اكتظت ساحة ميدان التحرير وسط العاصمة صنعاء أمس بمئات الآلاف من المصلين الذين توافدوا من مختلف مديريات الأمانة ومحافظة صنعاء لأداء صلاة الجمعة. وفي خطبتي الجمعة دعا وكيل وزارة الأوقاف لقطاع التوجيه والإرشاد فضيلة الشيخ حسين محمد الهدار، كافة القوى السياسية إلى الابتعاد عن إثارة الفتنة وتحكيم العقل والمنطق في القضايا الوطنية والاستجابة لمبادرة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - رئيس الجمهورية - والمبادرة التي قدمها علماء اليمن لصون اليمن ووحدته وتعزيز أمنه واستقراره.. وحث الشيخ الهدار جميع أبناء اليمن إلى الاصطفاف والتلاحم الوطني وحماية ممتلكات الناس العامة والخاصة، والحفاظ على الأمن والاستقرار والسكينة العامة للمجتمع. كما دعا الشيخ الهدار جميع أبناء اليمن والأمة الإسلامية إلى تجسيد الأمانة والمسؤولية تجاه الدين والعقيدة وإقامة أوامرهما درءًا للفتن، منوهاًَ إلى ضرورة تجسيد الالتزام بإقامة أركان الإسلام والإيمان والإحسان التي وضحها حديث جبريل عليه السلام للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بداية من الصلاة ووصيته لأمته من بعده بالصلاة عملاً بقوله تعالى للرسول الكريم: «وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقًا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى». وقال: «لقد ورد في بعض الآثار أن الله سبحانه وتعالى يقول في الحديث القدسي قاطع الصلاة ملعون وجاره إن رضي به ملعون، ولولا أني حكم عدل لقلت من يخرج من صلبه ملعون، وقاطع الصلاة تأتي منه الكوارث والمصائب والظلم وعقوق الوالدين وقطيعة الأرحام». وأضاف: «لابد للإنسان أن يعلم أنه في هذه الحياة مراقب في كل تصرفاته وأفعاله وأعماله من الله سبحانه وتعالى الذي يطلع على ما في القلوب والنفوس»، قال سبحانه وتعالى: «ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد». وقال خطيب الجمعة: «نحن نعيش ومعظم العالم الإسلامي فتن كقطع الليل المظلم، أخبرنا عنها المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهو لا ينطق عن الهوى»: «أما إنها ستكون فتن، قيل فما لمخرج منها يارسول الله قال كتاب الله». ونوه إلى أن فتناً بدأت تشاهد محاولات لإثارتها في أرض سيف بن ذي يزين وبلد عبدالرزاق الصنعاني، صاحب أول مؤلف في الحديث وبلد فروة بن مسيك المرادي، بلد الأنصار، بلد الأوس والخزرج، بلد قال الله عنها: «بلدة طيبة ورب غفور» وقال صلى الله عليه وسلم: «أتاكم أهل اليمن وهم أرق أفئدة وألين قلوباً، الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية». وناشد فضيلة الشيخ الهدار جميع القوى السياسية في الحكومة والمعارضة وكافة الأطياف السياسية في المجتمع والعلماء والمشائخ وجميع المواطنين بأن يتقوا الله في اليمن، قائلاً: «اتقوا الله في بلدكم فإن الفتن وقودها الناس اتركوا الفتن، وإثارة النعرات بين أبناء الوطن الواحد، هذه الفتن التي لا سمح الله إن اشتعلت ستأكل الأخضر واليابس، اتركوا الفتن باجتماعكم وتحاوركم وتفاهمكم قبل أن يخرج الأمر عن نطاقكم». وتابع: «تشاوروا بين بعضكم البعض واستمعوا إلى ملاحظات بعضكم، علّها تنفرج هذه الفتنة، فإنها إن اشتعلت - لا سمح الله - ستكون كالبلدان التي سلبها الله نعمة الأمن والأمان ونعمة الإشباع من الجوع»..ولفت الشيخ الهدار إلى أن مبادرة الأخ رئيس الجمهورية التي أتى بها إلى مجلس النواب ومبادرة علماء المرجعية الذين تقدموا بمقترحاتهم كان لها أثر كبير في نفوس الناس .. مؤكدًا أنه عندما تجتمع كافة الأطراف على هم واحد هو مصلحة الوطن العليا ستنتهي الفتنة، لكن عندما يختلف الأمر فيجب تطبيق قول الله تعالى: «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول»، وقوله تعالى: «فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً». وأشار الهدار إلى أن طاعة الله ورسوله وولي الأمر شيءُ واجب على الأمة، وعلى كل فرد أن يتذكر ويعود إلى الآية الكريمة: «يأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً». وأكد خطيب الجمعة أن الخروج عن طاعة ولي الأمر غير جائزة، وحذر منه المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي قال فيما رواه العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: «وعظنا رسول الله عليه الصلاة والسلام موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، قلنا: يارسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا قال: أوصيكم بالسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً أو كبيراً». وقال: «إن الطاعة واجبة ما لم تروا كفرًا بواحاً» هذا كلام الله وكلام رسوله عندكم فيه من الله برهان أمر واضح حتى لا تأتي الفتن فوق الفتن فتهلك الأخضر واليابس، وقال عليه الصلاة والسلام: «الدين النصيحة، قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم». ودعا المتظاهرين والمعتصمين الذين كفل لهم الدستور الخروج للاعتصامات إلى الجلوس مكانهم والتكلم بما يشاؤون خصوصاً وأن الحرية مكفولة في اليمن ولا يوجد تكميم للأفواه، وقال: لكن، لا تخربوا ولا تكسروا ولا تقتلوا النفس المحرمة. قال سبحانه: «ومن يقتل مؤمناً متعمدًا فجزاؤه جهنم وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً». وفي الحديث: «لو تمالى أهل السموات وأهل الأرض على قتل رجل مسلم لأكبهم الله في النار، ومن أعان على قتل رجل مسلم ولو بشطر كلمة كتب بين عينيه آيس من رحمة الله». وقال وكيل وزارة الأوقاف والإرشاد: يا من تنهب الأموال وتحطم الممتلكات العامة والخاصة وترعب الآمنين اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت». وأشار إلى الوضع الذي كانت عليه اليمن قبل الوحدة من المكايدة والصراع والخوف، وكيف بدل الله تلك الأحوال والأوضاع بالوحدة المباركة إلى أمن ولقاء وإخاء واجتمع الأخ بأخيه والصاحب بصاحبه والصديق بصديقه، فتحقق بذلك قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: «والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله». وأكد أنه لا يجوز للمسلم أن يبدل النعمة إلى نقمة.. وقال: «بعد أن توحد الوطن وتراحمنا وتآخينا وتآلفنا لا يجوز تبديل ذلك إلى عداوة وتخريب وشتات وتمزيق وفرقة» .. مطالباً باسم كافة أبناء الوطن، الحكومة والمعارضة وأصحاب الرأي والمشورة وكافة قوى المجتمع بأن يتقوا الله في اليمن وأن يحتكموا إلى الحوار والتشاور بينهم حتى يخرجوا البلاد من هذه الأزمة.