المهرة: شجاعة لا مثيل لها.. رجال الإنقاذ يخوضون معركة ضد السيول ينقذون خلالها حياة مواطن    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    تعرف على أبرز المعلومات عن قاعدة "هشتم شكاري" الجوية التي قصفتها إسرائيل في أصفهان بإيران    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    حالة وفاة واحدة.. اليمن يتجاوز المنخفض الجوي بأقل الخسائر وسط توجيهات ومتابعات حثيثة للرئيس العليمي    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    خطوات هامة نحو تغيير المعادلة في سهل وساحل تهامة في سبيل الاستقلال!!    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    برشلونة يسعى للحفاظ على فيليكس    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    اشتباكات قبلية عنيفة عقب جريمة بشعة ارتكبها مواطن بحق عدد من أقاربه جنوبي اليمن    الجنوب يفكّك مخططا تجسسيا حوثيا.. ضربة جديدة للمليشيات    الرد الاسرائيلي على ايران..."كذبة بكذبة"    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    استدرجوه من الضالع لسرقة سيارته .. مقتل مواطن على يد عصابة ورمي جثته في صنعاء    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    مركز الإنذار المبكر يحذر من استمرار تأثير المنخفض الجوي    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المخدرات من الترانزيت إلى الاستهلاك

عرفت البشرية المخدرات منذ آلاف السنين فعرفتها الحضارات الإنسانية القديمة كالهندوسية والإغريقية والمصرية القديمة، وارتبطت بقضايا دينية واجتماعية، وتم استخدامها فيما بعد في الأغراض الطبية، ولكنها تطورت تطوراً كبيراً من خلال ارتباط المخدرات بالسياسة فيما يعرف بحرب الأفيون التي نشبت بين انجلترا والصين وأصبحت هونج كونج بسبب تلك الحرب مستعمرة بريطانية بعد ذلك، ومن ذلك الحين وحتى اليوم والمخدرات برأي الكثير تلعب دوراً خطيراً يؤثر على جميع نواحي الحياة والتي يسميها البعض الحرب الأخطر في الآونة الأخيرة لارتباطها بالعديد من العوامل ووجود قوى كبرى وإمكانيات كبيرة وراء هذه الحرب، ومما يزيدها خطورة انتشارها خلال العقود الأخيرة خاصة في الوطن العربي من خلال ممرات العبور والاستهلاك المتوافرة فيه، كما أنها أخذت العديد من الأشكال والصور سواء في التصنيع أوالتعاطي مما جعل تجارة المخدرات بحسب توقعات الخبراء الأولى عالمياً قبل النفط والسلاح، وأعطاها أهمية كبرى لأرباحها الخيالية.
اتلاف مخدرات في أمانة العاصمة
الوضع العالمي للمخدرات...
حذر التقرير العالمي عن المخدرات الذي يصدر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي نشر مؤخراً من خشية تنامي وتزايد إنتاج العقاقير الصناعية كالأمفيتامينات والميثفيتامينات والإكستاسي وتعاطيها في العالم النامي، وحذر التقرير كذلك من التصاعد الشديد في كمية المضبوطات من هذه الحبوب خلال السنتين الماضيتين في الشرقين الأدنى والأوسط وهو ما يضم مناطق الخليج العربي والجمهورية اليمنية ، وأوضح أنه خلال عام 2007 كانت كمية المضبوطات التي ضبطت في مناطق عربية ما مقداره ثلث مجموع المضبوطات العالمية من المواد المنتمية إلى زمرة الأمفيتامينات وهو ما يفوق مضبوطات الصين والولايات المتحدة معاً، وشدد السيد أنتونيو كوستا - المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة -في مقدمة التقرير على أن العقاقير غير المشروعة تمثل خطراً على الصحة وهذا سبب خضوعها للرقابة ويجب أن تظل كذلك. كما بيّن التقرير أنّ هناك استقراراً وثباتاً نسبياً في الأسواق العالمية للمواد الأفيونية والكوكايين، وأشار التقرير إلى أن العنف والاضطراب السياسي المرتبطين بالمخدرات لا يزالان مستمرين بالرغم من أن الجهود الدولية المبذولة في المكافحة أخذت تؤتي ثمارها.
ممر عبور
إلى فترة ليست ببعيدة كانت اليمن بمنأى عن خطر المخدرات، لكن هذه الصورة لم تستمر فتحول اليمن مؤخراً إلى ممر عبور لتهريب المخدرات إلى جانب ارتفاع نسبة المستهلكين فحسب تصريحات وزير الداخلية اللواء مطهر رشاد المصري تم ضبط قرابة 3 ملايين حبة مخدرة وقرابة طنين ونصف من الحشيش في النصف الأول من عام 2009، أما في عام 2008 فقد تم ضبط ما يزيد 28.5 طن من مادة الحشيش و 15 مليوناً و 407 آلاف و 98 قرصاً مخدراً في 162 قضية، مقارنة بنصف مليون حبة مخدرة وخمسة أطنان ونصف من مادة الحشيش في عام 2007. وحسب تصريح للعقيد الدكتور مصعب الصوفي - نائب مدير إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية- فإن هناك ارتفاعاً في قضايا المخدرات فبين 2005 و2007 وصل عدد قضايا المخدرات إلى 304 قضايا، وأوضح أن عدد المضبوطين اليمنيين في قضايا مخدرات لنفس الفترة وصل إلى 512 شخصاً، معظمهم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاما، كما أن 30% منهم من حملة الشهادات الجامعية والثانوية. ويضيف الصوفي : إن الكميات المضبوطة ليست هي جميع الكميات المهربة فهناك كميات تمر وتصل إلى أهدافها للاستهلاك والبيع.
ويؤكد القاضي سعيد العاقل - رئيس النيابة الجزائية المتخصصة - "أن قضايا المخدرات زادت إلى درجة أن المتابع لها يدرك أنها حرب، وفي الآونة الأخيرة كثرت القضايا المتعلقة بتهريب حبوب الكبتاجون و الأمفتامينات، ويضيف : إن القضايا لم تقتصر على المخدرات المهربة وإنما هناك إنتاج محلي للحشيش والخشخاش في إب والحيمة وغيرها"، وهذا ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة وزيادة تعقيداتها.
إدمان من نوع آخر...
ترتبط طبيعة المواد التي يتعاطاها المدمنون والمتعاطون بطبيعة المواد الموجودة في الوسط المحيط. فالمؤثرات العقلية والاستخدام الخاطئ للأدوية والعقاقير الطبية هو التعاطي الأكثر انتشاراً في المجتمع اليمني وذلك لرخص ثمنها فشريط الفاليوم يباع بثمانين ريالاً وشريط الرستيل يباع بمائة وخمسين ريالاً وفي أسوأ الحالات فإن الصيدلي يطلب ضعف القيمة إن لم يكن هناك وصفة طبية، كما أن سهولة الحصول على هذه الأدوية، وتأثيرها الجيد مع القات على حد قول متعاطيها يجعلها أكثر انتشاراً من غيرها من المواد المخدرة، كما تنتشر أيضاً المستنشقات كالتنر والبنزين والصمغ أو ما يسمى باللهجة المحلية (الشلك) ويسمى المدمنون عليه ب "المشلكين"، بالإضافة إلى شرب الكحول (الاسبرت) في بعض الأحيان، ويلجأ البعض إلى الإدمان على رائحة حرق البلاستيك، أو رائحة حرق النمل كذلك.
إساءة استخدام للأدوية
الأدوية المهدئة والمؤثرات العقلية تتسم بأنها مراقبة ويحضر بيعها إلا بوصفة طبية وهي تستخدم لتخفيف الآلام والتهدئة وتعطى لمن يعاني أمراضاً عصبية وما إلى ذلك، وقد تم إدراجها ضمن اتفاقية الأمم المتحدة للمؤثرات العقلية لعام 1971م وعددها 12 نوعاً.
وينتشر تعاطي هذه الحبوب والأقراص في أوساط الشباب ومن يسمون "المحببين" وفي بعض الأحيان يتم تناولها مع القات، ويرى الدكتور طاهر المقالح - مدير إدارة المخدرات بالهيئة العليا للأدوية- أن أكثر هذه المواد انتشاراً وإساءةً للاستخدام هو مادة البرازولام، وتوجد منه مسميات تجارية عديدة كالرستيل، والبراز، البرازين، والزلام، وجميعها تضم نفس المادة، ويضيف : إنه حسب التقارير الميدانية التي تستقبلها إدارته من المستوردين يلاحظ أن الديزبام يأتي في المرتبة الثانية بعد البرازولام. ويتفق أصحاب الصيدليات مع هذا الترتيب بالإضافة إلى بعض المواد الأخرى كالفاليوم، والزانكس، والبالتان، وريفوتريل. كما أنه توجد أنواع من الإدمان على أدوية السعال.
إقبال على المؤثرات العقلية
يرى الدكتور طاهر المقالح أن البيع غير المشروع للمهدئات ينتشر في كثير من الأماكن وإن كانت محافظة الحديدة وتعز وعدن هي الأكثر تجاوزاً في هذا الاستخدام غير المشروع، وحسب إحصائيات إدارة المخدرات بالهيئة العليا للأدوية يلاحظ تزايد استيراد العديد من المواد خلال السنوات الأخيرة مقارنة بسابقاتها، ففي عام 2008م تم استيراد 5005 جرام من مادة الخام من البرازولام وتم استيراد 5500 جرام كمادة مصنعة، مقارنة ب 4500 جرام كمادة مصنعة من نفس المادة في عام 2007، وتم استيراد 20000 جرام كمادة خام من الديزبام، و 8584 كمادة مصنعة في عام 2008م مقارنة ب 14000 جرام من نفس المادة في عام 2007م
(م.ج) صيدلي يعمل في صيدلية في شارع الزبيري يقول : إنه يلاحظ ازدياداً كبيراً خلال الفترة الأخيرة مقارنة فيما قبل على الأدوية المهدئة، ويقول : إن هناك يومياً ما يقارب 10 أشخاص يطلبون هذه الأدوية بدون وصفات، ويضيف : إن غالبية من يشتري هذه المواد هم ممن تتراوح أعمارهم مابين 20- 30 عاماً، وثلثهم تقريباً هم من النساء، أما (م.ش) صيدلي يعمل في صيدلية تقع في شارع الزبيري أيضاً فيقول إن غالبية الذين يطلبون هذه الأدوية بدون وصفات يتعاطونها مع القات، وغالبيتهم يأتون في الفترات المسائية وإن نسبة لا بأس بها منهم هم من الشباب القادمين من دول مجاورة، ويقدر عدد الذين يأتونه يومياً بحدود 18 شخصاً، أما (م.ع) صيدلي يعمل في صيدلية بباب اليمن فيقول إن غالبية من يأتونه هم من طلبة الجامعات، ويعتقد أن من يتعاطون هذه الأنواع من الأدوية يتعاطونها لتنشيطهم في الدراسة.
طبيعة المؤثرات العقلية
يتحدث الدكتور أسعد صبر - استشاري أول طب نفسي بمجمع الأمل الصحي في المملكة العربية السعودية عن طبيعة المؤثرات العقلية فيقول " إن المؤثرات العقلية سُميت بهذا الاسم لأنها تؤثر على وظائف العقل وعلى الطريقة التي يتحكم فيها العقل في المشاعر والأحاسيس وفي السلوكيات بمختلف أنشطة الجسم، وتنفسم إلى فئتين: فئة مخدرة ومثبطة وفئة منشطة ومحفزة، فالمثبطات تبدأ بالكحول ثم يندرج تحتها الحبوب المهدئة أو المخدرة وكذلك الأفيونات، بينما المنشطات هي مجموعة أخرى وهي الأكثر استخداماً لدى فئة الشباب، لأنها تحفز نشاط الجسم وتبعث على الحيوية والقدرة على العمل والإنجاز وأيضاً تحسن المزاج وهذا كله سوف يشعر به المتعاطي في البداية، لكن مع الإدمان عليها سيبدأ الإنتاج لديه والحالة النفسية بتدهور مستمر حتى يدخل في اكتئاب نفسي، و أول ما صُنعت من أجله هذه المنشطات هو للاستخدامات الطبية ولعلاج بعض الحالات النفسية. ولكن لإساءة استخدامها أصبحت محظورة ومن الأدوية المقننة التي لا يمكن صرفها بوصفة طبية إلا في حالات محدودة جداً "، ويضيف " إن الحبوب المنشطة لها آثار كثيرة على الجسم تبدأ من أثرها على المخ ثم أثرها على الجسد ثم أثرها على السلوكيات والحالة النفسية لمتعاطي الحبوب وعلى اختلاف الكمية التي يتعاطاها والمدة. وبداية نجد أن تعاطي الحبوب المنشطة يسبب زيادة في إفراز مادة (الدبومين) و(النوربنفري) في خلايا المخ، وكل هذه المواد عندما تزيد نسبتها في المخ تؤدي لآثار نفسية وسلوكية، فتبدأ في البداية بزيادة النشاط الحركي لدى الإنسان والانبساط الزائد وكذلك تقلل من الشعور بالتعب وتزيد الحماس وكثرة الكلام والحركة وتكرارها وتشكل الضعف في الحاجة للأكل وفقدان الشهية ونقصان الوزن وأيضاً تسبب العدوانية والعنف في تصرفات المتعاطي، ثم يندرج عليها تعاطي الحبوب بحسب الكمية التي يتعاطاها الإنسان، وبداية عندما يتعاطى الشخص المخدرات لأول مرة يشعر بالاحتياج لديه لهذه المادة والارتباط بها حتى يصل إلى زيادة الجرعات ثم مع طول الاستخدام يصبح هناك ما يسمى «الاحتمالية» وهي ان يحتاج الشخص إلى زيادة الجرعة ليصل إلى نفس المفعول الذي كان يأخذه في الماضي، ثم يصبح الشخص مع طول فترة التعاطي لديه الشعور بالقهر لاستخدام المادة فيصبح دائماً محتاجاً إلى تعاطي المادة مرة تلو الأخرى حتى وان لم يرغب في ذلك. وإذا تعاطى الإنسان هذه الحبوب فإنه سيتعرض لمشكلات جسدية منها ضعف في عضلة القلب وفي الإشارات العصبية في عضلة القلب ويتعرض لتهيج في عضلة البطين القلبي ويتولد لديه زيادة مفاجئة في ضغط الدم وزيادة في درجة حرارة الجسم وكذلك سيصبح معرضاً للتشنجات أو الاختلاجات العصبية في الجهاز العصبي، ثم في الاستمرار في التعاطي سيصبح لديه تهيج في الجهاز العصبي ونقص في وظائف القلب وزيادة في ضغط الدم"
مدمنون حالات واقعية
وجدنا صعوبة بالغة في الوصول إلى أشخاص من مدمني الحبوب بالإمكان أن يتحدثوا عن تجاربهم وذلك بسبب خوفهم من الفضيحة والعيب الاجتماعي، فيرى الكثير منهم أن المجتمع يراهم بعين التجريم وحتى لو تقدموا للعلاج فمن الصعب أن يتقبلهم المجتمع مرة أخرى كأفراد صالحين بالرغم من أن نسبتهم ليست بقليلة وإن كانت تغيب الإحصائيات المؤيدة لذلك، (م.ث) مدمن انقطع عن إدمانه منذ ما يزيد عن شهر يقول "كانت بدايتي مع الإدمان عندما كنت مرة في قريتنا أفحص مخزن الوقود لمضخة الماء حينها أخذت نفساً عميقاً من البترول وأعطاني ذلك نشوة، فأصبحت أذهب يومياً لاستنشاق البترول، وبعد فترة سافرت إلى صنعاء لأعمل فالتقيت بمجموعة تتعاطى الحبوب فأدمنت حبوباً تسمى "أبو نجمة" وحبوباً تسمى "بازوكا" لمدة سنتين وتطور بي الموضوع إلى أن أصبحت أتعاطى 30 حبة يومياً مما سبب لي تمزقات وجروحاً في الأمعاء والمعدة"، أما عن الشعور حال تعاطي هذه الحبوب فيضيف "عندما أتعاطى الحبوب فإني أشعر بنشوة وأحس الدنيا تدور والعمارات من حولي تتحرك، وعندما أريد المشي أشعر بأني أمشي في الهواء" ويتكلم بعد ذلك بحسرة عن صاحب له بدأ بتعاطي أنواع عديدة من الحبوب واستقر به الحال إلى أن يأخذ مطهر الجروح (الاسبرت) مع الماء ويدمن عليه فأتلف كبده وبدأ جسمه بالانتفاخ وهو ينتظر الموت خلال ساعات أو في أحسن الأحوال خلال عدة أيام.
(ح.أ) مدمن حبوب وأقراص مخدرة يتحدث عن تجربته مع الإدمان قائلاً " كانت بداياتي مع التدخين عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري، حينما تعرفت على شلة كانت تدعوني إلى جلسات قات وكانت تقدم لي نوعاً من السجائر غريباً، ومن ثم بدأت أدمن تلك السجائر فأصبحت الشلة تطلب مبالغ من المال مقابل إعطائي تلك السجائر مما اضطرني إلى السرقة والفشل في دراستي، وبدأت بعدها بتعاطي أنواع من الحبوب كان يوفرها لي أصحابي مع القات وكانت تعطيني النشوة، وكنت أشعر بالضيق والكآبة حينما لا أجدها بسبب عدم توفيري المال، وانتهى بي المطاف أن بعت نفسي مقابل هذه المواد"، (س.ب) مدمن على الصمغ أو ما يسمى "الشلك" باللغة العامية بدأ إدمانه من خلال تعوده على شم البنزين وانتقل بعد ذلك إلى الصمغ وهو الآن يعاني مشاكل والتهابات حادة في الجهاز التنفسي.
(م.ع) صيدلي يذكر أن هناك شخصاً ممن أدمنوا على الأدوية والمؤثرات العقلية كان بسبب أنها وصفت له في حالة مرضية معينة وعندما انتهت الحالة استمر بتعاطيها إلى أن أصبح مدمناً عليها بعد ذلك،وكان يأتي إليه يومياً ويطلبها بإلحاح شديد.
الوصول إلى المهدئات
تختلف سبل الوصول إلى هذا الأنواع من الأدوية بحكم أنها مراقبة ولا يجوز صرفها إلا بوصفة طبية، ولكن ما يحصل غير ذلك، (م.ث) يتكلم عن طريقة حصوله على الأدوية المهدئة بقوله " نحصل على الأدوية المهدئة من الصيدليات بتزوير وصفات طبية، فنحن في الشلة هناك شخص يزور الوصفات الطبية وشخص آخر يذهب إلى الصيدلية ليأتي لنا بالأدوية، وفي بعض الأحيان لا تكون لدينا وصفات مزورة فنذهب ونشتري الأدوية من غير وصفات، وبالطيع في كلتا الحالتين الصيدلي يبيعنا بثمن أغلى لأنه يعرف أن الوصفة مزورة"، (م.ع) صيدلي يعمل في صيدلية في شارع بغداد يقول أن من يأتي لطلب مثل هذه الأنواع من الأدوية لإساءة استخدامها فيكون من خلال وصفة قديمة أو وصفة مزورة أو بدون وصفات، أما (ص.خ) صيدلي يعمل في صيدلية تقع في منطقة باب اليمن فيقول إنه يضطر في كثير من الأحيان أن يعطي هذه الأدوية حتى بدون وصفات وذلك لدفع الضرر عن نفسه بعد أن تعرض لمضايقات ولتهديد السلاح أكثر من مرة.
إجراءات رقابية ووقائية
بخصوص الإجراءات الرقابية و الوقائية التي اتخذتها الهيئة العليا للأدوية فيما يتعلق بالأدوية المهدئة والمؤثرات العقلية، تحدث الدكتور طاهر المقالح:
"وزارة الصحة ممثلة بإدارة المخدرات بالهيئة العليا للأدوية قامت بعمل العديد من المعالجات والإجراءات المناسبة لمنع وتحجيم انتشار هذه الظاهرة وتوجيهها نحو الاستخدام الطبي السليم ، أولها كتابة التحذيرات على جميع العبوات سواء للأدوية التي تستورد أو التي تصنع محلياً بأن هذا الدواء خاضع للرقابة ولا يصرف إلا بوصفة طبية، ثانياً قامت الوزارة ممثلة بالإدارة بعمل تعميم من أجل تنظيم آلية توزيع المؤثرات العقلية من الوكيل إلى الصيدلية دون المرور بوسطاء، لمنع تعدد وصول هذه المؤثرات من أكثر من مصدر، وحددت الجهات التي يتم التعامل معها بالصيدليات والمستشفيات المرخص لها من وزارة الصحة، وتم استبعاد مراكز الطب الشعبي، والمستوصفات الطبية والمراكز الصحية الطبية وتجار الجملة، والخطوة الأخيرة التي تعتبر استكمالا للخطوتين السابقتين هي تحديد الوصفة الطبية للمخدرات والمؤثرات العقلية بحيث أن يكون هناك ثلاث نسخ من أي وصفة نسخة تبقى في ملف المريض ونسخة تسلم للصيدلية ونسخة تبقى في دفتر الوصفات، وقد تم صدور قرار وزاري رقم (30/6) بذلك في تاريخ 14/6/2009م وسيبدأ تعميمها وتطبيقها في النصف الثاني من عام 2009".
دور مجتمعي... غائب
تبين إستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات لعام 1998م أن مهمة مكافحة المخدرات مهمة تكاملية بين المجتمع من جهة وجهات الأمن والشرطة والجمارك من جهة أخرى، فتعتمد الإستراتيجية التي لا يزال يعمل بها إلى اليوم على شقين رئيسيين، هما: خفض عرض المواد المخدرة من خلال إجراءات رقابة الحدود ومتابعة المهربين والمروجين، وهذا عمل شرطي جمركي أمني، ويمثل 30% فقط من عملية المكافحة، أما ال 70% الأخرى فهي مهمة المجتمع من خلال خفض الطلب من خلال التوعية المجتمعية والضغط بالقرائن، وكذا المساهمة في مساعدة رجال الأمن والجمارك وضباط المخدرات في عملية خفض العرض.
ولا تقتصر مهمة خفض الطلب على المنظمات المجتمعية فحسب ولكن يجب أن يتحمل كافة المجتمع ذلك من خلال الاستجابة ودعم البرامج الموجهة للتوعية بأضرار المخدرات، كما أن وسائل الإعلام تتحمل عبأً كبيراً في عملية التوعية فمن الواجب أن تدرج الرسائل التوعوية ضمن رسالتها الإعلامية سواء كانت وسائل مسموعة أو مرئية أو مقروءة. ويتحمل التعليم العبأ بجانب الإعلام والمجتمع، فالمدرسة هي من تكون الجزء الأكبر من شخصية الطفل ولا بد من إيصال رسائل التوعية من خلال الرسالة التعليمية وذلك بإدراجها ضمن المنهج المدرسي ومن خلال توعية الكادر التعليمي كذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.