ورشة عمل حول تعزيز آليات مكافحة جرائم التهريب الجمركي    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 13 مايو/آيار 2025    النفط يتراجع من أعلى مستوى له في أسبوعين    السعوديّة وأمريكا توقّعان صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار هي الأكبر في التاريخ    ميلان يواجه بولونيا في نهائي كأس إيطاليا غدا    عقد أول جلسة لمحاكمة سفاح صرف    "البكري" يستقبل السفيرة البريطانية "شريف" ويبحثان سبل التعاون ودعم الشباب    إنتخاب اللاعب طه المحاقري رئيساً للجنة الرياضيين باللجنة الأولمبية اليمنية    الخيال المستبد: صناعة الطغيان بسطوة الخيال المسموم    مناقشة أوجه التعاون بين وزارة النفط والمركز الوطني للوثائق    وزير النقل يعلن جهوزية مطار صنعاء لاستقبال الرحلات    مصر تستعيد 25 قطعة أثرية من واشنطن    برعاية وزير الأوقاف.. وكالات الحج والعمرة تقيم اللقاء السنوي مع الحجاج في العاصمة عدن    مليشيا الحوثي تختطف عمال محلات تجارية ك"رهائن" لإجبار أصحابها على دفع جبايات    البغدادي يكشف عن اخفاء قسري لمحامي في صنعاء ويطالب بالاسراع في كشف مصيره    الداخلية المصرية توجه ببحث شكاوي اليمنيين والافراج عن الموقوفين وبكري يطالب بمساواتهم والسفارة تبدو ملكية اكثر من الملك    اعتقال 132 مهاجراً قبالة سواحل اليمن    حكيمي رابع مغربي يتوج بجائزة أفضل لاعب أفريقي بالدوري الفرنسي    مركز نهم الجمركي يحبط محاولة تهريب كمية من الزبيب الخارجي    مقتل 3 نساء في رأس الخيمة    هيئة البث الإسرائيلية: الأسير عيدان ألكسندر يرفض مقابلة نتنياهو    وزير داخلية مصر يصدر أمرا ببحث شكاوى اليمنيين والافراج عن المحتجزين    البعثات الطبية الصينية في وادي حضرموت    كفى عبثًا!!    علماء يحققون اكتشافا مذهلا عن الأصول الحقيقية لليابانيين    ألونسو يطلب صفقات لترميم دفاع الريال    اعلام أمريكي : ترامب أوقف الحملة العسكرية على اليمن لانها مكلفة وفاشلة    نقابة الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين تتضامن مع الصحفي عدنان الأعجم    تدشين دليل الخدمات المرورية في مركز الإصدار الآلي الموحد    نعم للمسيرات السلمية المنضبطة.. لا للفوضى    الترب: بحكمة أبناء اليمن سنتجاوز تدخلات دول العدوان    الحكومة اليمنية تحظر المظاهرات دون ترخيص مسبق    بقايا وطن..    عودة الهدوء إلى طرابلس بعد اشتباكات أودت بحياة عسكريين منهم ضابط كبير    اتفاق تجاري صيني امريكي وترامب يوقع مرسوم بخفض كبير للرسوم الجمركية    "اليونيسيف" تطلق مبادرة للحد من نقص التغذية في اليمن    المناخ الثوري..    وصول أول دفعة من ستارلينك إلى عدن تمهيداً لتوفير الإنترنت الفضائي بالمناطق المحررة    اللواء ناصر رقيب يشيد بإنجازات القوات الخاصة في مأرب    فتاوى ببلاش في زمن القحط!    تأملات في التأمل    اللجنة الأولمبية اليمنية تجري انتخابات الطيف الواحد للجنة الرياضيين        قراءة نقدية في كتاب موت الطفل في الشعر العربي المعاصر .. الخطاب والشعرية للدكتور منير فوزي    الكشف عن شعار كأس العالم للناشئين 2025    هندي يهاجم وزير المالية بصنعاء ويطالبه التعامل بمساواة    بن بريك لن يستطيع تنفيذ وعوده التي تحدث عنها لصحيفة عكاظ السعودية    اكتشاف رسائل سرية مخفية على مسلة مصرية في باريس    وداعاً...كابتن عبدالله مكيش وداعاً...ايها الحصان الجامح    نساء عدن: صرخة وطن وسط صمت دولي مطبق.!    صبحكم الله بالخير وقبح الله حكومة (أملصوص)    حقيقة استحواذ "العليمي" على قطاع وادي جنة5 النفطي شبوة    أمريكا.. وَهْمٌ يَتَلَاشَى    مرض الفشل الكلوي (4)    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يدشن حملة توعوية في عدن تحت شعار "فضح زيف المغريات"    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عنوان قديم
نشر في الجمهورية يوم 10 - 07 - 2010

تقترب بمفردها من المكان الذي كان ميدان صراع غريب, بخطوتها المرتبكة تقترب من أطراف عالم تضلله الأشجار اليابسة وتملؤه العتمة، بحقيبة سفر صغيرة وشعور بانقباض في الصدر تقترب أكثر متسائلة :
- ما الفرق حين أعود ولا أجدك ؟
وصلت إلى المدينة صباحا كالابنة الضالة دون أن يستقبلها أحد ، حتى سائق سيارة الأجرة التي أقلتها من المطار لم يكلف نفسه عناء ترديد عبارات الترحاب المجانية ، الجملة الوحيدة التي نطق بها :
- وقت خروج الموظفين ، سنعلق بالزحمة .
كانت تنظر للخارج بعين جديدة ، لاحظت أن التلوث ازداد كثافة فوق أسطح البنايات وطبقة جديدة من الدخان الأسود بدأت تظلل المدينة . حركة السير البطيئة وقطرات العرق على رقبة السائق وحذاؤها الضيق أشعروها بطول الوقت .
- إلى أين نتجه ؟
سألها السائق .
في آخر اتصال هاتفي قال لها :
- من سقط قبل الآخر أنا أم أنت ؟
كانت تفرد الصحف والمجلات التي يكتب بها أمامها على الطاولة المستطيلة وتمضي مساءها تفتش عن رائحتها فيما كتب، في المقابل كانت تخفي قصائدها الخجلى وخواطرها الطفولية عنه في الأدراج المقفلة كي لا يشعر كم هي مزهوة بحياتهما القصيرة معا، رغم ذلك كانت موقنة أن أصابعه لن تنسحب سوى بتمزيق شيء ما .
عندما غادرت مسكنها الصغير ذلك المساء كان البحر هائجا وغيوم سوداء تسد الأفق ، لذا ضاع مركبها بين الموانئ وتشعبت تفاصيل الغرق .
- الأرض الضيقة تتسع ليأسي وأنت الأمل المنفرد تعبرين جسر الهروب .
قال لها ذات مساء وهي تكشف له عن رغبتها في الانفصال.
احتاج الأمر إلى كثير من العذاب والامتناع حتى تمكنت من تركه نصف واع لألمه ، حملت أمتعتها إلى منزل العائلة حيث لم يبد أحد اهتماما بقرارها الأخير ، ربما ظنا منهم أنها نزوة طارئة.
- يجب أن تمنحي دون مقابل .
كان يكرر على مسامعها هذه العبارة بعد كل ثورة منها على أنانيته .
كان الإفصاح عن أوجاعها أمامه بلا جدوى لذا كان عليها أن تلملم آثار قصة لم تعشها جيدا .
- أين نتوجه سيدتي ؟
سألها السائق للمرة الثانية .
كانت بحاجة للحظة إحباط أخيرة حتى تدرك أنه لم يعد لوجودها مبرر وسط فوضى عالمه ، الرجل الذي قلب كل شيء فيها كإعصار لم يعد ذا تأثير عليها ، أفرغ روحه ببطء من جاذبيتها ليفقد سحره ، سأمها العميق من عزلتها التى فرضتها على نفسها من أجله جعلها على حافة هوة ، وفي لحظة القفز الحاسمة اختارت القطيعة .
و لأن لقاءهما الأول كان عاصفا كان لا بد لقطيعتهما الصيفية أن تكون موجعة . في الأيام الأولى لهروبها رأت الأشياء من حولها وقد فقدت جاذبيتها وانسحبت منها ألوانها البراقة .
- إن فقدت كل شيء في رحيلك فعزائي في الذكريات التي جمعتنا .
قال لها ذلك في آخر اتصال له قبل أسابيع .
في خطوتها الأولى نحو الخارج كانت تلتفت وفكرة واحدة تسيطر عليها : ماذا لو فشلت في الانعتاق من سطوة تأثيره عليها ؟ ، وبعد ساعة من تساؤلها كانت سيارتها السوداء تجتاز شوارع واسعة ومضاءة بعيدا عنه .
- الدائري الرابع ........
تمتمت للسائق بالعنوان .
كانت مهملة كقطعة نقدية قديمة مخبأة في درج مظلم مع عشرات الأشياء الصغيرة المنسية ، لم يستطع المبدع أن يحتويها باهتمامه وحنانه ، في كل مرة تقترب تفقد جزءا من كبريائها المزيف كما يحلو له تسميته .
بعد غياب شهور تتساءل الطفلة بداخلها عن الطيور الملونة التي قضت نحبها في الأقفاص فاردة أجنحتها ، وأوراق النباتات المتساقطة حول إناء الورد وبيوت العنكبوت في الزوايا ، والملح الذي رسم خطوطا متعرجة على السقف متحديا محاولات النسيان .
- لن تتجاوزي ماضيك معي مهما حدث .
قالها بثقة تميز بها دائما قبل أن توصد بابه وتهرب من عالمه .
- أي بيت هو ؟ .
يسألها السائق بحدة .
تخرج يدها من النافذة نصف المفتوحة ، تطلب منه الانعطاف يسارا ، وعند بداية الحي تطلب منه التوقف . تمد بصرها بعيدا، تلمحه في سيارته وقربه شابة أنيقة على وجهها الشاحب ابتسامة عريضة !!
تهرب العصافير واجفة من شجرة روحها ، يضطرم نفسها ، تنفض قصصهما عن كتفيها ، وتبدأ في رتق أثواب الغياب ! .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.