قصة سطرها الله تعالى في محكم آياته لتظل قرآناً يتلى إلى يوم القيامة إنها قصة نبي الله سليمان عليه السلام مع الهدهد ذلك الطائر الصغير الذي كان سبباً في تغيير واقع أمة بكاملها وتحولها من عبادة الشمس إلى عبادة الله تعالى، لأنه امتلك روح المبادرة وقام بمسئوليته الرسالية.. لما رأى قوم سبأ يسجدون للشمس من دون الله استنكر انحراف الأمة عن فطرتها الإنسانية ولم ينبهر بما عند القوم من حضارة وتقدم وعرش عظيم.. فياليت أبناء جلدتنا من الذين اغتروا بالحضارة الغربية يتعلمون من هذا الطائرالصغير. لقد عاد الهدهد إلى نبي الله سليمان بأخبار مؤكدة ليقف أمامه بكل ثقة ويقول له «أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقيناً» ثم بدأ يشرح تفاصيل ما رأى وما شاهد مبدياً في النهاية استغرابه الشديد من القوم كيف يسجدون للشمس من دون الله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ماتخفون وماتعلنون. ولم يقف عند هذا الحد بل واصل دوره في إيصال الرسائل ومراقبة أخبار القوم وتحركاتهم حتى تغير القوم من عبادة الشمس إلى عبادة الله الواحد القهار(قالت ربِّ إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) إن هذا الهدهد الصغير من فصيلة الطيور ألا انه نموذج من نماذج التغيير التي نستفيد منها. فهو يتحلى بصفات أهلته إلى أن يخلد الله ذكره في القرآن إلى يوم القيامة لعل أبرزها هذه الصفات الايجابية والشعور بالمسئولية: روح المبادرة الموضوعية في النقل الصدق في القول عدم الإحساس بالذل أمام السلطان الاعتزاز بالمبدئ الحق وعدم الانبهار بالحضارة والتقدم الذي كان عند القوم. والقصة في مجملها يمكن أن نخلص منها الكثير من الدروس والعبر لعل أبرزها: حكمة القائد في تعامله مع رعيته وفق النظام العام الذي يحفظ للأمة هيبتها. انسجام الأمة مع حاكمها في تحمل المسئولية كل حسب دوره وطاقته.