هيئة مكافحة الفساد تتسلم اقرار نائب وزير التربية والتعليم والبحث العلمي    المشايخ في مناطق الحوثيين.. انتهاكات بالجملة وتصفيات بدم بارد    قرار بإنشاء الهيئة العامة لإدارة المنطقة الاقتصادية والتنموية بالصليف ورأس عيسى    الدرة يلتقي قيادات اللجان الدستورية والسياسية والاقتصادية    عدن.. تحسن جديد لقيمة الريال اليمني مقابل العملات الاجنبية    اجتماع بالحديدة يناقش آليات دعم ورش النجارة وتشجيع المنتج المحلي    بخسارة (5) مليار ريال.. منع عبور سيارات القات في تريم حضرموت    حين يصبح تحسن العملة دليلاً على فشل السياسات!    "القسام" تدك تحشيدات العدو الصهيوني جنوب خان يونس    نيوكاسل يسبق اليونايتد في صفقة هجومية    شرطة المرور تُدشّن حملة ميدانية لضبط الدراجات النارية المخالفة    تدشين فعاليات المولد النبوي بمديريات المربع الشمالي في الحديدة    عصيان مدني في حضرموت يطالب برحيل المحتلين وادواتهم    الاتحاد الدولي للمواي تاي يفرض عقوبة على "إسرائيل" بعد إعدامها لاعب فلسطيني    خبير في الطقس: موجة أمطار قادمة من الشرق نحو غرب اليمن    أمواج البحر تجرف سبعة شبان أثناء السباحة في عدن    استشهاد 22 فلسطيني برصاص وقصف الاحتلال أنحاء متفرقة من قطاع غز    سون يعلن الرحيل عن توتنهام    وفاة وإصابة 470 مواطنا جراء حوادث سير متفرقة خلال يوليو المنصرم    تسجيل هزات أرضية من البحر الأحمر    محمد العولقي... النبيل الأخير في زمن السقوط    أمن العاصمة عدن: جاهزون لدعم جهود ضبط الأسعار    بتهمة الاغتصاب.. حكيمي أمام المحكمة الجنائية    لابورتا: برشلونة منفتح على «دورية أمريكا»    ماريت تفاجئ مولي.. وكيت تنتزع ذهبية 200    طفل هندي في الثانية من عمره يعض كوبرا حتى الموت ... ويُبصر العالم بحالة نادرة    "يأكلون مما نأكل".. القسام تبث مشاهد أسير إسرائيلي بجسد هزيل    وفاة امرأة وأضرار مادية جراء انهيارات صخرية بذمار    الجنوب هو الحل    بيان حلف قبائل حضرموت.. تهديد جديد مستفز صادر من حبريش    الخلفية السياسية في التحسن القياسي لسعر الريال اليمني بالمناطق المحررة.    من تاريخ "الجنوب العربي" القديم: دلائل على أن "حمير" امتدادا وجزء من التاريخ القتباني    هل فقدنا العزم برحيل أبو اليمامة    تقرير حكومي يكشف عن فساد وتجاوزات مدير التعليم الفني بتعز "الحوبان"    من يومياتي في أمريكا.. استغاثة بصديق    ذمار.. سيول جارفة تؤدي لانهيارات صخرية ووفاة امرأة وإصابة آخرين    ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين ردًا على روسيا    وعاد الجوع… وعاد الزمان… وضاع الوطن    مأرب.. مسؤول أمني رفيع يختطف تاجراً يمنياً ويخفيه في زنزانة لسنوات بعد نزاع على أموال مشبوهة    لاعب السيتي الشاب مصمّم على اختيار روما    أولمو: برشلونة عزز صفوفه بشكل أفضل من ريال مدريد    عدن.. غرق 7 شباب في ساحل جولدمور بالتواهي    تعز .. الحصبة تفتك بالاطفال والاصابات تتجاوز 1400 حالة خلال سبعة أشهر    من أين لك هذا المال؟!    ترامب يفرض رسوما جمركية على عشرات الدول لإعادة تشكيل التجارة العالمية    كنز صانته النيران ووقف على حراسته كلب وفي!    دراسة تكشف الأصل الحقيقي للسعال المزمن    ما أقبحَ هذا الصمت…    لمن لايعرف ملابسات اغتيال الفنان علي السمه    الأمور مش طيبة    وداعاً زياد الرحباني    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    اكتشاف فصيلة دم جديدة وغير معروفة عالميا لدى امرأة هندية    تحذير طبي: وضع الثلج على الرقبة في الحر قد يكون قاتلاً    7 علامات تدل على نقص معدن مهم في الجسم.. تعرف عليها    تسجيل صهاريج عدن في قائمة التراث العربي    العلامة مفتاح يؤكد أهمية أن يكون الاحتفال بالمولد النبوي هذا العام أكبر من الأعوام السابقة    رسالة نجباء مدرسة حليف القرآن: لن نترك غزة تموت جوعًا وتُباد قتلًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاض ثورة
حاول الشهيد علي عبدالمغني إسكات أحد المواقع التي كانت تصب نيرانها على القوات الحكومية في وادي ضيقة لتفيض روحه بإحدى الرصاصات الغادرة
نشر في الجمهورية يوم 27 - 09 - 2009

رغماً عن محدودية عدد أفراد القوات المشتركة ليلة الثورة إلا أن مقدرة وحنكة اللجنة القيادية لتنظيم الضباط الأحرار عوضت ذلك من حيث إحكام الخطة التنفيذية من الناحية العسكرية والسياسية حيث تمكنت بلعبة دبلوماسية ذكية من تحييد كل القوى الرجعية المعارضة لإمامة البدر وعلى رأسها الأمير عبدالله ابن الحسن والذي لم يكن ليقف مكتوف اليدين تجاه ثورة تستهدف القضاء على النظام الإمامي، كما تمكنت اللجنة القيادية كذلك من تحييد بعض المعسكرات المحتمل قيامها بحركة مضادة مع العمل على عزل دار البشائر عن العاصمة عزلاً نهائياً.
إضافة للتمهيد للهجوم داخل القصر نفسه عن طريق النقيب حسين السكري وأعضاء خليته، لتكون المباغتة والسرية وتأمين الأجناب والمؤخرة للقوات المهاجمة من أهم عوامل النجاح.
وإذا كانت المقاومة قد استمرت من دار البشائر حتى الصباح وكانت الدار مخنوقة بحصار محكم يلفظ أنفاسه الأخيرة ببطء إلا أن الفرصة سنحت للإمام البدر بالهروب.
أما الأمير عبدالله بن الحسن وقادة الحركة الحسنية المعارضة للبدر فما أن سمع الإذاعة تعلن النظام الجمهوري حتى نهض من فوره لمقاومة الثورة ولكن بعد فوات الأوان.
وبعد انضمام الجيش والشعب لصف الثورة، حيث ما إن سمع الكثير من أفراد الفوج ومدرسة ضباط العنف وأفراد من اللواء الوطني الأول بالثورة حتي تحركوا من معسكراتهم رغم الحظر المفروض عليهم منضمين منذ قبل الفجر إلى صفوف الثوار.
وليأتي الصباح الباكر سافراً عن بدء انضمام الوحدات والمعسكرات إلى صفوف الثورة تباعاً عدا معسكر المدفعية والذي بالرغم من ما كان مؤملاً بأن يكون أول المعسكرات انضماماً إلى صف الثورة، إلا أنه شكل عقبة في طريق الثورة في فترة الصباح بسبب تمكن أميري الجيش الدفاعيين والمظفر من التسلل إليه عبر باب اليمن وتمكنهما من اعتقال الملازم حمود محمد بيدر وإصدار الأوامر للأفراد بقصف الكلية الحربية البعيدة عنه فقط ب«600» متر من جهة الغرب ليتحرك حينها الملازم علي عبدالمغني إلى المعسكر لمعرفة وجهة نظر ضباط الصف والأفراد الذين كانوا يتدربون على يديه ويتلقون دروس التوعية الوطنية منه ليجدهم محتارين في ظل وجود أمراء الجيوش داخل معسكر المدفعية ليقوموا بعدها بانتداب ضابطين إلى القيادة العليا للجيش للتفاوض ليكون موقف السلال إرجاعهما على أعقابهما صارخاً فيهم بالقول: على أمراء الجيوش أن يسلموا أنفسهم، ولتتبعهما دبابة بقيادة الملازم أحمد مطهر زيد، وليتجه أمير الجيش الدفاعي والمظفر إلى جبل نقم ليقعا في قبضة الملازم «حسين سهيل» أمير بلوك «بحر» عضو إحدى الخلايا الفرعية في التنظيم.
ونظراً ل: استمرار المقاومة من دار البشائر والإشاعة بنفاد الذخيرة من الثوار اعتقد بعض العوام بأن الإمامة معصومة ومحمية بقوة سماوية، وجود أمراء الجيوش في معسكر المدفعية، المقاومة من دار الشكر وإحراق دبابة الشهيد الشراعي، والتي عكست آثاراً سلبية على الموقف، إلا أن سقوط أهم ركن من أركان النظام الإمامي ممثلاً برئيس الاستئناف، أدى لتغير الموقف وهروب البدر ولتتحقق السيطرة التامة على الموقف والعاصمة.
أما في المناطق خارج العاصمة فقد مثل سماع الإعلان عن سقوط النظام الإمامي وقيام الجمهورية إلى تلبية كل وحدات الجيش والأمن من كل مكان لنداء الثورة التي مثلت أحلامهم لآلاف الليالي، ولتتمكن بفضل تعاون جماهير الشعب الثائرة من القبض على جميع أركان وأعوان النظام الإمامي وإيصالهم إلى العاصمة للمثول بين يدي العدالة خلال أسبوع.
الحسن والمواقف المضادة للثورة
ورغم نجاح الثورة بصفة أولية إلا أن هذا النجاح قد أدى لتهب قوى البغي والعدوان في العالم بهستيرية مجنونة مشمرة عن سواعدها لخنق ثورة اليمن في مهدها، وهكذا فما أن سمع الأمير الحسن بالإعلان عن مصرع البدر حتى أعلن نفسه إماماً على اليمن من العاصمة واشنطن مصرحاً بأن ما حدث في اليمن لا يعدو أن يكون من قبل طغمة صغيرة من ضباط الجيش، وأنه واثق تمام الثقة بأن الشعب اليمني سيلتف حوله وغيرها من التصريحات التي تناقلتها وكالات الأنباء لتجعلها أساساً لإعلامها المضاد للثورة، وليطير الحسن عائداً مزوداً بكل الإمكانات المادية والمعنوية ليلتف الأمراء الذين كانوا خارج اليمن حوله إثر وصوله، والذين تمكنوا من الفرار من صنعاء لمبايعته إماماً، ومع تأييد البعثات الدبلوماسية له في كلٍ من لندن وعمان وأديس أبابا، قام الأمير الحسن بتشكيل حكومته في المنفى.
أما بعد استقبال الحسن للمعاونات السخية من الرجال والأموال والعتاد والأسلحة من كل حدب وصوب، فقد أدى ذلك لتمكن المعسكر الملكي من شن أول هجوم واسع النطاق على خمسة محاور رئيسية في اتجاه «صعدة الجوف مأرب قعطبة حريب» ليسفر عن استنشاق الشعب اليمني لغبار الحرب وروائح البارود بدلاً عن هواء ونسائم الحرية التي كانت قد بدأت تهب عليه إثر ميلاد عهده الجديد، وليقرر بعدها مرغماً أن يدافع عن نفسه وحلمه وثورته.
ومع بدء توارد المعلومات من صعدة إلى صنعاء عن تحركات معادية للثورة، أرسلت القيادة العليا للجيش والثورة الملازم «إسماعيل العلفي» عضو تنظيم الضباط الأحرار إلى صعدة عن طريق الجو لاستطلاع الموقف وإعداد تقرير شامل في منتصف الأسبوع الأول من قيام الثورة عن المنطقة، ولكن ما إن وطأت قدماه مطار صعدة حتى أحاط بها المرتزقة واقتادوه أسيراً.
وفيما يخص موقف الحامية العسكرية بصعدة بقيادة النقيب «محمد مريط»، والتي كانت تتألف من ثلاث سرايا مشاة معروفة ب: «بلوك الجبل بلوك حمير بلوك قطينه» إلى جانب سرية مدفعية، فقد عقدت العزم على مقاومة المعسكر الملكي مهما كان الثمن باهظاً، رغماً عن عدم امتلاكها لأي وسيلة من وسائل الإسناد الإداري بحكم مهامها التي كانت تتمثل في مهام أمنية وانضباطية وبالرغم كذلك من الإغراءات المادية والمعنوية، إلا أنها صممت على الدفاع عن الثورة متمركزة في جبل السنارة، بيد أن المعسكر الملكي شدد الحصار عليها متوغلة جنوباً زارعة الطريق بالألغام المختلفة ومحرضة القبائل الجاهلة الفقيرة على مقاومة الثورة، لتقوم القيادة العليا للجيش والثورة بتجهيز حملة عسكرية تألفت من ثلاث سرايا مشاة من الجيش النظامي و«4» دبابات و«4» مصفحات وثلاثة مدافع «م-ط73» وثلاثة مدافع ميدان 76وعربة إشارة بقيادة الملازم عبدالرحمن الترزي بمساعدة الملازم حسين السخيمي، عبدالكريم المنصور، الملازم أحمد الجنداري، الملازم يحيى الحياسي والملازم على طبقة مع إرداف الحملة بحملة شعبية بقيادة النقيب أمين أبو رأس قوامها «300» مقاتل من قبائل «ذو محمد» وحاشد.
لتتقدم الحملة العسكرية في أكتوبر 1962م متوقفة في منطقة «حرف سفيان» لأخذ قسط من الراحة والقيام بعملية استطلاع ستبني عليها خطة التقدم والأشتباك وأثناء ذلك نفذت رصاصة غادرة إلى جسد الشيخ «فيصل بن صالح مرشد عوفان» لترديه قتيلاً وليكون أول شهيد في هذه الحملة.
ونظراً للمكانة الشعبية التي كان يحظى بها النقيب «أمين أبو رأس» فقد استجاب له الكثير من مشائخ المنطقة وعلى رأسهم الشيخ «هندي دغسان» وابنه «صالح» واللذان أمدا الحملة بكل المعلومات عن حقول الألغام المزروعة في الطريق، المواقع المعادية، وحجم قوات المعسكر الملكي وكل شيء قد يساعد على نجاح الحملة لتتقدم بعدها بعد نزع الألغام باتجاه صعدة وتبدأ بقصف المواقع المتقدمة للمعسكر الملكي ثم سيطرتها ودخولها لمدينة صعدة بين هتافات الجماهير بحياة الثورة وليتم بعدها تطهير مناطق لواء صعدة، لتنتقل قوات المرتزقة نحو جبل برط بسبب انتقال الحسن إلى منطقة غدير في «وادي عضلة» ليشرف على سير العمليات الهجومية على جبل برط ما أدى بالنقيب «أمين أبو رأس» إلى الانتقال إلى جبال برط كذلك.
معركة مأرب
ما إن تم الإعلان عن قيام الثورة من إذاعة صنعاء صباح يوم ال «26» من سبتمبر، حتى هرع إلى غرفة اللاسلكي بمحافظة مأرب كل من النقيب «عبدالله الأهجري» قائد الحامية العسكرية بمأرب» «وأحمد الكحلاني» ضابط الشئون المالية، و«الملازم محسن اليوسفي» مدير أمن المنطقة للتأكد من صحة ما يذاع، سائلين مهندس اللاسلكي «أحمد محمد محسن الأشول» عن صحة ما يذاع فأكد لهم ذلك ليتشاوروا فيما بينهم حول ما يجب عمله ليتفقوا على: إرسال برقية تأييد وتهنئة إلى مجلس قيادة الثورة، تعزيز وحدة أمن المطار بفصيلة من بلوك الجبري، جمع الأفراد العسكريين ووضعهم في حالة استعداد لمواجهة أي طارئ مفاجئ، وليأتي اليوم الثاني مخبراً عن اختفاء كبار المشائخ من المدينة متوجهين إلى الشريف «حسين الهبيلي» أمير منطقة بيحان الذي كان على اتصال بالمشائخ لاقتطاع السهول الشرقية «مأرب حريب الجوبة» إلى المحميات البريطانية في الجنوب.
وما أن حل اليوم الخامس من قيام الثورة حتى بعثت القيادة العليا للجيش برواتب أفراد الحامية العسكرية مع الملازم «زين الله العامري» على طائرة عمودية يقودها طياران سوفيتيان والمترجم في مدرسة الأسلحة ديمان.
وفي الطرف الآخر كان المرتزقة قد عادوا من بيحان بالأسلحة والألغام ليبدأوا الهجوم على المطار والاستيلاء على الطائرة ليبدأ الاشتباك بينهم وبين القوات الجمهورية، وليتم تجهيز حملة عسكرية لفك الحصار عن مدينة مأرب وتطهير المنطقة، ونظراً لرغبة الملازم الشهيد «علي عبدالمغني» في القيام بهذه المهمة الصعبة فقد توجه بنفسه لقناعته بأنه «لايجوز للثوار أن يفجروا الثورة ثم يختبئون خلف الكراسي متقاعسين عن حمايتها والدفاع عنها».
وتشكلت الحملة من «56» فرداً من ضباط الصف الذين انتخبوا للدراسة في مدرسة المدفعية جناح الميدان من بينهم الرائد «صالح الضنين» والشهيد «عبدالله علي صالح» «وخمس مصفحات «4*4» إثنتان منها تجران المدفعين 76مم ميدان»، أربع سرايا مشاة من الجيش الوطني وأربع سيارات نقل فرجو.
أما إلى جانب الشهيد «علي عبدالمغني» فقد كان هناك الملازم «محمد غالب» والملازم «محمد حسن العمري» والملازم «محمد فايع» والذين تحركوا مع الحملة يوم 13 أكتوبر 1962م في الساعة الرابعة بعد الظهر، وعند وصولها إلى جحانة بعد ما يقارب ساعتين على خروجها من صنعاء، توقفت بعض الوقت حيث اطمأن الشهيد علي عبدالمغني على سلامة الموقف ليتواصل المسير في اتجاه صرواح عن طريق العرقوب والأعروش والوتدة والهيري، لتدخل الحملة صرواح في العاشرة صباحاً دون أن يتعرض لها أحد وليكون عامل المنطقة المدير القاضي حسين العرشي في استقبالها في مركز صرواح، إضافة لقائد الحامية العسكرية والمشائخ وبعض شباب قبيلة جهم.
ليدخل القائد مبنى الحكومة وسط عاصفة من الهتاف بحياة الثورة والجمهورية ولتقام مأدبة غداء كبرى للحملة لتتحرك بعدها في اتجاه مأرب بعد انضمام جماعة من أبناء المنطقة لمرافقة الحملة بناءً على طلب القائد الملازم الشهيد علي عبدالمغني.
وكانت المعلومات التي تلقاها الشهيد علي عبدالمغني تشير إلى احتمال وقوع أول صدام مسلح في منطقة «الحفه» ما بين «صرواح» و«باب الضيقة» وعند مرور الحملة من هذه المنطقة أطلقت عليها زخات قليلة من الأعيرة النارية وأخذت القوات وضع الاستعداد القتالي غير أن تلك الأعيرة توقفت، ورغماً عن تلقي معلومات أخرى كانت قد أكدت بعدم احتمال ظهور أي مقاومة بعد هذه المنطقة، إلا أنه فيما يبدو أن موقع الكمين قد وضع عند «باب الضيقة» وأن الموقع الذي أطلق النار على الحملة كان بمثابة نقطة انذار مبكر لقدومها، ولهذا ما أن بدأت القوات بعبور منطقة الكمين حتى سقطت المصفحة الأولى في حفرة وسط الطريق كانت مغطاة بأغصان الأشجار ثم أعقبتها المصفحة الثانية ومن ثم بدأ أفراد الكمين بإطلاق النار بغزارة على جانبي الحملة وخلفها وفتحت جميع الأسلحة نيرانها في اتجاه نيران العدو حاصدة المئات منهم.
وبسبب وجود موقع كان يصب نيراناً غزيرة على قوات الحملة، حاول الشهيد علي عبدالمغني إسكات هذا الموقع بالقنابل اليدوية وبمجرد فتحه لباب المصفحة وتجهيز إحدى القنابل تمت إصابته بعدة طلقات نارية لتفيض روحه الطاهرة إلى بارئها.
وما إن حل الظلام حتى هجم المرتزقة واستولوا على الحملة بعد ثلاث ساعات من القتال المستمر استشهد فيه عدد من الجنود والضباط.
وما إن وصلت أخبار ما جرى لحملة الشهيد علي عبدالمغني ونبأ استشهاده إلى مسامع الشهيد محمد محمود الزبيري الذي كان يقود حملة تعزيزية أكثرها من القبائل من أصحاب الغادر و الزايدي حتى استدعى المشائخ الذين كان قد ودعهم ليخبرهم بما حصل آخذاً منهم اليمين على الأخذ بثأر الشهيد علي عبدالمغني.
ولتتحرك حملة رافقها من الضباط الملازم «عبدالكريم الرازقي» والملازم «عبدالله ضيف الله» والملازم «علي حمود العنسي» وبمجرد وصولهم مركز صرواح أطبقت عليهم القبائل وليقتل الشيخ أحمد علي الزايدي ويستشهد الملازم عبدالكريم الرازقي ويجرح الملازمان عبدالله ضيف الله وعلي حمود العنسي وينجو الشيخ ناجي بن علي الغادر بأعجوبة وليسقط مركز صرواح بأيدي القبائل الذين تسلحوا من قصر السلاح بصنعاء.
ثم تحرك الشهيد محمد محمود الزبيري إلى صرواح ليقع وسط طوق من الحصار لتبادر قيادة الثورة لإنقاذه ومن معه من الضباط والأفراد، ولتقرر قيادة الثورة على إثرها حشد حملة عسكرية وشعبية كبيرة دافعة بها إلى منطقة صرواح لطرد المرتزقة منها ومن مأرب.
معركة قعطبة
بمجرد سماعها إعلان الثورة تألقت أحلام وأماني الحامية العسكرية في قعطبة في العهد الجديد وذلك لشعور هذه الحامية بالمرارة في ظل الوضع الكئيب إذ لم تتوافر لها أبسط الحقوق.
وبعد بضعة أيام من قيام الثورة تم تبليغها من قبل الأحرار في عدن بأن الإنجليز ينوون نوايا سيئة ضد الثورة وأنه يقوم بحشد المرتزقة لغزو المدينة، لتستعد لصد هذا الغزو المنتظر بما لديها من الإمكانات الذاتية.
ورغماً عن بدء المرتزقة لزحفهم في اتجاه جبال مريس لإحكام السيطرة على المدينة واحتلالها، إلا أن الحامية العسكرية استطاعت صد هذا الزحف المعادي في جبال مريس حتى وصلتها التعزيزات العسكرية من محافظة إب بقيادة الملازم «أحمد بن أحمد الكبسي» قائد اللواء ومن تعز بقيادة الملازم «علي محمد الضبعي» ليتم تطهير جبال مريس من المرتزقة ليتلو ذلك إيكال مجلس قيادة الثورة إلى الملازم «أحمد الكبسي» ومهمة إشعال الثورة ضد الإنجليز ليتوقف التسلل من أراضي الشطر الجنوبي.
معركة حريب
رغماً عن مقاومة الحامية العسكرية في منطقة حريب للقوات الملكية قدر المستطاع، إلا أن قربها من إمارة بيحان أدى لعدم قدرتها على الصمود مما أدى لدخول القاضي «أحمد السياغي» إليها في الأسبوع الأول من قيام الثورة، والذي على إثره فرت إلى صنعاء مجموعة من مشائخ مراد والحريبات والمصعبين وفي مقدمتهم الشيخ «أحمد عبد ربه العواضي»، الشيخ «شبريف القردعي»، الشيخ «علي ناصر طريق»، الشيخ «محمد قاسم بحبح»، والشيخ «علي عبدربه حازب».
حيث استقبلهم مكتب العمليات الحربية والذي استعلم منهم كل المعلومات عن التحركات البريطانية على الحدود ونشاط الشريف الهبيلي وموقف المواطنين من الثورة.. الخ، ليبدأ معهم تدارس إمكانية استرجاع المنطقة، بينما تحرك المشير عبدالله السلال في الوقت نفسه إلى منطقة رداع ملتقياً بالشيخ «علي محمد الأحمدي» وزير الإعلام آنذاك حيث اتفقا على تجهيز حملة شعبية وعسكرية تنطلق من مدينة رداع لتسترجع منطقة حريب من يد القوات المضادة، ولكن الحملة اصطدمت بكمين معادً في «عقبة أبلح» واستشهد الشيخ «علي الأحمدي».
ولتأتي أوائل ديسمبر 1962م مسفرة عن نجاح حملة الشيخ «أحمد عبدربه العواضي» ومن معه من المشائخ في الاستيلاء على مدينة حريب، ولكن سرعان ما استعادها الشريف الهبيلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.