اللحظات الحلوة تأتي نادراً وتمضي سريعاً في حياتنا وتفارقنا بسرعة البرق وتنفلت من بين أصابعنا رغم تشبثنا. واللحظات المرة تجثم على صدورنا طويلاً كليل امرؤ القيس الذي أرخى سدوله طويلاً بأنواع الهموم ولم ينجلي. وصناع اللحظات الحلوة مثلها يأتون نادراً ويغادرونا سريعاً تاركين أجمل الذكريات وأفضل الإنجازات ومسيرة النجم الذهبي إيهاب النزيلي أكبر دليل على ما نقول جاء إلى الملاعب وغادرها ما بين غمضة عين وانتباهتها رغم مسيرته الكروية الطويلة نسبياً وإنجازاته العديدة وأدواره المشهودة وبصماته الواضحة وكمراقب لمسيرته الكروية من البداية حتى النهاية كأني به حين شارك فريقه صغيراً في تصفيات الدرجة الثانية في ملعب الظرافي قد عمل ذلك في الصباح وحين شاركه فريقه كبيراً في مهرجان اعتزاله في ملعب 22مايو بإب قد عمل ذلك في عصر نفس اليوم، وأن مسيرته الكروية قد مضت سريعاً جداً كاللحظات الحلوة. نعم غادرنا النجم إيهاب النزيلي سريعاً كالنسمة العابرة والحلم اللذيذ غادرنا قبل أن نشبع من فنياته أو نرتوي من إنجازاته كنا نحلم بالمزيد والمزيد ونتعشم منه الكثير والكثير لكن خبر اعتزاله نزل على مسامعنا كالصاعقة. كذبنا ما سمعنا وعدنا نغطي أنفسنا بلحاف الأمل عسى أن يعاودنا الحلم الجميل لكنه لم يعد لتصدمنا الحقيقة المرة إيهاب وعلى الصفحة الأخيرة من سفر إنجازاته يكتب كلمة «The End». إيهاب ابن الشعب وحبيب الشعب ونجم الشعب كان مهرجان اعتزاله شعبياً خالصاً ولأنه خدم الشعب وعمل من أجله فقد بادله الشعب حباً بحب ووفاءً بوفاء فقابل الإحسان بالإحسان وبإحساس الشاعر ونظرة المثقف أبى الزرياب إلا أن يجري الدموع في مآقينا بموقف إنساني يعجز القلم عن وصفه حين قرر النزول من فوق الأعناق وكراسي القلوب لتكريم قواعد الشعب وأحجار أساسه، اقتطع من لحظات الفرح جزءاً هاماً وترك كبار القوم ليتفرغ لتكريم عامل نظافة بسيط ووضع أصحاب المصانع جانباً ليكرم بائع الشوكلاته الشعباوي المكافح وترك أصحاب العقارات الضخمة والسيارات الفارهة خلف ظهره ليكرم عامل الصبه الشعباوي الأصيل الذي كان يقتطع من قوت أولاده قيمة التذكرة لمتابعة مباراة للشعب ولتشجيع إيهاب. قام إيهاب بكل ذلك ولسان حاله يقول «أنتم الناس أيها البسطاء». ولأن شهادتي في إيهاب مجروحة - للأسباب التي يعلمها الجميع - فسأكتفي بهذا القليل من الكثير والكثير الذي احتفظ به لنفسي وللأولاد «محبي إيهاب».