هاهو شهر رمضان هل هلاله، وهاهو شهر القرآن، وشهر البر والإحسان قد حط رحاله بيننا بعد فراق دام لعام كامل، وها نحن نعيش ساعاته الأولى التي تدفعنا إلى الإبحار في أجواء إيمانية في غاية الجمال والروعة، فأهلاً وسهلاً بك ياشهر الله، اشتاقت لمقدمك القلوب واطمأنت النفوس، وصلحت أحوال الكثير من البشر، وتوزعت نفحاته الإيمانية على الأرجاء، أهلاً وسهلاً بضيف طال انتظاره واستراحت النفوس بمقدمه، فيه تتضاعف الأجور والحسنات، والجوائز والمكرمات، فأوله رحمة وأوسطه مغفرة وفي آخره عتق من النار. ورمضان اليوم بين أيدينا ببركاته وفضائله حري بنا العمل على استغلال كل لحظاته في طاعة المولى عز وجل والتقرب إليه بالأعمال الصالحة والحرص على البذل والجود والعطاء والتراحم والتكافل والمنافسة في ميدان الخيرات من أجل الفوز في نهاية الشهر على جوائز السحب الكبير التي أعدها المولى عز وجل لعباده الذين تركوا الأكل والشرب وقاموا ليله إيماناً واحتساباً في رحمة الله ومغفرته والعتق من النار، وهنيئاً لمن أكرمه الله وأنعم عليه بالمال والثروة وجعل من رمضان ميداناً للإنفاق في أوجه الخير اللامحدودة والتي سنحاول في ليلة القدر تسليط الضوء على بعضها من أجل الإسهام في تذكير رجال المال والأعمال والميسورين بهم والمسارعة في تقديم العون والمساعدة لهم لتمكينهم من التغلب على الظروف الحرجة التي يعيشونها ومساعدتهم على إعادة رسم الابتسامة على وجوههم. دعم حالات الإصابة بالأمراض المزمنة المرض ابتلاء من المولى عز وجل وهنيئاً لمن ابتلاه ربه فصبر على بلواه، ابتغاء مرضاة الله وأجره الكبير، وفي هذه الآونة الأخيرة انتشرت العديد من الأمراض المزمنة والتي تتطلب معالجتها تكاليف مادية باهظة ومن ذلك مرض السرطان هذا المرض الفتاك الذي يسلب منا الكثير من الأهل والأحبة والأصدقاء والذي تزداد الحالات المصابة به وعلى الرغم من الجهود الرسمية المبذولة لمكافحته والتقليل من نسبة الوفيات من خلال توفير العلاجات الكيماوية بصورة مجانية بمركز علاج الأورام السرطانية بالمستشفى الجمهوري بأمانة العاصمة والتوسع في بناء مراكز عديدة لعلاج الأورام السرطانية في عدد من المحافظات إلا أن تزايد الحالات المصابة بالسرطان وارتفاع تكاليف العلاج يجعل من الصعوبة بمكان تغطية هذه النفقات الباهظة حيث لابد من إسهام رجال المال والأعمال والميسورين ورجال البر والإحسان في دعم علاج مرضى السرطان من خلال التفاعل مع اللجنة الوطنية لدعم مرضى السرطان والتي تقوم بأدوار مشهودة في هذا الجانب وكم هو جميل أن يتزامن حلول شهر رمضان المبارك هذا العام مع تدشين الحملة الوطنية لدعم مراكز علاج مرضى السرطان. والمؤمل التفاعل مع هذه الحملة والحرص على تلمس الحالات المصابة بالسرطان والتي ماتزال عاجزة عن الانتقال لمراكز العلاج بسبب حالتهم المادية الصعبة وخصوصاً في المناطق الريفية النائية وكذا الحالات التي تستدعي تدخلات جراحية خارج الوطن، فهنيئاً لمن جاد وأعطى وبذل وأنفق من ماله لعلاج مثل هذه الحالات، وهناك حالات مرضية تستدعي مساعدتها وتقديم العون لها مثل مرض القلب والكبد وتكسرات كريات الدم وأمراض الكلى وغيرها من الأمراض التي يحتاج علاجها إلى تكاليف باهظة، فلا يبخل من أعطاه الله على هؤلاء وليضعوا أنفسهم في مكانهم ليعايشوا حجم الآلام والمعاناة التي يواجهونها، وسنعمل في ليلة القدر على عرض نماذج من هذه الحالات تباعاً طيلة أيام شهر رمضان المبارك. رعاية الأسر الفقيرة والمعدمة يحل رمضان هذا العام في ظل ظروف اقتصادية غير مستقرة تمر بها البلاد، انعكست تداعياتها على أوضاع المواطنين المعيشية وعلى الرغم من ذلك فهناك من يمتلك الاستطاعة على تحمل هذه الأوضاع والتغلب عليها ولو نسبياً مهما بلغت المعاناة التي سيواجهونها والخسائر التي سيتكبدونها وهناك أسر فقيرة ومعدمة لايمدون أيديهم لسؤال الناس وإنما يغلقون أبواب منازلهم على أنفسهم وأولادهم ويحسبهم الآخرون أغنياء من شدة تعففهم وهؤلاء هم من تجب على رجال الخير والإحسان استهدافهم في شهر رمضان ومنحهم كل مايسد حاجاتهم بطريقة لا تجرحهم ولا تشعرهم بالإحراج أمام الآخرين، وهنا تتبدى الحكمة الإلهية من فريضة الصوم وهي الصبر على الجوع والعطش للنظر إلى مايكابده الفقراء والمساكين، فكم هو جميل أن يدخل الفرح والسرور على هذه الأسر فيعيشون شهر رمضان في أجواء مستقرة وهانئة دونما معاناة أو متاعب معيشية وهذا لن يكلف الكثير من المال فلا يتردد أصحاب الأيادي البيضاء في طرق أبواب هؤلاء. كفالة ورعاية الأيتام والأرامل ومن أوجه الخير والإنفاق على الأيتام والأرامل ممن لا عائل لهم بهدف مساعدتهم على التغلب على مصاعب الحياة ومنغصاتها وهناك دور متخصصة في رعاية الأيتام ياحبذا أن تمتد أيادي الخيرين في رمضان لدعمها وتمكينها من توفير كافة متطلبات الحياة المعيشية، وهناك أيتام في منازلهم يتولون مهام رعاية أسر كبيرة من الخير الكبير مساعدتهم على تحمل هذه الظروف وتخفيف الأحمال الملقاة على عواتقهم، وهناك نساء أرامل يكافحن بشرف على تربية أطفالهن وتعليمهم وتنشئتهم التنشئة الحسنة، ويقمن في سبيل ذلك بالعديد من الأعمال الشاقة والمجهدة وهؤلاء الأمهات يضربن أروع صور التضحية والفداء، وهن في رمضان في حاجة ماسة لمن يساعدهن على مواجهة متطلبات المعيشة نظراً للمشقة التي يكابدنها في العمل أثناء الصيام وهي حالات موجودة ومعروفة على مستوى كل حي سكاني وعلى الجميع الإسهام في تعريف رجال الخير عليهم ليكونوا شركاء في الخير والأجرمصداقاً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام “الدال على الخير كفاعله”. مساعدة المعسرين في السجون ومن أوجه الخير الرمضانية الإسهام في تفريج كرب الكثير ممن قدر الله عليهم المصائب ووقعوا في شراك الشيطان التي قادتهم إلى السجون ومضى عليهم في السجون سنوات عديدة على ذمة مبالغ مالية كديات أو حق عام أو مديونية للغير أو غير ذلك ، حيث يحل رمضان على أسر هؤلاء بلا نكهة وهم محرومون من متعة الجلوس مع آباء وأزواج وإخوة وأبناء وأقارب لهم يقبعون خلف القضبان نتيجة عجزهم عن دفع المبالغ المالية المحكوم بها عليهم، وهؤلاء بحاجة إلى نظرة شفقة ورحمة من رجال الخير والإحسان تضع نهاية لمعاناتهم وتمنحهم فرصة إكمال ما تبقى من شهر الصيام في منازلهم بصحبة أسرهم وذويهم، وأجدها هنا فرصة لدعوة رجال المال والأعمال على خوض غمار المنافسة في هذا الجانب ومساندة الجهود والمبادرات الرئاسية التي تصب في هذا الجانب، وسيكون لهذه المساعدات أثرها العميق في المجتمع. أصحاب الغرامات والخسائر المختلفة ومن أوجه الخير المنشودة في رمضان مساعدة الغارمين الذين دفعتهم الظروف إلى صرف مبالغ باهظة في قضايا حياتية عن دون تعمد أو قصد سيئ وهؤلاء مساعدتهم واجبة بأمر إلهي أنزله على رسوله الأمين في كتابه الكريم قال تعالى{إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم} وهناك من يغرم في مسائل وطرق يسعى بها إرضاء المولى عزوجل وتطبيق أحكام شريعته الغراء وهؤلاء بحاجة إلى من يمد يد العون لهم وخصوصاً في شهر رمضان المبارك والذي تتضاعف فيه أجور الأعمال الصالحة ويشترك في ذلك من يتكبدون خسائر باهظة جراء تعرضهم لنكبات ومصائب سواء كانت خسائر تجارية أو حوادث عارضة مثل تهدم المنازل أو تعرضها للحريق وغيرها من الحوادث فالعون لهؤلاء فيه أجر كبير وعظيم جداً حيث تندرج في إطار فضيلة إغاثة الملهوف، ينبغي الإقبال عليه وخصوصاً ونحن في رحاب شهر الخير والعطاء ولنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم القدوة الحسنة في كرمه وجوده وبذله في رمضان خاصة وفي حياته عامة. دعم الجمعيات الخيرية الفاعلة ومن أوجه الخير الرمضانية الإسهام في دعم الأنشطة الخيرية التي تقوم بها الجمعيات والمؤسسات الخيرية الفاعلة في الساحة والمشهود لها بالبذل والجود والعطاء والإنفاق في مختلف أوجه الخير على مدار العام دون أن يكون لها أي أغراض أو مطامع حزبية أو سياسية من وراء ذلك،فهذه المؤسسات والجمعيات تتلمس الحالات المستحقة للعون والمساعدة وبإمكان رجال الخير والإحسان ورجال المال والأعمال والميسورين دعم هذه الأعمال الخيرية بما كتب الله لهم من المال أو المساعدات العينية الأخرى التي تفي بالغرض وتسد باب الحاجة والفاقة لدى المستحقين من الفقراء والمساكين والمعدمين، وبالمناسبة أوجه نصيحة خالصة لوجه الله للجمعيات التي تجعل من رمضان مناسبة لجمع المساعدات والتبرعات باسم الفقراء والمساكين في الوقت الذي تقوم ببيعها والتصرف بها لحسابهم ومصالحهم الشخصية، فليتق الله هؤلاء وليعملوا على تصحيح مسارهم وإعلان التوبة والإقلاع عن مثل هذه التصرفات وعليهم أن يتقربوا إلى الله بالأعمال الصالحة ويتنافسوا على تقديم العون والمساعدة للفقراء والمساكين لاغتنام الأجر والثواب المرصود لمن يتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة في رمضان. دعوة للتنافس ابتغاء مرضاة الله وفي الأخير فإن الجميع مدعوون للتنافس فالجوائز الإلهية المرصودة ثمينة ومغرية و الدخول على السحب الكبير يتطلب تقديم العون والمساعدة لمن سبق ذكرهم ولكل من يستحق العون والمساعدة دونما مراءاة أو تفضل أو منة فالعطاء لا يكتمل أجره إلا إذا كان مصحوباً بنية خالصة ابتغاء مرضاة الله ورضوانه ولا مجال هنا لاختلاق الأعذار وتوجيه اللوم على الآخرين وإسناده إليهم فالخير والعون والمساعدة واجبة على الجميع بحجم الاستطاعة دونما إجهاد أو ضرر وعلى حجم الإعانة والمساعدة تكون الجائزة وهي فرصة إلهية قد لا تتكرر فعلينا جميعاً استغلالها وفي المقدمة رجال المال والأعمال والميسورون ممن أنعم الله عليهم بنعمة المال قال تعالى{وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله}. [email protected]
