بخلاف كل ليال الأحد عشر شهراً، قد يبدو رمضان شهراً بتفاصيل مختلفة فيها عمق كبير في المعاني ونظرات أكثر لهفة واستقراراً وربما أكثر طمأنينة. رمضان من أول ليلة وحتى الموعد المرتقب لليلة القدر فإنها جميعاً ليالٍ ينظر إليها الكثير من الناس بجانب كبير إلى النظرات الرحيمة التي يبعثها الآخرون وذوو الأفئدة الرحيمة. وإلى هناك فإن في كل زاوية من الزوايا التي يصل إليها هذا الصدى حالات ترى من رمضان أفقاً ليسمع صوتها وليس هذا وحسب بل إن الأجر في هذه الزوايا يكون مهيأ لاستقبال هذه الأصوات وإعادة النظر فيما قد غفلنا عنه خلال بقية ليالي العام. رمضان قد يكون لدى البعض ليس ليلة قدر واحدة بل ثلاثون ليلة قدر فلا يدري في أي ليلة سيكون فضل يحل به.. رمضان انها نفحات تحل في أناس كان الانتظار له أمد طويل وأتى اليوم ليصبح بفضل الله ثم بنظرات وشعور هؤلاء ابتسامة عريضة في وجوه قد شاخت الابتسامة فيها منذ زمن. رمضان حين يأتي تفتح الأبواب التي ظل النسيان مسيطراً عليها فينفض كل الغبار العالق على القلوب قبل كل الأبواب والنوافذ. رمضان فرصة لنجعل الأنانية تقف عند ذواتنا فقط ونشعر بالآخرين فنمنحهم لفتة إنسانية تعيد إليهم ما فقدوا وما جعل الأحزان تسيطر على جوانب كثيرة من حياتهم. رمضان فيها وضوح لصدى طفلة تصرخ حين التهم الألم أجزاء من جسدها وسرق المرض ابتسامة كانت تتهادى على شفتيها فبدلها بلحظات حزن شملت كل من بجوارها. رمضان فيه لمسة حنان لشيخ يعز عليه ان يصرخ أو يسمع الناس صوته المكسو بالانكسار من الحاجة، لكنه في رمضان يطلق هذا الصوت. رمضان تفاصيل تخرج من لحظات الصمت المطبقة على قلب امرأة حاجتها للفتة من الآخرين جعلتها تكسر كل عوالم هذا الصمت. رمضان ألم معسر تقطعت به السبل صرخ بصوت يخالطه الاستحياء، لكنه أبى إلا أن يصرخ. رمضان سطر مفتوح ليس نهايته نقطة وليس فيه أدنى حواجز، فيه تلين القلوب الصلبة وتصبح اللفتة فيه تبحث عن كل الناس المحتاجين لكل عطف ولكل لفتة إنسانية فهو خير يتعاظم من أول ليلة مروراً بليلة القدر وحتى آخر نفس لآخر لياليه.