شهد القطاع الصحي خلال العقدين الماضيين وفي ظل دولة الوحدة نقلة نوعية في مختلف المجالات الصحية الأمر الذي أثمر تحسناً ملحوظاً لجميع مؤشرات الخدمات الصحية ، وأهلّ اليمن للحصول على شهادات إقرار من المنظمات الدولية الصحية..فيما يتعلق بالقطاع السكاني فقد ساعدت ظروف الانفتاح وزيادة مساحة الحرية الفكرية منذ إعادة تحقيق الوحدة المباركة وإعلان قيام الجمهورية اليمنية في ال22 من مايو 1990م على طرح القضية السكانية للنقاش والحوار الجاد بين كل الجهات المختصة ، وتبني وإقرار الحكومة لسياسة وطنية للسكان عام 1991م تمثلت في الإستراتيجية الوطنية للسكان وخطة عملها التي غطت بأهدافها حتى عام 2000م، وتم تحديثها وتمديدها عام 2001م لتغطي الفترة حتى 2025م. كما تبنت الحكومة سياسة وبرامج لمعالجة المشكلة السكانية أحدثت العديد من التطورات الايجابية على بعض المؤشرات السكانية خلال العشرين سنة الماضية وأظهرتها التعدادات والمسوح المتخصصة ، ويمكن إيجازها في الآتي: - رفع التغطية بالخدمات الصحية من 42 بالمائة عام 1992م إلى 64 بالمائة عام 2009م، وذلك بالرغم من توزع سكان اليمن في 137 ألف تجمع سكاني الأمر الذي يمثل تحدياً كبيراً لتقديم الخدمات الصحية. - الانخفاض التدريجي لمعدل النمو السكاني السنوي من 3.7 بالمائة عام 1994م إلى 3 بالمائة عام 2004م. - انخفاض نسبي في معدل الخصوبة الكلية من 8.3 طفل لكل امرأة عام 1990م إلى 6 أطفال عام 2005م. - انخفاض معدل الوفيات الخام من 21 لكل ألف من السكان عام 1990م إلى حوالي 9 حالات وفاة لكل ألف عام 2004م. - خفض معدل المواليد الخام لكل 1000 نسمة من 52.6 إلى 39.7، فيما انخفض معدل الوفيات الخام لكل 1000 نسمة من 21.8 إلى 9. - خفض معدل وفيات الأطفال الرضع من 173 وفاة لكل 1000 ولادة حية إلى 68.5 وفاة لكل 1000 ولادة حية. - خفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 305 وفاة لكل 1000 حالة ولادة في عام 1992م إلى 78.2 وفاة لكل 1000 حالة ولادة حية. - خفض معدل وفيات الأمهات من 1000 وفاة إلى 365 وفاة لكل مائة ألف ولادة. - حدوث تحسن نسبي في التركيب العمري للسكان حيث كانت نسبة الأطفال في العمر أقل من 15 سنة حوالي 50 بالمائة من إجمالي السكان، مقابل 46 بالمائة للشريحة السكانية في سن العمل (15 - 64 سنة) وذلك عام 1994م، لتصبح هذه التركيبة النسبية لهاتين الفئتين في وضع أفضل نسبيا حيث أصبحت نسبة (الأطفال أقل من 15 سنة) حوالي 46 بالمائة مقابل ارتفاع في نسبة السكان في سن العمل إلى حوالي 50 بالمائة في عام 2004م، وهو مؤشر ايجابي يبين انخفاض إعالة الأطفال بالنسبة لفئة السكان في سن العمل. - ارتفاع الوعي حول وسائل تنظيم الأسرة حيث بلغت نسبة النساء المتزوجات في سن الإنجاب اللواتي يعرفن وسيلة واحدة لتنظيم الأسرة على الأقل حوالي 85 بالمائة حسب مسح صحة الأم والطفل عام 1997م، وارتفعت نسبة النساء المتزوجات اللواتي يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة من 13 بالمائة عام 1991 إلى 27.7 بالمائة عام 2008م. - ارتفع عدد الولادات التي تمت تحت إشراف كادر مؤهل من 22 ألفا و649 ولادة عام 1997م، إلى 385 ألفا و520 ولادة في عام 2009م. - ارتفع عدد الحاصلين على الدبلوم المهني التابع للمجلس اليمني للاختصاصات الطبية في مجال دبلومات النساء والولادة والتخدير ورعاية حديثي الولادة من 15 كادرا في عام 2005م، إلى 82 كادرا في عام 2009م، كما أن 95 كادرا تحت التدريب في هذا العام، كما تم التأهيل الخارجي لستة أخصائيين في مجال الإحصاء (طب المجتمع). .... وفيما يخص المنجزات التي تحققت خلال سنوات الوحدة فقد تم إنجاز 2925 مرفقاً صحياً في القطاع العام خلال العقدين الماضيين ليصبح عددها الإجمالي 4475 مرفقا صحيا مقارنة مع 1385 منشأة في عام 1992م، وبلغت التكلفة الإجمالية لهذه المنشآت حوالي 78 مليار ريال. وشملت هذه المنشآت بناء وتشييد (155) مستشفى و421 مركزاً صحياً و 1906 وحدات صحية و49 مركز أمومة وطفولة و28 مجمعاً و21 معهداً صحياً، وتميزت المنشآت الجديدة بموائمتها لتلبية كافة الاحتياجات الصحية اللازمة لعلاج ومكافحة جميع الأمراض المستعصية. كما تم إنشاء الأقسام والمراكز المتخصصة مثل المركز الوطني لعلاج الأورام السرطانية ، وست وحدات له في المحافظات و11 مركزا للغسيل الكلوي و6 مراكز للحروق و 4 مراكز للقلب و 50 مركزاً للطوارئ التوليدية و415 مركزا للصحة الإنجابية ومراكز علاج الأمراض النفسية ومراكز الجذام والمحاجر الصحية ومراكز الأطراف الصناعية والمركز الوطني لمختبرات الصحة العامة مع ستة فروع له في المحافظات ، ومراكز نقل الدم وأبحاثه وفرعه في عدن ومراكز علاج أمراض السكر ومراكز علاج الأمراض المعدية والمنقولة مثل الإيدز. وباتت هذه المراكز قادرة على معالجة كثير من الأمراض المستعصية والتي كان يتم علاجها في الخارج، كما تم تأهيلها بأحدث التجهيزات والمعدات الطبية لإجراء عمليات جراحية نادرة مثل زراعة الكلى وجراحة القلب المفتوح والعظام والمخ وجراحة شبكية العين وعلاج السرطانات. ولتحسين مستوى خدماتها تم رفع النفقات التشغيلية لجميع المرافق الصحية بنسبة وصلت إلى 400 بالمائة في بعضها، كما تم منح جميع المستشفيات الاستقلالية المالية واستقدام 33 بعثة طبية أجنبية ومنح بدل طبيعة عمل للعاملين في القطاع الصحي. وفي مجال تنمية الكادر الصحي ارتفع عدد الأطباء من 2868 طبيبا عاما في عام 1992م إلى 6987 طبيبا بينهم 1649 طبيبا اختصاصيا في الاختصاصات المختلفة بالإضافة إلى 642 طبيب أسنان، كما بلغ إجمالي الكادر الوطني الذي تم توظيفه بالقطاع الصحي 35 ألفا و734 كادرا في مختلف التخصصات الصحية بزيادة بلغت 273 بالمائة عما كانت عليه قبل الوحدة المباركة. وتم الاهتمام برفع مستوى الكادر من خلال برامج التأهيل والتدريب في الداخل حيث تم إنشاء المجلس اليمني للاختصاصات الطبية في العام 1994م وبلغ عدد الخريجين منه حتى هذا العام (1865) طبيبا في شهادة الزمالة العربية (الدكتوراه) والماجستير والدبلومات، وكذلك عبر إنشاء 21 معهدا صحيا في مختلف محافظات الجمهورية حيث زاد عدد خريجيها عن (23 ) ألف كادر في مختلف التخصصات الطبية المساعدة. كما بلغ عدد المبتعثين للدراسة في الجامعات العالمية (3100) مبتعث, هذا بالاضافة الى آلاف الدورات التدريبية التي تم تنظيمها في جميع المجالات الصحية والتي استهدفت معظم العاملين في القطاع الصحي. وفي أنشطة المخيمات الطبية وخدمات الطوارىء والإسعاف انتهجت وزارة الصحة العامة والسكان منذ العام 2005 استراتيجية جديدة من خلال إنشاء برنامج المخيمات الطبية المجانية ، والهادف إلى إيصال الخدمات المجانية للمناطق الريفية والنائية في كل أرجاء الوطن وبخاصة للفئات ذات الدخل المحدود، والعمل كفريق طوارىء في حالة الكوارث الطبيعية والأزمات. وقد نفذ البرنامج خلال الخمس السنوات الماضية (45) مخيما طبيا مجانيا في مختلف محافظات الجمهورية شملت أغلب الاختصاصات الطبية وقد بلغ أجمالي العمليات الجراحية التي أجريت 21 ألفا و 329 عملية جراحية كما بلغ إجمالي الحالات الاستشارية 145 ألفا و 221 حاله مرضية مختلفة. وشهدت الفترة نفسها إنشاء إدارة لخدمات الطوارىء والإسعاف على الطرقات السريعة حيث تم نشر 76 سيارة إسعاف مجهزة بطواقمها المدربة على طول الطرق السريعة بين محافظات الجمهورية ويجري الإعداد حاليا لعدد من المشاريع الاستراتيجية التي سيكون لها الأثر البالغ في إحداث نقلات نوعية في تطوير وتحسين الخدمات الصحية من هذه المشاريع إنشاء مدينة الصالح الطبية في صنعاء بسعة ( 1000) سرير تشمل كافة الأقسام والتخصصات والمراكز الطبية بكلفة تبلغ 21 مليار ريال حيث تم الانتهاء من مرحلة الدراسات والتصاميم . كما سيتم إنشاء مستشفيات مركزية في كل من عدن والحديدة سعة كل مستشفى (400) سرير كلفة كل مشروع 60 مليون دولار وقد تم إنجاز الدراسات والتصاميم . ومن خلال الوقوف على مؤشرات التطور في مكافحة الأمراض والترصد الوبائي، أعلن في فبراير عام 2009م رسميا استئصال فيروس شلل الأطفال البري تماماًَ من الجمهورية اليمنية بعد إقرار منظمة الصحة العالمية للتقرير الوطني الصادر عن اللجنة الوطنية للإشهاد، وتم تحقيق هذا المنجز الهام بعد تنفيذ العشرات من حملات التحصين ضد مرض الشلل والتي كانت تشمل مختلف المحافظات من منزل إلى منزل خلال الفترة من 1996م- 2009م. وبشأن التخلص من الحصبة فقد تراجع عدد حالات الإصابة بالحصبة المسجلة سنويا حوالي 30 ألف حالة سريرية إلى اقل من 100 حالة بعد تطعيم أكثر من 9 ملايين ونصف طفل وطفلة ضد المرض في إطار أكبر حملة وطنية في تاريخ مكافحة الحصبة في بلادنا نفذت في العام 2006م، كما لم تعد تسجل أي حالات وفاة نتيجة الإصابة بالحصبة، ونتيجة لذلك اعتبرت منظمة الصحة العالمية في تقاريرها أن اليمن قد دخلت فعلاًَ مرحلة التخلص من مرض الحصبة القاتل. بعد تطبيق استراتيجية الرعاية التكاملية لصحة الطفل ابتداء من العام 2002م، ارتفع معدل التغطية الصحية للأطفال دون سن السنة من 50 بالمائة قبل عام 1990م ليصبح 87 بالمائة بنهاية العام 2009م. حيث طبقت هذه الاستراتيجية حتى الآن في 2050 مرفقاً صحياً تابعة ل 214 مديرية في مختلف محافظات الجمهورية، كما تم تأهيل الأطباء والعاملين الصحيين في هذه المراكز في مجال تطبيق هذه الاستراتيجية ليبلغ عدد المؤهلين 603 أطباء و3436 عاملاً صحياً. وفق مجال الصحة المدرسية تم تنظيم عدد من الأنشطة المشتركة النهوض بخدمات الصحة المدرسية من خلال التنسيق بين وزارتي الصحة العامة والسكان والتربية والتعليم ، وكان للوزارتين تجربة ممتازة في التنسيق عند تنفيذ حملات التحصين وحملات معالجة طلاب المدارس ضد البلهارسيا، وكذا مكافحة الجائحة العالمية بالأنفلونزا إتش1 إن1. وفي مجال الترصد الوبائي تم تأسيس المركز الوطني للترصد الوبائي في أغسطس 1998م، وتمثلت أهم إنجازات هذا المركز فيما يلي: - النجاح في استئصال مرض دودة غينيا (المعروف محلياًَ بمرض عروق الماء) وقد حصلت الجمهورية اليمنية عام 2004م على شهادة خلوها من هذا المرض, وإثر ذلك الإنجاز أهدى الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر وساماًَ تقديرياًَ لفخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية ووساماًَ آخر لوزارة الصحة العامة والسكان. - تأسيس البنية التحتية للترصد الوبائي وبناء القدرات في مجال علم الأوبئة حيث تم تدريب أكثر من 120 كادراً طبياً (من محافظات الجمهورية) في علم الوبائيات ضمن دورات تدريبية لمدة ثلاثة أشهر، كما تم تدريب أكثر من 585 كادراً صحياً على مبادىء علم الأوبئة والترصد للأمراض في دورات قصيرة لمدة أسبوع من جميع مديريات الجمهورية. - إصدار الدليل الوطني للترصد الوبائي للأمراض السارية والتي بلغ عددها 31 مرضاً ويتم وصول تقرير أسبوعي من المحافظات إلى المركز الوطني للترصد الوبائي. - رفع الجاهزية للاستعداد للأوبئة والجائحات العالمية حيث تمكن المركز وكوادره في جميع المحافظات من التعامل مع جائحة الإنفلونزا العالمية بفيروس إتش1 إن1، وذلك من خلال تفعيل اللجنة الوطنية العليا ومتابعتها للمكافحة والحد من انتشار الفيروس، وكذلك بتدريب الكوادر في جميع المديريات بما في ذلك جزيرة سقطرى، وتوزيع الأدوية الكافية المضادة للإنفلونزا وتوفير الأجهزة التشخيصية والمحاليل المخبرية اللازمة. - واجهت الوزارة خلال العقدين الماضيين عدداً من الأوبئة وتمكنت من مواجهتها واحتوائها كما حدث في أوبئة شلل الأطفال والإسهالات والملاريا والضنك والحصبة. وفي مجال التثقيف والإعلام الصحي والسكاني حقق المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني الكثير من الإنجازات في مجال التوعية الصحية المجتمعية الموحدة ومن أبرزها ما يلي: - اعتماد المركز الوطني مركزاً إقليمياً متعاوناً مع منظمة الصحة العالمية عام 1997م - إنشاء مبنى للمركز بصنعاء وفتح فروع في عموم محافظات الجمهورية ومديرياتها وتجهيزها. - تدريب مدراء التثقيف الصحي في المحافظات ومنسقي التثقيف الصحي في المديريات على مهارات التخطيط لبرامج التثقيف الصحي ومهارات التواصل مع الآخرين، بالإضافة إلى تدريب مثقفين صحيين في المرافق الصحية، وتدريب متطوعين (مثقفين ومثقفات مجتمعيات على مستوى المديريات والعزل والقرى). - تنفيذ مئات العروض الصحية بالسينما المتنقلة في المدارس والمعسكرات والميادين العامة، بالإضافة إلى انتاج وبث العديد من البرامج والفلاشات الصحية في 14 محطة إذاعية وطنية ومحلية. - تدريب الإعلاميين من مختلف وسائل الاتصال الجماهيرية المرئية والمسموعة والمقروءة، وكذا تدريب العديد من الخطباء والمرشدين ونشر الوعي الصحي عبر المساجد. - تنفيذ العديد من الحملات الإعلامية والصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة عبر وسائل الاتصال الجماهيري الإذاعة والتلفزيون والصحافة والمدارس والمساجد والمرافق الصحية. وتطمح وزارة الصحة العامة والسكان لتحقيق نتائج مستقبلية في مجالات خفض معدلات الوفيات فئات السكان والتركيز على خفض وفيات الأمهات وحديثي الولادة والرضع والأطفال دون الخامسة من خلال تقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية الشاملة ذات الجودة العالية والعمل على الإسراع في تحقيق مرامي الألفية. وتسعى إلى خفض معدلات حدوث وانتشار الأمراض المعدية والمزمنة التي تصيب جميع فئات السكان وخاصة الأطفال والنساء في سن الإنجاب، كما ستعزز وتطور النظام الصحي الوطني ليكون قادراً على أداء المهام التي تساعد في تحقيق الأهداف الوطنية العامة للصحة. وتسعى الوزارة أيضا إلى تعزيز الأنماط الصحية للحياة ورفع مستوى الوعي لدى جميع السكان وكسب تأييد صانعي القرار في مختلف القطاعات الحكومية وغير الحكومية بالقضايا الصحية ذات الأولوية ومن بينها القضايا المتصلة بالصحة البيئية والمهنية. كما ستعمل على تحسين جودة الخدمات الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية في جميع المرافق الصحية، و تفعيل التنسيق بين القطاعات الصحية المختلفة مع الشركاء للعمل من أجل السيطرة على العوامل البيئية التي تساهم في حدوث وانتشار الأمراض والتصدي للمحددات الاجتماعية للتنمية الصحية.