إن ترتيب الجريمة والعقاب عليها يحدد بحجم الخطر الناتج عنها وماتلحقه من أضرار مادية ومعنوية في الأفراد والمجتمعات فكانت جرائم الحرب وجرائم أمن الدول في قمة هرم الجريمة ولو نظرنا بتبصر إلى الجرائم الفكرية وأبعادها لوجدناها هي الأسوأ على الإطلاق وخطرها أبلغ ونموها أسرع ولتبين لنا أن جرائم الحرب وجرائم أمن الدول ماهي إلا نتاج طبيعي للجرائم الفكرية في معظمها. ويمكن تعريف الجريمة الفكرية بأنها الجريمة التي تستهدف عقل الإنسان وتستخف به وتضلله وتصده عن الصواب وتوجهه إلى الخطأ والفساد هذا على حد تعبيري. ومن سمات هذه الجريمة أن أكابر مجرميها يتمتعون بقدرات إقناعية فتأثيرهم على عقول الناس أشبه مايكون بالسحر، كما أنهم يتعمدون نشر سمومهم في المجتمعات المتخلفة التي تزداد فيها نسبة الأمية والفقر لسهولة التلبيس عليهم وغاية هذه الجريمة صناعة زعامات أو خدمة عروش قائمة. مانتطلع إليه أن يتم تشريع قوانين تعاقب هؤلاء الجناة كما تم تشريع قوانين بشأن جرائم الإرهاب وجرائم غسل الأموال وجرائم أمن الدولة وجرائم الخطر واتخاذ إجراءات أمنية دقيقة في هذا الجانب، فحماية عقل الإنسان من الكليات الخمس أوالضرورات الخمس التي جاء الإسلام الحنيف من أجلها كماهو مصنف في الفقه الإسلامي. إن الجريمة الفكرية وزعمائها موجودون في كل زمان والقرآن الكريم قد أورد لنا نماذج لنعتبر ونتعظ مثل ماقام به السامري من إضلال بني اسرائيل وجعلهم ينتقلون من عبادة الله إلى عبادة العجل وماقام به عمرو بن لحي الخزاعي من تلبس على عقول بقايا الحنيفية في مكة قبل ظهور الإسلام وجعلهم يعبدون الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى وشرع لهم من الدين مالم يأذن به الله واستخفاف فرعون بعقول قومه ليعبدوه وكذلك غرور مصر. ولقد أستطاع جناة الفكر في العصر الحديث من الشيوعيين إخراج الناس من الحق إلى الباطل وجعل رجل مثل علي سالم البيض يجمع بين الأختين كما شاهدنا في المقابلة التي أجريت معه على قناة «BBC» قبل شهرين تقريباً وأستطاع جناة الفكر من الاثنى عشرية إغواء إخواننا في محافظة صعدة وإقناعهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لاينطق عن الهوى وسيدهم حسين الحوثي سواء وجعلهم يسبون أمهات المؤمنين وصحابة رسول الله ويخرجون عن طاعة ولي الأمر ويحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض الفساد.