بينما كنت أشاهد التلفاز رأيت شيئاً شدني كثيراً إنه وادي تهامة فقررت السفر إليه في أسرع وقت وعندما وصلت لم أكن أمتلك نفسي من الدهشة فرأيت منظراً جميلاً بديعاً لم أكن قد شاهدته في حياتي. واد فسيح والخضرة تملؤه والماء يسرق اجزاء منه لكنه سارق محبوب والجبل مع ضخامته زائر مرغوب والشمس مع حرارتها كائن مطلوب والليل مع ظلمته حلم جميل هذا ما لمحته إذ لم أكن قد دخلت الوادي فما إن دخلته حتى امتلكتني الدهشة أكثر فأكثر فرحت أتجول بين بساتينه وأشتم شيئاً من رائحته وفجأة دنت إليّ ثمرة كنت قد اشتهيتها في نفسي فقلت يا الله هل أنا في الجنان؟ فرأيت الزهر يفتح فكأنه ابتسم ولكن بطريقته هو، رأيت ينبوعاً قد شق ذلك الجبل فاستغربت وقلت سبحان الله ماء دائم يخرج من صخر صلب فتعكر الماء قليلاً. فأدركت أنه غضب من هذا الوصف فتداركت نفسي وقلت ولكن له قلب رحب فعاد الماء إلى رونقه، بل زاد جمالاً ورونقاً وبينما أعيش هذا الموقف إذ شدني صوت جميل مليء بالموسيقى فظننت أن هناك احتفالاً في الوادي فإذا بها أصوات عصافير كانت تغرد لتقول لي ليس الماء والاشجار والجبال يملؤها الجمال هنا فقط. بل إن مصدر الجمال نحن وأصواتنا هي باعث الحيوية في هذا الوادي فامتلأ الجمال من جميع النواحي، لم أكن قد تمتعت بما فيه الكفاية إذ حل الغروب وجاء الليل ورأيت القمر قد انعكس وجهه على الماء والنجوم من حوله فامتلأ الوادي نوراً حتى كأني لم أستطع أن أفرق بين الليل والنهار فالنور في الوادي لم ينقطع. تداركني الوقت وقررت الرحيل والحزن يملؤني لكن ما فرج عني هو أنني قررت أن أزور الوادي مرة أخرى لأتمتع برؤية مافيه من سحر وجمال.