إن لم تخني الذاكرة «أنه قبل 25 سنة كان الكابتن عبده صالح الوحش مدرباً لمنتخب مصر ،وكان هذا المنتخب يومها زاخراً بنجوم من عيار 21 ذهب . مصطفى عبده كابتن للفريق ينوبه محمود الخطيب أو ابراهيم يوسف ، وما أزال أتذكر مجدي عبدالغني ،وربيع ياسين وطاهر أبو زيد ، وعلا مهيوب ،وطارق يحيى ،وثابت البطل واكرامي ، وأحمد شوبير ، وشوقي غريب ، وجمال عبدالحميد... الخ اسماء ذلك المنتخب الذي كان الحظ ضده ففي 82م خرجت مصر من تصفيات كأس العالم في المباراة الأخيرة أمام الجزائر وعام 68م أمام المغرب وبعض هؤلاء اللاعبين استمر حتى عام 90م وشاركوا في مونديال عام 90م تحت قيادة المدرب الفني المصري محمود الجوهري. وخلال 14 سنة أي من عام 90م حتى 2004م لم تستطع مصر أن تحقق خلال ثمان بطولات لكأس الأمم الأفريقية سوى بطولة واحدة في عام 98م وأخرجت من تصفيات كأس العالم منذ شاركت حتى الآن خمس مرات. عوامل كثيرة لعبت دورها في جعل مصر تتغيب عن منصات التتويج الافريقية أو الوصول إلى المشاركة في فعاليات كأس العالم.. من هذه العوامل اعتماد المدربين على فريقي الأهلي والزمالك في بناء المنتخب ، ومن العوامل أيضاً بقاء مدرب واحد كالجوهري فترة تزيد عن عشر سنوات إلى جانب تدخل قيادات في الاتحاد في اختيار اللاعبين ومن تلك العوامل تعامل الإعلام في مصر مع المدربين دائماً يقوم على قاعدة الربح لا الخسارة ،إن فاز المنتخب فالمدرب واللاعبون صانعوه ،وأن خسرا ايضاً هم السبب إلى درجة أن السخرية تصل إلى حد السب والشتم والتشكيك بولاء المدرب ولاعبيه بوطنيتهم ومصريتهم. إلا أن المتابع لمنتخب مصر خلال الأربع السنوات الأخيرة سيلاحظ التحول الذي طرأ على أداء المنتخب من خلال نتائجه المتلاحقة وفي تقديري يعود الفضل في ذلك إلى حدوث اهتمام وتخطيط نسبي للدوري المصري ،واتباع الأندية نظام الاحتراف الداخلي والخارجي ،ووجود لاعبين شاركوا في أندية أوروبية وعربية كالخليج.. ناهيك عن اعطاء صلاحية للكابتن حسن شحاته في اختيار لاعبيه ،وعدم التدخل في تبديلاته بين اللاعبين فهو منذ وقت وآخر يستغني عن لاعب والجماهير تكون مفتونة به ،ووسائل الإعلام.. واعتماده هذه القاعدة جعل المنتخب المصري متجدداً ويتمتع بعقلية كروية ذات مهارات فردية ،وخبرات فنية ولم يلتفت إلى نعيق الإعلام الشوفيني والجماهير المهووسة ،حيث انتصر عليها إلى درجة أن الإعلام الرياضي في مصر أن لوحظ عليه ثمة تحسن فإن الفضل يعود إلى «شحاته» الذي هزمه بمراهناته أكثر من مرة خاصة عندما «حرم اللاعبين ميدو» من المشاركة في المباراة النهائية لكأس الأمم عام 2008م وحقق الفوز بالبطولة.. وكانت الصحف قبل المباراة تصيح أن شحاته سيتحمل المسئولية أن خسرها ، ففاز بالبطولة وأدب الصحافة والجماهير واللاعب. وكثيرة هي مفاتيح الفوز التي يملكها هذا الفرعون .. وحال حدث وخسرت مصر هذه البطولة فليس «شحاته» سيكون المسئول.. لماذا أقول هذا؟ .. نعم لماذا؟ لأن الإعلام المصري هو السبب الأول.. فقد لاحظت التهكم الذي طال «شحاته» واتهام بعض المتابعين والإعلاميين الاوربيين له باختياره لاعبين «متدينين» .. والإعلام المصري المتصيد في الماء المعكر بدوره عمل على تصعيد هذه الموجة الاوروبية التي اغارها نجاح «شحاته» ولاعبيه ورفعهما لاسم مصر عالياً.. وانني استغرب كيف أن مئات اللاعبين في الدوريات الأوروبية والاستحقاقات العالمية عقب الاهداف يؤدون الصلاة المسيحية فيومئون بأيديهم إلى صدورهم وجباههم ثم يستنكرون على بعض اللاعبين المصريين و العرب أن سجدوا بعد تسجيلهم لهدف أو انتصار. قضايا عديدة باتتها اخلاقيات عشاق المستديرة .. تعبر عن افلاس حقيقي عند الكثيرين من أن الألعاب الرياضية كانت رسالة اخلاقية بين الشعوب ولكنها بفعل هذا الأفلاس صارت تفتقد بريقها وجمالها.. وعيب أن تجاري الصحف المصرية هذه الشبهة في حق «شحاته» الذي يقدم أنموذجاً يوازي مدربي أوربا.