كنت أنا الحارس! نعم, حارس المرمى في طفولتي ولم أكن الحارس لأنني الأفضل في الحراسة، بل لأنني الأضعف بين الأولاد.. وأحيانا عندما يكون العدد كبيراً كنت أرضى بأن أكون خلف المرمى بحيث أذهب لإحضار الكرة التي تذهب بعيداً.. وكنت راضياً ومقتنعاً وكان يكفيني هذا. وحين ألعب في دور الحراسة يدور صراع مع نفسي ورغباتي.. فقد كنت أتمنى أن تأتي الهجمة نحو مرمانا, ليس خيانة لفريقي لا سمح الله, بل لشوقي إلى ملامسة الكرة.. وحين أمسك بالكرة, أتلذذ كأني ممسك بفتاة، أقذفها إلى الأرض فتعود إلى يدي اليمنى كأني أتحكم بالدنيا أقذفها فتعود إليّ رغما عنها, فأشير لفريقي بيدي اليسرى بأن يتقدموا نحو المرمى الآخر، وفي هذه اللحظة فقط آمرهم فيطيعونني، ثم أركلها بقدمي كأني أركل الكرة الأرضية بأكملها نحو مرمى الخصم، ولكن لسوء الحظ كانت أحلامي باقتراب الكرة تتحول إلى كابوس حين تدخل الكرة إلى مرماي فيسبني معظم لاعبي فريقي، فأتذمر قليلاً ولكني أتحمل الإهانات من أجل (كرة القدم) وهكذا كنت حارساً في كل مباراة لعبتها, ولم أرد أكثر من ذلك في صباي. والآن أيضاً لا أريد أكثر من عملي كحارس لفيلا أراقب كل من دخلها أو خرج منها وأفتح الباب الكبير كي «آمر» صاحب الفيلا حين يقود سيارته بالدخول أو بالخروج.