لم يعد الصوم يمثل فريضة دينية فقط لدى المسلمين فحسب باعتباره الركن الثالث من أركان الاسلام، بل بات يشكل علاجاً لمحاربة الأمراض المزمنة ومقاومة الأورام السرطانية فضلاً عن كونه «الصوم» يتعدى كل هذا إلى إبطاء زحف الشيخوخة ومطاردة أشباح «الخرف».حيث أظهرت العديد من الدراسات العلمية أن الصيام بشكل متقطع،قد يلعب دوراً في محاربة الأمراض المزمنة وقد نشرت «الدورية الأمريكية لعلم التغذية السريري» الصادرة عن الجمعية الأمريكية للتغذية مقالة علمية تناولت استعراض نتائج تجارب اجريت على الثدييات والبشر، والتي كشفت عن دور الصوم المتقطع، في خفض مخاطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة ؛ كداء السكري،وأمراض القلب والشرايين وتبين أن الصوم المتقطع يساعد على زيادة استجابة خلايا الجسم لهرمون الإنسولين،حيث يعمل على تحفيز التقاط الخلايا لجزئيات الأنسولين، بعد مرور ثلاثة أسابيع على صيام الفرد، لتدعم بذلك نتائج دراسات سابقة أجريت في هذا المجال، والتي أكدت أن هذا النوع من الصيام يزيد من حساسية الجسم لهرمون الأنسولين، ما قد يسهم في التقليل من مخاطر الإصابة بداء السكري عند الأفراد.. أما فيما يختص بالصحة القلبية؛أبرزت البحوث الطبية ارتباط الصيام المتقطع، بعوامل وقاية من أمراض القلب والشرايين، حيث كشفت دراسات استهدفت أفراداً من البشر، دور الصوم المتقطع، في زيادة تركيز الكوليسترول الحميد (hdl) عند الاشخاص الاصحاء،وخفض مستوى الدهنيات الثلاثية التي ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين،الأمر الذي أرجع المختصون أسبابه إلى انخفاض كتلة الجسم، وتراجع كميات الدهون فيه نتيجة للصيام. وفي مجال محاربة الأورام السرطانية؛ أكدت البحوث الطبية دور الصيام المتقطع في زيادة مقاومة الجسم للخلايا السرطانية،مبرزة ارتباط هذا النظام للصيام،بانخفاض معدل ظهور بعض الأورام، ومنها أورام الجهاز المناعي المعروفة بالليمفوما. ومن الدراسات التي نشرت حول هذا الموضوع، ما أعده باحثون في جامعة جرينوبل الفرنسية، حيث أظهروا دور الصيام في خفض معدل حدوث بعض الأورام الليمفاوية إلى الصفر تقريباً، بحسب تجارب أجريت على الثدييات، مقارنة مع المجموعة التي لم تخضع لنظام الصوم. ومن وجهة نظر الباحثين؛ فإن للصيام دوراً في تنشيط بعض الآليات في الجسم،ما أسهم في تراجع معدل ظهور الأورام السرطانية، مؤكدين عدم ارتباط ذلك بمسألة انخفاض السعرات الحرارية،إذ تبين أن الأفراد الخاضعين للصيام المتقطع، تناولوا مقداراً مكافئاً من الحراريات لما حصل عليه المشاركون الذين لم يخضعوا لهذا النظام،بحسب تقديرهم. كما أظهرت دراسات أجريت في المجال ذاته،أن الصوم المتقطع يرفع من معدل النجاة بين الأفراد،ممن يعانون من اصابات في نسيج الكبد، والتي تمتلك قابلية للتحول إلى أورام في المستقبل. الصيام يبطئ زحف الشيخوخة ولا تقتصر فوائد الصوم على محاربة الأمراض المزمنة، بل تتعدى ذلك إلى ابطاء زحف الشيخوخة على خلايا الدماغ،حيث أظهرت دراسات علمية دور الصوم المتقطع، في تأخير هرم الخلايا الدماغية،ومساهمته في إبطاء نشوء مرض الزهايمر. وفي هذا السياق كشفت دراسة أجراها المركز القومي لبحوث الشيخوخة في الولاياتالمتحدةالأمريكية عن تأثير محتمل للصوم المتقطع، وبعض الحميات التي تنخفض فيها السعرات الحرارية إلى النصف تقريباً في تأخير هرم الأنسجة الدماغية. وبحسب الدراسة التي نُشرت نتائجها في دورية “علم الأعصاب الحياتي للأمراض” اسهم الصوم المتقطع في حماية الخلايا العصبية من التأثيرات السلبية لبعض البروتينات،التي ترتبط بعلاقة مع مرض الزهايمر وخلصت الدراسة التي استهدفت نماذج حيوانية من الثدييات إلى أن الصوم المتقطع أو خفض السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد بمقدار النصف تقريباً ، يمكن أن يقلل من الخلل الحاصل للوظائف الإدراكية عند الافراد، والذي قد يحدث عند تقدمهم بالسن.. وكان فريق بحث من نفس المركز أعد دراسة في السابق، والتي ظهر من خلالها امكانية الإفادة من التجارب حول الصيام المتقطع،في تطوير علاجات لأمراض الخرف،بعد أن أشارت إلى أن الصوم المتقطع والنظام الغذائي الذي ينخفض محتواه من الحريرات بشكل كبير، قد يؤديان إلى تنشيط تفاعلات دماغية تعمل على زيادة افراز بعض البروتينات والإنزيمات، لتسهم الأخيرة في مساعدة الخلايا الدماغية على مقاومة الأمراض، التي تتهددها مع تقدم الفرد بالعمر.