نعيش هذه الأيام أجمل وأمتع اللحظات الرياضية الكروية بمتابعة أحداث نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي تقام فعالياتها لأول مرة في جنوب أفريقيا وفي القارة السمراء ككل، إذ كان ذلك بمثابة الإختبار الحقيقي لمقدرات القارة السمراء وفعلاً أكدت جنوب أفريقيا أنها عند مستوى الحدث فلم نشعر إطلاقاً بأي تميز من حيث تنظيم البطولة السابقة سواءً في أوروبا أو الأمريكتين أو آسيا عن هذه البطولة التي لها رغم ذلك ما يميزها ويجعل منها ناجحة بكل المقاييس وأكدت جدارة الأفارقة بالتصدي للأحداث الرياضية العالمية.. على مدى شهر سنكون مع الإبداع الكروي الذي لا يضاهيه إبداع ومن المتعة التي لا يمكن أن نجدها إلا مع مباريات كأس العالم والتي تشكل بحق مزيجاً من الألق الكروي وأنموذجاً من المستويات الفنية الراقية للمنتخبات واللاعبين ومثالاً يحتذى به في الإنضباط التكتيكي العالي والتخطيط الكروي الإستراتيجي الذي تنتهجه المنتخبات المشاركة لبلوغ مآربها والأساليب المثالية التي تتعامل بها المنتخبات وأجهزتها الفنية مع مجريات منافسات البطولة في مراحلها المختلفة والتغيير في ذلك من مرحلة لأخرى ومن مباراة إلى مباراة ثانية، ولا عجب أن تجد تبايناً وإختلافاً في مستوى وأداء وطريقة لعب منتخب ما في كل لقاء عن الآخر وهذا ما يجعل البطولة – كما أعتدنا على ذلك – تؤول في نتيجتها باتجاهات محددة، ولم نعهدها خرجت عن نجوم أمريكاالجنوبية وأبطال القارة العجوز فالمونديال له حساباته المختلفة وإعتباراته الخاصة التي يجب أن تراعي الكيفية في إقتناص المكاسب وتحاشي العراقيل..! لقد حمل لنا مونديال القارة السمراء في مستهل مشواره جانباً من المفاجآت وجزءاً من الخروج عن نص سيناريو التوقعات التي تسبق بالعادة مجرياته وتصاحبها أحياناً كخسارة بعض المنتخبات ذات الصيت الذائع والنصيب الأوفر في الترشيحات كمنتخبات أسبانيا والكاميرون وألمانيا وانجلترا مع منتخبات أقل منها من حيث التصنيف والتاريخ والنجوم التي تتخلل صفوفها، ومثل بعض المنتخبات في تحقيق نتائج إيجابية في لقاءاتها الأولى وفي مثل هذه المفاجآت وغيرها ما يزيد من حلاوة متابعة المونديال الذي يعد في الوقت الحالي الحدث الأبرز والطاغي من حيث المتابعة والمشاهدة والرصد الإعلامي في مختلف وسائل الإعلام على مستوى المعمورة على ما سواه من أحداث سياسية كانت أو إقتصادية أو ثقافية أو فنية وغيرها.! كأس العالم حدث يأتينا كل أربع سنوات مرة واحدة ومع ذلك نجد أن له في كل مرة إثارة خاصة وإدهاشاً فريداً من نوعه وهو من المناسبات التي لا يستطيع أحد أن يخفي إعجابه بمتابعتها وفي هذا المقام جدير بنا أن نثني على جنوب أفريقيا مستضيفة المونديال لنجاحهم المذهل في تنظيم المونديال وتهيئة المناخ الملائم لإقامته بتجهيز البنية التحتية الرائعة ومستلزماتها الأخرى الأكثر روعة كالتقنيات الحديثة في النقل التلفزيوني للقاءات المونديال والتي تضع المشاهد في قلب الحدث وإن كان على بعد مئات الآلاف من الأميال عنه، بل أننا نستطيع القول إن الأفارقة في هذه الجزئية كانوا الأفضل على مستوى البطولات السابقة وهذا وذاك ما يؤكد مدى إحترام العالم لإلتزاماتهم تجاه هكذا أحداث وهو الشيء الذي يمكن أن يشكل دروساً لأولي الشأن وأصحاب الحل والربط الرياضي في بلادنا لا سيما ونحن على موعد لم يعد بالبعيد لا ستقبال أشقائنا في خليجي 20 بعدن.. وحتى لا نجاوز موضوعنا نجدد مباركتنا لجنوب أفريقيا نجاح المونديال سلفاً حتى أن لم يحالف الحظ منتخبهم في بلوغ الدور الثاني.. وإن كان لنا ملاحظات على المونديال فهو ما أبتدعوه من خلال الإزعاج الذي لا يتوقف من الجماهير المتابعة للبطولة من الملعب من خلال (الأبواق) التي تعزف إزعاجاً يطال اللاعبين في الملعب ويصل لإقلاق المشاهدين من خلف الشاشات..!!