ماذا تفعل عندما تحكم عليك الأقدار بأن تنام تحت سقف واحد مع شخص «يشخر» ؟ هل توقظه من آن لآخر قاطعاً نومه؟ أم تمضي الليل دون أن يغمض لك جفن؟ أم تهرب إلى غرفة أخرى؟ تساؤلات كثيرة دفعت البروفيسور الفرنسي «كلود هنري» رئيس قسم أمراض الأنف والأذن والحنجرة بمستشفى «سان انطوان ، بباريس إلى تأسيس علم جديد أطلق عليه «علم الشخير».هذه ليست دعابة..فقد اعترف الدكتور كلود بأنه لم يكن في البداية شديد الحماس لتأسيس هذا العلم باعتبار أنه كغيره من الأطباء كان يعتبر الشخير حدثاً عارضاً وبسيطاً، إلا أن ما استرعى انتباهه هو أن الضجيج الناتج عن الشخير يكشف عما يعانيه النائم من صعوبة بالتنفس خلال الليل ومدى الجهود التي يبذلها لمقاومة الاختناق الذي قد يصاب به، ولهذا كله أصبحت هناك ضرورة لتأسيس هذا العلم. يتفق الدكتور هشام نجم أستاذ الأنف والأذن والحنجرة بطب القاهرة مع رؤية الدكتور الفرنسي كلود هنري في أن مشكلة الشخير تعد من المشكلات الصحية التي تهدد حياة الإنسان حيث إنها قد تؤدي إلى انقطاع تام للنفس عدة مرات أثناء النوم مما يؤدي إلى استيقاظ المريض ثم معاودة النوم مرة أخرى مما يؤدي به إلى الإصابة باضطرابات النوم ويصبح الكسل والخمول والنوم اثناء النهار من السمات الثابتة لدى من يعانون هذه الاضطرابات، أضف إلى ذلك أنه قد يتسم هؤلاء الاشخاص بعدم الاهتمام بالعمل أو بالدراسة إذا كانوا من الاطفال الذين يعانون الشخير وقلة النوم. عواقب الشخير يعدد الدكتور هشام نجم عواقب الشخير بأنها تتمثل في نقص كمية الاكسجين بالدم مع زيادة لزوجة الدم وبالتالي لا يستجيب جسم الشخص الذي يعاني الشخير لأية علاجات لضغط الدم المرتفع، وبالتالي قد يحدث له اعتلال بالقلب..ولهذا كله يجب على مريض الشخير أن يقوم بعمل قياسات لنسبة الاكسجين بالدم ورسم للقلب والمخ وقياس النبض والضغط والتنفس،وضرورة اجراء فحص لمدى كفاءة نشاط عضلات الجسم وعلى وجه الخصوص عضلات العين التي تعد من أولى العضلات التي تتأثر باضطرابات النوم، ويستوجب الأمر أيضاً فحص الأنف والحلق والبلعوم لاكتشاف أي أسباب بهذه الاعضاء قد تؤدي إلى انسداد التنفس، ويمكن أيضاً اجراء فحص لسقف الحلق لمعرفة مدى درجة ترهله وذلك عن طريق استخدام منظار الألياف الضوئية الذي يدخل من الأنف ثم يمر بالبلعوم الأنفي ثم البلعوم الفمي ثم الحنجرة ويمكن عن طريق ذلك تحديد مستوى الانسداد الذي يسببه هذا الترهل، وقد تتم الاستعانة بمعمل النوم لاجراء فحص شامل لكافة اعضاء الجسم ووظائفه ومعرفة نسبة وجود الاكسجين وثاني أكسيد الكربون بالدم. الخنفرة والشخير يشير الدكتور هشام إلى أن هناك فرقاً بين الخنفرة والشخير وخصوصاً أن هذه الخنفرة تصيب عدداً كبيراً من الأطفال وخصوصاً إذا ما كانوا يعانون وجود لحمية خلف الأنف..وغالباً ما يفرق الأهل بين مرض الخنفرة والشخير حيث إنها تستمر أثناء النهار وتزداد اثناء النوم، ويمكن التغلب عليها باستعمال بعض نقط الأنف القابضة كما أنهم يستطيعون أيضاً التفرقة بين الخنفرة والشخير في أن الطفل يظل فاتحاً فمه بصورة دائمة مع قلة تركيزه الدراسي ومعاناته من ضعف السمع وخصوصاً إذا تضخمت اللحمية لديه ووصلت إلى حد انسداد لقناة استاكيوس التي تنقل الإفرازات من الأذن الوسطى إلى الحلق..وهذا الانسداد يجعل هناك تجمعاً لهذه الإفرازات خلف طبلة الأذن، وسرعان ما يصاب الطفل بما يعرف بمرض «ارتشاح ما خلف طبلة الأذن» الذي يستدعي التدخل الجراحي. هذا كله من جراء معاناته مما يسمى «الخنفرة». أما الشخير فهو عادة ما يصيب الرجال أو السيدات ممن هم فوق سن الأربعين وغالباً ماتزداد نسبة الإصابة بين الرجال عنها في النساء. أسباب متعددة يشير الدكتور هشام إلى أن السمنة المفرطة غالباً ما تصيب الإنسان بالكسل وترهل وتضخم سقف الحلق، وبالتالي يصاب الإنسان بضيق التنفس مع تذبذب الغشاء المخاطي المترهل عليه وعند مرور الهواء في هذه الممرات الضيقة يبدأ سماع الصوت «الشخير» الذي يزيد رنينه في الجيوب الأنفية والأنف،كذلك فإن هناك أسباباً خلقية للإصابة بالشخير منها أن الشخص القصير البدين ذا الرقبة القصيرة يتعرض أكثر للشخير من الشخص الطويل الرفيع ..كما أن التقدم في العمر يزيد من انتشار الشخير نتيجة لفقدان الأنسجة لمرونتها بالتدريج وترهل سقف الحلق...وقد يرجع السبب للإصابة بالشخير إلى وجود عيوب خلقية بالحاجز الأنفي مثل الانحراف الشديد به أو المعاناة من زوائد لحمية بالأنف أو تضخم حجم اللوزتين وكذلك تضخم عظيمات أو موجهات الهواء بالأنف أو وجود عيوب خلقية بالجمجمة وسقف الحلق أو الأسنان. نصيحة ينصح الدكتور هشام بضرورة عرض الحالة على الطبيب في مراحلها الأولى حيث إن الإهمال غالباً ما يؤدي إلى تبلد مراكز الحس التنفسي بالمخ نتيجة لنقص الاكسجين بالدم بصفة مستمرة وازدياد ثاني أكسيد الكربون بالدم، حيث إن اختناق الإنسان أثناء النوم غالباً ما يكون بسبب نقص الاكسجين بالدم وزيادة ثاني أكسيد الكربون به.. ويفسر الاطباء استيقاظ الإنسان من النوم بأنه ينقذ نفسه من الموت ثم يبدأ يستعيد نومه في خلال ثلث إلى نصف ساعة حتى يخلد للنوم مرة أخرى،إلا أن هذا الأمر يجعله دائماً كسولا طوال النهار وميالاً لأخذ قسط من النوم على سبيل تعويض الاضطرابات الليلية التي يسببها الشخير.