من تكونين أيتها الغريبة؟ أقنعتكِ الماحيةُ قسماتِ الهجس هي النافذةُ العمياء بنهم البرق تسرقين النوم ومن مجون أحلامكِ تفور الرعشات مرصودةٌ أنتِ لجهنّم الجسد وصدعُكِ يتفتّح في الإناء فكيف لوحدتكِ أن تتوسّد القلب رغم النهارات المكتظة وكيف لحزنكِ أن يرتدي الجفون ولمساءاتكِ الشديدة الإنحدار أن تنتشل الوجه من الهاوية؟ من تكونين يا غربة الذكرى عن الملمس وغربة الجذور عن الفرار أيها الإنحلال الغامض ككثافة الغيم والإندثار الشبيه بالذات؟ العطشانُ جسدُكِ ترويه شهوته كصحراء تنتشي من ظمأ رمالها أرضكِ الضيقة أرحب من صدر العاشق ونقطةٌ من عريكِ فينهمر القمر. لم تلدكِ شجرة ولا اكتمل نضجكِ في الفصول أبوابكِ موصدة لكنّك طريّة كلذّة تتفتّح تخرجين من بستان الحياة لتحتمي بخيالاتكِ تؤثرين التنزّه بين النجوم وهناك تهرقين ماءكِ لتأثمي رأسكِ عميقاً عميقاً يعبق بالصور. سماؤكِ التي تظلّ عالية تليّن الضجر وتسبغ عليه نكهةً غامقة كالأفق المغلوب قولي كيف يؤتمن خيالكِ على الجوهر كيف تلتئم رغباتكِ عند الفجر وتلهب توقك الى التعرّي؟ كيف يكون لكل شروقٍ سكّينه أيتها الغريبة كيف تستطيعين! تتيهين في ليلكِ وفي مطارح العبور أما ظلّكِ فيتلمّس يديك الكثيرتين ويترنّح معكِ تحت قوس اللذة. غريبةٌ أنتِ وتعرفين تنكسرين على ظلّكِ هذا وعلى بعض جدار ثم تنتظرين اكتمال الذهاب. بلادكِ هذا الليل الحارق ولا شموس تخمده أغصانكِ الثملة تتمايل على حافة الحضور كلّما يدٌ همّت بالغياب. لا إسم لبلادكِ أيتها الغريبة ولا آخر روحُك كلّما دنت لحظة الوصول تجعلها بعيدة. غريبةٌ أنتِ أيتها الغريبة تتأبطين وحدتكِ التي تركض في السهول باحثةً عن عصافير للغابة وحدتك الخفيفة كنهدٍ لم يجتز عتبة الخيال. ترى أين تسندين نجمتك عندما تمسّكِ العتمة؟ أين تلمعين أيتها النجمة الغريبة؟ يحرسكِ شحوبكِ وفي الظلمة تنتظركِ الوجوه المغلقة مزاجكِ يتناثر على الدرب المحجوبة وروحكِ تذرف في الليل كمال جنوحها. من تكونين أيتها الغريبةُ يا نفسي يحسبونكِ المتمردة وما أنتِ إلاّ شبقٌ يخترق ذاته وذاك الذي يحسبونه رفضاً ما هو إلاّ دوار التيه. ومن فرط الأقنعة يمّحي وجهك.