سنة الله في خلقه تقتضي العدالة وتنافي الظلم بل وتحرمه، فالعدالة هي الميزان الحق لثبات واستقرار الأمم ، وهي ثبات واستقرار الحضارات ،وبنفيها تتآكل أي حضارة بل وتذبل حتى تصارخ وتموت . ومن سنة الله تعالى القضاء ، واستقلاليته وحياديته ، فالقضاء ميزانه ثابت لا يميل لأي اتجاه مهما بلغ ثقل هذا الاتجاه حتى يثبت الحق له ، وهنا يكمن سر العدالة . ومن استقرار الميزان تتوازن الحياة ، وينبغي لها أن تتوازن بالحيادية و تقبل الآخرين ، والنظر إلى الأمور بأنظارهم ، وهنا السر . إن العدل ميزان وقاعدة حياة ولذا كان الظلم نقيضاً محرماً ،و دعوة المظلوم لا يردها راد ولا يردعها رادع ... فليحذر كل ظالم من عاقبة ظلمه طال الزمن أو قصر . قال تعالى : ((لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيما 148)) النساء . عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آله و سَلَّمَ فِيمَا رَوَى عَنْ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا.. الحديث في مسلم وقال تعالى : (( وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (27)) الفرقان . وما يصيب البلاد اليوم إنما هي تداعيات المظالم..إن بلداننا موبوءة بالمظالم ! أخي .. أختي لا تجعل نفسك حاكماً أو قاضياً تحرم وتحلل ، تدخل من تشاء في رحمة الله وتنفي الرحمة عمن تشاء ، من تكون مهما بلغت مكانتك ، فلست نائباً عن الله ولا وكيلاً مفوضاً ، إنما أنت وأنا وكل البشر عبيده ، هو المحاسب وحده والحساب له يوم نجهله ولو ادعى من ادعى علمه به ، إنه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ... قلب سليم ... قلب سليم !!! قال تعالى: ((قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ )): الأعراف 32. وقال سبحانه : ((لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ 115)) آل عمران . الذي خلق الخلق أعلم بخلقه وكما رزقك فيها رزق غيرك ، فلست مسئولاً عمن آمن ومن كفر ، ادعُ بسلوكك بعملك بانجازك ، كن رقماً فيها أو كن لاشيء كأي حجر على ظهرها ربما الحجر خير منك . قال تعالى: ((إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)) الإنسان 3. وقال سبحانه : ((أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِياً وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ 32)) الزخرف وقال تعالى: ((وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى 131)) طه ، وقال تعالى : ((كُلاً نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا 20))الإسراء. أخي .. أختي ... من هذا نرى أن الجميع حر .. حر ولكن .. الحرية ..وأي حرية؟! أنت حر حيثما وضعت نفسك ..حر و لن يكون أحد منا حاجزاً بينك وبين ما تريد ..لكن تذكر !.. تذكر ...أرجوك تذكر أنت لا تعيش وحيداً فلا تعتدي بحريتك على حرية غيرك ، والإنسان المتزن هو من يحترم عادات وعرف وقوانين المكان الذي يعيش فيه وبين أهله . تخيل أن الآخر هو أنت فكيف تنظر إلى نفسك من تلك الزاوية . فقط تذكر.. إن أردت .. أن تسرق أنت حر .. حر تماماً .. ولكن لا تغضب منا فنحن أحرار في قطع يدك .. لأنك اعتديت على حريتنا ، إن أردت أن تدخن وتزعجنا .. أعذرنا إذن بهجرك وترك المكان لك ، عش وحيداً ، فهذه حريتنا في اتخاذك خليلاً ، أنت حر أن لا تعمل ، ولكن أعذرنا فلن نكون غرباً ونملاً يعمل لك ولأجلك ، فلتمت ولن تجد منا شيئاً تأكله ، أردت أن تقتل ، أنت حر . ولكن تذكر لقد اعتديت على حرية فرد آخر في الحياة ولذلك لغيرك الحق في سلبك تلك الحرية في الحياة بقتلك . قال تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ 8)) المائدة. وقال سبحانه : ((إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا 3)) الإنسان ، قال تعالى: ((لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )): البقرة 256. كلامي بموجز لا حرية من غير عدالة ولا عدالة من غير حرية .. إنه القسط .. والقسط هو حكم الله في الأرض . هذا ودمتم بخير ..ولنا لقاء . [email protected]