معظمنا يجد داخله الكثير من الآهات والتنهدات لعدم قدرته على تحقيق ما يصبو إليه وما يتمنى ، والكثيرون منا يضعون اللوم على الآخرين أو على الظروف ولكنهم للأسف لا يبحثون داخل أرواحهم ونفوسهم عن سبب قصورها .. ومن يضع اللوم دوماً على غيره فثقوا أخوتي أنه لن يصل يوماً إلى ما يريد ولن يحقق ما يتمنى ما دام حياً.. ومن أحد الأسباب التي تعيق وصولنا لأحلامنا وأمانينا البرمجة السلبية للذات فمعظم الناس يبرمجون منذ الصغر على أن يتصرفوا بطريقة معينة ويتكلمون بطريقة معينة ويشعرون بأحاسيس سلبية من أسباب معينة ويشعرون بالتعاسة لأسباب معينة وبذلك جعلوا من أنفسهم سجناء اعتقاداتهم السلبية التي تحد من قدرتهم في الحصول على ما يستحقون في الحياة وهم يشبهون في ذلك ما حدث مع الفيل نيلسون .. فهذا الفيل عندما كان عمره شهرين وقع في فخ الصيادين في أفريقيا وبيع في الأسواق لرجل ثري يملك حديقة حيوانات متكاملة ، قام المالك بإرسال الفيل مباشرة إلى بيته الجديد في حديقة الحيوان وقام عمال هذا الرجل الثري بربط أحد أرجل الفيل نيلسون بسلسلة حديدية قوية وفي نهاية هذه السلسلة وضعوا كرة كبيرة مصنوعة من الحديد الصلب ووضعوا نيلسون في مكان بعيد عن الحديقة ، غضب نيلسون أشد الغضب من هذه المعاملة القاسية وعزم على تحرير نفسه من هذا الأسر ولكنه كلما حاول ان يتحرك ويشد السلسلة الحديدية أحس بألم شديد فما كان منه بعد عدة محاولات إلا أن تعب ونام .. وفي اليوم التالي استيقظ نيلسون وكرر ما فعله بالأمس محاولاً تخليص نفسه ولكن دون جدوى وهكذا حتى يتعب ويتألم وينام ... ومع كثرة محاولاته وفشله قرر نيلسون أن يتقبل الواقع الجديد ولم يعد يحاول تخليص نفسه مرة أخرى وبذلك استطاع المالك الثري أن يبرمج الفيل نيلسون تماماً كما يريد ... وفي إحدى الليالي عندما كان نيلسون نائماً ذهب المالك مع عماله وقاموا بتغيير الكرة الحديدية الكبيرة بكرة صغيرة خشبية وكان من الممكن أن تكون هذه فرصة نيلسون لتخليص نفسه ولكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً فقد بُرمج الفيل على أن محاولاته ستبوء بالفشل وستسبب له الآلام والجراح وهذا ما كان يعرفه المالك فقد برمج الفيل على تقبل واقعه الجديد وعلى أنه غير قادر على تغيير واقعه وفقد إيمانه بقدرته الذاتية . وفي أحد الأيام زار حديقة الحيوان فتى صغير نبيه سأل المالك ( هل يمكن أن تشرح لي سيدي كيف أن هذا الفيل القوي لا يحاول تخليص نفسه من الأسر وكل ما يربطه هو هذه الكرة الخشبية ) فرد المالك ( بالطبع أنت تعلم يا بني أنه يمكن للفيل نيلسون أن يخلص نفسه بكل بساطة من هذا القيد الوهمي الضعيف وأنا أيضاً أعرف ذلك ولكن الأهم هو أن الفيل لا يعلم ذلك ولا يعرف مدى قدراته الذاتية ) . كم واحد منا مربوط بكرة خشبية يعتقد أنه لا خلاص منها ... مع أنه بمجرد ما يطلق ساقيه للريح سيفر هارباً من آلامه وأسره ... حاولوا إخوتي تحرير أنفسكم من أسرها وإطلاقها لتحلق في سماء النجاح ...