ألقى بجسده المثقل بمتاعب يوم عمل شاق .على سريره المتهالك ..ورمى برأسه في أحضان وسادته .. تقلب وانكمش وتمدد ..تململ ... لم يأته النوم ... حاول أن يغريه بأن يطبق جفنيه .. ولكن بلا جدوى ... أخذ يقرأ آيات من القرآن .. ويردد بعض أذكار المساء المأثورة .... لعل الشيطان يهرع يجر معه النوم ليقطع ذكر الله من لهج لسانه ... لا فائدة ... نهض ببطء ثم أنار غرفته .. وفجأةً تثاءب ..فقفز على السرير ليقبض على النوم بين يديه وأرجله وجفنيه ... لكن النور نسي أن يطفئه .. لأنه لا يستطيع النوم حتى مع خيوط من الضوء... أبدى حنقه وغضبه من هذا الوضع المتأزم ... وأطلق زفيراً من أعماقه متأففاً ... وقام ليطفئ النور .. وأسرع نحو السرير لعله يمسك ولو ببقايا التثاؤب الذي اعتراه ... بلا طائل ... فجأةً .. طفت حادثة ضربه لأخيه الصغير في الصباح على مهجع تفكيره ... فأدار شريط ذاكرته لذلك الموقف ... ليجد أنه كان مخطئاً .. بل وقاسياً ومتهوراً ... نهض بنشاط .. وذهب لغرفة أخيه الأصغر .. وفتح الباب ببطء ... ليسمع شجو أنفاسٍ متسارعة .. ضغط على مفتاح النور .. وأخوه الأصغر بملابس المدرسة لا يزال يكفكف دموعه التي بللت أعلى قميصه .. وينظر بعينين حمراوين - والجفون مغطية ثلثيها - نحو أرجل هذا الداخل ... لم يحتمل منظر أخيه الأصغر .. وهب يحضنه وهو يبكي بصوتٍ مرتفع ... ويقول : سامحني ،، أنا آسف .. والله أنا غلطان .. لماذا تعمل كل هذا بنفسك ؟!! ... واستمر يجهش بالبكاء وأخوه الأصغر في حضنه ... وأخوه الأصغر قد دخل في لحظة ذهول ودهشة .. ! بعد دقائق ... انخفضت حرارة وحماسية تلك اللحظات ... ثم جعل عينيه تقابلان عيني هذا الطفل .. وقال له: آلمتني جداً ببكائِك .. ولم أتصور ولو للحظة بأنني قد أتسبب لك بكل هذا الألم ... ولم يسبق لي بأن أدرك حساسيتك المفرطة ...! بصراحة .. ما كان يستحق تصرفي الصباح ضدك ، ردة فعلك العميقة والمغالية هذه أليس كذلك ؟ أجاب أخوه الصغير : أنا أبكي لأنني سقطت في الامتحان و.. تلعثم ... وارتبكت ملامح وجهه .. وحاول أن يخفي صدمته بهذه المفاجأة ... والمقلب ... ونسي أن يعاتبه على تلك النتيجة ، أو أن يسأله عن الأسباب ؟ أو يعده بأنه سيهتم به ويذاكر له ...؟ وبأنه ...... . المهم أنه عاد وهو يتهاوى فاقداً لتوازنه من تناقضات الموقف ... وهوى بجسمه على فراشه مستسلماً لنومٍ ثقيل ... بالرغم من نسيانه كذلك النور مضاءً ... !!!