عرفته في لقاء عابر أثناء تناول وجبة الإفطار، ذات فجر صنعاني بهيج قبل 2011، بصحبة الرجل العظيم الأستاذ أحمد القميري. كان شخصًا نحيل الجسد، خفيف الروح، قليل الكلام. مرت سنوات، وجاءت جائحة مليشيات الحوثي، وتردد اسم عبده سالم فرحان في الإعلام كقائد عتيد قادم من زمن الجسارات. وكانت المفاجأة حين نُشرت صورته لأول مرة، ظللت أحدق فيها لأكتشف أن هذا العملاق هو ذلك الشخص الذي عرفته من قبل. كم كانت المفارقة مدهشة! كيف لهذا الجسد النحيل أن يحمل عبء مواجهة مليشيات الحوثي على كتفه؟ أي قوة إرادة مع بساطة يحملها المستشار سالم! هذا قائد فريد يعيد تعريف القيادة باعتبارها تضحية بصمت. قائد لم يحمل نياشين من قبل، لأن بعض من حملوها على أكتافهم، وضعوها لاحقًا على أكتاف مليشيات الحوثي وسلّموا الوطن. ثم لاحقًا ستخرج من أفواههم لحن قول: "هذا جيش المدرّسين". لم لا؟ ألا يستحق المعلّم أن ينال شرف الدفاع عن الوطن حين خانته بعض النياشين والأوسمة؟ ألا يستحق المعلم أن يغدو تمثالًا للبطولة في الدفاع عن الوطن بدمه، بعد أن صاغ الكرامة بحبره؟ المستشار سالم صورة مكثفة للأبطال الذين حرسوا الوطن حين خذلته قيادته ونُخبه. ويضيف اليوم المستشار سالم تضحية جديدة، ويقدّم فلذة كبده "عُمر" شهيدًا في الدفاع عن اليمن. رحم الله الشهيد عُمر، وكل الشهداء.
ستظل اليمن عصيّة وقوية، طالما كان هناك من أمثال سالم.