أَوَ كيف أبدأ . . ؟ كيف أنعتها وكيف أصوغها نغماً على قمر القصيدة كيف أدنو من بهاء حضورها ؟! فالحرف يعجز أن يسافر في معارج وهجها والحرف سوف يعود مدحوراً لأن الله أودع في حنايا روحها سرّاً خفيّاً ليس يعرف كنهه إلاه جل جلاله ولأنها أندى القصائد ، أروع الألحان باذخة كمملكة السنا أو دهشة الوجد المباغت كالربيع البكر كالغصن الطريِّ شهيّة كالشهد. . . . . قل ما شئتَ حتماً سوف تعجز عن صياغة برقها فهي العصيّة لا توزع وجدها للعابرين ولا تبوح بسرها إلاّ لمَن في بحرها يهوى السباحة من يجيد الغوص في نعناع عينيها وشجو هديلها قد يسألون بمَن ترى تهذي أقول بمَن لها في القلب مملكة مسيّجة بشوقٍ ممطر بأميرة المدن البهّية قُبلة الصبح الثريِّ بل وقاموس الغواية هاجس الشعراء أمطار الهوى عطر القناديل الشهيّة والسنيّة مرفأ البسطاء . . . أغصان النقاء الحضرميِّ فقل إذاً ما شئتَ حتماً سوف تعجز عن مجاراة الهديل الحلو في ترنيمها
فإذا رأيت مدينةً البحر يرقد هادئاً في حضنها والحب قبّعة يظللها . . . فقل : هذي المكلا وإذا رأيت مدينةً بيضاء ناصعة تسر الناضرين جميلة كالسنديانة غضّة رقراقة مثل الحنين وحرة مثل الأماني البيض قل: هذي المكلا وإذا رأيت مدينةً في مقلتيها يستحم العشق أغنية ودندنة فقل : هذي المكلا وإذا رأيت مدينةً سكانها البسطاء والعلماء والأدباء والفقراء قل : هذي المكلا وإذا رأيت مدينةً في صوتها شجنٌ شهيٌ في شغاف فؤادها مطر شهيّ الوجد أشواق، عصافير رؤىً خضراء أحلام، ورود محبةٍ قمر يداعب ثغرها قل : إنها هذي المكلا وإذا رأيت مدينةً في كبرياء وميضها سحر يميزها كأن نجومها قبلٌ ترش حنانها في كل ناحيةٍ فقل : هذي المكلا
أما إذا ما رمتَ أن تدنو لتلمسَ بوحها ستحار من أيِّ القوافي سوف تدلف نحوها. . . كيما تراها مثل قافية الندى أنثى كحور العين سامقة . . . وساحرة فسر في وهجها المغناج أن العشق . . ما أحلاه ما أشهاه إن كانت حبيبتك المكلا