عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الريال يخطط للتعاقد مع مدرب مؤقت خلال مونديال الأندية    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    غريم الشعب اليمني    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    الحكومة تعبث ب 600 مليون دولار على كهرباء تعمل ل 6 ساعات في اليوم    "كاك بنك" وعالم الأعمال يوقعان مذكرة تفاهم لتأسيس صندوق استثماري لدعم الشركات الناشئة    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    مئات الإصابات وأضرار واسعة جراء انفجار كبير في ميناء بجنوب إيران    برشلونة يفوز بالكلاسيكو الاسباني ويحافظ على صدارة الاكثر تتويجا    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    لتحرير صنعاء.. ليتقدم الصفوف أبناء مسئولي الرئاسة والمحافظين والوزراء وأصحاب رواتب الدولار    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صيادو الحديدة:" يا بحر من يحميك"
ضمن ما تمارسه الجرافات وسفن الاصطياد الأجنبية القضاء على المستوطنات السمكية
نشر في الجمهورية يوم 13 - 03 - 2010

“جاور بحر وإلا ملك” مثل شعبي أو حكمة معروفة ومشهورة يرددها الآباء والأجداد، وهي حكمة لم تأت من فراغ، فالاستقرار بجوار البحر أو الملك يخلق فرصاً جيدة للعمل والعيش والاسترزاق، وتأتي تلك الفرص بجوار البحر من خلال عملية الاصطياد ومهنة الصيد التي تمثل محركاً رئيسياً للكثير من فرص العمل المرتبطة بها مباشرة وكذا المرتبطة بها بشكل غير مباشر.
كانت هذه هي الفكرة التي على أساسها ذهبنا لإنجاز مادة صحفية حولها في ميناء الاصطياد السمكي بالحديدة...لكننا غيرنا رأينا بعد لقاءاتنا مع عدد من الصيادين الذين طرحوا علينا عدداً من القضايا والإشكاليات التي تعترضهم في البحر الأحمر وتهدد مستقبل مهنتهم التي يستفيد منها كثيرون ممن هم ليسوا بصيادين أكثر من استفادة الصيادين أنفسهم...ولأهميتها تخلينا عن فكرتنا لتتركز على أهم ما طرحه الصيادون من مشاكل وقضايا تعترضهم ولسان حالهم يصرخ بصوت عال:”يا بحر من يحميك” لنجعل من لسان حالهم عنواناً لهذا الملف
كانت أبرز القضايا والمشاكل التي طرحها علينا الصيادون وأهمها حسب تقديرنا هي مشكلة العبث والتدمير لمواقع الصيد والمستوطنات السمكية والشعاب المرجانية في مياهنا الإقليمية وذلك من قبل سفن صيد تجارية أجنبية وهي سفن وقوارب الصيد المصرية التي يسميها الصيادون اليمنيون “الجرافات المصرية” التي تجرف الأخضر واليابس وتمارس عملية تدمير واسعة للشعاب المرجانية والأشجار القاعية والبيئة البحرية التي تلجأ إليها الأسماك وتستوطنها وتعتمد عليها في تكاثرها واستخدامها كملاجئ ومخابئ ومأوى تحتمي بها وتحمي فيها بيوضها وصغارها...الأمر الذي الحق الضرر الكبير بتلك الشعاب والمستوطنات ويؤدي إلى هجرة الأسماك المستوطنة وانقراضها في مساحات واسعة وشاسعة من مياهنا الإقليمية وقد أثر ذلك كثيراً في عمل الصيادين وقلة انخفاض صيدهم ودفعهم للسفر للأعماق البعيدة ومواجهة أخطاء عديدة.
منح التراخيص
يتم الترخيص لبعض سفن الصيد الأجنبية من قبل سلطات بلادنا للسماح لتلك السفن بالاصطياد في مياهنا الإقليمية ، التي تمتاز بوفرة وتنوع أحيائها البحرية، ويتم الإشراف والرقابة على السفن المصرح لها بالعمل من قبل الجهات المناط بها منح التراخيص وهي وزارة الثروة السمكية، ويتم التأكد من عدم ارتكاب تلك القوارب والصيد لأي مخالفات أو تجاوزات قد تضر بالبيئة البحرية وتؤثر على المخزون السمكي...وإلى سنوات معدودة خلت كان مرخصاً لبعض السفن والقوارب المصرية العمل تحت إشراف ورقابة سلطات بلادنا...ومع ذلك كانت كثير من قوارب وسفن الصيد المصرية تخترق مياهنا الإقليمية وتمارس ما يحلو لها من صيد جائر....والآن لا يوجد أي ترخيص لأي سفينة مصرية بالعمل والدخول في مياهنا حسب إفادة الأخ عبدالله بورجي- مدير عام مكتب وزارة الثروة السمكية بالحديدة..
إلا أن الصيادين يؤكدون أن السفن والقوارب المصرية ما زالت تدخل إلى المياه اليمنية وتمارس عمليات صيد جائرة وعمليات تجريف مدمرة للشعاب المرجانية والأشجار القاعية، ملحقة الضرر الكبير بالبيئة البحرية والمستوطنات السمكية وقد أثر ذلك في المخزون السمكي وأدى إلى انقراض العديد من بعض أنواع السمك في كثير من المناطق واختفاء الأحجام الكبيرة من أنواع بعض الأسماك الأخرى.
لا رقيب ولا حسيب
علي حنش نهاري الملقب بشيخ الصيادين لأنه يمثل مرجعية لكل الصيادين بمدينة الحديدة الذين يلجأون إليه في حل مشاكلهم و التحكيم في قضاياهم، أكد لنا أنه ونتيجة لنشاط السفن المصرية في مياهنا الإقليمية وقيامها بالصيد الجائر دون رقيب أو حسيب فقد انقرضت العديد من أنواع السمك التي كان يجدها في الماضي.
بوفرة وبأحجام كبيرة....”الشيخ علي” كما يدعونه يعمل في البحر منذ أكثر من “40” عاماً حسب إفادته ؛إذ بدأ رحلته مع مهنة الاصطياد وهو في سن العاشرة وظل محافظاً على مهنة آبائه وأجداده قال لنا:”كنا في الماضي نجد كل أنواع السمك وبأحجام كبيرة وفي المناطق القريبة من الساحل، وكنا لا نصطاد سوى الكبير منها ونترك الصغيرة لكي تنمو، لكن بعد أن ظهرت هذه السفن بدأت تلك الأسماك تتناقص تدريجياً سواء من حيث الكميات أو من حيث الأحجام، إذ بدأت كميات الأسماك تنكمش وتتناقص شيئاً فشيئاً وعاماً بعد آخر، إلى أن اختفت علينا في العديد من المناطق والمواقع التي كنا نعتاد تواجدها والسبب هو نشاط السفن المصرية التي دمرت وخربت الكثير من الشعاب المرجانية وقضت على المستوطنات السمكية فيها وأصبح من النادر أن نجد أحجاماً كبيرة أو متوسطة لكل نوع من الأنواع التي إن توفرت في بعض المواقع فتتوفر بكميات بسيطة وبأحجام صغيرة لا تسمن ولا تغني من جوع في حين أن بعض أنواع السمك انقرض واختفى تماماً.
اصطياد جائر
ويشرح الصياد علي حنش كيف أثر نشاط سفن وقوارب الصيد التجارية المصرية على مخزون الصيد والوفرة السمكية في مياهنا بالبحر الأحمر قائلاً: إن الجرافات المصرية تتسلل باستمرار إلى مياهنا الإقليمية وتقوم بالصيد الجائر والتدمير المؤثر للأسماك من خلال عدة عمليات مدمرة تقوم بها ومنها أولاً : الصيد الجارف من خلال جرف الأسماك كبيرها وصغيرها ،جرف كل ما يصادفها من أحياء بحرية سواء كان يستفاد منها أم لا، وثانياً: أخذ ما تستفيد منه من الأنواع التي تجرفها ثم ترمي ببقية الأنواع ميتاً إلى البحر الأمر الذي يؤثر على بيئة تواجد وتكاثر الأسماك حيث لا يتاح للأسماك الصغيرة أن تنموا ثم إنه يتم قتل أنواع لا يستفاد منها من خلال جرفها ثم إعادتها ميتة وهو ما يعمل على تلويث وإفساد بيئة الأسماك وثالثاً :إن الجرافات المصرية تقوم بعملية الجرف في قاع البحر وداخل الشعاب المرجانية وتتلف بيوض الأسماك وصغارها وتقتل المرجان المكون للشعاب المرجانية وهي شعاب تعتمد عليها الأسماك في البقاء والتوالد والاستيطان،مضيفاً :إن إتلاف وتدمير الشعاب المرجانية يتم من قبل تلك السفن من خلال جرفها وتدميرها مباشرة ومن أجل الحصول على ما في أدغالها من أسماك ثم يتم إعادة رمي المرجان ميتاً والذي قد يسقط على مرجانات لا تزال حية فيميتها.. ويؤدي إلى إفساد المنطقة بأكملها..
كما أن الجرف فيها أو في قاع البحر يخلف غباراً يقتل الشعاب المرجانية ويسد مساماتها وهذا الغبار يمتد باتساع بعد الجرف إلى أماكن أخرى ويقتل الشعاب بسد مسامات المرجان وكذا حجب أشعة الشمس لفترة وكل ذلك يؤدي إلى موت المرجان ودمار شعابه مما يجعلها غير صالحة لتكاثر وتوالد الأسماك وتوطينها ويؤدي إلى انقراض السمك وهروبه إلى الأعماق هذا إضافة إلى ما تقوم به تلك الجراف من تدمير،وقتل مباشر للمرجان وجرف بيوض وصغار السمك.
كل أنواع السمك تضرر
ويوضح حنش أن الأسماك في البحر الأحمر يمكن تصنيفها إلى قسمين الأول يشمل الأسماك المستوطنة والتي تستقر وتتوطن وتشكل مستعمرات أو مستوطنات وهي تشمل كل أنواع الأسماك المرجانية وما يندرج تحت كل نوع من فصائل مختلفة وذلك مثل سمك الجحش وفصائله المتعددة وسمك الحميق وسمك الشينة والكشر وغيرها من الأنواع التي تعد بالمئات، والقسم الثاني يشمل الأسماك المهاجرة أو العابرة التي تعبر المنطقة في طريقها وكذا الأسماك التي تنتقل وتهاجر ثم تعود في مواسم معينة ومن أمثلة ذلك سمك الديرك وسمك الزينوب وسمك الهلر والباغة وغيرها من أنواع عديدة .. مشيراً إلى أن أسماك القسم الأول وهي الأسماك المتوطنة والمرجانية هي التي تتأثر كثيراً بعمليات الجرف والصيد الجائر والتدمير المستمر لبيئتها ومستوطناتها المرجانية .. وتضطر للهروب إلى الأعماق والبحث عن مواطن أخرى وتختفي أو تنقرض من مناطق الجرف والتدمير ومن الشعاب المرجانية التي تتعرض للتخريب..
ومن ثم فإن الأسماك العابرة أو المهاجرة الأخرى تتأثر تبعاً لتأثر الأسماك المتوطنة، فبعض الأسماك المهاجرة تمر لتتغذى وتصطاد من الأسماك المستوطنة في مواسم معينة وبعضها تأتي لتتناسل في الشعاب المرجانية وتترك بيوضها وصغارها التي تلحق بها بعد اكتمال نموها.. وهكذا تستمر دورتها الحياتية لكن عندما تتعرض هذه الشعاب المرجانية للخراب وهو ما يحدث فإن الضرر يلحق بكلا النوعين من الأسماك المتوطنة والمهاجرة على حد سواء..
سفر طويل
أجمع الصيادون الذين قابلناهم أن التسلل المستمر للجرافات وقيامها بالجرف المدمر والتخريب المستمر للشعاب المرجانية والأشجار القاعية أدى إلى انخفاض وانقراض كميات الأسماك في كثير من المواقع والمناطق التي اعتادوا على الاصطياد منها في الماضي.. ولذلك فإنهم يضطرون إلى التوغل في عمق البحر والسفر بعيداً للبحث عن الصيد ويظلون يتنقلون ويبحرون عدة أيام وقد تستمر رحلاتهم إلى ما يقارب الشهر لكل رحلة..
إذ يقول الصياد عادل مريش : كنا في الماضي نخرج إلى أماكن قريبة ونجد ما يكفينا من الصيد ونعود في نفس اليوم واليوم التالي وقد جلبنا الكثير من الأسماك ومع مرور الأيام والأعوام بدأت الأسماك تتناقص وتختفي في المناطق التي تدخلها الجرافات إلى أن شمل تدميرها معظم المناطق والمواقع .
مضيفاً:
ولذلك بدأنا بالسفر لعدة أيام والتنقل في وسط البحر للبحث عن الصيد .. إلى أن أصبحت رحلاتنا تستغرق ما يقارب الشهر ونحن نبحر ولا نجد ما يكفينا ولا نجد الكميات التي كنا نعود بها في الماضي من المناطق القريبة، وأصبحت عملية الصيد تستنزف منا الكثير من الوقت والكثير من المصاريف نتيجة ذلك.
تكاليف كثيرة
الأخ محمد زريق صاحب قارب صيد يقول: إن الوقت الذي يستغرقه في التنقل والسفر في البحر أصبح يكلفه الكثير من المصاريف والمؤونة وصارت كل عملية يخرج فيها للاصطياد تكلفه أكثر من خمسمائة ألف ريال على الأقل، فهناك صيادون يعملون معه على متن المركب ويتقاسم معهم الحصول،ولذلك فهو يتحمل كل تكاليف الرحلة ويحتاج إلى تموين كبير وتوفير الغذاء والمؤونة لهم ولمدة قد تطول لشهر، وهم في العادة لا يقلون عن “15” صياداً وفي بعض العمليات يصلون إلى “25” صياداً، يتحمل تكاليف إعاشتهم طيلة الرحلة وهذا إلى جانب تكاليف وقيمة الوقود.
وأحياناً يعودون بمحصول لا يكفِي كله لتسديد نفقة الرحلة والتي يكون قد استدانها مسبقاً.
لم يخفِ صيادو الحديدة حنقهم واستياءهم من أداء الأجهزة المعنية بمكافحة التسلل والاصطياد غير القانوني .. منوهين أنهم دائماً ما يقومون بالإبلاغ عن تسللها وشروعها في الاصطياد الجائر والنشاط المدمر في مياهنا الإقليمية.. إلا أن تلك الجهات تحركها يكون بطيئاً ومتأخراً وغير مجد كما قالوا..
إعلانات
الصياد سعيد سالم علق حول موضوع دور الأجهزة الحكومية المعنية بأمر حماية مياهنا بتهكم ساخراً من الحملات الإعلانية الضخمة التي تنفذها حالياً مصلحة خفر السواحل للتصدي لهذه المشكلة لافتاً انتباهنا إلى الإعلانات المنشورة في اللوحات الضوئية وسط الشوارع ومنها إعلانات ذات تصميم وإخراج أنيق تقول “لا للاصطياد غير القانوني” .. وقد تم توزيع هذه الإعلانات على مئات اللوحات المنتشرة في كل الشوارع .
مضيفاً “الجماعة يقصد أصحاب قوارب الصيد التجارية الأجنبية يسرقون علينا الصيد ويخربون الشعاب عيني عينك.
تسلل ليلي
أما شيخ الصيادين حنش فقد أكد لنا أن قوارب الصيد غالباً ما تتسلل في الليل وتدخل مياهنا الإقليمية بحذر، وتلشط ما تقدر عليه وتخرب ما تخرب ثم تتراجع سريعاً إلى المياه الدولية أو تغادر مبتعدة .. مردفاً القول: والسارق المحترف يعرف متى وأين يدخل وحتى يخرج،وهم محترفون للتسلل الخاطف وتكون لديهم معلومات ومخططات إلى أين يتسللون ومتى يقومون بذلك.
دخول غير شرعي
ذهبنا إلى مكتب وزارة الثروة السمكية بالحديدة لمناقشة هذا الموضوع مع المسئولين هناك،فوجدنا المدير العام مشغولاً واعتذر في وقتها، ولكننا تمكنا في وقت لاحق من الاتصال به ومناقشة الأمر معه فأفاد أن مسئولية مكتب الثروة السمكية تنحصر في الرقابة والإشراف على القوارب الأجنبية المصرح لها بالعمل في مياهنا الإقليمية بالبحر الأحمر والتأكد من عدم مخالفتها لقواعد وضوابط الاصطياد، والتأكد من سلامة ممارستها للعمل.. مضيفاً :إنه في إطار هذه المهمة قام المكتب أكثر من مرة بضبط القوارب المخالفة واتخاذ الإجراءات القانونية في حقها.. موضحاً أنه حالياً لا توجد تصريحات لأي قارب بالعمل في البحر الأحمر إذ إنه في السنتين الأخيرتين لم يتم التصريح لأي قارب ولا توجد أية قوارب مصرح لها بالعمل،وجميع القوارب الأجنبية المصرح لها بالعمل في مياه بلادنا الإقليمية تعمل في البحر العربي وخليج عدن وهي لا تدخل في نطاق اختصاص مكتب الحديدة.
أما بخصوص القوارب التي يشتكي منها الصيادون ويؤكدون أنها لازالت تعمل وتقوم بالتجريف والتخريب والتدمير للشعاب المرجانية والمستوطنات السمكية فقد أوضح مدير عام مكتب وزارة الثروة السمكية بالحديدة الأخ عبدالله بورجي أن هذه القوارب هي قوارب متسللة ودخولها إلى مياهنا الإقليمية يعتبر دخولاً غير شرعي وضبطها وملاحقتها ليس من مهمة مكتب الثروة السمكية بل هي مسئولية القوات البحرية ومصلحة خفر السواحل المناط به ضبط هذه القوارب وإحالتها إلى المكتب لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأن تسللها وممارستها للتدمير والتخريب والاصطياد دون ترخيص وبشكل جائر .. منوهاً أن القوات البحرية ومصلحة خفر السواحل هي الجهات التي تمتلك الإمكانيات اللازمة للتصدي لأي عملية تسلل من قبل تلك القوارب..
سطو وسرقة
وكنا قد تمكنا من مناقشة الموضوع في حوار عابر مدير إدارة الرقابة والتفتيش البحري بمكتب الثروة السمكية بالحديدة الأخ. أحمد صويلح الذي أكد لنا أن هذا الموضوع شائك فلا يوجد قوارب مصرحة يمكن للمكتب ممارسة الرقابة والإشراف عليها، والقوارب التي يتحدث عنها الصيادون فهي تمارس نشاطها بالسطو والتسلل غير القانوني إلى مياهنا الإقليمية بعيداً عن أعين الرقابة..ومضيفاً : إن ما تقوم به يعد عملاً غير شرعي وهو بمثابة السطو والسرقة،ولأن السارق حسب قوله لا يهمه أن يدمر كل محتويات المنزل الذي يتسلل إليه،فكذلك تفعل تلك القوارب المتسللة من صيد جائر وتدمير وتخريب للشعاب المرجانية والمستوطنات السمكية وإلحاق الضر والخراب بها.
مواجهة ومناورات
ومن مداخلة للحديث قال الأخ . عبدالفتاح عبدالله نائب مدير الرقابة بمكتب الثروة السمكية بالحديدة :إن إدارة الرقابة والتفتيش بإمكانياتها المتواضعة لا يمكنها ملاحقة وضبط مراكب الصيد المتسللة والتي عادة ما تلجأ إلى المواجهة حينها تجد أن من يلاحقها هو قارب الرقابة بالمكتب وليس قارباً عسكرياً؛ ولذا فقد تعمد إلى إطلاق النار لتتمكن من الفرار من أمام قاربنا الصغير أو تعمد إلى المناورة وإحداث تموجات عنيفة في المياه بقصد رفع قاربنا إلى الانقلاب إذا ما حاول الاقتراب منها أو ملاحقتها.
وهذا يتم إذا وجدت أما الحاصل حالياً أنها تقوم بالتسلل في جنح الظلام وفي مناطق غالباً ما تكون بعيدة عن متناولنا..
مضيفاً: لذلك فإن الجهة القادرة على ضبط وملاحقة تلك القوارب ،وهي جهات لديها الإمكانيات اللازمة هي القوات البحرية وقوات خفر السواحل،ويجب التنسيق معها وتفعيل دورها لأنها هي الجهات المعنية والمكلفة بهذا الأمر.
كلام باقتضاب
انتقلنا إلى فرع مصلحة خفر السواحل- الإدارة العامة لقطاع البحر الأحمر للحصول على إفادة حول الموضوع ومعرفة الإجراءات المتخذة من قبلهم لمواجهة هذه المشكلة،لكن مديرها العام العقيد جمال منصور شائف والذي رفض أثناءها الحديث حول هذه القضية بحجة حاجته إلى توجيه من رئاسة المصلحة بالحديث إلينا قال لنا باقتضاب : يا أخي عندما يأتي صياد ويبلغنا أنه شاهد قارب صيد أجنبي في مكان كذا قبل ثلاثة أيام أو قبل يومين.. أيش الفائدة بالبلاغ بعد هذه المدة وأيش ممكن نسوي فهل من المعقول أن يظل القارب في مكانه ينتظرنا ،فلماذا لا يتم الإبلاغ سريعاً فور مشاهدة القوارب لنتمكن من التحرك السريع”.. اكتفى العقيد شائف بهذه الجملة المقتضبة .
ونحن بدورنا اكتفينا بإفادته السريعة والعابرة لنستشف أن هذه القضية تمثل إحدى أهم المشاكل والتحديات التي تواجهها مصلحة خفر السواحل في قطاع البحر الأحمر ومنها مشكلة تسلل قوارب الصيد الأجنبية إلى مياهنا الإقليمية وقيامها بالاصطياد غير القانوني.. ويعزز صحة هذا القول ،الحملة الإعلانية الكبيرة التي تنفذها حالياً مصلحة خفر السواحل.. ولكننا نتساءل: هل ستجدي الحملات الإعلانية في مواجهة قوارب الصيد المتسللة ونشاطها غير القانوني في الاصطياد!؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.