على امتداد النظر والتخيلات التي تعبر في تفكير أي منا، لا بد من وجود صرخة، ولا بد من وجود صيحة ألم. فالألم لا يستوطن في الأماكن التي نتعارف على احتوائها له.. بل ثمة أماكن بها من صرخات الألم ما تجعل الاستماع إليها أمراً حتمياً. في رمضان يصبح الأنين على أكثر من طريق، فالمستشفى والطريق وكثير من الأماكن تنز بالألم، لكن، يبقى ثمة أنين بعيد عن الأنظار.. لكنه اقرب إلى القلوب الرحيمة.. إنه في البيوت التي فيها من البشر من منعتهم عفتهم من السؤال.. وهم بأمس الحاجة إلى قلوب تلتفت إليهم، وتشعر بهم، وتشاطرهم الألم، وتمنحهم الابتسامة في شهر فية من الرحمات والخير ما يجعل البذل فيه من الأمور الواجبة والرائعة. تحت هذه السقوف يكون للألم صوت قوي ومدوٍ.. لكنه غير مسموع لكثيرين في ذات الآن، إنه كفيل بامتصاص كل الصرخات من الجانب الظاهري. وهو في حقيقة الأمر صرخة مداها القلوب الرحيمة، القلوب التي يودون لو أنها تمنحهم بعض الذي فقدوا. فكم من الناس هم بحاجة إلى أن نلتفت إليهم، وكم هو الأمل بعد الله سبحانه وتعالى بأن يشعر كل الميسورين بالمعسرين، وبكل إنسان منعته عفته من الخروج إلى الشارع طلباً للإحسان. في رمضان يصبح البذل فرصة لكل إنسان لمضاعفة الأجر، والشعور بالآخرين الذين هم بحاجة إلى القوت الضروري.. ومداواة ما ألم بهم من شوائب الدهر. مهما كان أولئك بعيدين عن الأنظار.. لنجعلهم قريبين إلى القلب.. لنحسّ بهم ونحسن إليهم في شهر الخير والإحسان..