للقضاة التجاري دوره في حسم الكثير من القضايا التجارية في بلادنا .. حيث شهدت هذه القضايا تزايداً مستمراً خلال الفترة الأخيرة من العام الماضي وتشير الاحصائيات الصادرة عن المحكمة التجارية في أمانة العاصمة أن العام 2009م كان الأكثر في حجم القضايا الواردة إلى المحكمة.. القاضي محمد عبدالله القدسي معاون المحكمة التجارية بالأمانة يصف المحاكم التجارية في اليمن بأنها محاكم نوعية متخصصة، مهامها القضايا التجارية وحماية الاستثمار والمستثمرين في اليمن وأضاف: طبعاً كانت المحاكم التجارية قبل الوحدة عبارة عن ثلاث محاكم تجارية موزعة على محكمة واحدة في صنعاء ومحكمة في تعز وأخرى في الحديدة، حتى جاءت الوحدة المباركة وتم إنشاء محكمتين أخريين في كل من عدنوحضرموت.. وزعت اختصاصات هذه المحاكم الخمس على عموم محافظات الجمهورية.. فأمانة العاصمة تضم محافظات أمانة العاصمة وعمران وصنعاء والجوف وذمار ومأرب والبيضاء ، ومحكمة الحديدة تضم حجة والمحويت والحديدة ، أما محكمة عدن تضم ثلاث محافظات، حضرموت وشبوة والمهرة،وتعز تضم تعز ولحج وأبين. .وأضاف: كان لتوجهات القضاء التجاري نحو الإصلاح المالي والإداري عبر رئيس مجلس القضاء الأعلى وبجهود معالي الأخ وزير العدل الدكتور غازي الاغبري، تم إنشاء خمس شعب متخصصة في مجال القضاء التجاري في محاكم الاستئناف وهي مستقلة ماليا وإداريا مع قضاتها. اختصاص وعن القضايا التي تمارس المحكمة اختصاصها عليها قال: ان هناك تنوعاً للقضايا التي تتناولها المحاكم التجارية كقضايا الملكية والعقود والعلامات التجارية ولاسيما التجارية، والمقاولات بشكل عام، كذلك توجهت الوزارة بقيادتها لتخصيص القضاء للفصل في القضايا العادية كالعلامات التجارية والمقاولات والإسقاط وغيره، وأهم القضايا التي تصل إلى المحكمة هي المقاولات والسمسرة والمصارف التجارية والاستثمار والشركات والإفلاس، وكل ما هو ذو طابع تجاري فالمحكمة تختص به. قضايا المقاولات ونوه إلى أن أكثر القضايا التي تصل إلى المحكمة والتي تغلب على مجمل القضايا الواردة إلى المحكمة هي قضايا المقاولات، ويرجع السبب لعدم وجود الوعي الكافي لدى المتعاملين في هذا الجانب، وبسبب عدم وضع العقود بينهم حال الاتفاق على المصالح المشتركة، ولا يعرفون الفائدة من هذه العقود وهذا ناتج عن عدم وجود الوعي الكافي لدى صاحب المصلحة، فالذي يرهق كاهل المحكمة أن هناك دعاوى بدون مستندات ونبدأ ندخل بجلسات كثيرة حتى نثبت طرق الإثبات قانونا مكتوبة وغير مكتوبة.. لكن إذا كان عند المواطن ثقافة يذهب إلى محام ليعد له الدعوى ويوفر على القاضي والإداريين الجهد بمجرد دخوله في هذا الترتيب .. لكن كل يوم يريد أن يصحح الدعوى مما يشكل إرباكاً وتأخيراً على حكم النزاع. كم هائل من القضايا وأضاف: إن الكم الهائل الوارد إلى المحكمة يزداد عاما عن عام فمنذ العام 2000م لدى المحكمة أكثر من 1000-1500 قضية تقريبا، حتى وصلت إلى نحو 3500 قضية خلال العام 2009م، بلغ نسبة الانجاز في هذه القضايا وصل الى75% تقريبا.. ولدى المحكمة إحدى عشرة هيئة قضائية في المحكمة التجارية في الأمانة والتي هي تشرف على ثماني محافظات من محافظات الجمهورية إلى جانب قاضي التوكيل الذي هو رئيس المحكمة التجارية القاضي نبيل النقيب قاضي التوكيل في المحكمة.. فالقضايا الواردة إلى المحكمة كثيرة جدا والسبب أن الرسوم التي يدفعها المواطن لرفع الدعوى بسيطة وهذا يؤدي إلى كثرة القضايا الواردة إلى المحكمة فالمواطن يمكن أن يرفع دعوى ب50 ألف ريال، وب100 ألف ريالاً، و30ألف ريال فرسوم رفع الدعوى لاتتجاوز ال350 ريالاً والمحكمة لا تستطيع أن ترفض دعوة ب50 ألف ريال أو 100ألف ريال لأن ذلك إنكار للعدالة مما يزيد حجم القضايا الواردة إلى المحكمة والتي تأخذ بعد ذلك جهد ووقت القاضي وتعطله عن القضايا الأخرى الكبيرة التي تصل الدعوى فيها إلى ملايين الريالات وأكثر.. ونتخذها فرصة عبر صحيفتكم إلى أن نتوجه للجهات المعنية لإعادة النظر في تلك الرسوم للدعاوى التجارية بحد ذاتها على اعتبار أن الرسوم هي الحد الفاصل بين صاحب المصلحة - المدعي- وبين القضاء الذي يقدم الخدمة المجانية ، فإذا كانت الرسوم مناسبة فستحد من الدعوى الكيدية وستحد من التراكم للقضايا .. الذي لم تزد النسبة له بشكل كبير حتى الآن ولكن في المستقبل وفي حالة إذا ما زاد حجم الدعاوى الواصلة. المرتبة الأولى وقال: إن المحكمة التجارية احتلت في العام 1998م المرتبة الأولى على مستوى الشرق الأوسط في مستوى النشاط والكفاءة والتجهيزات الموجودة فيها ، وهذا جاء نتيجة للاهتمام والرعاية بها ولأن الكادر الموجود فيها ذو كفاءة عالية فأوائل الدفع المتخرجة من معهد القضاء يوزعون على المحاكم التجارية كالدفعة الحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة، ولدينا الآن الدفعة الخامسة عشرة التي هي بصدد توزيعها، الآن سيكون للمحاكم التجارية النصيب في أوائل الخريجين منها. عوائق وأوضح: إن المشاكل التي تواجهنا ليست كبيرة جداً بل بسيطة كمسألة التعديل في القوانين كقانون المرافعات الذي صدر أخيرا والذي نحن بصدد تعديل بعض القوانين فيه من اجل تقريب وجه العدالة من المواطن أكثر، وبحيث تتحول إلى قوانين سهلة بعيدة عن السلبيات التي كانت موجودة قبل الوحدة والتي كانت تحمل نوعاً من التطويل والغموض، وقد لاحظنا أن هناك قفزة نوعية في مجال تعديل القوانين كالقانون التجاري وقانون الشركات التجارية، حتى أعطى للمستثمر الأجنبي الحق في الامتلاك إذا كانت الشركة باسمه، كدليل على التوسع والانطلاق الذي انتهجته القيادة السياسية ممثلة بفخامة الأخ رئيس الجمهورية- حفظه الله - الذي أعطى جل اهتمامه للقضاء التجاري باعتباره صمام أمان الاستثمار والمستثمرين، ومن ثم بدأت اليمن تخطو خطوات نموذجية شهد لها الجميع، وأصبح للقضاء كيانه وخبراته وكفاءاته ممثلة في القضاة الذين يعملون تحت سقفه في المحكمة العليا ممثلة بالقاضي عصام السماوي والدكتور غازي الاغبري، والدكتور عبدالله العلفي النائب العام، وهم يمثلون حلقة وصل متكاملة لخدمة الوطن، الذي تفوق على القضاء الموجود في بعض الدول العربية، وهذا يدل على الإعداد الجيد للقاضي والقضاء في اليمن . القطاع الخاص وقال: إن التنسيق مع القطاع الخاص هو حلقة الوصل والمرجع الأساسي فالمحكمة مع القطاع الخاص في تنسيق مستمر ولا نجد أية شكاوى أو تداعيات حول القضاء التجاري، باعتبار القضاء هو المرجع والمطاف وهو صاحب الكلمة الفاصلة للجميع.. كما ان القضاء التجاري والقطاع الخاص يقومون بعقد دورات وورش عمل يتم استقطاب القضاة إلى هذه الورش على أساس أن تكون هذه الدورات التنشيطية هي السبيل لتنشيط العمل التجاري الذي يهم القطاع الخاص التجاري في اليمن، وهي وسيلة وفرصة تمكن القاضي من أن يأخذ نبذة عن العمل التجاري في اليمن ويكون صورة واضحة عنه. مسؤولية وقال: إن المسؤولية في عدم وجود الوعي الكافي لدى المواطن في كيفية التعامل مع الوثائق حال الاتفاق في الأعمال التجارية والمعاملات التجارية تقع في الأول والأخير على المواطن نفسه وثقافته، فالمحكمة إجراءاتها رقابية فقط، تراقب الخصومة ولا يحق لها أن تفصل إلا فيما تقدم إليها.. كما أن وزارة العدل ممثلة بوزير العدل قد خصصت إدارة خاصة بالعلاقات العامة وهي متخصصة بالتوعية تقوم بعمل التوعية وعمل الإرشادات التي هي موجودة في الوزارة وفي المكاتب الأخرى التابعة لها، ودليل التقاضي موجود أيضا في كل مكان ويوزع مجانا للمواطن ونشكر الجهات المشرفة على ذلك. تأخر البت وقال: إنه إذا ما حدث تأخر في البت في القضايا فإن المسؤولية تعود على صاحب الدعوى المتقاضي ، فضروري أن يتوفر لديه أوراق باعتبار القضاء التجاري هو قضاء مستندي، يكون عن طريق الالقاء والوقائع المادية، فيصل إلى المحكمة بإجراءاته المعتادة وأي قصور أو تذمر هو راجع لصاحب المصلحة نفسها، فالقضاء دوره رقابي إجرائي، يراقب الخصومة ولا يستطيع أن يتجاوزها ، وفي نهاية المطاف هو يصدر حكمه على الأوراق التي قدمت إليه. قضاء خارجي وعرف العلاقة بين القضاء التجاري اليمني والقضاء العربي الدولي بأنها موجودة ووزارة العدل تعكف على إرسال الخبرات إلى المعاهد القضائية من دول الخليج العربي والمغرب العربي، إلى جانب إيفاد القضاة للاستفادة من الدورات التي تقام هناك ، كما حدث في إرسال قضاة إلى دولة لبنان الشقيقة وهناك ما نسبته 100 % من القضاة الذين يحصلون على دورات داخلية وخارجية. لأول مرة سيف عبد الرحمن نائب معاون المحكمة رئيس وحدة السجلات والإحصاء بالمحكمة التجارية بالأمانة أشار إلى الإحصائيات التي أصدرتها المحكمة وقال: إن هذه الإحصائيات لأول مرة تصدر في المحاكم اليمنية بالتنسيق الذي نراه اليوم، فبعد ان عكفنا لمدة ستة أشهر حرصنا على ان تصنف القضايا حسب القضاة أنفسهم لنعرف كم وصل الى كل قاض من القضايا الواردة الى المحكمة حسب كل عام، ومن خلال معرفة القضايا المتعثرة، ومعرفة وإيضاح الصورة أمام القضاة أنفسهم ليتمكنوا من التنسيق ومعرفة مالهم وما عليهم من اجل سرعة تحريك القضايا. إحصائيات وأرقام وأضاف: إن الإحصائيات للقضايا المنظورة أمام المحكمة التجارية والتي وصلت إلى 3893 قضية منذ العام 1415ه إلى العام 1430ه، تم تصنيف القضايا حسب النوع لنتعرف على أنواع القضايا الواردة إلى المحكمة ونضع المعالجات المناسبة لها، لنجد مثلاً كثافة في القضايا المديونية التي وصلت عدد القضايا فيها لنحو 979 قضية يليها قضايا العقود 676 قضية يليها قضايا الاستحقاق لدى الغير 360 قضية، إجمالي القضايا المنتهية 1927 قضية، ومعظم القضايا المرحلة لا يعني أن المحكمة تأخرت فيها ولكن هناك أسباب لعدم إشارة الأرقام إليها، لأنها منتهية بسبب، فهناك استئناف فرعي لها وهي معلقة في محاكم أعلى أو لم تعد إلينا لنعرف انه تم البت بها أم لا، وتظل رقما على المحكمة والقاضي، أيضا هناك قضايا تم استبعادها بعد مضي الفترة القانونية من اجل إسقاطها - ثلاث سنوات- لعدم عودة الأطراف إلى المحكمة. قضايا واردة مؤكداً أن العام الماضي كان أكثر الأعوام تسجيلا للقضايا الواردة إلى المحكمة والذي سجل أكثر من 2125 قضية لم تصل المحكمة إلى هذا الرقم خلال السنوات الماضية والوارد في ازدياد وتصور ان العام الحالي قد وصل عدد القضايا المسجلة الى 370 قضية خلال شهر ونصف الشهر من العام الحالي الهجري. الحكم في التنازع المحامي خالد أحمد البريهي طرحنا عليه أسئلتنا عن القضاء التجاري في اليمن حيث أشار إلى ذلك بقوله: إن القضاء بشكل عام والقضاء التجاري بشكل خاص وسيلة مهمة يتحقق بهما العدل وتستقر الأوضاع وتتحقق بوجودهما الثقة الواجب توافرها بين شريحة رؤوس الأموال ،لكون القضاء التجاري يعتبر الحَكم عند التنازع في المسائل التجارية ومتعلقاتها، فهو حصن العدل والحارس الأمين لرؤوس الأموال والعامل الأساسي الذي يعول عليه في خلق بيئة اقتصادية واستثمارية تبعث الاطمئنان في نفس المستثمر أين كان نوعه أجنبياً أو محليا، ومن هنا جاءت الحاجة إلى الاهتمام بالقضاء التجاري الذي بدأ من إنشاء المحاكم التجارية في بعض المحافظات ورفدها بكوادر قضائية شابة وانتهاءَ بضرورة إيجاد المباني لها. لابأس به وأضاف البريهي: على الرغم من حداثة النشأة للمحاكم التجارية باعتبارها محاكم متخصصة نوعية في القضايا التجارية إلا أنها قطعت شوطاً لابأس به ،وهو الأمر الواضح من خلال تعامل شريحة المحامين معها، ومن خلال الاعتراف بالتحسن لهذا النوع من القضاء من قبل بعض المنظمات الدولية كالبنك الدولي، الأمر الذي يتطلب المزيد من تضافر الجهود للوصول لمرتبة أفضل مما هو عليه الآن من خلال التحديث المستمر لآليات عمل المحاكم التجارية وتنمية قدرات القضاة العاملين في القضاء التجاري والتدريب والتأهيل المستمر لأعوانهم من أمناء السر والكتبة والمحضرين . وهناك أمر في غاية الأهمية وهو إيجاد قضاة متخصصين في القضاء التجاري يتم تأهيلهم من خلال دورات نوعية تخصصية ،وألا تكون حركتهم القضائية إلا في نطاق القضاء التجاري إلا من يثبت عدم كفاءته فيه. إسهامات أما من حيث إسهامات القضاء التجاري في الجوانب الاقتصادية للقطاع الخاص فتكفي مساهمته من وجهة نظرنا في الوقت الحاضر في تحقيق إعادة الثقة التي كان قد فقدها القطاع الخاص في القضاء ، من خلال سرعة البت في القضايا المعروضة عليه بالمقارنة عما كان عليه في السابق، أما الإسهامات في مجال الاستثمار تكاد تكون بسيطة من وجهة نظري لعدة أسباب منها عدم اكتمال البناء التشريعي للقضاء التجاري كوجود قانون للتجارة الالكترونية وأحكام خاصة وتفصيلية بالعقد الالكتروني، إضافة إلى إزالة التعارض بين القوانين وتحديد مدد زمنية للفصل في القضايا المطروحة وأهم من ذلك هو ان القضاء التجاري لا يمتلك من الوسائل الكافية لتنفيذ الأحكام المتعلقة بقضايا الاستثمار والتي تعتبر المشكلة الرئيسية التي تقف أمامه وأمام بيئة الاستثمار بشكل عام باعتبار أمر تنفيذ الأحكام أصبح من المعايير الأساسية في تقييم القضاء في الأخير هذا النوع من القضاء يحتاج إلى مؤتمرات متكررة يشارك فيه المعنيون من قضاة ومحامين وأصحاب رؤوس الأموال من مستثمرين وتجار لمناقشة العوائق والمشاكل التي تعترض طريقه لأن تحديثه وتقوية دعائمه ستنعكس بطبيعة الأمر على الحالة الاقتصادية للبلد بشكل عام.