إننا نعيش في عصر قل فيه عدد الناجحين والمتميزين، لازدياد عدد المؤمنين بالفراغ والمتزاحمين على وسائل الراحة والترفيه على النفس، ومن البديهي أن أتفه الأعمال بالنسبة إلى أغلب الناس لهو أقل ألماً من البطالة، ولكن هؤلاء المتبطلين حين تترك لهم الحرية في اختيار ما يشاؤون لملء فراغهم، فإن أكثرهم يجدون أنفسهم ضائعين إما لأنهم لا يدرون ما يصنعون، أو لأنهم حائرون لظنهم أن هنالك شيئاً ما يمكن أن يكون أفضل مما لديهم. فالناجحون لا يؤمنون بالراحة والفراغ وإنما يؤمنون بالعمل المتواصل فالعمل يقي الإنسان من أمراض العصر "كالقلق التوتر الهستيريا الفراغ و..." . ومثل هذا العمل المتواصل كان مما يتلذذ به الفرد، فيحافظ على استمرارية اللذة وحلاوة النشوة التي يستمدها منه وهذه اللذة هي لذة الإنجاز، ونشوة النجاح والتواصل فهي التي تنعش كيان الإنسان وتجعله يبدع أكثر فأكثر، وتجعل منه إنساناً منتظماً كعقارب الساعة إن لم يشوش عملها شيء فتظل تدق إلى أمد بعيد. إن إرادة الحياة تعتمد على الإنسان نفسه، لا على شيء آخر، وهي تزداد عمقاً بالتأمل والجهد الذهني المتواصل "وإن العمل ملح الحياة". الجهد والألم سئلت أم تريد التخلص من متاعب الحمل والولادة والرضاعة، لماذا لا تلدين الطفل ثم تعطينه إلى عائلة محرومة من الأطفال؟ فأجابت: بعد كل تلك المتاعب، يكون الطفل عزيزاً، وكلما زاد التعب في رضاعته كلما ازدادت اللذة بتربيته والتعلق به. الجهد والنوم لقد ظهر أن النوم عقب المجهود الذهني والجسماني يكون دائماً نوماً هادئاً عميقاً، يحس الإنسان بعده بالنشوة والحيوية تسري في جميع أعضاء جسمه. اكتشف قابلياتك! إن النصيحة التي يوجهها علماء النفس والاجتماع إلى هؤلاء هي: أن يغيروا نظرتهم نحو أنفسهم واحتياجاتهم فإن لم يثمنوا تلك الاحتياجات ولم يثقوا بها، فسوف تضمحل إن بقيت كامنة غير متخرجة، وتعمي إن حجبت عن النور.. فإن لم يجتهدوا في الكشف عن الاحتياجات المتوفرة لديهم، فلا أحد يستطيع أن يغير ما في أنفسهم.