ذلك الحرم الذي يدخله الطلاب والطالبات لا لينهلوا منه العلم فقط بل ليغذوا أرواحهم بأخلاق وسلوكيات قد لايجدونها في الحياة الخارجية، فما بالكم بمن يعبث بذلك الحرم ويجعل منه ساحة للعب وتضييع الوقت، والدليل على ذلك المعاكسات التي تشهدها الجامعة، ولو كان لشجرها وحجرها لسان لحكيا لنا العديد من الحكايات التي أحياناً تجعلك تضحك، وأحياناً تجعلك تحزن، والأنكى من ذلك أن نعرف أن هناك فتيات يقمن بهذا الفعل، لتنقلب الآية، ويدعي الشاب أنه الضحية. ومن خلال حواري مع الطلاب والطالبات قرأت في وجوه البعض التهكم والسخرية وكأنه يقول لي بعينيه «إن هذا الأمر طبيعي ومألوف، فلماذا السؤال عنه وعن أسبابه ومعالجته؟». وآخرون قرأت في وجوههم الاستغراب، وهناك من قرأت في وجوههم رغبة جادة في التخلص من هذه الظاهرة المسيئة لنا أولاً كشباب، ولأسرنا ومجتمعنا. فدعونا الآن نتعرف ومن خلال أصحاب هذه المشكلة وبعض المختصين على رأيهم في الشخص المعاكس «ذكراً كان أم أنثى» وعلى من تقع المسئولية؟ وماهي المعالجات لذلك؟. مرض سريع الانتقال يقول محمد علي غالب طالب في قسم الفيزياء: شيء طبيعي ومتوقع أن يكون هناك معاكسة من قبل الطرفين، ولكن دعيني أخبرك عن الأسباب الداعية لذلك والمتمثلة في وجود جو مناسب، رفقاء السوء، والتصرفات التي تفتح المجال للمعاكسة وأهمها، التلفون والبلوتوث، وأضاف: إنه في الأول والأخير تعتبر المعاكسة مرضاً سريعاً الانتقال بين الشباب، ويشكل خطورة خاصة عند نقص الإيمان، وانعدام القيم والمبادئ..وعن الحلول المقترحة قال: عدم التجاوب بمعنى عدم إتاحة الفرصة للمعاكس للاستمرار في المعاكسة واستشعار المسئولية يقول صلى الله عليه وسلم «أحب لأخيك ماتحبه لنفسك» ويجب بذل النصيحة إذا ما رأينا أي سلوك خاطئ بأصدقائنا ويكون ذلك بأسلوب راقٍ ومقبول لتقويم السلوك. لاتنه عن خيلق وتأتي مثله افتخار صادق - طالبة في قسم الرياضيات:قالت: عندما أعاكس فأفضل رد هو التطنيش، فالمعاكس شخص ديوث، غير غيور على أهله ولايفكر بهم، وأعتقد أن وقت الفراغ وعدم الاستفادة من الوقت بالشيء المفيد من أهم الأسباب التي تجعل الشباب يعاكسون، وأيضاً الفتيات من السبب في ذلك من خلال «لبسهن، وحركاتهن...» وأوجه نصيحتي للشباب بأن يشغلوا أوقاتهم بما هو مفيد لأنفسهم وأوطانهم، وأقول بأن كل إنسان لديه أخوات، ومثلما تعمل بالناس تجد من يعمل ذلك بأهلك، ولاننسى قول الشاعر لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم الزن على الأذن أمر من السحر ابراهيم العسكري طالب في قسم علم النفس تحدث عن الأسباب قائلاً: إن المرأة هي الداعي لهذا الفعل المشين، وبعض الشباب ونتيجه لوقت الفراغ يتعود على المعاكسة والتعليق، ولاتسلم فتاة من قبضته، وقد يكرر ذلك على الفتاة ليجربها وبعضهن للأسف يقعن في الفخ، وكما يقول المثل «الزن على الأذن أقوى من السحر»..وأضاف: سمعت عن فتيات يعاكسن شباباً، فالبعض منهن تعتقد أنها قد تحصل على شريك الحياة بهذه الطريقة، ولهذا أنصح الشباب بأن يحبوا ويخلصوا في حبهم. لرفع المعنويات ياسمين علي الجبري قسم رياض أطفال تقول: ان المعاكس شخص بذيء وسيئ الأخلاق، والغريب حين أسمع من بعض الشباب أن المعاكسة ترفع معنويات الفتيات، وهذا بالطبع اعتقاد خاطئ، فالفتاة السوية تزدري من هذه التصرفات، وأعتقد أن السبب الرئيسي هي الفتاة، ولكن أيضاً ألقي اللوم على الشاب وأقول له أين ضميرك وأخلاقك!؟ فتخيل أن أختك التي تعاكس فماذا سيكون موقفك وأخيراً أقول «إذا لم تستح فاصنع ماشئت». حافظ على وقارك ويرى عمر محمد صالح طالب في قسم السياحة أن المعاكسة عمل مشين ومعيب في حق الرجل الذي يحترم نفسه، أما الأسباب فهي مشتركة ولكن المسئولية الأولى تقع على الفتاة، وتابع: يؤسفني أن أقول بأن هناك فتيات يقمن بالمعاكسة. وأقول لإخواني الشباب لاتجعل هذا الفعل الذي لافائدة منه يسلبك وقارك. تاج الحياء وتقول أشواق حسن عبيد - طالبة في قسم اللغة الإنجليزية:إن الشخص المعاكس يشعر بالنقص، وضعيف الشخصية ولايفكر بالعواقب، وأضافت: بأنها لم تسمع عن فتيات يعاكسن شباباً، لكن هذا ليس غريباً في ظل مانراه اليوم من تمادي الفتيات في لبسهن، وكأنهن خلعن تاج الحياء الذي يزين المرأة. وتمنت من الشباب بأن يفكروا بعواقب التصرفات التي يقومون بها، وأن يجعلوا الله نصب أعينهم وأن يتذكروا بأنه سبحانه رقيب عليهم ولاتخفى عليه خافية، وأن يغضوا أبصارهم قال صلى الله عليه وسلم «من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته». س ي خريجة إرشاد نفسي قالت: بأنها قليلاً ماتعرضت للمعاكسات ولكنها لاتبالي بذلك، وأضافت: المعاكس إنسان ضائع ليس له هدف ولايحترم نفسه، وتابعت: على الإنسان أن يكون له هدف ويبتعد عن الألفاظ اللاأخلاقية، وأن يستفيد من الوقت بشيء يعود عليه بالفائدة في الدنيا والآخرة. نهايته على يدي أبوبكر الصديق طالب زائر من مصر قسم محاسبة: الشاب المعاكس في كل مكان لايوجد مايشغل باله، ويملأ عقله وقلبه، وبرأيي أن الفتاة هي السبب لذلك، وبالنسبة لي إذا رأيت أختي تعاكس فالفاعل ستكون نهايته على يدي، إلا إذا كانت هي من دعته لذلك فحينها لن ألومه، واختتم بقوله:وأتمنى من الشباب التمسك بالدين، وتحديد هدفهم بالحياة. الرفقة الصالحة فائزة أحمد قسم تربية خاصة وأم لخمسة أطفال ُأفادت بأن المعاكسة منظر مؤذ جداً، ويكون مزعجاً لنفسية الأشخاص سواء كان ذلك داخل الجامعة أو خارجها، فأنا لا أستطيع الخروج لوحدي بسبب المضايقات، وأضافت: نستطيع أن نقضي على هذه الظاهرة بالعمل أولاً للشباب والبحث عن الرفقة الصالحة. لوكانت أختك أحمد محمد الصنعاني قسم اقتصاد تحدث عن رأيه فقال: أرى الشباب المعاكس فاقداً لمبادئه وقيمه وأخلاقه، وأما عن الأسباب فميل الشباب وطيشهم وبحثهم عن التسلية، من أهم الأسباب ولا أنسى دور الفتاة في لفت النظر وجذب الانتباه، وأقول للشباب بأنه كلماتسول لهم أنفسهم بمضايقة الفتيات أن يتذكروا بأنه ربما تكون على الجانب الآخر أمه أو أخته وتلقى نفس الفعل، فهل سيقبل ذلك؟ صورة لبيئته أم خلدون كلية الحقوق، وأم لثلاثة أبناء: قالت إن المعاكس ليس لديه إحساس بأهله، وكل واحد منهم يعكس البيئة التي تربى فيها ونصحت الشباب «طلاباً وطالبات» أن يرحموا أهلهم، وأن يجزوا إحسانهم بإحسان لأن أي تصرف خاطئ يقومون به يدمرون أسرهم وأنفسهم قبل ذلك. وفي آخر جولتنا الاستطلاعية التقيت ببعض المختصين، فكانت الحصيلة التالية: حجاب يحتاج إلى حجاب سعادة محمد مهيوب موظفة في إدارة أمن محافظة تعز تقول: أعتقد أن ثلاثة أرباع الجامعة يعاكسون، ومع ذلك لم يصادفني أن أتوا بهم إلى إدارة الأمن لزجرهم ولكن هنا أنصح الشباب أن يقضوا أوقاتهم بقراءة القرآن، وحلقات الذكر..وعلى الفتيات أن يتقين الله تعالى، فما أراه اليوم من حجاب مزخرف يحتاج إلى حجاب آخر. سليمان الزاهري يعمل في خدمة بوابة أمن الجامعة قال: بشكل عام الجامعة مليئة بالمعاكسات، ونحن نحاول اتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك محاولة منا للحد من هذه الظاهرة، فإذا ما اشتكت طالبة من مضايقات بعض الشباب، فإننا في البداية نحاول أن نحذرهم وإذا ماأعادوا الكرة قمنا بتسليمهم للبحث الجنائي ليتم ردعهم ويكونوا عبرة لغيرهم. إنسان رائع عفيف الرميمة في حراسة الجامعة فاجأني كثيراً بكلامه المتزن وتعبيراته الجميلة، رغم أن هيئته لا تدل على ذلك، فسألته: هل أنت متعلم ياعم عفيف؟ ففاجأني بقوله: أنا خريج قسم فيزياء فياله من إنسان رائع، وإليكم جملة ماقاله: الشباب عندما يدخلون الجامعة، يحسون بالحرية وأنهم قد أصبحوا بلاقيود، ويكون فهمهم للحرية خاطئاً ولايدركون أن الجامعة تخاطب العقول وتهذب النفوس. وتابع: الفتاة عادة ماتكون هي السبب خاصة إذا ما كانت هناك استجابة، وأيضاً التلفون ومايحزنني أنني لا أرى أي شكوى أو بلاغ عن المعاكسات، ولكن مالاحظته أن الشباب يتغيرون بعد السنة الأولى، خاصة إذا فشلوا في دراستهم فإنهم يصحون عن غفلتهم ويعرفون ماكانوا فيه من إهمال ولامبالاة ويعودون لرشدهم، وأضاف: إن الجامعة رسالة يجب أن تؤدى كما ينبغي لتكون رسالة إصلاح لا رسالة إفساد، وعلى الآباء والأمهات أن يتقربوا من أبنائهم، ويصبحوا أصدقاءهم، حتى لايشبعوا مالديهم من نقص في البيت، بأشياء خارجة عن مبادئنا وأخلاقنا. الملاذ والمتنفس أ. خالد الشميري باحث نفسي: أفاد بأن مايدفع الشباب للمعاكسة هو مايعانيه من نقص يكون نتيجة لضغط الأسرة والمجتمع الذي لايرحم، فتكون الجامعة بالنسبة لهم الملاذ والمتنفس الوحيد، وهم أصلاً يكونون في مرحلة انتقال من سن الطفولة إلى المراهقة، ومن انغلاق إلى انفتاح..واتمنى في الأخير من الآباء والأمهات أن يصادقوا أبناءهم، وأقول للشباب الكلمة الحلوة التي تقولها في الشارع قلها في البيت، وأعتقد أننا بحاجة إلى إعادة صياغة لمجتمعنا أي أننا بحاجة لمجتمع جديد. أسبوع إرشادي أ. منير عبدالولي موظف في الشئون الإدارية بمركز الإرشاد النفسي:أحياناً بعض الشباب يدخلون في تحد مع أصدقائهم بأنهم يستطيعون جذب الفتيات، وأحياناً تكون مباهاة حتى بين الفتيات، وأنا أنصح بأن يكون التعامل بين الشباب والفتاة من منظور علمي. وأضاف: على الشباب ألاّ يدخلوا الجامعة إلا ولديهم مهارات، وأتمنى أن يزورونا في مركز الإرشاد ويأخذوا دورات للتعرف على الحياة الجامعية، ونعدهم في الأيام القليلة القادمة بأسبوع إرشادي واستقبالي للطلبة المستجدين من خلاله يتم إرشادهم وتوعيتهم، وأنصحهم أيضاً بالدراسة الجادة التي ستقودهم للمستقبل المشرق. وختاماً وهكذا صلنا وجلنا بين أروقة الجامعة وكانت حصيلتنا هذه الآراء التي اتفقت أحياناً وتباينت أحياناً أخرى، ولكنها جميعاً صبت في قالب واحد ألا وهو أن المعاكسة ظاهرة فغير أخلاق أن تكون في صرح علمي وحرم جامعي، فخير أهداف الجامعة من العلم والاخلاق إلى اللا علم واللا أخلاق. وكما أن الأسباب مشتركة فالحلول يجب أن تكون مشتركة، فعلى الفتاة أن تتقي الله في لبسها وحشمتها وألاتكون الداعي لمثل هذا الفعل، وعلى الشاب أن يجعل الله نصب عينيه ولايترك للفراغ مكاناً في حياته ولاننسى قبل هذا كله دور الأسرة في التربية والتوجيه وزرع القيم والمبادئ.. ولنرفع معاً شعار «لا للمعاكسة».