تعاني فلسفة العشق الكروي للحدث الرياضي الذي يطل كل أربعة أعوام من خماسية الخوف والأمل و الترقب والانتظار والتحدي للساحرة المستديرة، التي جذبت أنظار اكثر من ثلاثة مليار مشاهد يتابعون حسرة الأخفاق ونشوة الأنتصار لنتائح لعبة تحسم بالفوز أو الخسارة كونها لا تقبل بأنصاف الحلول. ويأسر الحدث الكروي المتابع الرياضي اليمني بشغف المتابعة لمعارك العشب الأخضر حيث تتبعت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) يوميات يمنية لرحلة البحث المضني التي تبدأ من البحث عن مكان جيد لمشاهدة مجانية أو أقل كلفة في ظل تفشي ثقافة رياضية عن عدد المنتخبات المشاركة ال32 منتخب وعدد المباريات ال62 مباراة والملاعب العشرة بمدن جنوب افريقيا وأفضل اللاعبين والمدربين وأجواء المباريات الحماسية وتنتهي بحالة الخوف من انقطاع تيار الكهرباء المعتاد والمستفز للمولع الرياضي. وينفرد المشاهد اليمني بحالة عشق كروي قلقة يلخصها أبو سيف منذ الأيام الأخيرة قبل انطلاق فعاليات كأس العالم 2010م بجنوب أفريقيا حيث سارع لألتقاط قمر أفريقي لمتابعة المباريات مجاناً وبعد محاولات متعبة دامت لساعات متأخرة من الليل يومياً نجحت محاولاته أخيراً وتمكن من قنص القمر الأفريقي وبالتالي ضمان متابعة المباريات منذ اليوم الأول. وسارع إلى استضافة أصدقائه والأستمتاع بالمشاهدة الكروية التي تميزها اللهجة الأفريقية المجهولة لأبو سيف فيكتفي بالمتابعة والتعليق بصيحات تعلو لهدف ضائع وأخرى لهدف محقق. فيما فضل هشام الزبيري التقاسم مع اصدقائه المتابعة الرياضية وشراء كرت الجزيرة الرياضية وأختيار منزل احدهم للمتابعة وعليه كلف ثمن الكرت هشام خمسة الأف ريال فقط فيما توزع ثمن الكرت على باقي الرفقاء الرياضيين. ويصف الزبيري حالة الوله بالحدث الكروي حيث اضطره إلى الأعتذار عن العديد من المناسبات الأجتماعية بدون أسف كون كأس العالم يعني له الكثير من المتعة والتشويق والمتابعة التي ينتظرها كل أربعة أعوام وبالتالي لا مانع من أعتزال المجتمع قليلاً والإخلاص لشغفه الكروي. بينما دفعت المستديرة الساحرة لؤي الدبعي إلى التخلي عن العمل الإضافي والبقاء في المنزل لمتابعة المونديال وحشد متابعين رياضيين حماسيين لمتابعة الحدث الذي انتظره لؤي طويلاً وفرغ نفسه من أي ارتباط لمتابعته واحتفظ (المتابع المتفرغ) ببعض المال لمتطلبات المتابعة من قات يكفي لمتابعة المباراتين دون الخوف من نفاذه وروتين يومي مختلف يتخلله القلق من سقوط منتخب يشجعه وصعود آخر غير متوقع يعكر على لؤي صفو الحالة الرياضية الحماسية التي يعيشها. وألهمت الأفكار الشبابية مختار محمد إلى تحويل متجرة البسيط إلى غرفة متواضعة لأستقبال عشاق الساحرة ومواكبة الحدث من خلال شراء كرت رياضي وأعداد المكان المريح للمتابعين مقابل دفعهم خمسين ريال للمباراة في الدور الأول من المونديال ومائة في الدور الثاني ومائة وخمسين في أدوارها النهائية إضافة إلى أشتراكات للمنازل بقيمة ثلاثة الآف ريال لجميع مباريات كأس العالم يتم بموجب المبلغ الزهيد توصيل خط مشترك يضمن فيه الجار المشجع متابعة آمنة من محل مختار الرياضي ويؤمن به مختار أستقرار مالي مؤقت إلى أن يجد مشروع مدر للدخل جديد. وقبل بداية المباراة بساعة يبدأ مختار بفتح المحل وتهويته من روائح الدخان التي سكنته يوم كامل وبقايا أوراق القات التي التصقت بأرضيته والاستعداد ليوم رياضي مشهود . حارة مختار تكتظ بالمتابعين اليافعين والشباب والأطفال اللذين يفضلون البقاء على باب المحل ومشاركة المشجعين صيحات التشجيع والفوز وصرخات الخسارة . ويطمئن مختار رواد محله بأنهم سيحظون بمتابعة غير مقلقة بعد أن تمكن من تأمين مولد كهربائي لمواجهة طارىء الأنقطاع الكهربائي المتكرر. فيما فضل -عبد العزيز الريمي- أعتزال عالمه التجاري والأحتفاظ بحقه في الأستمتاع بالحدث الرياضي من خلال الأشتراك بتوصيل خط للمباريات ومتابعتها بهدوء في متجره وترك مهمة البيع والشراء لأقربائه والتفرغ لشغفه الرياضي ولابأس أن يجذب التلفزيون الذي يحتفظ به في المتجر بعض الوافدين أليه لمتابعة هجمة مرتدة أو ركلة ركنيه قبل أن يتعرضوا لحالة طرد من عبد العزيز لمغادرة المحل والأكتفاء بالشراء. ويتميز الحدث الكروي الذي أختار القارة السمراء بتقلبات طقسها وخصوصية فلسفتها التي بدأت برقصات أفريقية وانتهت بدوي الفوفوزيلا بأنه مونديال المفاجآت والغير متوقع وبطولة اللامنطق بعد خروج المنتخب حامل اللقب أيطاليا والوصيف فرنسا من الدور الأول وأنجلترا من الدور الثاني وترك مهمة الحلم لمنتخبات صاعدة ومثابرة أمثال سلوفاكيا وهولندا وغانا النجوم السوداء الوحيدة من القارة السمراء. أعلامياً منح الأتحاد الدولي لكرة القدم /الفيفا/ 15 الف ترخيص للعمل في التغطية الإعلامية للبطولة مقابل 1750 اتفاقية نقل وبث لمباريات كأس العالم "تلفزيون وراديو وإنترنت وموبايل" تم التوقيع عليها حتى الآن. فيما ينفرد 2650 موظفا وفنيا وعاملا من 50 جنسية تم تعيينهم لنقل المباريات، وشبه رئيس الأتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر الأعداد للبطولة إعلامياً من خلال مركز بث مونديال 2010 م المقام في جوهانسبرج بالمدهش وبالمعجزة الأنسانية . حيث يتصل المركز بشبكة كهربية مكونة من 16 مولدا كهربائيا تم تصنيعها خصيصا للبطولة بتكنولوجيا تربط بين ال16 مولدا والاستادات العشرة التي تستضيف مباريات البطولة، كما أن هذه المولدات صممت لتكون قادرة على توليد الطاقة لمدة 24 ساعة خلال أيام البطولة لجميع الملاعب، ومركز البث بعيدٌ عن الاعتماد على الشبكة الرئيسية للكهرباء بجنوب إفريقيا، بهدف ضمان استمرار عمل كل الأجهزة بكل الملاعب شاملة الإنارة والبث منها إلى المركز، ومنه إلى الأقمار الصناعية مع تفادي احتمالات حدوث أعطال أو أخطاء أثناء اللعب والبث. ومركز البث في جوهانسبرج متصل بالملاعب العشرة ليستقبل منها البث (صوت وصورة) ويتم معالجتها في غرفة المراقبة (أضخم غرفة مراقبة أقيمت لكأس العالم منذ بدايته) ثم بثها إلى 204 دول. مادياً صرفت جنوب أفريقيا ما يقارب ثلاثين مليون دولار لتحسين صورتها عالمياً في هذا الحدث الكروي الذي ستحصد الفرق ال 32 المشاركة فيه ما يقارب حوالي 420 مليون دولار أمريكي وبزيادة مقدارها 60% عن بطولة كأس العالم لكرة القدم 2006م في ألمانيا. حيث سيحصل كل فريق قبل البطولة ولمرة واحدة على مليون دولار لتغطية تكاليف الإعداد، على أن تحصل الفرق التي تخرج من دور المجموعات على 8 ملايين دولار، مقابل 9ملايين في دور الستة عشر و18مليون في ربع النهائي و20مليون بنصف النهائي فيما يحصل الوصيف على 24 مليون والبطل على 30 مليون دولار. اخيراً تدهش الساحرة المستديرة عشاقها من أصقاع الأرض بأجمل الحروب التي تختصرها لغة الأقدام في أسرع المعارك بساحات العشب الأخضر وتحظى دائماً بعشاق يذرفون الدموع في مختلف حالاتهم الرياضية.