تظهر مؤشرات أن الاقتصاد الأميركي في طريقه إلى التعافي من الأزمة المالية، غير أن أحداً لم يستطع بعد التنبؤ بما سيؤول إليه وضع الدولار في المستقبل. فتقول صحيفة وول ستريت جورنال: إنه رغم توقعات تشير إلى تحسن وضع الدولار في الأشهر القادمة مع خفة حدة الأزمة ومع اتجاه الاقتصاد الأميركي نحو الانتعاش، فإن عدداً متزايداً من المستثمرين يعربون عن قلقهم إزاء مستقبل العملة الأميركية على المدى البعيد. ويقول العديد من المحللين: إن تعاظم الدين الحكومي الأميركي -وهو الثمن الذي تدفعه الولاياتالمتحدة للخروج من الأزمة- سيقوض في النهاية الثقة بالعملة الأميركية. ويقول كلير ديسو مدير الاقتصاد العالمي والإستراتيجيات في مؤسسة ملينيوم غلوبل إنفستمنت المتخصصة بشؤون العملات في لندن: "إن هناك شعوراً كبيراً بالإحباط تجاه كيفية التعامل مع أزمة الائتمان الأميركية"، ويضيف :إن خسارة الدولار لنفوذه مسألة مستمرة واتجاه بعيد المدى". وقد صبت إدارة الرئيس باراك أوباما يوم الزيت على النار فيما يتعلق بالقلق إزاء الدولار عند إعلانها أن العجز المتعاظم الذي ستتحمله الحكومة الأميركية خلال السنوات العشر القادمة سيصل إلى تسعة تريليونات دولار أي بتقديرات تزيد بتريليوني دولار عن توقعات سابقة. ويؤكد آدم بويتون محلل شؤون العملات ببنك دويتشه في نيويورك "أن من شأن ذلك أن ينعكس سلباً على مصير الدولار الأميركي.. وتقول وول ستريت: إن إعادة ترشيح أوباما لبن برنانكي رئيساً للاحتياطي الاتحادي لفترة أخرى بعد جهوده في إنقاذ الاقتصاد، حظيت بالثناء لكنها تنطوي أيضاً على ضخ أموال أخرى في النظام المالي. ونبهت وول ستريت إلى أن المستثمرين والاقتصاديين طالما شعروا بالقلق إزاء إمكانية ضعف الدولار خاصة مع بداية العقد الحالي، فيما زاد نهم الحكومة الاتحادية والمستهلكين على السواء للديون لتمويل كل شيء من الحروب الخارجية إلى شاشات التلفزيون. وقد أكد انهيار أسواق المال في الخريف الماضي أن مثل هذه المخاوف مبالغ فيها. فبينما هبطت الأسواق عقب انهيار ليمان برذرز اندفع المستثمرون إلى شراء سندات الخزانة كملاذ آمن للاستثمار. وأدى هذا بالتالي إلى رفع سعر الدولار في مقابل العملات العالمية الأخرى. لكن رغم ذلك يخشى كبار المستثمرين مثل وارن بوفي رئيس مؤسسة بيركشاير هاثاوي إنك الاستثمارية الضخمة ومؤسسة بيمكو لاستثمارات السندات أن تؤدي سياسات الحفز المالية والنقدية للحكومة إلى زيادة معدل التضخم في السنوات القادمة والتأثير على الدولار. وستؤدي الضغوط التضخمية إلى تآكل أرباح السندات التي تعطي عوائد ثابتة ما يجعلها أقل جذباً للمستثمرين ويعني ذلك بالتالي ضعف الإقبال على الدولار. ويرى بوفي على سبيل المثال أن صناع السياسة بالولاياتالمتحدة لن يستطيعوا خفض الدين المتعاظم للولايات المتحدة الذي يتوقع أن يصل إلى 75% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2013م.. وقد يفضل صناع السياسة تحمل ارتفاع معدل التضخم ما يسبب الضرر لدائني الولاياتالمتحدة بما في ذلك الصين واليابان. وهذا يعني بالتالي أن الدائنين سيطلبون عائدات أكبر على سندات الحكومة الأميركية وزيادة كلفة القروض الحكومة الأميركية ما يجعل عملية تسديدها أصعب في وقت تزداد فيه كلفة الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية لبلد يزداد فيه عدد الشيوخ الذين يحتاجون لمثل هذه الرعاية.