يعتبر اليمن الوحيد في العالم الذي تزرع فيه شجرة البن في ظل ظروف مناخية وبيئة لا تتماثل مع تلك التي تزرع فيها أشجار البن زراعة مرفهة في مناطق أخرى من العالم، أضف إلى ضعف الإمكانيات الزراعية إلا أن اليمنيين لا يزالون يستخدمون النظم القديمة التي اتبعها أجدادهم في زراعة البن..ثلاثة أعوام على انعقاد المؤتمر الأول في المكسيك للبن الطبيعي العربي المجفف بالشمس الطبيعية تلا ذلك المؤتمر العالمي الثاني للبن الطبيعي العربي في اليمن وفي يومه الأخير.. قال الأستاذ المنظم لهذا المؤتمر أسامة قائد المدير التنفيذي لوكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر حيث قال: إننا نعاني من إفلاس فكري إذ لا توجد هناك استراتيجية للحفاظ على شجرة البن والترويج لها وتصديرها إلى بلدان غربية، حيث إن نسبة 70 % من محصول البن تصدر إلى السعودية القليل فقط ومؤخراً بدأ يصدر إلى الخارج مثل اليابان وكندا واسبانيا وغيرها. ويضيف: إن تزايد طلب البن يعود إلى تزايد السكان وانتشار ثقافة تذوق البن، حيث إن الصين تنفق 8ملايين دولار سنوياً لنشر ثقافة التذوق وشرب البن وبناءً على ذلك تم تطبيق ثقافة تذوق البن هنا في اليمن وتم عمل دورة تدريبية خاصة بتذوق البن كما أن المشاركين في المؤتمر قد قاموا بهذه التجربة الجديدة، فقد انقسم المشاركون إلى مجموعتين المجموعة الأولى هي مجموعة المتذوقين قام المشاركون فيها بتذوق البن المعد وتحديد الحلاوة والملوحة والحموضة وأيضاً المرارة وتسجيل ملاحظاتهم في استمارة استبيان خاصة بالتذوق. أما المجموعة الثانية فهي مجموعة المزارعين وفيها قام الخبير المكسيكي المتخصص في البن الطبيعي العالمي مانويل دياز بتعريف المزارعين بأنواع البن المختلفة من حيث الشكل والوزن والنوع وشرح أيضاً كيف يتم إنتاج بن ذي مواصفات مطلوبة دولياً وبسعر جيد ومناسب أفضل من الأنواع الأخرى وللمزارع حرية الاختيار. واستمع الخبير مانويل لبعض المشاكل التي يعاني منها مزارعو البن في اليمن، ونوه إلى ضرورة الحفاظ على شجرة البن لأنها تعد ثروة ومكسباً وطنياً يستحق الاعتناء به..وبعد الانتهاء من عمل المجموعات ألقى الأخ أمين الحكمي كلمة للمشاركين حيث أكد فيها أن اليمن هي أول مكان للبن في العالم، بغض النظر عن الاختلافات في وجهات النظر عن أصل البن فالمهم هو الاهتمام بنوعية البن وجودته وليس بكميته وكثرته. ظاهرة الغش في بن اليمن من خلال مقابلتي للعديد من مزارعي البن الذين تذمروا كثيراً من بعض التجار الذي لعبوا ويتلاعبون بأسعار البن حيث يقول أحد المزارعين إن القدح البن كان قبل شهرين بثمانية عشر ألفاً والآن نزل سعره إلى اثني عشر ألفاً والسبب يعود إلى أن بعض تجار البن يقومون بغش البن عن طريق أخذ نوعية خارجية من البن ويقومون بخلطها مع البن اليمني وبيعها في السوق وهذا التصرف غير مقبول لأنه أثر سلباً على ثمن البن البلدي اليمني الأصيل. المزارع محمد زيد يقول: يحتاج البن إلى اهتمام أكبر من الدولة ويجب على الحكومة بذل جهد أكبر للحفاظ على شجرة البن من الانقراض أو استبدالها بشجرة القات، لأنه بالفعل حدث استبدال البن بالقات في كثير من الأماكن والسبب يعود إلى أن شجرة البن موسمية البعض منها ينتج البن من سنة إلى سنة والبعض الآخر ينتج سنة ولا ينتج في السنة القادمة أي يحتاج إلى سنتين لجني ثماره لذلك اتجه الكثير من مزارعي البن للقات الذي ينتج أو يقطف على طول السنة، وأيضاً شحة المياه ووعورة الطرق وقلة الخبرة تسبب ابتعاد الناس عن زراعة البن. استغلال أصحاب مصانع البن للمزارعين يجمع المزارعون محصولهم السنوي بعد قطفه وتنظيفه وتجفيفه ثم يتجهون إلى التجار وأصحاب المصانع لبيع البن آملين أنهم سيحصلون على ثمرة جهدهم وحرصهم على حبة البن من السقوط على الأرض متكبدين عناء نقله من مكان إلى آخر على الحمير وفوق ظهورهم إلا أنهم يقابلون بصدمة تفقدهم السيطرة على أعينهم من البكاء، حيث يسمعون أن البن الذي أتوا به لا ينفع لأنه لا يحتوي على المواصفات المطلوبة لذلك يقوم هؤلاء الأشخاص بشراء البن بأسعار تافهة.. وهذا التعامل مع المزارعين البسطاء يجعلهم يتحسرون على عنائهم وتعبهم ويغيرون فكرتهم تجاه البن لأنه لا يثمن في اليمن بينما التجار وأصحاب المصانع يبيعونه في الأسواق بأغلى الأثمان. تضارب الأقاويل عن أصل البن.. يمني أم أثيوبي منصور الضبيبي جامعة صنعاء كلية التجارة يقول: عرف اليمنيون البن منذ قديم الأزمان وتوارثوه عن أجدادهم القدماء وصدر من المخا إلى بقية العالم وعرف ب(بن موكا) أي بن المخا.. إنما مشكلة من أين جاء البن ليست هو المغزى سواءً كان أصله يمنياً أو أثيوبياً.. ويضيف: إن ما يهمنا هو أن البن اليمني هو حضارة ورمز يمني.. والأهم من ذلك كله هو معرفة أين نحن في خارطة البن العالمي؟ ونوه إلى أن أول مصنع للبن في اليمن هو مصنع هولندي في عام 1708م لذلك فهناك العديد من المهتمين ببن اليمن. أسباب تراجع زراعة البن في اليمن باختصار شديد ترجع إلى شحة المياه وعدم استخدام وسائل ري حديثة وقدم عمر أشجار البن وعدم كفاءة برامج المكافحة الحيوية والكيميائية للآفات وتدني مستوى الأداء في المؤسسات الحكومية المعنية بدعم وتطوير زراعة البن.. كما أنه لا توجد رؤية مستقبلية وقلة الوعي وغياب الترويج الإعلامي ومحدودية تدخل القطاع الخاص لتطوير زراعة البن في اليمن بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل تغيرات المناخ والرياح والأمطار والبيئة اليمنية القاسية والحشرات والآفات الزراعية. أصناف البن اليمني البن العديني نسبة إلى مناطق زراعته في العدين وقد اعتبره نيبور أجود أنواع البن في اليمن والبن المطري، والبن الحيمي، والبن الحرازي، والبن اليافعي.. وغيرها نسبة إلى المناطق التي زرعت فيها. علاقة البن بشجرة بالقات بدأت العلاقة بين هاتين النبتتين منذ بداية ظهورهما في اليمن وإن لم تكن تلك العلاقة واضحة تماماً، رجح المؤرخ اليمني يحيى بن الحسين أن أول ظهور للقات في المائة الثامنة وفيها ظهرت شجرة البن واستعمل الناس منه القهوة المعروفة وانتفع الناس بذلك, في المقابل ولد ظهور البن والقات في اليمن جدلاً كبيراً بين علماء الدين حول حل أو حرمة استعمالهما، مما أدى إلى ظهور نتاج فقهي كبير متعلق بهما. المساحة الزراعية للبن تقدر المساحة الزراعية المخصصة للبن حالياً في أنحاء اليمن ب33.260 هكتاراً حسب وزارة الزراعة ويزرع في الوديان حيث المناخ الدافئ الرطب وفي السفوح والمدرجات الجبلية على ارتفاعات تتباين من 700 - 2400 متر فوق مستوى سطح البحر. هذا وتعتمد آلاف الأسر اليمنية على محصول البن لتنمية دخولها، حيث يعمل في هذا المجال ما يقارب المليون شخص بدءاً من زراعته وحتى تصديره، أما من حيث الإنتاج فقد ارتفعت كمية انتاجة نهاية العام 2006م بحسب الإحصاءات الرسمية إلى 17?292 طناً، كما بلغت القيمة الإجمالية لمحصول البن المصدر خلال نفس الفترة 772.136.5.000 ريال. يوجد ثلاث جمعيات في اليمن بشكل تجريبي فيما يخص البن وهذه الجهات تعطي أسعاراً جيدة للمزارع، أما الآن فقد استطعنا أن نضيف تسع جمعيات جديدة وهذا سينعكس على المزارعين بصورة ايجابية ويزيد من دخلهم كما انه سيشجعهم على الاهتمام بالبن اليمني أكثر لأن البن يعتبر المصدر الثاني في العالم من حيث الدخل بعد النفط بحسب ما صرح به الأستاذ أحمد الهجام.. ويضيف: إنه يجب التركيز والاهتمام على أولويات زراعة البن وتلبية بعض احتياجات المزارعين من تدريب وتوعية وغير ذلك من المتطلبات للحفاظ على هذا الموروث الشعبي اليمني الأصيل. ونخلص إلى بيان صنعاء المؤتمر الثاني للبن العربي الطبيعي اجتمع قرابة 250 مزارعاً، بين تاجر ومختص في مجال البن من 25 دولة من أنحاء العالم في المؤتمر العالمي الثاني للبن العربي الطبيعي في صنعاء وأقروا التالي: اعترافا بأهمية قطاع البن لإحياء الاقتصاد الوطني من خلال الوصول إلى الأسواق العالمية المتخصصة، واعترافا بأهمية دراسة سلسلة القيمة الاقتصادية لقطاع البن من المزارع وحتى المستهلك، واعترافا بضرورة العمل الجماعي من مزارعين، تجار، حكومة ومجتمع مدني محلي وعالمي للنهوض بقطاع البن في اليمن وتحسينه كما وكيفا، فقد تم إعلان بيان صنعاء لقطاع البن وأقر المشاركون التالي: على المنظمة العالمية للبن الاهتمام بإحصائيات البن العربي الطبيعي واعتباره منتجاً مستقلاً للبن واعتماد حقائق وتفاصيل طرق إنتاجيته ودعم سلسلة من الدراسات التطبيقية والعلمية لفهم البن العربي الطبيعي بشكل أفضل، وتحسين جودته والتصدي للعوائق الماثلة أمام الفقراء من المزارعين الذين يواجهون عواقب التغير المناخي، الأمراض الزراعية الجديدة ومتطلبات السوق المتغيرة وأيضاً العمل من خلال قطاعات السوق المختلفة للبن العربي الطبيعي لنشر الوعي بشأن مميزاته وخصائصه المميزة حتى يكون البن العربي الطبيعي له قيمة عالية وتقديراً أكبر كما يستحق.. وأخيراً إنشاء نظام تقييمي جيد للبن العربي الطبيعي بحيث يمكن تقييم جودته بطريقة موضوعية ومستقلة. مناشدة إلى منظمات البن العالمية ولذا نحن نناشد منظمات البن العالمية المتخصصة أن تأخذ بشكل جاد بتوصيات هذا المؤتمر الثاني للبن العربي الطبيعي في بروتوكولات التقييم والتذوق. كما ندعوها إلى أن تنشر وتدعم تطبيق نظام تقييم البن العربي الطبيعي في الأسواق العالمية من أجل أن يحصل على أسعار منصفة بحسب مميزاته المختلفة بناء على درجات الجودة المتفاوتة. وبذلك اختتمت فعاليات المؤتمر الثاني للبن العربي الطبيعي بنجاح منقطع النظير حيث شارك فيه ما يقرب من 250 مشاركاً من 25 دولة من ضمنها اليمن، امريكا، ايطاليا، المكسيك، اندونيسيا، تنزانيا، اثيوبيا ودول اخرى. تضمن المؤتمر العديد من الفعاليات المختلفة مثل تمارين التذوق، عكس تجارب الدول الأخرى المنتجة للبن وشرح تفصيلي عن واقع البن اليمني وتاريخه.. كما شمل عرض لدراسة الإنتاجية للبن في اليمن والتي تعد الأولى من نوعها كدراسة إنتاجية عملية تهدف إلى مضاعفة إنتاج البن من ناحية الجودة والكمية..كما شمل مسابقة تذوق لأفضل أصناف البن بحيث قام المشاركون بتذوق 26 صنفاً من أنحاء العالم بما في ذلك اليمن وحصلت تنزانيا على المرتبة الأولى وجاءت اليمن في المرتبة الثانية يتلوها صنف من أصناف البن الأثيوبي.. الجدير بالذكر أن ثلاثة أصناف من البن اليمني جاءت في العشرة أصناف المفضلة لدى المتذوقين. عبر المشاركون من خارج اليمن عن سعادتهم في المشاركة في مثل هذه الفعالية المميزة خاصة وأنها سمحت لهم بالتعرف عن كثب إلى اليمن وعقد صداقات واتفاقات تجارية مع العديد من المشاركين اليمنيين. وانتهى بإعلان صنعاء والذي ركز على البن العربي الطبيعي من ناحية استقلال المنتج وعمل نظام تقييمي معتمد عالميا له. نيوز يمن