فارق السعر جعل الكثيرين من المواطنين يتجهون لاستخدام مياه محطات التحلية التقليدية دون الاكتراث بالمخاطر الصحية الناتجة عن قلة الجودة التي قد تصل إلى حد التلوث.
ونتمنى من الجهات المعنية مضاعفة جهود الرقابة على مصانع ومحطات مياه الشرب كون هذه الخدمة من أهم الخدمات المرتبطة بصحة المواطن وتتحمل الدولة المسئولية الأولى في الرقابة والتقييم بإنزال اللجان إلى مواقع العمل وتوفير أجهزة فحص حديثة لمراقبة كل من يخل بهذه الخدمة.
استخدامات خاطئة
كما رأى المهندس عبدالقادر العريقي، يعمل مديراً فنياً في شركة متخصصة لمعالجة المياه بأن جميع المحطات التجارية المختصة بتنقية المياه لا يوجد فيها فنيون متخصصون في جميع مجالات التنقية والتشغيل، فجميع استخدامات المواد التكميلية للتشغيل استخدامات خاطئة، إضافة إلى عدم وجود قياسات مستمرة لمخرجات وحدات التحلية وهو ما ينتج عنه مياه غير صالحة للشرب ويعود ذلك لفتح هذا الباب تجارياً وتقاعس دور صحة البيئة في القيام بواجبها في تشديد الرقابة على مصانع ومحطات المياه إضافة إلى استخدام بعض محطات ومصانع المياه لتقنية قديمة لا يمكن الاستفادة منها وأدعو أصحاب المحطات أن يلتزموا بما قدموا عليه من خدمة لأن المواطن هو الضحية لأصحاب محطات ومصانع المياه ولأجهزة الرقابة التي مازال دورها غائباً، كما أن الاستثمار الحقيقي في هذا الجانب لم يأت بعد، فالكثير من المحطات والمصانع الموجودة تعبر عن العشوائية.
من جانبه تحدث معاذ ناجي أحمد، عامل محطة تنقية أن الكثير من المحطات لا تلتزم بالمعايير المحددة في تنقية المياه، ولا تهمها المعالجة وصحة المواطن إطلاقاَ؛ عكس بعض المحطات الملتزمة بجميع المعايير للتنقية المتمثلة بعدد من المراحل وهي التعقيم الرملي لإزالة الشوائب يليه تعقيم الفلترة والتعقيم بالأشعة البنفسجية.
ومن خلال تجربته في عدد من محطات التنقية يرى أن هناك الكثير ممن لا يخافون الله لا يستخدمون أجهزة التنقية ويتم تعبئة جميع الدبب البلاستيكية من الخزان مباشرة دون مراعاة أساليب النظافة والتشغيل ودون وجود الرقابة من الجهات المعنية التي غالباً ما تكون على علم بذلك.
التقنية الحديثة
ويرى الشيخ عبدالرحمن زيد العوادي، رئيس مجلس إدارة إحدى شركات المياه المعدنية أن قضية المياه في اليمن من أهم القضايا السكانية المرتبطة بالصحة العامة للفرد، وما نشهده من استثمار في مجال المياه لا يلبي حاجة المواطن من المياه النقية، فالكثير من محطات ومصانع المياه في اليمن تعمل بمعدات وأجهزة تشغيلية قديمة في تنقية ومعالجة المياه، إضافة إلى عدم الالتزام عند البعض في تشغيل أجهزة التنقية.
وهو ما يشكو منه المواطن بشكل مستمر، فالنظافة والتنقية تقع على مسئولية إدارة الشركة أو المحطة التي يهمها صحة المواطن بالدرجة الأولى، فالإدارة الجيدة هي التي تعمل على الاهتمام بكل ما هو جيد، إضافة إلى الاهتمام بالأيدي العاملة في مصانع ومحطات المياه، وإدخال التقنية الحديثة هو الأساس للمنافسة في السوق ونيل ثقة المستهلك.
وندعو أجهزة الرقابة ووسائل الإعلام إلى القيام بمسئولياتها الوطنية ومضاعفة الرقابة على مصانع ومحطات مياه الشرب كون الكثيرين من العاملين في هذا الجانب لا يهمهم سوى الجانب المادي فقط وهو ما يستدعي مضاعفة الرقابة وتكريم الناجحين.
300 مخالفة في النيابة
بعد ذلك كان لابد لنا من زيارة إلى الجهات المعنية في الرقابة والإشراف على محطات تنقية المياه في صحة البيئة بأمانة العاصمة، وهناك التقينا المهندس محمد أحمد البيضاني، مسئول المياه في صحة البيئة بأمانة العاصمة، حيث أكد أن إدارة المياه تقوم بإنزال لجان دورية إلى محطات تنقية مياه الشرب ليتم فحص مياه المحطات كل شهر في المختبر المركزي.
وهناك تعاون بين الجهات المعنية من الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس والمختبر المركزي وصحة البيئة، ومن خلال الرقابة المستمرة استطعنا إحالة أكثر من (300) مخالفة إلى النيابة خلال الشهرين الماضيين؛ جميعها متعلق بالمياه، ولدى الإدارة عدد من الخطط لتحسين أداء محطات تنقية المياه وذلك بالالتزام بالمواصفات الحديثة في التنقية والنظافة والتوزيع وبهدف صحة المواطن، داعياً المواطنين إلى إبلاغ الجهات المعنية عند وجود مخالفات، فدور المواطن هو الطريق الأساسي للقضاء على المتلاعبين بالصحة العامة .
خلاصة
في الأخير تظل صحة المستهلك حلقة ضائعة في كل الاعتبارات التي يأخذها بالحسبان كل الأطراف، فأمانة الإنتاج وضمان الجودة يغيبان أو هكذا يغيبان في ظل سباق المستثمرين على سوق المياه المكلور، فالرقابة شكلية إن وجدت، وملامح الاستهتار بصحة المستهلك في محطات التحلية ليست بحاجة إلى من يرصدها، فالعيوب ظاهرة، والمخالفات واضحة، وهي مصدر شكوى الجميع، ابتداء من عمليات الترقيع لخروم الدبات وسوء التغليف أو إغلاق فتحة (الدبة) فضلاً عن تلوث الماء في كثير من الحالات.. وإذا كانت هذه بعض الملامح الظاهرة لغياب الرقابة الذاتية والحكومية على المياه المكلورة التي يفترض فيها أن تكون نقية وصالحة للشرب فكيف الحال مع جوانب الكلورة التي يفترض أن يكون التعامل معها دقيقاً وحذراً.
وبعيداً عن أي حسابات إنتاجية تتعلق بمبدأ الربح أو الخسارة تبقى الكثير من الأسئلة عالقة دون إجابات، على أمل أن تحظى هذه القضية باهتمام الجهات المسئولة وأصحاب الشأن؛ لأنها ترتبط في المقام الأول بصحة الإنسان وسلامته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.