سافر وشاهد أماكن جديدة بعقل مفتوح! كانت هذه إحدى النصائح التي قدمها جاكسون براون .. لولده عندما حان موعد التحاقه بالجامعة علما انه قدم هذه النصائح من وجهةنظره كأب والتي نشرت في كتاب ..! (Life's Little Instruction Book).. وحقق هذا الكتاب أفضل المبيعات لعدة سنوات بقائمة نيويورك تايمز تأملت هذه النصيحة بحق فوجدت أنها تقدم الكثير لأجل حياة مبدعة، إن عملية إبقاء العقل مفتوحا على الحياة والناس والمشاهد والتغييرات المستمرة في صيرورة المسيرة الحياتية للكون هو أول ما يشحذ الذهن لرؤية ما يمكن استثماره من عوامل خلق حياة كريمة ومتميزة،. إن الله منحنا عقولاً لنكون على أهبة الاستعداد دائما لخلق أجمل وأفضل تصورات حياتية، إن النظر في الأمور والشواهد بعقل مفتوح يعني استكناه كل ما يمكنه أن يمد العقل بتصورات مبدعه ولذا كان تعطيل العقل في نظر الشارع الحكيم أساس إحباط المسيرة وعامل رئيس في الانتكاسة والخسران حتى أن من ولج جهنم يدرك انه لو نظر إلى الحياة وتأمل دلائل الكون وعمل بعقل مفتوح في فهم كل ذلك لاهتدى لأقوم السبل((وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير)) كثير من مشاكل حياتنا وكثير مما نرجو أن يكون ثم لا يكون يقعان في الغالب الأعم بسبب النظر بعقل مسبق مليء بأحكام جاهزة ومعرفة غير مستوعبة لحركة الحياة وغير قادرة على مشاهدة الوقائع كما هي عليه هنا تكمن أهمية تفعيل العقل المفتوح على امتداد صوابية الرؤية والتأمل واختيار أدق طرق تحقيق الأهداف والوصول للغايات هذا العقل هو الذي بإمكانه أن يقي الإنسان ذكرا كان أم أنثى من الوقوع في رق الحياة وسلبياتها. إن أهم مميزات العقل المفتوح تكمن في نظرته للأمور وفق ما هي عليه والحكم عليها وفقاً للتصورات الناتجة عن تلك النظرة مع دمج كل ذلك عند التصور بحقائق الحياة وسننها وخصائصها هذا العقل هو أهم ما ميز الأنبياء عليهم السلام والذين منذ طفولتهم كانوا بعيدا عن ضلال قومهم بل كانوا يثيرون التساؤلات المنطقية حول ما عليه القوم من الضلال البعيد عن الحق ومعرفة القبيح من الجميل في الفعل أو القول أو كليهما معا وكذلك الفلاسفة والمصلحون أثاروا الكثير من القضايا لتغيير واقع سلبي معين ليكون واقعاً ايجابياً. وجود العقل المفتوح يعني وجود الإنسان القادر على التفكير الحر القادر على تجاوز سلبيات الواقع القادر على خلق آفاق أكثر جدة في التفكير والعمل أما العقل المثقل بتركة العادات والتقاليد المثقل بالأحكام المسبقة على الحوادث قبل معرفة أسبابها ومسبباتها وعناصرها المثقل ب(إنا وجدنا آباءنا على أمه وإنا على آثارهم مقتدون) المثقل بإحباطات هزائم الماضي او انتصاراته التي خلدت إلى التاريخ لتكون درسا للذكرى ولا أكثر من ذلك فهذا عقل لن يقدم الكثير سواء على المستوى الفردي او مستوى المجموع بل هو حجر العثرة أمام رؤية نور الله في التفكر في ملكوت النفس والكون. تطور الحياة لا يمكنه التولد ما لم يكن هناك عقل يقراء مسارات النواميس الكونية بدقة وشفافية عقل مفتوح يقبل الحقيقة ويتعامل مع مكونات الدرس كأبجديات يتم الحكم بها بعد اكتمال مستندات الاستدلال وخصائصه ومن اصدق من الله قيلا وهو القائل(إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا) نعم مسئولا في عقل الأشياء التي تحيط بالمرء كلها ابتداء من معرفة الخالق إلى معرفة اقل ما يمكن التماسه عبر مسيرة الحياة الإنسانية للفرد ومن يقرأ كتاب الله يجد أن القرآن جاء ليخاطب العقل المفتوح وليدله على طرق الاستدلال للوصول إلى الحقائق الكلية في الحياة والخلق بل وفي الاختيارات الخيرة لينتهي عن القرب من الخبائث فيضع الله عنه الإصر والأغلال ويمنحه السعادة الأبدية. نحن اليوم اشد حاجة مما سبق في حالتنا العربية والإسلامية خاصة إلى عقول مفتوحة لقراءة الكثير من دروس الحياة وصيرورة الأحداث هنا وهناك حتى نغير ما بأنفسنا للخير والحق والحب والسلام لننعم برفاهية الدنيا وجنة الآخرة كي نعود امة مبدعة تعطي للكون أنموذجاً من لقاء الروح بالمادة لتكون الحضارة التي أراد الله أن تكون وفق آليات الاستخلاف الرباني. من هنا علينا دوما أن نسافر وان نشاهد أماكن جديدة بعقل مفتوح أماكن في الضمير والروح والجسد والكون كله. [email protected]