تفاجأوا من ازدحام الطرقات، غير أنهم كانوا كومة لحم تتخللها عظام نحيلة، وعليهم غبار من عجلات السيارات كل ما بحوزتهم قليل من الماء وقطعة من الخبز أو ما شابه، ولكنهم لا يعرفون ماذا يجري حولهم. بعض الأطفال مروا من جانبهم أطلقوا بعض الألعاب النارية فزعوا من غفوتهم وعاودوا الغفوة مرة أخرى.. مدوا نظرهم إلى الشارع وجدوه مكتظاً بالناس وبالبضائع الجديدة نساء هنا وهناك فوضى.. تنسجم، ظلام يسدل على زاوية ضوء، ونجوم تتلألأ في سماء بدون ضوء.. وهم يقبعون في مكانهم إلى زمن لا يعرف ويوم لن يعرف.. إلى أن اطلت الشمس من جديد عليهم فلم تحرقهم تلك الشمس فرأواً أطفالاً يملؤون الطرقات ويرتدون أزهى الملابس، وكأنها ملابس جديدة، مر البعض وهم يمسكون بأغنام ويجرونها والبعض الآخر يمسكون بجلود أغنام، تبادلوا النظرات.. هزوا رؤوسهم .. تبسموا وفهموا لماذا كانت شمس الصباح غير حارقة، ظلوا في مكانهم وأتى قمر الليل، ذهب أحدهم لبرميل القمامة، وجد عظاماً نحيلة كعظامهم، لايتخللها لحم، وبضع حبات الأرز باردة الطعم، لاتشبع من يأكلها ولكنهم أكلوها ولم يرموا بها مثلما رمت بهم الحياة في ذلك الشارع.