هو أحد الكتب الحديثة في مجال التنمية البشرية للكاتب المصري كريم الشاذلي.. كتاب أكثر من رائع سيجعل كل واحد منا يفكر ويحاول أن يغير حياته نحو الأفضل، التقاطاً لبعض معاني الحياة، وتسجيلاً لمواقف وصور ذات أهمية فيها.. حكمة سمعت، قرأت..شوهدت، قررنا اصطيادها خشية أن تطير، لنقدمها قرباناً لك!.إن المشكلات الكبيرة تحتاج إلى عقل متحفز كي يستطيع حلها والقضاء عليها ، بيد أن هناك إشكالية تظهر من تعود المرء على عصر الذهن ليأتي بالعجائب ، وهي أننا قد لا نرى الحلول القريبة المائلة أمامنا!، والتي قد لا تحتاج منا إلى كثير تفكير وإرهاق ، بقدر ما تحتاج إلى بساطة وإبداع.. روى لي يوماً الدكتور علي الحمادي أنه زار مصنعاً كبيراً في إحدى الدول العربية ، وحكى كيف أن مدير المصنع أخبره أنهم ظلوا أعواماً يعانون من مشكلة تنظيف الماكينات من الغبار والأتربة الناتجة عن التصنيع أثناء العمل ، وأن هناك عشرات الاجتماعات والمئات من أوراق العمل لم تستطع أن تعطي حلاً لهذه المشكلة ، والتي كانت تتسبب في خسائر للشركة بسبب توقف العمل لفترات متقطعة لتنظيف الآلات. وحكى له أن عاملاً بسيطاً قام بعمل تجربة وهي ربط فرشاة صغيرة في اليد أعلى الماكينة - في الجزء المتحرك ذهاباً وإياباً - فكانت تلك الفرشاة تمسح الغبار والأتربة في ذهابها وإيابها بشكل مرض ، وببعض الحرفية أمكن تعديل طريقة الرجل لتصبح أكثر فعالية ، وتم حل المشكلة على يد رجل بسيط ، وفكرة أبسط !.. إننا أخي الكريم قد نحتاج أحياناً أن نتعامل مع الأمر ببساطة ، وبدون تعقيد للأمور ، وأن نبحث تحت أقدامنا عن الحلول والأطروحات المناسبة. وتعال نقرأ القصة القادمة ، لنؤكد ثانية كيف أننا قد لا نحتاج إلى أن نذهب بعيداً لرؤية شيء ، قد يكون ساكناً بين أيدينا. فلقد كان هناك رجل حكم عليه بالإعدام في عصر لويس الرابع عشر ، وبينما هو في ليلته الأخيرة إذ دخل عليه الملك لويس الرابع عشر بنفسه - وقد كان معروفاً عنه ولعه بالحيل والتصرفات الغريبة - وقال للسجين : أنت الآن في ليلتك الأخيرة ، ولكن دعني أعطيك فرصة أخيرة قد تنجو بك من الموت ، هناك مخرج موجود في جناحك بدون حراسة ، إن تمكنت من العثور عليه أمكنك الخروج منه والنجاة ، وإلا فأنت ميت ، وأمامك من الوقت حتى مشرق الشمس!. وغادر الملك الزنزانة ومعه الحراس، وتركوا الرجل يفتش في جنون في كل زاوية وركن عن المخرج الذي تحدث عنه الملك. ولاح له الأمل عندما اكتشف غطاء فتحة مغطاة بسجادة بالية على الأرض، وما إن فتحها حتى وجدها تأخذه إلى سلم يهبط به إلى سرداب سفلي ويليه سلم آخر يصعد به مرة أخرى وظل يصعد إلى أن بدأ يحس بتسلل نسيم الهواء الخارجي مما بث في نفسه الأمل، إلى أن وجد نفسه في النهاية في برج القلعة الشاهق والأرض لا تكاد يراها، فعلم أنه قد ضل الطريق، وقرر أن يعود ليبدأ من جديد. وعاد السجين خائباً إلى سجنه يفتش عن المخرج ، فتارة يضرب الأرض، وأخرى يختبر الجدران ، وثالثة يطالع السقف، ومر الليل، ولاحت الشمس من خلال النافذة ووجد وجه الملك يطل عليه من الباب ويقول له: أراك لا زلت هنا. فقال له السجين: كنت أظنك صادقاً معي سيدي الملك. فقال له الملك : لقد كنت صادقاً بالفعل! سأله السجين : كيف هذا وأنا لم أترك زاوية من زوايا الزنزانة إلا وفتشتها ، فأين هذا المخرج إن كنت صادقاً؟! قال له الملك : لقد كان باب الزنزانة مفتوحاً طوال الليل ، لكنك لم تفكر أن تدفعه بأناملك لتكتشف ذلك. إنه الحل السهل ، أهمله العقل في زحمة الحلول المعقدة ، والأفكار المتشابكة. نعم نحتاج إلى الإبداع والتفكير بشكل مختلف ، لكننا لا يجب ونحن نبدع ونبتكر أن نهمل النظر والتأمل فيما بين أيدينا ، لنرى حلاً بسيطاً قد يكون فيه الخلاص والنجاح. إشراقة: إننا أحياناً نفعل ما قد ظنناه مستحيلاً ونفعله بكل بساطة ومن حيث لا ندري. محمد عبد الحليم عبد الله