اختلف العلماء في تعيين وقتها على أقوال، والذي عليه جمهورهم أنها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ففي الصحيحين عن عائشة، رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان”.. رواه البخاري ومسلم،وعن أبي سعيد الخدري،رضي الله عنه،أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج إليهم صبيحة عشرين فخطبهم وقال:” أريت ليلة القدر ثم أنسيتها،فالتمسوها في العشر الأواخر من الوتر” رواه البخاري ومسلم، وفي رواية “ابتغوها في كل وتر”. وبالنظر إلى اختلاف مطالع الأهلة بين الأقطار، فالليالي الوترية في أحد الأقطار تكون شفعية في آخر، لذلك ينبغي التماسها في جميع لتالي العشر. ورأى أبي ابن كعب وابن عباس،رضي الله عنهم، أنها ليلة السابع والعشرين من رمضان، وأشتهر ذلك لدى جمهور المسلمين، وتعددت الأقوال في تحديدها حتى بلغ الحافظ ابن حجر رحمه الله إلى ست وأربعين قولاً، يمكن رد بعضها إلى بعض وأرجحها كلها أنها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان وأنها تنتقل. ولله في إخفائها حكمة بالغة، فلو تيقن المسلمون من ليلتها،لتراخت العزائم وفترت الهمم طوال شهر رمضان المبارك،واكتفوا بإحياء تلك الليلة، فكان إخفاؤها حافزاً للعمل في الشهر كله، ومضاعفته في العشر الأواخر منه، وهذا منهج حكيم لجعل المسلم يكثر من الطاعات، ويرتقي بإيمانه إلى أعلى الدرجات،فقد أخفى الله عز وجل ساعة الاستجابة في يوم الجمعة وليلها للمداومة على الدعاء فيها، وأخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس للحفاظ على كل الصلوات، والفوز بالخيرات. وتجدر الإشارة إلى أنه من تمام إخفاء ليلة القدر، أن جعل علاماتها لاتظهر إلا بعد حلولها، كأن تكون وضيئة مضيئة، لا حارة ولاباردة، وأن تطلع الشمس في صبيحتها من غير شعاع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”وأماراتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها لا شعاع لها” رواه مسلم.