وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    "سبحان الله".. جمل غريب ب"رقبة صغيرة" يثير تفاعلا في السعودية    "مساومة جريئة تُفاجئ الحوثيين: نجل قاضٍ يُقدّم عرضًا مثيرًا للجدل للإفراج عن والده"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    المهرة: شجاعة لا مثيل لها.. رجال الإنقاذ يخوضون معركة ضد السيول ينقذون خلالها حياة مواطن    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شبوة.. جنود محتجون يمنعون مرور ناقلات المشتقات النفطية إلى محافظة مأرب    تظاهرات يمنية حاشدة تضامنا مع غزة وتنديدا بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    خطوات هامة نحو تغيير المعادلة في سهل وساحل تهامة في سبيل الاستقلال!!    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    الإنذار المبكر بحضرموت يطلق تحذيرا هاما للساعات القادمة    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    الجنوب يفكّك مخططا تجسسيا حوثيا.. ضربة جديدة للمليشيات    لحظة بلحظة.. إسرائيل «تضرب» بقلب إيران وطهران: النووي آمن    العثور على جثة شاب مرمية على قارعة الطريق بعد استلامه حوالة مالية جنوب غربي اليمن    مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة الثامنة)    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    اقتحام موانئ الحديدة بالقوة .. كارثة وشيكة تضرب قطاع النقل    طعن مغترب يمني حتى الموت على أيدي رفاقه في السكن.. والسبب تافه للغاية    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    إنهم يسيئون لأنفسم ويخذلون شعبهم    نقطة أمنية في عاصمة شبوة تعلن ضبط 60 كيلو حشيش    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    طاقة نظيفة.. مستقبل واعد: محطة عدن الشمسية تشعل نور الأمل في هذا الموعد    شقيق طارق صالح: نتعهد بالسير نحو تحرير الوطن    نقل فنان يمني شهير للعناية المركزة    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    قبل قيام بن مبارك بزيارة مفاجئة لمؤسسة الكهرباء عليه القيام بزيارة لنفسه أولآ    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    آية تقرأها قبل النوم يأتيك خيرها في الصباح.. يغفل عنها كثيرون فاغتنمها    "استيراد القات من اليمن والحبشة".. مرحبآ بالقات الحبشي    غرق شاب في مياه خور المكلا وانتشال جثمانه    بن بريك يدعو لتدخل إغاثي لمواجهة كارثة السيول بحضرموت والمهرة    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    10 أشخاص ينزحون من اليمن إلى الفضاء في رواية    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    أبناء المهرة أصبحوا غرباء في أرضهم التي احتلها المستوطنين اليمنيين    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صيام المجازين تجارة كاسدة.. وعادة فاسدة!!
حولوا رمضان إلى عطلة للاسترخاء والترويح عن النفس
نشر في الجمهورية يوم 12 - 09 - 2009

المجازون عن أعمالهم خلال أيام رمضان، ماذا اكتسبوه من تفرغهم، وما الحكمة التي تحصلوا عليها عندما قضوا شهراً دون عمل؟! وهل الصيام فعلاً يعد سبباً طارداً للموظفين من أعمالهم.. وهل رمضان من أفضل الشهور للاسترخاء والراحة باعتباره أو بافتراض أنه مزدحم بالأعمال سواء في المكاتب الإدارية أم المؤسسات الإيرادية أم في المرافق الخدمية؟!ألا يعتبر العمل عبادة، والصيام عبادة، وأن كليهما لا يتباينان ولا حاجة للتحول إلى رهبان خلال ليالي وأيام رمضان، فذلك لم يطلبه الله الحكيم من عباده، بل إن من يعمل وهو صائم، ويمارس حياته الاجتماعية بحسب التعليمات الواردة في كتاب الله الكريم وسنة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام «فالمؤمن أليف مألوف» لا ينزوي عن مجتمعه، ولا ينطوي كراهب في صومعته، ولا يتطرف ويغالي ويتشدد لأن الخالق العظيم كتب على هذه الأمة المحمدية أن تنهج الوسطية تنفيذاً لما ورد في سورة البقرة باعتبار أن الإسلام هو دين الاعتدال والوسطية في كل جوانب الحياة الدينية والدنيوية «وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيداً».
فالمجازون من حقهم ذلك، لكن ما نناقشه هنا هو: الإجازة والصيام.. ما الذي يدفع الموظفين إلى هجر أعمالهم في رمضان أمن أجل التفرغ للعبادة في أيام الشهر الفضيل.. أم أن ذلك نتيجة ضعفهم وعدم قدرتهم على أداء العمل وهم صائمون؟!
ثم هل يتوافق هذا مع الغايات التي من أجلها فرض الصيام على أمة الإسلام؟! وأسئلة أخرى لها علاقة بفريضة الصيام التي تتضرر من انحسار مستوى إنتاج المسلمين خلال الشهر الكريم.. رغم أن الصيام يمكنه أن يشحذ الهمم ويدفع الصائمين إلى المنافسة على خدمة المجتمع والإخلاص في أعمالهم، وإتقانهم في أدائهم واجباتهم ومهامهم لأن الصيام والعمل لا يتصادمان..
البعض من دارسي وراصدي هذه الظاهرة يؤكد أن تراكم التصورات السلبية عن أثر الصيام على الموظفين، جاء متوارثاً من الأجيال القدامي ممن عاشوا في فترة ركود وفتور الفهم الديني الصحيح لمعاني ودلالات فريضة الصوم، فتأثرت بذلك الأجيال المتتابعة نفسياً، وربطت بين حالة الصائم الجائع العاطش وبين فقدانه العوامل المنشطة والدافعة له كي ينتج وهو واهن القوى، يعاني الجفاف ويتضور جوعاً ويقل منسوب نومه الطبيعي يومياً، بسبب تحول مواعيد النوم والعمل في رمضان ببلادنا، وعند دول أخرى مما رسخ في الذهنية للعاملين أن العمل في شهر الصيام صعب وشاق وهو ما انسحب إلى سلوك سلبي يتمثل في اعتقاد بعض الموظفين عدم إمكانية أدائهم أية مهام في رمضان، معتمدين على حكمة عوجاء تقول «رمضان حق عبادة وبس» ومنهم من يضيف إلى ذلك فيقول: «أما العمل في رمضان فهو كذب على النفس» وكأن القائل حكيم زمانه..
مع أنه في الحقيقة لا صلة له ولا نسب بأهل الحكمة وأرباب الفهم، وقوله ذلك إنما يقنع نفسه التي يتصارع داخلها ضميره الحي والفكرة الخطأ التي تروج أن العمل في رمضان لا فائدة منه، وأنه يستوجب التفرغ للعبادة والطاعة والمسابقة في عمل الصالحات.
والآن دعونا نناقش فكرة التفرغ للصيام والاستزادة من روحانية رمضان، ومجافاة العمل، وأخذ عطلة عن ممارسة الوظيفة حتى، وإن كانت الإجازة مستحقة وليست غياباً.
دعونا نناقش توافق هذه الفهم مع ما جاء في تعاليم الدين وهل الأفضل الصيام والعمل، أم التفرغ عن الأعمال من أجل الصيام لرسم لوحة رهبانية ما كتبها الله على عباده، ولم يطلبها منهم.. فقد وصف الله تعالى في سورة الحديد الانقطاع للعبادة دون العمل والبحث عن الرزق بقوله سبحانه «وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها، ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله، فما رعوها حق رعايتها» يقول ابن كثير في قوله تعالى «ورهبانية ابتدعوها.. الخ » أي ابتدعتها أمة النصارى ما شرعناها، وإنما هم التزموها من تلقاء أنفسهم، فما قاموا بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهم من وجهين أحدهما: الابتداع في دين الله ما لم يقربهم إلى الله عز وجل..
وإذا اعتبرنا أن الذي يطلب العطلة في رمضان فيتحول إلى شخص عاطل فارغ مفرغ رغبة منه في تخصيص الشهر للعبادة كما يزعم الكثيرون إذا اعتبرناه ممن انقطع للصيام والقيام وتلاوة القرآن والتخلص من شوائب الدنيا، والاستزادة من النفحات الرمضانية فإنه بذلك يكون قد اقترب من وصف الراهب المتبتل، وهذا نادر جداً أن يحصل من شخص عليه مسئوليات ومرتبط بالتزامات أسرية واجتماعية، ما يعني أن التبرير الذي يسوقه أصحاب فكرة الإجازات في شهر الصيام من أجل الانقطاع لأعمال الآخرة وجعل أوقات أعمالهم صياماً وتلاوة قرآن وإنفاقاً ودعوة وتهجداً لا يستقيم بالنظر إلى ما هو في الحقيقة والواقع سواء في المساجد أم في المنازل أم في القرى أم المدن.
ورهبانية الإسلام ليست الانقطاع عن العمل من أجل صيام رمضان وأداء صلوات النوافل من تلاوة قرآن وتراويح وقيام الليل واعتكاف في المساجد والإكثار من الذكر والطاعات الأخرى، بعيداً عن المسئوليات الدنيوية المناطة بالمسلم، ومع أن هذا الاتجاه مشروع لكن الله تعالى لم يجعله فريضة ولا سنة في رمضان ولا غيره، وإنما جعله باباً من أبواب القربات إلى الله تعالى بشرط عدم إضاعة الحقوق الأخرى، وعدم التفريط في الواجبات، وإنما العمل على تطويع الدنيا وترويض النفس وقمع الشهوات، ومجاهدة الهوى والرغبات والشهوات، لأن ذلك هو المقصد فالنبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل عن إياس بن مالك رضي الله عنه يقول: «لكل نبي رهبانية ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله» والعلماء أشاروا إلى أن مجاهدة النفس تدخل ضمن عموم لفظ الجهاد، وهذا يعطي دلالة قوية على أن مجاهدة النفس لا يمكن أن تتم بمعزل عن العمل والاحتكاك بالناس.. وأن الإنسان الصائم إضافة إلى جوعه وعطشه وانقطاعه عن شهوة الجنس سيختبر في مدى صبره وتحمله الأذى والشجار من الآخرين ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم «فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد فليقل: إني صائم» متفق عليه.. كما أن الصيام ينمي قوة الإرادة، ويعود الإنسان على تغيير المألوفات من العادات، فلا يكون أسيراً لها، ولا منقاداً ذليلاً مدمناً عليها، صابراً محتسباً ومن هنا جاءت التسمية لرمضان بأنه شهر الصبر، وأن الصائم يعد من الصابرين فكيف إذاً سيبلغ درجة الصابر من عزف عن العمل من أجل السهر وممارسة مضغ القات، والاستمرار في إتاحة الفرصة لنفسه كي تظل لاهية عاطلة تؤدي صيام الجسد وتفسد صيام الروح.. ثم إن من معاني الصيام وغاياته تربية النفس على مخالفة ما اعتادت عليه، والعمل بهمة عالية أفضل من الأشهر الأخرى، لا عتبار أن رمضان يثاب عليه الإنسان أضعافاً مضاعفة من الأجور لا يحصيها إلا الله وكلما كان الصائم متقياً لربه في عمله، مجتهداً صابراً محتسباً تهذبت أخلاقه، وسمت نفسه، وعلت مقدرته على ضبط مطامع أهوائه، وينجح بالتالي في الاختبار وينال مرضاة الله والعتق من جهنم، ويبلغ درجة المتقين الذين تتجدد حياتهم ويتحصلون على التقوى الواردة في قوله سبحانه «ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون».
لقد أعطت المجتمعات العربية المسلمة صورة مشوهة لعبادة الصوم، فحولت رمضان إلى مطعم متخم ومزدحم بالمأكولات الشعبية، ونوم النهار وسهر الليالي،وضعف في الإنتاج، وغياب متواصل عن أداء وظائفهم، وبالتالي حولوا رمضان إلى شهر خمول وكسل ونقاهة واستجمام، وأحياناً كثيرة إلى شهر للترويح عن النفس والاستزادة من الملذات بدلاً عن إشغال أوقاتهم بالعبادة الحقيقية وأداء صلاة التراويح التي ترفع النفس إلى أعالي السماء حباً وروحانية وتعلقاً برحمات الله ورغبة في غفرانه، وطمعاً في جناته، وخشية منه، وخوفاً من عذابه، وبدلاً عن اتخاذ رمضان محطة لتطهير نفوسهم المشوبة، بالذنوب والتوبة وتجديد الصلة بالله، إذا بهم يصومون عن الطعام والشراب والجنس لكنهم خلال صيامهم يرتكبون ما يجرح هذه الفريضة، فيدخل عليهم رمضان ويغادر منهم فتكسد تجارتهم مع الله وتصير رؤوس أموالهم من الطاعات بواراً ويباباً.. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صعد درجات منبره فقال: في الأولى والثانية والثالثة.. آمين.. آمين.. آمين.. فسأله الصحابة رضوان الله عليهم سمعناك يا رسول الله تردد «آمين» فلماذا؟ فقال: أتاني جبريل في الدرجة الأولى وقال: يا محمد من أدرك رمضان ولم يُغفر له أبعده الله، قل آمين.. فقلت آمين.. وفي الثانية قال: يا محمد من أدرك أبويه أحدهما أوكلاهما فلم يُغفر له، أبعده الله، قل آمين فقلت آمين».
إذاً فالذين يتخذون رمضان إجازة للهو ومزيداً من الاسترخاء والكسل وخمولاً فقد خسروا وأخطأوا في فهم العلاقة بين الصيام وبين العمل والاجتهاد وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال داعياً: بالبعد والطرد على أمثال هؤلاء بقوله: رغم أنف رجلٍ دخل عليه رمضان ثم انسلط قبل أن يغفر له » أخرجه الترمذي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.