إن من يحمل مثل هذه القيم والمبادئ الوطنية التي تحلى بها هذا المواطن الذي يعمل بائعاً للقات في أحد أسواق مدينة ذمار لجدير بالانتماء إلى هذا الوطن المعطاء وجدير بالمجتمع إبداء الاحترام والتقدير لتلك المواقف التي اضطلع بها هذا وأمثاله في سبيل خدمة اليمن وصيانة لأمنه واستقراره ورخائه.. وأعتقد جازماً أن الوعي الراقي والإدراك الناضج بضرورة خلق شراكة فاعلة بين المواطن ورجل الأمن من أجل غدٍ أفضل هو وحده الذي دفع بالمقوت «م» للمساهمة في كشف النقاب عن أكبر عصابة لتزوير العملة في اليمن حدث ذلك عندما كان محمد وكعادته يبيع قاته من على دكة مرتفعة تمكنه من رؤية الزبائن بسهولة أكثر وفجأة ووسط ذهول الحاضرين أنقض هذا الرجل على أحد الأشخاص حينما أكتشف وبعين فاحصة أن المبلغ الذي استلمه وهو من فئة الألف ريال يمني مزورة مما أدى إلى تجمهر كبير حول الضجة التي أفتعلت جراء احتجاز المقوت لهذا الشخص وبالرغم من توسل بعض الموجودين ربما بحسن نية لإطلاق سراحه إلا أن «محمد» أبى الانصياع لتلك المطالب والإغراءات وأصر بشكل قاطع على إبلاغ الجهات الأمنية المختصة على وجه السرعة. وبالفعل تقاطر إلى المكان أفراد من رجال تحريات البحث الجنائي بمحافظة ذمار وقاموا بإلقاء القبض على المتهم وبعد شوط لايخلو من جهد خلاق بذله فريق التحقيق تخللته محاولات متعددة من المقبوض عليه لإزالة الشبهة عنه وإظهار نفسه كضحية لأشخاص آخرين باع لهم جنبية في أحد الأسواق وأخذ منهم مبلغاً لم يكن على علم بأن عملته مزورة لكن هذه المناورات التي بدت مكشوفة لم تنطل على الفريق الأمني الذي تمكنوا من إحصاء الهفوات والسقطات التي رافقت أقواله ومن ثم عرضها عليه ليضطر المتهم معها من التسليم والاعتراف بحقيقة انتمائه إلى مجموعة في ذمار لايتجاوزون الأربعة بعضهم يدرس في جامعة ذمار ويمتلكون طابعة وجهاز لابتوب «حاسوب محمول» إضافة إلى ضبط مبلغ 62 ألف ريال عملة مزورة 37 ألف ريال فئة 10000 ريال و25 ألف ريال فئة 500 ريال والمضبوطات كانت في شقة اثنين من أفراد العصابة استأجروها بغرض الدراسة علماً أن الأربعة الأشخاص من محافظة أخرى غير محافظة ذمار ولم تقف تطورات القضية عند هذا الحد كون التحقيقات أسفرت عن تعاون وثيق مع زعامات هذه العصابة الذين يقطنون أحد أحياء أمانة العاصمة والذين تم إلقاء القبض عليهم بطريقة مباغتة من قبل الإدارة العامة للبحث الجنائي وضبط بعض المعدات التي كانت موجودة في غرفة خلفية لمحل اتصالات من بينها طابعة للنقود المزورة كما اعترف المضبوطون عن شبكة في عدة محافظات تعمل للترويج للعملة والاحتيال والنصب. وأمام هذه القضية وحتى نعطي المسئولين الوقت لاستكمال الإجراءات القانونية لزاماً علينا كمواطنين الاحتفاء ب «المقوت» البطل الذي يعود له الفضل الأول في كشف أفراد العصابة فلولا إيمانه المطلق بأن المواطنة الحق أن تجعل من نفسك جندياً لخدمة البلاد من منطلق مهنتك ووظيفتك مهما بدت صغيرة لما أمكن القيام بهذا الدور الرائد، صحيح أنه لم يتوقع أن تحمل هذه الأبعاد الخطيرة على المستوى الوطني إلا أن تصميمه على إبلاغ الجهات الأمنية يدل كما أسلفنا على وعي كامل تجاه المساهمة في تفعيل دور طرفي المعادلة المواطن ورجل الأمن وصدقوني لولا هذا الوعي الذي تظهر المؤشرات أن أغلب المواطنين يتحلون به لما استطاعت أجهزتنا الأمنية من تحقيق النجاحات تلو النجاحات في محاربة الإرهاب وتجنيب الوطن الكثير من الكوارث التي استهدفت قواه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.