إصابة قيادي حوثي جراء اعتداء من قبل عناصر تابعة لقيادي آخر في إب    صحيفة مصرية تكشف عن زيارة سرية للارياني إلى إسرائيل    رئيس الاتحادين اليمني والعربي للألعاب المائية يحضر بطولة كأس مصر للسباحة في الإسكندرية    تحالف حقوقي يوثق 127 انتهاكاً جسيماً بحق الأطفال خلال 21 شهرا والمليشيات تتصدر القائمة    توجيهات بالاستعداد القتالي في حضرموت وتحركات لعضو مجلس القيادة الرئاسي    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    المهرة يواصل مشاركته الناجحة في بطولة المدن الآسيوية للشطرنج بروسيا    الذهب يستقر مع انحسار مخاوف تصاعد الصراع في الشرق الأوسط    خبير أرصاد يحذر: منخفض الهدير في اليمن ليس الأول ولن يكون الأخير (فيديو)    تحذير حوثي للأطباء من تسريب أي معلومات عن حالات مرض السرطان في صنعاء    إصابة ثلاثة أطفال جراء انفجار مقذوف من مخلفات المليشيات بالضالع    ضبط 54 متهمًا في قضايا جرائم جنائية    ترتيبات سعودية عمانية جديدة بشأن اليمن.. وجولة مفاوضات مرتقبة بين السعودية والحوثيين    تغير جديد في أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية    أول قيادي مؤتمري موالي للحوثيين بصنعاء يعزي عائلة الشيخ "الزنداني" في وفاته    بشرى سارة للمرضى اليمنيين الراغبين في العلاج في الهند.. فتح قسم قنصلي لإنهاء معاناتهم!!    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    شعب الجنوب أستوعب صدمة الاحتلال اليمني وأستبقى جذوة الرفض    فلنذكر محاسن "حسين بدرالدين الحوثي" كذكرنا لمحاسن الزنداني    رشاد العليمي حاقد و"كذّاب" تفوّق على من سبقه ومن سيلحقه    شيخ بارز في قبضة الأمن بعد صراعات الأراضي في عدن!    الحوثيون يراهنون على الزمن: هل ينجحون في فرض حلولهم على اليمن؟ كاتب صحفي يجيب    قيادة البعث القومي تعزي الإصلاح في رحيل الشيخ الزنداني وتشيد بأدواره المشهودة    «كاك بنك» فرع شبوة يكرم شركتي العماري وابو سند وأولاده لشراكتهما المتميزة في صرف حوالات كاك حواله    دوري ابطال آسيا: العين الاماراتي الى نهائي البطولة    كلية القيادة والأركان بالعاصمة عدن تمنح العقيد أديب العلوي درجة الماجستير في العلوم العسكرية    «كاك بنك» يكرم شركة المفلحي للصرافة تقديراً لشراكتها المتميزة في صرف الحوالات الصادرة عبر منتج كاك حوالة    نزوح اكثر من 50 الف اثيوبي بسبب المعارك في شمال البلاد    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    بن دغر يوجه رسالة لقادة حزب الإصلاح بعد وفاة الشيخ عبدالمجيد الزنداني    إعلان موعد نهائي كأس إنجلترا بين مانشستر يونايتد وسيتي    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    الاعاصير والفيضانات والحد من اضرارها!!    "ريال مدريد سرق الفوز من برشلونة".. بيكيه يهاجم حكام الكلاسيكو    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و183    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مكان وموعد تشييع جثمان الشيخ عبدالمجيد الزنداني    التضامن يقترب من حسم بطاقة الصعود الثانية بفوز كبير على سمعون    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    دعاء مستجاب لكل شيء    ديزل النجاة يُعيد عدن إلى الحياة    من هو الشيخ عبدالمجيد الزنداني.. سيرة ذاتية    ارتفاع الوفيات الناجمة عن السيول في حضرموت والمهرة    مستشار الرئيس الزبيدي: مصفاة نفط خاصة في شبوة مطلبا عادلًا وحقا مشروعا    مع الوثائق عملا بحق الرد    لماذا يشجع معظم اليمنيين فريق (البرشا)؟    الزنداني يكذب على العالم باكتشاف علاج للإيدز ويرفض نشر معلوماته    الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تفعل هذا الأمر    الحكومة تطالب بإدانة دولية لجريمة إغراق الحوثيين مناطق سيطرتهم بالمبيدات القاتلة    المواصفات والمقاييس تختتم برنامج التدريب على كفاءة الطاقة بالتعاون مع هيئة التقييس الخليجي    لحظة يازمن    بعد الهجمة الواسعة.. مسؤول سابق يعلق على عودة الفنان حسين محب إلى صنعاء    المساح واستيقاف الزمن    - عاجل فنان اليمن الكبير ايواب طارش يدخل غرفة العمليات اقرا السبب    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واقع الدراما العربية في شهر رمضان
هل تحول شهر رمضان إلى جزيرة معزولة لها قائد واحد هو التلفزيون؟
نشر في الجمهورية يوم 27 - 08 - 2009

لاينكر احد ان شهر رمضان قد تحول الى شهر تلفزيوني بامتياز.يقضي الناس معظم اوقاتهم أمام الشاشة الصغيرة في متابعة اعمالهم المفضلة او التي قرروا مشاهدتها بعد متابعتهم لجديد القنوات الفضائية من دراما ومسلسلات . وهذه حقيقة لايستطيع تجاوزها أو القفز عليها أحد.صارت المحطات التلفزيونية ، الفضائية متفرغة لهذا الشهر وله تقوم بتكريس مقدراتها وإمكانياتها طوال العام من أجل أن تخرج له بوجبة درامية متنوعة. هو منطق السوق ومفهوم العرض والطلب.
ونحن في «فنون» نعتقد أن الصحافة هي خدمة في الأساس وعليها واجب خدمة القارئ العزيز بالدرجة الاولى. ومن هنا جاءت فكرة هذا الملف الذي يأتي متماشيا مع دراما الشهر الكريم المرغوبة والمتابعة من قبل العامة ،وهم الفئة المعنية أولا وأخيرا بهذا الملف الذي يقدم لمحة عن أبرز الدراما العربية المعروفة وبداياتها ، وكذلك جملة من المقالات التي تتحدث عن دراما هذا الشهر . كما قمنا بعمل جدول أو بانوراما عامة لأهم الاعمال الدرامية ومواعيد بثها وكذلك اسماء القنوات التي قررت عرضها.نأمل أن نكون قد قمنا بأقل القليل لقارئ كريم .. قادر على إغفال نواحي القصور فيما قمنا بإنجازه.
الدراما المصرية
الدوران في فلك الأمجاد القديمة
جمال جبران
(1)
يأتي شهر رمضان ومغرياته معه.بليله الطويل المفتوح حتى الصباح وأمسياته التي لاتنتهي.ولكل مراده منه.
لهواة الدراما والتلفزيون مرادهم وهو الشهر الذي يأتي بكيس مملوء بالأعمال الدرامية التي صُنعت خصيصا له.
كيس بداخله كمية منوعة من الاعمال المنوعة والمفتوحة على الدراما السورية ، المرغوبة في الفترات الاخيرة والدراما المصرية طويلة العمر ، والدراما الخليجية التي استطاعت مؤخرا أن تصنع لنفسها مكانة وجمهورا وفيا على الرغم من كثافة الحزن والسوداوية التي تقوم بتقديمها على العكس من ظاهر ذلك المجتمع الذي تقوم بتمثيله.أو ربما هو يذهب تحديدا من أجل مشاهدة تلك السوداوية الكبيرة التي تقدمها، من يدري !فبحسب المقولات النفسية الشائعة أن المصائب الفردية تهون عندما يرى المرء لمصائب غيره من الناس ، خصوصا عندما يكون هؤلاء الناس ينتمون لطبقة ثرية ومرفهة كان يُعتقد الى وقت قريب أنهم طبقة لاتأتيها المصائب لامن خلفها ولامن امامها.
لكن ماجديد هذه الدراما العربية لهذا العام؟ هل يحمل كل ذاك الكثير الذي جاءت به عملا واحدا مميزا أو أكثر؟ لن نقوم بتحديد عمل واحد هنا ولكن دعونا نجري دردشة سريعة هنا بخصوصها وذلك بالنظر إلى سير انتاج الاعوام القليلة الماضية.
(2)
بالنسبة للدراما المصرية ، الدراما الأعرق والأقدم في تاريخ الدراما العربية ، نجد مسألة هامة تتمثل في تكاثر شركات الإنتاج الخاصة فيها الى جانب تكاثر القنوات الخاصة بالتزامن ، ما عمل على توفير أعداد كبيرة من الاعمال الدرامية المختلفة ، مابين الكوميدي والاجتماعي والتاريخي والديني والسياسي ايضا ، المتمثل بالاعمال الدرامية التي تبحث في سير بعض الشخصيات السياسية الهامة التي لعبت أدوارا مهمة على صعيد التاريخ السياسي العربي المعاصر والقديم .
وتبعا لهذا الازدحام والتكدس صارت بعض من هذه الدراما تجد نفسها في حالة من البطالة حيث لاتجد سوقا لها مما يجبر أصحابها على ترحيلها للعام القادم أو المجازفة بعرضها في خارج الزمن التنافسي الرمضاني ، ممايكبد اصحابها خسائر كبيرة وذلك لان السوق الرمضاني الدرامي ليس كغيره خلال شهور السنة الاخرى .لكن كان هذا في السابق قبل انفتاح القنوات الفضائية التجارية والخاصة التي جاءت لالتهام ذاك الفائض الانتاجي . وسنرى كيف.
الى هذا وعبر كثرة الاعمال الدرامية المُنتجة في مقابل قلة الكادر الفني و التقني صار على الممثلين القيام بتأدية أكثر من عمل درامي في الوقت الواحد وهو مايعمل بالتأكيد على إضعاف المستوى العام لتلك الاعمال . فليس من يؤدي عملا واحدا فقط خلال عام كمثل من يقوم بتأدية عملين أو ثلاثة في الوقت ذاته. وبالمقارنة مع الاعوام السابقة الماضية نجد مفارقة كبيرة بين جملة من المخرجين ممن كانوا يشترطون على الممثل عدم تأدية اي عمل فني آخر أثناء الاشتغال معه . وهؤلاء هم مجموعة من المخرجين كانوا يرون لعبثية قيام الممثل بأكثر من عمل في الوقت ذاته.لكن وبسبب علو سوق المُنتج على المخرج صار أغلبية المخرجين متساهلين في هذه المسألة ، لأنهم لو لم يذعنوا لهذا المنطق الانتاجي الجديد فسيجدون أنفسهم بغير عمل يقومون بإخراجه.في حين يتواجد بكثرة معشر من المخرجين الذين على استعداد تام على إخراج أكثر من عمل درامي في الوقت ذاته. وذلك تماشيا مع لغة السوق السائدة والمسيطرة على المشهد الانتاجي الدرامي.
(3)
كل هذا كان له ان يؤدي بلاشك الى عدد من النتائج بالنسبة للمستوى الانتاجي الدرامي المصري.
أولها ،تضعضع هذا المستوى بشكل عام وظهوره بصورة لاتليق بمستوى الانتاج السابق قبل اجتياح لغة السوق الجديدة والتي أتت لتلبية التطورات والمستجدات التي طرأت على السوق ومنها أو أهمها تكاثر القنوات الفضائية غير الحكومية بعد صعود زمن الاقمار الاصطناعية . فقد اصبح المرء قادرا على التقاط مئات القنوات الفضائية العربية ومنها ماهو متخصص فقط في عرض الاعمال الدرامية . فمن أين سيتم سد كل ذاك الفراغ الذي سيسود تلك القنوات إن لم تجد في تلك الشركات الانتاجية وسيلة وحلا لمشكلتها، ولو كان هذا على حساب المستوى الاخراجي والفني للعمل .فلسان حال هذه القنوات يقول بضرورة توفير أكبر كم ممكن من الاعمال الدرامية مهما كانت ، فالمشاهد صار أمام الشاشة وفي يده جهاز تدوير القنوات وليس له الا ان يرى للشاشة وليس لديه فضيلة اختيار الجيد مماعداه .
(4)
لكن ومع هذا لاتزال هناك مجموعة من الشركات الانتاجية تخشى على سمعتها الفنية والانتاجية وخصوصياتك التي قامت بتكوينها قبل ازدهار عصر الفضاء المفتوح . ولذلك فهي تراهن كل عام على عمل انتاجي واحد تقوم بتوفير الشروط اللازمة له بهدف انجاحه بالقدر الممكن والقادر على المنافسة ووضع قدمه أمام حدة التنافس التي قدمت وهجمت على الدراما المصرية من خارجها ، واقصد هنا ، موجة الدراما السورية ( سنتحدث عنها في مرة قادمة بشكل أكثر توسعا).
لكن وبالرغم من هذا بقي قسم كبير من تلك الشركات الانتاجية المصرية الخاصة ، لم تلتفت لحدة هذا التنافس الجديد مسنودة على توفر سوقها الذي ستذهب اليه عارضة نفسها على الرغم من كل العلل التي فيها .
كما أن هناك عدداً من الشركات الانتاجية الجيدة والتي رأت في المناخ الحالي مناسبة للسير خلفه غير عابئة لمغبة هذا السير . فراينا منها من نام على أمجاده وعلى عمل درامي محدد وجد القبول عند الناس ، ليس بسبب جودته الفنية بالضرورة ولكن لأنه نجح في طرق باب لم يكن مطروقا من قبل .ومنها مسلسل «متولي» للفنان نور الشريف ، هذا الذي يقدر على الزواج من أربع نساء وأكثر .وهو المسلسل الذي أحدث أثناء وبعد عرض الجزء الأول منه عاصفة شديدة توزعت بين الرفض والقبول لفكرته.
وهذا على الرغم من وجود المسألة والحكاية على أرض الواقع ومن زمان ، إلا أن مسألة تجسيدها على الشاشة كان شيئاً آخر. ومن هنا تأتي أهمية الأعمال الدرامية وقدرتها على تقليب ما هو مسكوت عنه في وسط المجتمعات العربية النائمة على بلوتها ، إلى حين قدوم عمل درامي يعمل على إثارة ذلك النائم الكبير.. لكن مانود قوله هنا هو مسألة استمراء الشركة الانتاجية لهذا المسلسل للنجاح الكبير غير المتوقع والذي حققه وقامت بالبناء عليه أجزاء أخرى . لم تأت على كل حال بذات المستوى ، إن تحدثنا عن المستوى ولم نذكر أن نجاح الفيلم كان في فكرته غير المسبوقة وليس في جودته الانتاجية . لكن وعلى الرغم من هذا الا أن الاجزاء الاخرى جاءت ضعيفة على كل المستويات ، من حيث مط الحكاية وتوسيعها لتشمل مساحة ثلاثين حلقة هي مساحة شهر رمضان . والمشكلة أن ثقافة المط هذه قد اتسعت لتشمل أعمالاً درامية أخرى ولو أنها لم تلاق نفس نجاح «متولي » إلا أنها قررت الذهاب إلى نظرية بناء أجزاء أخرى وبشكل تعسفي باهت ومسف.
ألم يكن من الأفضل لكل هؤلاء ، البحث عن فكرة أخرى لها ان تحصد ذات النجاح الذي تحقق للجزء الأول بدلا من الكسل والنوم على نجاح الجزء الاول. كما تغيب هنا حقيقة ساطعة عنهم فيما يخص بناء الاجزاء المتتالية للعمل الواحد وهو أن ليس كل عمل درامي له مقومات البناء عليه أجزاء أخرى ، فلابد أن يكون انتاج تلك الاجزاء منطقيا وضروريا وليس مقحما تماما. ولنا هنا في الفنان نور الشريف أسوة سيئة . فالملاحظ أنه لم تقم له قائمة بعد الجزء الأول من مسلسل « متولي» إذ راح تائها في تأدية مسلسلات أبرزها « الدالي » و«حضرة المتهم أبي» والتي لم تجد نجاحا يذكر على الرغم من بناء جزء ثان للاول والاكتفاء بجزء وحيد للثاني. ومن البديهي أن نجد نور الشريف وقد ذهب في دائرة الاجزاء المتوالية على الرغم من عدم وجود مبرر درامي لها كما ولاجديد تقوم بتقديمه ، حيث من المفترض في الاعمال التي تنوي القيام ببناء اجزاء تالية لها ان تكون متوافرة على مادة درامية كثيفة ومُقنعة بضرورة انتاج هذا الجزء أو ذاك . لا أن تأتي فارغة وخالية من اي مبرر غير لفت الانتباه اليها ، حيث والمعروف عند العامة ان الاعمال الدرامية الناجحة هي تلك التي تقوم ببناء جزء آخر لها. هذا على الرغم من أننا نتذكر جيدا مجموعة من الاعمال الدرامية التي حازت نجاحا كبيرا من جميع الزوايا قام الفنان نور الشريف بتمثيلها وقد حصدت القبول الكبير حين عرضها (وماتزال حين إعادة بثها)، إلا أنه لم يقرر بناء جزء تال لها. ونتذكر منها « لن أعيش في جلباب أبي» .
كما وهناك مجموعة أخرى من الممثلين ، او من الممثلات ممن يلجأن لحيلة أخرى غير حيلة الأجزاء المتوالية ، ولكن عبر فعل قصة تسير على ذات المنوال الأول لسابقتها . ومنهم الفنانة يسرا ، التي جهدت في الأعوام الأخيرة على بناء مسلسلات تسير عبر قصص مثيرة أساسها الجنس ومايلف حوله فكان لها أن حصدت الضجيج الكبير حول ماتقوم بعمله ، وهذا على أساس أن هذه الاعمال تطرق أبوابا غير مسبوقة خاصة فهي شهر رمضان الذي تعود فيه العامة على عدم طرق مثل هذه الابواب .وهي كما نعلم نجاحات معروفة بشكل مسبق . لكن الملاحظ أنها في العامين الأخيرين لم تعد تستطيع جذب المشاهدين عبر افكارها الجنسية حيث وقد صارت الشاشة مليئة بهذا وذاك عبر القنوات الموسيقية المفتوحة ليل نهار ، وكذلك القنوات المتخصصة بعرض الأفلام الاجنبية والتي تكاثرت مؤخرا بشكل كبير ولافت ، وكل قناة منها تحاول أن تحصد مشاهدين أكثر من القنوات الأخرى ولو كان ذلك عبر تلك الوسائل المعروفة ، وفي كل يصب هذا في مصلحتنا ، نحن هواة الأفلام الكاملة دونما اعتداء آثم عليها .
ولكن لاغرابة هنا ، بخصوص نظريات المط الدرامية ، فهذا ديدن الثقافة العربية التي تسير وراء السهل والممكن دونما اجتراح الغريب واكتشاف غير المُكتشف ، والأكل من فخذ النجاحات الجاهزة .
(5)
ومع ذلك ، مايزال هناك عدد من الفنانين على ثباتهم واحترامهم لتاريخهم الفني. بشكل لايأتون بعده لفعل تلويث له. ومنهم الفنان الكبير يحيى الفخراني ، صاحب أكبر أعمال رمضانية درامية ناجحة تماما . فلايأتي موسم رمضاني غالبا إلا ويكون فيه للفخراني عمل يبقى حديث الشهر ومحوره ، مهما كان مضمون هذا العمل ، اجتماعياً او سياسياً أو كوميدياً.
ومنها «نصف ربيع الآخر، لا ، أوبرا عايدة،للعدالة وجوه أخرى، يتربى في عزو،شرف فتح الباب» وهي أعمال كان من الممكن لو أنه من اصحاب نظرية بناء الأجزاء المتلاحقة والنائمة على نجاح الأول منها لكان قد فعل أجزاء متوالية من تلك الأعمال ، خصوصا انه من الفنانين الذين يتمتعون بقبول كبير لدى المشاهد والأسرة العربية بشكل عام. لكنه كان تيكتفي بنجاح العمل في شكله الذي عُرض فيه والذهاب الى بحثه عن عمل آخر له يحصد ذات النجاح هي همة الجاد والواثق من قدراته وإمكانياته.
حالة صدام سوري مصري ، انتهى بإعلان الصلح
مع بداية اختراق الدراما السورية لعالم الفضائيات ، شعرت الدراما المصرية واصحابها بخطر محدق بها وبسلطانها.وهذا بعد أن رأت الى متانة المُنتج السوري وتفرده وتميزه بتقديم الجديد ممالم تألفه الدراما المصرية.
وكان من الطبيعي وبطبيعة الحال ، أن يقوم اصحاب الدراما المصرية بلانتفاض من أجل إعادة الاعتبار لشرفهم الدرامي المُنتهك وذلك عن طريق فعل ثورة شاملة في بنية الدراما نفسها بمايعمل على تطويرها وإخراجها من حالة البيات الطويل الذي نامت عليه.والتركيز على النقاط التي من شأنها أن تحدث فارقا في تلك الاعمال لتظهر جديدة ومبتكرة.لكن شيئا من هذا لم يحدث . بل على العكس . حدثت فضيحة، سمع بها العالم.
حيث دخل كبار أعمدة الدراما المصرية في جدال مع بعض أقطاب الدراما السورية ، وكان من أبرزهم السيناريست الكبير اسامة أنور عكاشة والمخرج نجدت أنزور .حيث قال هذا الاخير بضرورة أن تخرج الدراما المصرية من دورانها حول ذات الدائرة ، وهي اشبه بالنصيحة. في حين رد عليه اسامة أنور عكاشة على طريقة «فرش الملاية» ، المصطلح الشعبي الدارج والذي يقول بأحوال المشاجرات بين النسوة في الاحياء الشعبية ، حيث ليس لدى الواحدة ماتخسره كما أنها ترفع صوتها في محيطها وبين اهلها . يعني مافيش حاجة حتخرج بره. لكن عكاشة لم يكن يعلم أو أنه تناسى أن العالم صار مفتوحا عبر القنوات الفضائية وعليه تم سماع الشجار والصوت العالي. وظهر جيدا كم أن اسامة أنور عكاشة كان مكشوفا . وهذا لأنه اعتمد في دفاعه عن الدراما المصرية على مسألة التاريخ الكبير لهذه الدراما والمجد الكبير الذي حققته ،غامزا من قناة حداثة الدراما السورية . لكنه أيضا لم يكن يعلم أو انه تغافل عن حقيقة أن الدراما لاتقاس بالتاريخ بقدر ماتقاس بمدى التقدم والانجاز الذي قامت به.
لكن تم وبشكل لاحق تأطير ومحاصرة هذه الاشكال التي كاد تتطور لتشمل باقي الممثلين من الجهتين.وربما تدخلت السياسة هنا لنرى في الفترات الأخيرة وخصوصا العام الماضي والذي قبله ،مايشبه حالة صلح غير معلنة . مشاهدة عدد لابأس به من الممثلين السوريين وقد قاموا بتأدية أدوار في الدراما المصرية ونطقوا بلهجتها ومنهم ايمن زيدان وجمال سليمان الذي برع في تأدية الدور الصعيدي وناطقا بلهجته في مسلسل «حدائق الشيطان».
كما نلاحظ أن السبحة قد كررت لنرى ممثلين مصريين شاركوا في أعمال سورية أو عن طريق الانتاج المشترك.وبلاشك في أن هذا الطريق سيؤدي الى تقدم الدراما العربية بشكل عام. ولنا في مسلسل « أسمهان» العام الماضي ،مثال باهر وجميل .. كصوت أسمهان الجميل والحلو ذاته.
في جماليات الدراما السورية.. وحداثتها
بسمة العنسي
وجاءت الدراما السورية بهية ومبهجة وتحمل كل ألوان الطيف.شرط الصورة وزوايا التقاط اللقطة المبتكرة وطريقة دوران الكاميرا.تحولت اللقطة التلفزيونية مع هذه الدراما إلى مايشبه شكل الاشتغال السينمائي عمل درامي في هيئة سينما مصغرة.. ومن هنا جاء ضربها للدراما المصرية في مقتل ، وهي تلك الدراما الكلاسيكية ، التقليدية البحتة التي لم تستطيع الخروج من مساحات المربع الاول . هو ذاته الشكل التصويري الواحد والذي غرق في ذاته إلى حد أن صار متطابقا . فتتفاوت المسلسلات المصرية تبعاً لهذا فقط في متانة القصة من عدمه وليس في ابتكار الشكل الجديد لها الشكل الحامل لأبعاد جديدة وزوايا مختلفة .
ورأينا هذه الدراما السورية بداية مع قدوم تقنية التقاط البث الفضائي عبر الأجهزة اللاقطة التي بدأت في القدوم الينا في منتصف تسعينيات القرن الماضي . ( لانتكلم هنا عن الدراما السورية التي كانت تأتي الينا عبر المسلسلات والأعمال التي كانت تُبث عبر القناة الأولى عبر تلفزيون الجمهورية العربية اليمنية سابقاً، فهذه الدراما كانت أيضا تتساير بالتوازي مع ذات الشكل الذي كانت تقدمه الدراما المصرية ).ولكن نتكلم هنا عن الدراما التي جاءت بتوقيع شركة الشام الدولية للانتاج . نتذكر هنا أعمالاً مثل «نهاية رجل شجاع» الذي قام ببطولته الفنان الفذ أيمن زيدان والفنانة سوزان نجم الدين ، هذا المسلسل العلامة الذي جعل الانظار تلتفت باتجاه هذه الدراما المختلفة ، التي جاءت مغايرة من حيث المضمون والصورة وطريقة التنفيذ والاخراج والموسيقى التصويرية التي لاتكاد تنفصل عن مضمون العمل ، فإذا لم تكن موجودة أُصيب العمل في مقتل واعتراه المرض بين جنباته. وباختصار جاء هذا العمل قائلا بجملة أعمال ستأتي بشكل لاحق ستجعل المشاهد العربي أمام نوعية مختلفة ومغايرة من الأعمال التليفزيونية لم يكن على علم بها ولم يلتقيها بصره.
وإن كان الحال لم يتوقف عند حدود هذا العمل الذي لايمل المشاهد من متابعته حال تمت إعادته في إحدى القنوات الفضائية أو القنوات المتخصصة بعرض الأعمال الدرامية ،وهو العمل الذي وقف في حدود العمل الدرامي المتأرجح بين التأريخي والاجتماعي بحكم البيئة التي جاء ليقول عنها الكثير وعن تلك الفترة التي يدور فيها ( لاننسى هنا أن «نهاية رجل شجاع « هو عمل مأخوذ من إحدى الروايات الشهيرة للكاتب السوري الكبير حنا مينا) وإن كان الحال هكذا مع هذا العمل فإن الدائرة لم تنغلق عليه ، أو على هذا النوع الدرامي فقط ، فقد انفتحت الأعمال على نوعية أخرى من الأعمال التي اندرجت في إطار شكل جديد من الدراما التليفزيوينة لم يكن مطروقاً من قبل وهو الشكل الفانتازي الذي لايعتمد على زمن وضاح أو بيئة واضحة مثال هذا ، العمل الدرامي الباهر « هوى بحري» من بطولة أيمن زيدان ايضاً وبالمشاركة مع الجميلة نورمان أسعد ( الثنائي الذي سنراه متلازماً بشكل لاحق وبشكل شبه دائم على مدار السنوات اللاحقة ).
لقد كان «هوى بحري» نقطة بارزة وكبيرة على صعيد الأعمال الدرامية التي جاءت بشكل غير مسبوق ، خصوصاً لمعتادي ومدمني النظر إلى الأعمال الدرامية المصرية .لقد كان ، وبلا مبالغة صدمة لذهنياتهم المترهلة والكسولة التي اعتادت على النظر إلى أعمال ذات بعد واحد ورؤية واحدة دون الدفع لشتغيل اذهانهم بشأن الحكاية الدائرة أمامهم على الشاشة حيث لازمن محدد، والقصة قصة عشق مستحيلة بين بطل المكان الذي تجري فيه القصة وبين جميلة ذلك المكان .ويجدر الالتفات هنا أن البحر يقف كعامل مشترك بين عمل « نهاية رجل شجاع» وبين «هوى بحري» .
التأثر والتأثير
وبعد ذلك انتقلت الأعمال الدرامية السورية إلى مربع آخر . لم تسجن نفسها ، وهذه سمة دائمة فيها وتميزها عن الدراما المصرية ، في قالب واحد . فانتقلت من الاجتماعي إلى الفانتازي إلى التأريخي البحت ، إلى الكوميدي.
( ونسجل ملاحظة هنا بشأن الأعمال الكوميدية.حيث انتقل الفنان ايمن زيدان بمعية نورمان أسعد ، التي كانت زوجته فعلا في تلك الفترة ، إلى مضمار الأعمال الكوميدية ، حيث قاما بتقديم العمل الكوميدي البارز « يوميات هناء وجميل « الذي استطاع بالفعل الانتقال بالعمل الكوميدي إلى مراتع أولى ، قوامها كوميديا الموقف البعيدة عن الابتذال والنكتة المباشرة والتلسين بين الممثلين ، كل ممثل يقوم بالسخرية من مظهر أو شكل الآخر كعهد الكوميديا المصرية في آخر عهودها .
وهي الكوميديا التي لم تعد مقبولة بين صفوف المشاهدين الذين استطاعوا اخيرا وعبر الدراما السورية مقابلة كوميديا راقية ومبررة لاتقتحم بنية النص وإنما تأتي متسايرة معه وفي إطاره . وعليه ظهر أيمن زيدان ونورمان أسعد إضافة للطفلين اللذين قاما بدور ابنيهما في العمل، ظهروا كفريق عمل واحد متماسك كل هدفه الاضحاك النظيف غير المبتذل ، وإثارة الضحكة الصافية في نهاية يوم رمضاني .ولذلك كان من المبرر تقديم جزء ثان من هذا العمل وبذات المستوى والنتعة التي حملها الجزء الأول . كما تجدر الاشارة هنا إلى ميزة يتمتع بها الممثل السوري وهي ميزة التنقل بين الأعمال الاجتماعية والأعمال الكوميدية بسلاسة كبيرة ودونما اشعار المشاهد بثقل ما أو بفجاجة . فنحن نشاهد أيمن زيدان بارعاً في «نهاية رجل شجاع « كما نراه مجيداً ومقنعاً بدرجة كبيرة في « يوميات جميل وهناء ».
وبين هذا العمل والعملين السابقين « نهاية رجل شجاع» و«هوى بحري » ظهرت مجموعة جديدة من الممثلين قامت بتقديم دراما سورية عملت على نبش التاريخ لتخرج منه بجملة أعمال استطاعت أثناء عرضها المسائي من سجن المشاهد العربي في منزله ، ونتحدث هنا عن المشاهد اليمني بصفة خاصة ، منها أعمال » الكواسر ، الجوارح « . لتحلق بعد ذلك أعمال من نوعية « ربيع قرطبة ورياح الشرق وهولاكو وجنكيز خان» ولعل مالفت في هذه الأعمال ومنحها سبب نجاحها الكبير هو ذلك المستوى الانتاجي الرفيع الذي ظهرت به واشتغلت عليه ،أعمال اقتربت من نمط الاشتغال السينمائي بكل تفاصيله فلم يكن المشاهد العادي على اعتياد مشاهدة مثل هذه الأعمال فلقد ظل مأسوراً ومقيداً بنمط معين من الأعمال التاريخية المصرية التي لم تكن ترى إلى اي مساحات يمكن الاستفادة منها دراميا في غير الفترة الاسلامية ومابعدها أو ماقبلها بقليل نهاية بعصر الاسلام ، إضافة لنمطية الصورة المصرية التي ظلت وماتزال اسيرة لرؤية واحدة محكومة من قبل عدد معروف من المخرجين المصريين لم يستطيعوا مغادرة الكادر ذاته والمكرور من زمان ( لقد وجد أحد النقاد العرب نقطة هامة هنا بخصوص ماحاق الدراما المصرية من تنميط ، وذلك عبر قوله إن من أكبر الفوائد التي ستحل على الدراما المصرية بسبب الانفتاح الفضائي هو التأثر الذي سيكون لامحالة عليها بعد مشاهدة الشكل الدرامي الجديد والجيد الذي أتت به الدراما السورية) وحتى ولو كان هذا القول من باب السخرية من الدراما المصرية إلا أنه يحمل الكثير من الصحة والمصداقية ، إذ يستحيل أن تظل الدراما التاريخية المصرية على حالها بعد متابعتها لما يفعل مخرجو الدراما السورية ، كما أن العمل الدرامي في مجمله إنما يعتمد على التأثر والتأثير، وهذه سنة الحياة ، والفن .
المزيد من الحرية
بعد ذلك انتقلت الدراما السورية إلى مربع الأعمال الاجتماعية البحتة وذلك ربما بعدما لاحظ اصحابها المنتجون أن المشاهد لم يعد ميالاً كثيراً إلى نمط الأعمال التاريخية المغرقة في رمزيتها خصوصاً وهم نائمون تحت وطأة الحياة الاقتصادية الجائرة عليهم ومن هنا جاءت فكرة الأعمال الاجتماعية التي يختلط فيها السياسي مع الاجتماعي مع الاقتصادي ، ولم يكن العاطفي ببعيد عن هذا كله فرأينا لجملة أعمال بديعة سحرت المشاهد العربي من المحيط إلى الخليح وهذا لأنها حملت ايضا الكثير الكثير من همه ، بما أن الهم العربي هو هم مشترك .ومن هذه الأعمال على سبيل المثال لا الحصر « ابناء الصمت ،أراك عصي الدمع ،زمن الضياع ، شركاء يقتسمون الضياع، ... الخ » .
وهذه كلها أعمال حملت سمة النقد الاجتماعي الصارخ غير البعيد تماماً عن النقد السياسي .( من المعروف ان النقد السياسي في سوريا يحمل على صاحبه تبعات كثيرة يعرفها أولئك المشتغلون في الشأن الثقافي ، لكن يبدو ان السلطات السورية بدت مستسمعة كثيرا فيما يخص النقد المطروح عبر الأعمال الدرامية ، بداية من أعمال دريد لحام ومحمد الماغوط ، وإن كان لهذا النقد حدوده . لكنه ومع توسع الرقعة الدرامية السورية وما نجحت في حصده على المستوى العربي جعل ذات السلطات منفتحة تماماًً ومتسامحة فيما يخص الأعمال الدرامية . نذركر هنا سلسلة أجزاء مسلسل « نقطة ضوء » الذي تخطى الحواجز وأظهر نقداً سياسياً صريحاً حمل العديد من عواجيز النظام محاولة التأليب عليه ، لكنه انتصر في النهاية ، ونعتقد أنهم هذا العام بصدد إخراج جزء جديد منه ).
وفي نهاية هذه التناولة ، التحية لهذه الدراما الفذة ، نستطيع القول إن المشاهد العربي قادر على إيجاد عمل درامي سوري متوسط الحال بين الفينة والأخرى ، لكنه لن يستطيع أن يجد عملاً درامياً واحداً يستطيع أن يصفه بالضعف ، ففي كل الأحوال ومهما كان هذا العمل متوسط المستوى فإنه سيجد سبباً أو آخر لمتابعته حتى النهاية ، وهذا مالايتوافر عند الدراما المصرية .. للأسف .
بداية متأخرة وتألق لاحق وسريع
المسلسلات الخليجية .. بين الواقع وجرأة القول
البدايات
بدأت الدراما الخليجية خجولة جدا بحسب إمكانياتها التي كانت . تشبه بدايتها هذه بداية المسرح الخليجي ذاته ، والمسرح الكويتي على وجه الخصوص ، حيث استعانت بكوادر مصرية أبرزها علي الراعي بحسب ماذكر في كتابه الذي صدر عن سلسلة عالم المعرفة بعنوان « المسرح في الوطن العربي».
عمدت الدراما الخليجية أولا إلى الاستعانة بكوادر مصرية وسورية للأخذ بيدها . كانت البداية مع قصص سطحية وساذجة تقول بأجواء البيئة الخليجية قبل هبوب رياح النفط. مجتمعات الصيد بنوعيه ، البري والبحري ، وعبر هذين المستويين جاءت قصص تقول بأحوال الناس والصيادين ، والعشاق بطبيعة الحال.
لكن البداية الفعلية التي أتت بهذه الدراما الينا كانت عن طريق الكوميديا التي كان يقوم بها الفنان عبدالحسين عبدالرضا والفنان داود حسين وكذلك الفنانة سعاد العبدالله التي ظهرت في ثنائي شهير مع داود حسين .
وعلى هذا راوحت الدراما الكويتية والخليجية بشكل عام الى حين بداية عصر الاقمار الفضائية والزمن المفتوح الذي دفع القائمين على أمور هذه الدراما الى البحث عن اشكال جديدة تساير التطور اليي حدث على هذا الصعيد.
النقلة الكبيرة
فوجدنا في السنوات العشر الاخيرة نقلة نوعية وكبيرة ومميزة قامت هذه الدراما بإحداثها . نقلة على مستوى الاخراج والأداء والمضمون فأصبح لهذه الدراما سوقها ومساحاتها المطلوبة ، ولاعجب في أن استطاعت أن تغزو السوق اللبنانية . وقد يقول قائل هنا إن الدراما الخليجية استطاعت دخول السوق اللبنانية وهذا بسبب أن غالبية المحطات التلفزيونية اللبنانية الخاصة هي في الأساس مملوكة من الباطن أو عن طريق الأسهم كمثال قناة ال «إل بي سي » التي ترجع غالبية اسهمها للملياردير الوليد بن طلال . لكن نقول أن هذا قد يبرر السماح بعرض تلك الدراما عنوة لكنه لن يمكن من امتلاكها لجمهور عريض يود متابعتها ومشاهدتها في كل رمضان. وهو الحاصل على أرض الواقع.
ويمكننا هنا إيجاز هذه الدراما الخليجية بعدد من النقاط:
- ملاحظة الثراء الواضح في استخدام الديكورات المصاحبة للاعمال الدرامية وقد يبدو هذا مكلفا في الظاهر لكنه على العكس من ذلك ، حيث تعمد غالبية شركات الانتاج لتنفيذ أعمالها في بيوت فعلية ولايصعب ايجاد مثلها في المحيط الخليجي ، عكس ما يحصل في الدراما المصرية او الدراما السورية حيث يتكلف هذا الكثير من الناحية المادية .
- ملاحظة انه ومنذ زمن طويل اعتماد هذه الدراما على مجموعة محددة من الممثلين ، وهي اسماء لمعت من زمان وعلا كعبها في المجال التمثيلي . عمل هذا على عدم افساح المجال امام اسماء جديدة من الجيل الجديد ، وقد أدى هذا لاصابة الدراما الخليجية بالعجز والشيخوحة المبكرة . لكنهم وفي الفترات الاخيرة قد تنبهوا لهذه المسألة فرأينا جيلاً جديداً من الممثلين الشباب والممتلكين لطاقات كبيرة ظهرت جليا وانعكست على مستوى الاعمال الدرامية الخليجية في الفترات الاخيرة .
-أدى دخول هذا الجيل الجديد من الممثلين الشباب لدخول جيل آخر من الكادر الفني والأدبي ، فانعكس هذا على المضامين التي بدأ التطرق اليها.وعلى وجه الخصوص على مستوى المضامين الاجتماعية التي وصل بعضها الى حد صدمة المشاهد من حيث صراحة التطرق لما يعتمل في داخل تلك المجتمعات التي وقعت تحت طفرة العامل الاقتصادي المفتوح وما انعكس عليه من انفتاح في كل شيء وعلى كل شيء ، اضافة لقدوم أخلاقيات جديدة وهي المكتسبة من خلال السفر الكثير الى خارج المنطقة الخليجية وكذلك بسبب الوافدين اليها من جنسيات وعرقيات مختلفة وكثيرة بغرض العمل وتغطية الوظائف التي لا يقبل عليها المواطن الخليجي.
- لم ينحصر ذلك الطرح في زوايا محددة بل تطرق الى كافة النواحي الاجتماعية الحاصلة هناك. بداية من التحلل الذي حصل في العلاقات التي تربط بين الافراد وبين افراد الاسرة الواحدة التي دخلت المادة كعامل افساد فيما بينها.. ومسائل الجنس قبل الزواج او خارج اطار الاسرة أو في المساحات الضيقة المحصورة في بيئات محددة.
وتفشي ظاهرة استخدام تقنية البلتوث والتصوير عبر الكاميرا المدمجة بالهواتف المحمولة الحديثة وعن طريقها يتم التقاط صور متحركة لبعض الفتيات والتي يتم تسريبها وانتشارها وهو مايؤدي لاحقاً لتبعات لاتحمد عقباها.
التهاء الرجل الثري بشغله وبأصدقائه وبملذاته بما يجعل الزوجة لوحدها في مربع الفراغ القاتل والذي يعرف تماما الى ماذا يؤدي.. وتعدد الزوجات ويتم هذا بشكل سري غير معلن مما يترتب عليه إشكاليات كبيرة من أهمها محاولة الزوجة الأولى الانتقام بأي شكل من الاشكال ، ولايهم هنا فداحة هذا الانتقام او النتائج التي سيؤدي اليها ، فالهم هو الانتقام لا غير ولنا في الكثير من المقالات التي نقرأها عن الحوادث التي تحصل في المجتمعات الخليجية خير دليل وشاهد على هذا .
- لقد أدى هذا التطرق الجريء والمحسوب للدراما الخليجية لإثارة الكثير من اللغط والاشكاليات حتى بين الدول الخليجية نفسها. فلقد تابعنا العام الفائت المشكلة التي حصلت بين قطر والكويت بسبب مسلسل تم تنفيذه في دولة قطر وقيل انه يستهدف احدى العائلات الكبيرة في الكويت مما ادى لخروج مظاهرات وقد تم بالفعل تكسير واجهة قناة (الرأي) الكويتية التي أعلنت انها ستقوم ببث المسلسل لكنها تراجعت في اللحظات الأخيرة تحت هذا الضغط.
نقطة إيجابية كبيرة
وعلى الرغم من كل هذا ،فإننا نخرج من هذا التطرق السريع على بدايات هذه الدراما أنها دراما إيجابية كلية على الرغم مما يقال عنها إنها دراما سوداء وكئيبة وتحاول البحث عن الاثارة والحرث في المناطق الممنوعة ، إلا أنها دراما حقيقية لاتحاول ان تهادن او ان تتجمل وهي دراما فعلية وتقول بحقيقة الوضع الحاصل والدوافع التي أدت الى تكونه وبالتالي هي تقول بضرورة محاولة معالجته بشكل سريع وقبل ان يتفاقم ويصبح حله مستحيلاً وهذا افضل من محاولة دفن الرؤوس في التراب وكأن شيئاً فادحاً لايحدث تحت الرماد.
غاب العام الماضي لكنه عاد متألقاً
«طاش ماطاش» .. حكايات نجاح لاتزال مستمرة منذ ستة عشر عاماً
(1)
وعاد طاش ماطاش هذا العام. عاد بعد اختفائه القسري العام الماضي. قالوا انهم رغبوا في استراحة المحارب ولم يفصحوا عن اسباب أخرى . توقفوا فقط وراحوا فاعلين مسلسلاً أخر لكنه لم يحز اي انتباه ولم يحرز النجاح المرغوب.
قالوا انهم لم يريدوا ان يستمروا على نجاحات طاش ماطاش المتوالية، وما المشكلة في هذا طالما والعمل يحتمل هذا ولاتزال السلوكيات الاجتماعية التي يتم نقدها متواجدة وبكثرة ان لم تكن في تصاعد مستمر.
(2)
بدأ طاش ماطاش في القناة الأولى لتلفزيون المملكة العربية السعودية. فكرته كانت تعتمد على الكوميديا وتاليا راحت تطرق أبواباً اجتماعية ونقاطا سلبية فيها. تطور هذا الأمر إلى حد أصبح فيه هذا البرنامج الكوميدي خطراً على بعض الخلايا النائمة.
فتم ترحيله إلى قناة الام بي سي . البعض من اعمدة الحكم المتنورة رأى أن إعدام هذا المسلسل فيه اجحاف كبير . فتم هذا النقل مع اتساع رقعة النقد.
(3)
دخل طاش ماطاش مساحات محرمة . ناحية جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي عاثت في الأرض وبهدلت الناس.صار الكلام عن هذه الجماعة مفتوحاً بعد أن كان موارباً ،وانتقل الأمر إلى مساحات أخرى، إلى جريدة (الحياة) على وجه التحديد وتم انتقاد سلوكيات أفراد هذه الهيئة علانية بل تم تقديم عدد من القضايا ضدها.
بعد ذلك تم التطرق إلى قضايا الاختلاط المحرم ، وهذه قضايا كانت في عداد الكفر إن تم التطرق اليها. لكن عبدالله السدحان وناصر القصبي استطاعا خرق هذا المحرم لدرجة ان قامت مظاهرات ضدهما من قبل افراد تلك الهيئة ، والطريف انها خرجت باتجاه مبنى التلفزيون السعودي، كانوا يعتقدون أن القصبي والسدحان يقيمان هناك!!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.