محاربة الإرهاب ستظل مسؤولية أجهزة الأمن اليمنية وعلى المجتمع الدولي شد أزرها دعا وزير الخارجية الدكتور أبوبكر عبدالله القربي الدول الشقيقة والصديقة والهيئات والمنظمات الدولية المانحة وشركاء اليمن في التحالف الدولي لمكافحة الارهاب, إلى الإيفاء بالتزاماتهم وتقديم الدعم اللازم لليمن بما يعزز من جهوده في سبيل تحقيق التنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي المنشود.. جاء ذلك في كلمة اليمن أمام الدورة ال65 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ألقاها الدكتور القربي أمس، مبيناً أن حجم إنفاق الحكومة على فرض هيبة القانون ومكافحة الإرهاب ومواجهة أعمال التخريب وعبء استيعاب ما يزيد من 700 ألف من اللاجئين الصوماليين ومن أبناء القرن الأفريقي حد من إنفاقها على التنمية ومكافحة الفقر وتحسين مستوى معيشة مواطنيها وتوفير فرص عمل كريمة للشباب ومخرجات التعليم، فضلاً عن تحسين مستويات الرعاية الصحية وتحقيق الأهداف التنموية للألفية.. وعرض وزير الخارجية في الكلمة مختلف التطورات على الساحة اليمنية وكذا التحديات التي تواجه مسيرة التنمية وجهود القيادة السياسية والحكومة للتغلب عليها. وقال : تشهد الجمهورية اليمنية تحديات تنموية واجتماعية وبيئية وسياسية مركبة أسهمت العديد من العوامل والظروف في تشكيلها ومنها الآثار السلبية للأزمة المالية والاقتصادية العالمية على الاقتصاد اليمني وتراجع مؤشرات ما أنجزته الحكومة في الأهداف التنموية للألفية، والنقص الحاد في الموارد المتاحة؛ نظراً لانخفاض معدلات إنتاج النفط وتراجع أسعاره عالمياً، والتي تعتمد عليها الحكومة كمصدر رئيس بنسبة 75 بالمائة من إجمالي الدخل العام بجانب انخفاض عائدات المغتربين وإيرادات السياحة مقابل نمو سكاني كبير وشحة في موارد المياه, بالإضافة إلى محدودية ما يقدمه شركاء التنمية لدعم الخطط والبرامج الحكومية الهادفة إلى تسريع عجلة التنمية والتخفيف من الفقر وتوفير فرص عمل ومعيشة كريمة للسكان.. موضحاً في ذات الوقت أن نصيب المواطن اليمني من المساعدات التنموية الرسمية «أو دي إيه» يعد الأدنى في العالم مقارنة بالدول الأقل نمواً. وتابع الدكتور القربي قائلاً : وبهدف تحقيق النمو الاقتصادي وإجراء الإصلاحات الاقتصادية والمالية اللازمة, فقد وقعت الجمهورية اليمنية مؤخراً اتفاقاً مع صندق النقد الدولي لتنفيذ برنامج سيوفر انضباطاً مالياً لإدارة العجز في الموازنة العامة والخفض التدريجي في مستويات الدعم الحكومي للوقود بما يسهم في تخفيف العبء على الموازنة العامة للدولة, كما تم اعتماد العديد من الإصلاحات الإدارية والمالية والقضائية ومكافحة الفساد وتطبيق اللامركزية المالية والإدارية.. وأوضح أن الحكومة تعكف في الوقت الراهن على صياغة الخطة الخمسية الرابعة للتنمية للأعوام 2011 2015 م, كما بدأت الحكومة في إجراء حوار سياسي مع أحزاب المعارضة للاتفاق على معالجات لكافة التحديات التي تواجه اليمن، وتطوير قانون الانتخابات وإجراء عدد من التعديلات الدستورية والدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية توطئة لإجراء الانتخابات النيابية العامة في أبريل من العام القادم.. وأشار إلى أن نيويورك احتضنت خلال الأسبوع الماضي الاجتماع الأخير لمجموعة أصدقاء اليمن - وهي مجموعة تضم دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية وروسيا الاتحادية واليابان والصين والمؤسسات والصناديق الدولية المانحة - وذلك بهدف حشد الدعم الدولي لمساندة جهود اليمن في تحقيق التنمية ومحاربة التطرف والإرهاب والقرصنة.. معبراً عن ثقته في أن هذا التعاون سيعزز من قدرات اليمن في تنفيذ خططه التنموية وبناء قدراته الأمنية لمكافحة الإرهاب وحماية الممرات البحرية في خليج عدن وجنوب البحر الأحمر من القرصنة البحرية وحماية حدودها البحرية والبرية. وأردف الدكتور القربي قائلاً: ومن بين جملة التحديات التي تواجهها الجمهورية اليمنية تأتي بعض التطورات السياسية لتزيد الوضع تعقيداً منها إثر انعكاسات فتنة التمرد والتخريب في محافظة صعدة وما تتحمله الحكومة لترسيخ السلام وإعادة إعمار المناطق المتضررة جراء حروب ست فرضت على الدولة بهدف إرساء سيادة القانون.. مبيناً أن فتنة التمرد تسببت في نزوح عشرات الآلاف من المواطنين وفتح مخيمات للإيواء بالتنسيق مع المنظمات الإغاثية العالمية. وتابع قائلاً : لقد وضعت الحرب أوزارها بعد أن قبلت العناصر الحوثية بالشروط الستة للحكومة والتي بموجبها تم الإفراج عن معظم المعتقلين واستئناف العمل باتفاق الدوحة للعام 2008م, وبالشروط الستة لوقف الحرب,ونحن الآن بانتظار تنفيذ البرنامج الزمني والتنفيذي للاتفاق الذي ترعاه مشكورة دولة قطر الشقيقة, وتتابع الحكومة تجاوب المتمردين مع جهود إحلال السلام مع تمسكها بحقها السيادي في فرض القانون في كافة أرجاء إقليمها الوطني ومواجهة أية مجموعة تخرج عن الدستور والقانون وتمارس الإرهاب والعنف والتخريب. واستطرد قائلاً : كما تعاني الجمهورية اليمنية من نشاط عناصر القاعدة الإرهابية وانتقالها إلى وسائل جديدة تتمثل في تنفيذ عمليات إرهابية لاغتيال القيادات الأمنية ومحاولاتها المستميتة لترتيب وضعها في الجزيرة العربية والعمل على تأجيج العنف في بعض المحافظات الجنوبية والشرقية, بالتعاون مع مجموعة ممن خسروا مصالحهم بقيام الوحدة اليمنية ويدعون اليوم إلى الانفصال في تحد لإرادة الغالبية العظمى لأبناء الشعب اليمني، وبالإضافة إلى تأييدهم للعناصر التخريبية في صعدة في محاولة لتوظيف ذلك لصالح أهداف القاعدة لإشاعة الفوضى وعدم الاستقرار في اليمن ولمعاودة عملياتها الإرهابية التي تستهدف اليمن والمنطقة والعالم. ومضى الوزير القربي قائلاً : لقد تمكنت الأجهزة الأمنية اليمنية من تحقيق نجاحات كبيرة في القبض على الكثير من العناصر الإرهابية وملاحقتها وإجهاض عملياتها وتعيش هذه العناصر حالياً في حالة من الذعر تعيق من فاعليتها في تنفيذ مخططاتها الإرهابية. وأردف : ومن أجل استكمال الجهود لإنجاز مهمة تصفية بقايا خلايا وعناصر القاعدة, فإن الحاجة لبناء وتعزيز القدرات الوطنية وتقديم الدعم والتنسيق الأمني والاستخباراتي, أمران في غاية الأهمية. وأكد أن الجمهورية اليمنية شريك فاعل مع المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب وأن ما تحققه من نجاحات في هذه الأيام من خلال الضربات الاستباقية ضد ما تبقى من أوكار القاعدة يتطلب وقفة قوية من المجتمع الدولي لمساندتها وشد أزرها.. وشدد بأن مكافحة الإرهاب في اليمن ستظل مسؤولية أجهزة الأمن اليمنية.. مذكراً في ذات الوقت بأن التجربة في عدد من الدول أثبتت أن التدخل الخارجي لمحاربة الإرهاب يزيد الأمر تعقيداً ويهيئ مناخات محلية للتعاطف مع العناصر الإرهابية.. وبشأن ما عملته الجمهورية اليمنية منذ توليها رئاسة مجموعة 77 والصين .. أكد وزير الخارجية أن اليمن عملت بحماس وإرادة على تحقيق التوافق حول العديد من القضايات التي تهم دول المجموعة والحفاظ على وحدتها وتضامنها وتطوير علاقتها مع الدول المتقدمة.. وقال : وخلال الفترة الماضية تمكنت اليمن من قيادة المفاوضات الشاقة للتوصل إلى الوثيقة الختامية لاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة حول الأهداف التنموية للألفية، وهي الوثيقة التي تشكل برنامج عمل للسنوات الخمس القادمة. وأضاف : كما أن قيادة اليمن للمجموعة مكنتها من إنجاز الكثير لمصلحة أجندة الجنوب التي تخدم مصالح بلداننا النامية، وهي تقود مفاوضات أخرى على قدر كبير من التعقيد فيما يتعلق باتفاقيات التغير المناخي والبيئة. وتابع : ونشعر بالاعتزاز أن رئاسة اليمن للعديد من الاجتماعات الخاصة بمجموعة ال 77 والصين ذات الصلة باتفاقية الأممالمتحدة الإطارية لتغير المناخ ومشاركتها الفاعلة في أعمال اللجان قد مكنت من تقريب وجهات النظر والوصول إلى اتفاقات نأمل أن تحقق النجاح المنشود الذي لم يتحقق في اجتماعات سابقة. وناشد الدكتور القربي المجتمع الدولي إلى النظر إلى معاناة ما يزيد على عشرين مليون باكستاني من جراء الفيضانات والسيول.. مهيباً بجميع دول العالم وتحديداً الدول الكبرى تحمل مسؤولياتها نحوهم ونحو المستقبل المناخي للعالم، وما يمكن أن يؤدي إليه من آثار مدمرة. ودعا كافة الدول الأعضاء في الأممالمتحدة إلى الوقوف بمسؤولية مع حكومة باكستان للتخفيف من معاناة المشردين والنازحين.. مقدماً في ذات الوقت تعازي اليمن إلى حكومات وشعوب الدول التي تأثرت بالكوارث الطبيعية مؤخراً وفي مقدمتها الباكستان والصين والاتحاد الروسي وهاييتي وغيرهم . وتطرق وزير الخارجية في الكلمة إلى الجهود الدولية المكرسة لمساندة جهود الدول النامية لتحقيق الأهداف التنموية للألفية وما تحمله تلك الأهداف من معانٍ إنسانية.. واستدرك قائلاً : إلا أن الأوضاع الدولية التي تأثرت بالأزمة المالية وتذبذب أسعار الطاقة والكوارث الطبيعية التي أدت في مجملها إلى ارتفاع أسعار الحبوب وغيرها من المواد الغذائية, قد شغلت الدول المتقدمة عن الإيفاء بالتزاماتها لدعم ومساندة الدول الأقل نمواً والنامية لتحقيق أهداف التنمية. ولفت إلى أن هناك مخاوف من أن تمر الفترة المحددة لتحقيق أهداف الألفية دون تحقيقها نتيجة عدم وفاء الدول المتقدمة بالتزاماتها تجاه الدول النامية والأقل نمواً.. وتناول الخطوات التي قطعتها الجمهورية اليمنية في سبيل ترجمة أهداف الألفية وفقاً لقدراتها المحدودة . وقال : إن الحكومة اليمنية قد تبنت استراتيجية وطنية للقضاء على الفقر وعكست ذلك ضمن خطط التنمية الوطنية وتسعى قدر ما تستطيع وبتعاون المجتمع الدولي لتنفيذها, كما اتخذت العدد من الإجراءات لرفع مخصصات التعليم في ميزانية الدولة وبناء المزيد من المدارس وتأهيل الكادر التعليمي وتطوير التعليم الأساسي وتشجيع التحاق الفتاة بالتعليم والتوسع في برامج محو الأمية للكبار. ومضى قائلاً : كما سعت الحكومة اليمنية إلى تحسين المساواة في النوع الاجتماعي بين المرأة والرجل في مجالات التعليم بمختلف مراحله وتمكين المرأة من المشاركة في الحياة السياسية, واهتمت كذلك بصحة الأمهات والأطفال ونشر الوعي الصحي الثقافي بين أفراد المجتمع، مما أدى إلى تخفيض معدل وفيات الأطفال والأمهات وتحسين خدمات الأمومة والطفولة، فضلاً عن تنفيذها العديد من الحملات الصحية للقضاء على الأمراض المعدية ومنع انتشار مرض الإيدز. وتابع : أما ما يخص الجانب البيئي فإن اليمن تعاني شحة الموارد المائية مع تزايد عدد السكان، وهو ما يؤثر على ضمان استدامة بيئة سليمة.. ومن هنا فقد قامت الحكومة بوضع الخطط الوطنية لدراسة الوضع الراهن وتحديد المشكلات وكيفية معالجتها لحماية البيئة والاهتمام بها ضمن خطط التنمية الوطنية.. مجدداً دعوته للدول الشقيقة والصديقة والمنظمات المانحة والمنظمات الدولية وأصدقاء اليمن وشركائه في التنمية وفي التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بتحمل مسؤولياتهم والوفاء بالتزاماتهم وتقديم الدعم اللازم لليمن لتحقيق التنمية المستدامة وتحقيق أهداف الألفية وتعزيز قدراته للتغلب على التحديات التي تواجه مسيرته التنموية.