عن عائشة رضي الله عنها قالت:” كان النبي صلى الله عليه وسلم يُقبل، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإرِبه” متفق عليه،واللفظ لمسلم، وزاد في رمضان.*ما يؤخذ من الحديث: جواز القُبلة والمباشرة للصائم إذا كان يملك نفسه عن الجماع والإنزال، قال الشافعي في كتاب “الأم”:” ومن حركت القُبلة شهوته كرهتها له، وإن فعلها لم ينقص صومه، ومن لم تحرك شهوته فلا بأس له بالقبلة، وملك النفس في الحالين عنها أفضل؛ لأنه منع شهوة يرجى من الله تعالى ثوابها”. وقال المازري:” ينبغي أن يعتبر حال المُقبل،فإن أثارت منه القبلة الإنزال حرمت عليه؛لأن الإنزال يمنع منه الصائم، فكذلك ما أدى إليه، وإن لم تؤد القبلة إلى شيء، فلا معنى للمنع منها إلا على القول بسد الذريعة.وقال :ومن بديع ماروي في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للسائل عنها:” أرأيت لو تمضمضت” فأشار إلى الجماع ومفتاحه والشرب يفسد الصوم كما يفسد الجماع، وكما ثبت عندهم أن أوائل الشرب لايفسد الصائم،فكذلك أوائل الجماع. وحديث:”أرأيت لو تمضمضت” أخرجه أبو داود،والنسائي من حديث عمر،وصححه الألباني رحمه الله، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، في الشرح الممتع، عن أقسام القبل: “والصحيح أنها قسمان فقط: قسم جائز، وقسم محرم، والقسم الجائز صورتان: الصورة الأولى: ألا تحرك القبلة شهوته إطلاقاً، الصورة الثانية: أن تتحرك شهوته ولكن يأمن على نفسه”. “إذا قبّل فأمنى يفطر بغير خلاف نعلمه لما ذكرناه من إيماء الخبرين، ولأنه إنزال بمباشرة فأشبه الإنزال بالجماع دون الفرج”قال النووي في شرح صحيح مسلم:” ولا خلاف أنها لاتبطل الصوم إلا أن ينزل المني بالقبلة”. والخلاصة هي: من باشر “ومعنى المباشرة في الحديث: اللمس” أو قبل بدون إنزال المني؛ صومه صحيح. من باشر أو قبل،فأنزل المذي دون المني فيه خلاف، والصواب والله أعلم أن صومه صحيح، وهذا مذهب أبي حنيفة، والشافعي، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية. القول في الحديث:” وهو أملككم لإرِبه” أي لحاجته، تعني أنه صلى الله عليه وسلم كان أغلبكم لهواه، وحاجته، أي :كان يملك نفسه وهواه،وقال السلمي: الإرب: الفرج هاهنا،وقال ابن الأثير، وله تأويلان: أحدهما أنه الحاجة، والثاني: أرادت به العضو، وعنت به من الأعضاء الذكر خاصة.