تحتم المسئولية الاجتماعية على كل فئات المجتمع وشرائحه المختلفة استيعابها وإخراجها من حيز استشعارها والإحساس بها – باعتباره حيزاً ضيقاً – إلى حيز التطبيق والمبادرة – باعتباره حيزاً يترجم تلك المسئولية ويجعلها تفاعلية وأكثر إيجابية .. وتختلف مستويات المسئولية تجاه المجتمع وخدمته من فئة إلى أخرى ، فالدولة ممثلة بمؤسساتها الرسمية مسئولة أمام المجتمع بتوفير ما وجدت لأجله ، والمجتمع المدني بمنظماته ومؤسساته الطوعية والخيرية مناط عليها كذلك الإسهام – وبفاعلية – في ذات الأمر وإن كان هناك من يحصر دورها في التوعية والتأهيل فقط ، فيما هناك مسئوليات الأفراد التي تختلف من شخص لآخر بحسب موقعه المهني أو مكانته الاجتماعية . وهناك الشباب ، تلك الطاقة الهائلة ، والحماس المندفع ، والأذهان المتوقدة ، التي ما زالت حبيسة الإهمال والنظرة “القاصرة” من الجميع .. كثيراً ما يصرخ الشباب للمطالبة بضرورة إشراكهم في العملية التنموية وفي صنع شيء تجاه هذا الوطن ، وكثيراً ما يتم إذاعة التصريحات الرسمية بالاهتمام بهذه الفئة والحرص التام على إشراكهم في صناعة المستقبل ، إلا أن الواقع يشير دائماً إلى غير ذلك . إنهم قادرون سيكولوجية الشباب تؤكد أنهم فئة تحب الإنجاز وتتمادى مع إنجازاتها ، ولا تمل أو تسأم من أعمال ومهام تشعر أنها تمس المجتمع وتمهد للمستقبل .. إنهم قادرون على صنع الغد ، والإسهام مع الدولة في رسم ملامح المستقبل ، لعلهم أقدر فئات المجتمع على ذلك ، فكل التحولات الكبرى التي حدثت وتحدث في العالم والتي يسردها لنا التاريخ تمت ونفذت بسواعد الشباب ، لأسباب عديدة ، منها أنهم في قمة عطاءاتهم ، وجذوة حماسهم ، وفي ذروة أحلامهم ، لذلك هم قادرون على التغيير ، ومستعدون للانطلاق ، فقط إن أتيحت لهم الفرصة وتم الوثوق بهم وبقدراتهم اللامتناهية . “نحن الألفية” أربعون شاباً من أربع محافظات ( عدن – إب – الحديدة – تعز ) تجمعوا تحت سقف واحد قبل بضعة أشهر ، وفي جعبة كل منهم هدف من أهداف الألفية التي وقعت بلادنا على تنفيذها قبل حلول العام 2015م كالتزام دولي محتم ، سعوا للبدء بأولى خطوات التنفيذ والتغيير ، بتنظيم من المركز الوطني الثقافي للشباب وبالتعاون مع مبادرة نسيج المجتمعية ، تلقوا خلال تسعة أيام معارف ومهارات حول تكوين فرق العمل وتأهيلها وإدارتها ، والطرق والأساليب الأنجع في قيادتها ، بغية تحقيق الغايات المذكورة مسبقاً ، والتي تسعى كل مجموعة منهم إلى تحقيقها ، لتصب في النهاية لصالح اليمن وخدمةً للمجتمع.. سعي الشباب المحموم هذا تصاعد حتى أمست الأهداف التي وضعوها صوب أعينهم لتحقيقها وكأنها جزء منهم ، ولهذا كان المشروع الكبير في إطاره العام والذي تندرج تحته العديد من الدورات والورش التأهيلية متخذاً له اسماً ينبع من هذا البعد فكان “نحن الألفية” . أهمية مشروع “نحن الألفية” التأهيل الذي تلقاه الأربعون شاباً وصف أهميته مدير المركز الوطني الثقافي للشباب عبد الله عبد الإله سلام كونه يركز على تحقيق أهداف الألفية كنطاق للعمل ، يتم تنفيذها عبر عدة أنشطة ، وكل هدف من أهداف الألفية له نشاط مختلف ، واعتبر سلام أن مشروع “نحن الألفية” أحد المشاريع النوعية لمركز الشباب الوطني التي يسعى من خلالها إلى تدريب الشباب على معارف وخبرات إدارية وعملية من بعضهم البعض ، واكتساب مهارات في مجال عملهم . مشاركة فعلية وأضاف سلام إن المشروع بما يتبعه من برامج تأهيلية يساعد الشباب على فهم محيطهم بشكل أفضل وأوسع وذلك من خلال المشاركة الفعلية في فهم الموارد واستخدامها وتحديد الاحتياجات والتحديات ومواجهتها وإثبات ذاتهم وتواجدهم داخل مجتمعاتهم والتغيير فيه . مشيراً إلى أن كل ذلك هو من أهداف المشروع بالإضافة إلى إيصال كافة الأهداف المراد تحقيقها إلى نسبة عالية من التنفيذ .. كما يهدف المشروع إلى تعزيز قدرات فريق “نحن الألفية” الشباب وتنمية قدراتهم ومهاراتهم في القيادة والاتصال والحوار والتفاوض ، وإكتساب الخبرات من بعضهم البعض والاستفادة من تجاربهم . نتائج المشروع وقال مدير المركز الوطني الثقافي للشباب إن المشروع يسعى من خلال الدورات التدريبية والورش التأهيلية إلى تكوين مجموعات شبابية للعمل في محافظاتهم ، وتكون قادرة في التأثير على أقرانهم ومجتمعاتهم المحلية ، وأن يكون هناك تأثير على مستوى استراتيجي بعيد . بالإضافة إلى العمل على أن تكون هذه المجموعات قادرة على إنشاء وإقامة برامج وأنشطة تخدم الشباب ضمن أهداف الألفية التنموية . مضيفاً أن المشروع سيطبق على مدى خمسة عشر شهراً كانت قد بدأت من شهر يناير المنصرم . جهود مكملة وأشار سلام إلى أن جهود المركز الوطني الثقافي للشباب هي جهود مكملة وتكاملية مع الجهود التي تبذلها الدولة والحكومة ومنظمات المجتمع المدني الأخرى . وقال إنه من الضروري أن نتشارك كمنظمات مجتمع مدني ومؤسسات رسمية في برامج وأنشطة تحقق أهداف المجتمع ، وتسعى لتطويره ، وهذا الأخير من صلب أهداف المنظمات المجتمعية وأحد أسباب وجودها . مؤكداً ن الجهد الأكبر يقع على عاتق أولئك الشباب المبادر والإيجابي الذي تحمل المسئولية ، وراهن على القيام بمهمته في تحقيق الأهداف التنموية ، ليكون مشاركاً رئيسياً في بناء مستقبله ، كون هذه المجالات التي سيقوم الشباب بتفعيلها تصب في خدمة المجتمع وأفراده ، ونفعها يتعدى الواقع الحاضر إلى المستقبل . الأهداف الألفية التي سيسعى الشباب إلى تحقيقها ، عبارة عن أهداف تنموية يحتاجها المجتمع ، وتصب في صالح تطويره وتنميته حضارياً واجتماعياً وتثقيفياً ، منها التوعية بأهمية التعليم خاصة عند الفتاة ، بالإضافة إلى التركيز العملي على النظافة والبيئة وارتباطها بالبعد الحضاري وتقدم الشعوب ، والتوعية بمخاطر الأمراض العصرية الخطيرة من أجل مجتمع صحي قوي قادر على النهوض ، والقدرة على التخلق بالصفات القيادية كالحوار والإتصال وقيادة فرق العمل ، والدعوة للتعايش والانفتاح ، ونشر ثقافة صحية عامة ، وغيرها من الأهداف التي تحقق رفاهية المجتمع في مختلف الجوانب . نموذج عملي بداية يناير كان الشباب على موعد مع البدء بتحقيق الأهداف المنشودة التي تعهدوا بتحقيقها ، كانت أولاها قيام المجموعة السابعة المعنية بتحقيق هدف البيئة الأفضل وهي إحدى مجموعات فريق نحن الألفية التابعة بمبادرة تنظيف شارع العواضي بمحافظة تعز بالشراكة مع فريق المتطوعين اليابانيين . وقد قام الشباب بحملة توعية عن الحفاظ على نظافة الشارع شملت محلات شارع العواضي وتنظيفه وقد استمرت الحملة لمدة ثلاث ساعات آتت ثمارها وحققت أهدافها. الملفت للانتباه أن المواطنين الذين كانوا متواجدين في الشارع تعاونوا مع فريق المتطوعين ، وأبدوا تفاعلهم مع الشباب المبادر. مشاركة عملية ماجد محمد صالح الشرماني قائد المجموعة قال إن الهدف من هذه المبادرة هي تعزيز الولاء للمكان والوطن من خلال المشاركة المجتمعية في الحفاظ على البيئة بالمشاركة العملية الفعلية ، كما نسعى من خلال ذلك إلى أن يكون بلدنا نظيفاً وجميلاً، وكذا توعية الشباب والمجتمع بأهمية العمل التطوعي، ونشر الوعي القانوني بقانون النظافة والبيئة. وقال أن هذه المبادرة هي البوابة الأولى للعمل الميداني لبرنامج مجموعة البيئة باستهداف أحد شوارع تعز وجعله شارعاً نموذجياً كون المجموعة السابعة تستهدف الهدف السابع من أهداف الألفية والذي يتعلق بتحقيق البيئة المستدامة . إدراك واسع المبادرة التي تقام بدعم من برنامج نسيج – مبادرة التنمية الشبابية المجتمعية والتي مقرها الأردن - تركز كثيراً على الجانب العملي ، و التوعية بأهداف الألفية و تعزيز ودعم مساهمة الشباب في تحقيق أهداف الألفية في اليمن بالإضافة إلى إعطاء فرصة للشباب لإثبات دورهم في المجتمع و تأهيل وتطوير مهارات وقدرات الشباب من خلال المشاركة الشبابية المجتمعية . .كما أن المشروع يعمل على تحقيق معرفة واسعة للشباب بالإشكاليات التي تحيط بهم وكيف يمكن مشاركتهم في حلها وخلق فرص لإظهار الشباب صاحب الأفكار الجديدة الجيدة والخلاقة وإبراز الشباب المبدع منهم ويطمح على المدى البعيد في تكوين جماعات شبابية مؤهلة وقادرة على العمل بمفردها في المستقبل وفي مجالات مختلفة وبالتالي سيعزز الشباب دورهم في التنمية الشبابية المجتمعية وهذا سيعمل على ارتفاع مؤشر تطبيق اليمن لأهداف الألفية. الشباب هم الأمل إنهم الشباب .. من يمتلكون قوة جارفة تدفع أولئك الفتية في وعي وإدراك عظيمين صوب عمل شيء للمجتمع ، وصناعة التغيير المنشود ، مما يؤكد أن الشباب هم أمل الأوطان ، فبهم تلمس الآمال واقعاً ، وتتحول الأحلام من مجرد خواطر عابرة إلى صروح مشاهدة يشار إليها بالبنان . فلا شيء يحتاجه الشباب سوى المزيد من التشجيع ، والثقة في قدراتهم ، مع الكثير من التدريب والتأهيل والمساندة ، فهم أمل الأيام القادمة .