حجرتان وممر وحيد يزيد قليلاً على طول طفل تعدته خمس سنين عجاف تشاركني فيهما العيش عائلة المالك الجار تلك التي تثقل النفس بالخوف إذ ترافقني أرقاً كلما عبس الليل أو تبسم في وجوه الملاح الصباح فأبدو بين تلك العيون المخيفة مثل طير أسير تحاصره في صقيع الشتاء الرياح أخاف إذا زائر جاء أن يسمع المالك الجار على سلم البيت وقع النعال وأخشى إذا مامضى الضيف أن تلمح الجارة منه على صفحة الأرض بقايا الظلال بثينة تشتهي القفز فوق الممر الوحيد لتبدو بالوثب مسرورة في عيون الضيوف الصغار فأصرخ إذ ذاك في وجهها وأرفض أن تخرج للسعي في ساحة الدار وأمنع خالد من أن يلامس بالكف وجه الجدار فذاك الذي يأخذ الصمت من خلوة الجار وذاك الذي يمنح الجارة حق الشجار يرافقني الصحو حين أذهب للنوم حتى الصباح لكيلا أرى فرحة إن غفوت تعيد إلي ابتسام الزمان فتحزن إذ ذاك زوج المؤجر أو يبدد عنها ابتهاجي المنام حين نهرب من وحشة البيت إلى موضع ما في ضواحي المدينة تخرج النفس من جبة الخوف تدخل في ملكوت التأمل تنساب من روضها الاغنيات الحبيسة وتبتهج الأمنيات وحين نعود إلى منزل مثخن بالوجوه العتيقة يعود إلى ظله كل شيء خبا الحال والمبتدا والخبر