الكشف عن "فاتورة استيراد" باهظة للعصائر .. "سعودية واماراتية فقط"!    صنعاء.. إعادة التعامل مع منشأتي صرافة وإيقاف التعامل مع ثالثة    الرئيس الزُبيدي يطّلع على المخطط الإنشائي لمشروع مركز المؤتمرات والمعارض بمحافظة شبوة    الكثيري يترأس لقاء موسعا بالمكتب التنفيذي وعقال الحارات والشخصيات الاجتماعية بسيئون    بدء مهام اللجنة الرئاسية لمتابعة تنفيذ المشاريع في محافظة حجة    العليمي: انسحاب القوات الوافدة الخيار الوحيد لتطبيع الأوضاع في حضرموت والمهرة    خبير طقس يتوقع موجة برودة قادمة ويحدد موعدها    ست فواكه تقلل خطر الإصابة بأمراض الكلى    مصطفى النعمان يتحدث عن الموقف السعودي الاماراتي من الانفصال ومستجدات ما يدور في حضرموت والمهرة    محافظ عدن يفتتح سوق الوومن في مديرية صيرة    القائم بأعمال وزير الاقتصاد : اليمن يمتلك قاعدة إنتاجية قوية في صناعة الملبوسات    جيش الاحتلال ينفذ سلسلة عمليات نسف بغزة    رسميا: جون سينا يعتزل حلبة المصارعة بعد مسيرة 23 عاما    مدير مؤسسة المياه بصنعاء: 13 مليار ريال مديونية تراكمية ومشاريع الطاقة الشمسية طوق النجاة    جبهة عارين تصنف محيطها كمنطقة عسكرية مغلقة    الرئيس الزُبيدي يطّلع على الوضع الصحي العام بالعاصمة عدن والمحافظات المحررة    الرئيس الزُبيدي يوجه بتبنّي حلول مستدامة لمعالجة أزمة المياه    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    تدشين مشروع صيانة خطوط شبكة الصرف الصحي بمدينة البيضاء    مقتل 6 جنود أمميين بالسودان في قصف بالمسيّرات    عرض سعودي خرافي لشراء برشلونة    عدد خرافي للغائبين عن ريال مدريد بمواجهة ألافيس    "الانتقالي" يرتمي في الحضن الصهيوني    السعودية والجنوب: تحالف راسخ فوق كل الخلافات    حضرموت.. لماذا القوات الجنوبية؟    الترب يعزي في وفاة محمد بجاش    أجواء إيجابية تسود مفاوضات مسقط    10 قتلى وجرحى في إطلاق نار بجامعة أميركية    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    مصادر: إخلاء معسكر التحالف بعدن ونقل قوات من لحج وأبين    صنعاء.. هيئة الآثار والمتاحف تصدر قائمة بأكثر من 20 قطعة أثرية منهوبة    السلاح لا يمنح الشرعية    البيض: المرحلة تحتاج إلى احتواء وإدارة لا مغامرة وفرض وقائع    تعز.. بئر المشروع في عزلة الربيعي :جهود مجتمعية تنجح في استعادة شريان الحياة المائي    برشلونة يحقق فوزا هاما امام اوساسونا في الليغا    حضرموت أم الثورة الجنوبية.. بايعشوت وبن داؤود والنشيد الجنوبي الحالي    هولندي يتوج بجائرة أفضل كاريكاتير عن رسم يفضح الإبادة الإسرائيلية    قوات الحزام الامني بالعاصمة عدن تضبط عصابة متورطة في ترويج مادة البريجبالين المخدرة    رونالدو شريكا رئيسيا في خصخصة النصر السعودي    الأرصاد: أجواء باردة إلى باردة نسبيًا على المرتفعات وبحر مضطرب جنوب الساحل الغربي    واشنطن تسعى لنشر قوات دولية في غزة مطلع العام    مدرسة أمي الليلية: قصص وحكم صاغت الروح في زمن البساطة..(من قصة حياتي الأولى)    الأجهزة الأمنية في سيئون تضبط عصابة تنتحل صفة القوات الجنوبية لنهب منازل المواطنين    منتخب الجزائر حامل اللقب يودع كأس العرب أمام الإمارات    كم من الناس هذه الايام يحفظ الجميل..!    الصحفي والقيادي الإعلامي الراحل راجح الجبوبي    الله جل وعلآ.. في خدمة حزب الإصلاح ضد خصومهم..!!    هيئة الآثار تنشر القائمة ال30 بالآثار اليمنية المنهوبة    ثلاث عادات يومية تعزز صحة الرئتين.. طبيب يوضح    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    رسائل إلى المجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رجل القيروان
نشر في الجمهورية يوم 24 - 03 - 2011


لن نغادر المكان، إلا ورؤوسنا مرفوعة.
هذا الصوت أعرفه، لا يمكن أن أنساه، قويّ رنان .توقفت ودخلت مكتباً كبيراً مكتظاً بالموظفين. وقف أمامهم رجل ضخم الجثة وبيده ورقة يلوح بها إلى أعلى كلما صاح، وكانوا يصفقون له في حرارة:
سوف نحارب إلى آخر موظف ..ودوى التصفيق بحرارة..
وقفت أراقبه، لم يتغير. كما هو، رجل قوي قيادي فصيح، بارع في الإقناع حتى لو كان على خطأ، يقنعك بطريقة عجيبة دون أن تشعر بأنه ليس على صواب، هو المتحدث الأول والأخير.
هاهو الآن يقف أمامي، لم يتغير، سوى بضع شعرات بيضاء، قال:
العين بالعين و...
ابتسمت، رآني، عيناه حادتان، خرجت، كنت أعرف بأنه يراقبني، سألت نفسي: لمَ الرجل أحيانا لا يتغير، في عقله وشكله؟ التقيت به أول مرة قبل خمس عشرة سنة في مركز ثقافي، كعادته يحب التجمعات، حوله بعض الزملاء، شدني صوته وثقافته.
يتكلم عن الأدب والشعر، لم أعرف في ذلك الوقت أنه شاعر، وقفت أمامه أستمع إليه، تكلم كثيراً، وسيجارته لا تغادر يده أو فمه.
لكل سؤال عنده جوابه، يستمتع في الكلام وكنا نحن نستمتع به، اكتشفت أنه مغرور، مغرور بكبريائه وثقافته، ألقى علينا قصيدة طويلة قال إنها للقيروان لم أعد أذكر كلماتها لكنها تركت شيئا ًجميلا في نفسي، لم أعرف كم مضى من الوقت ونحن حوله.
لكل بداية نهاية ..وفجأة سكت، تفرق الجميع من حوله، وذهبت، لكن صوتا هامسا لحقني، قائلا:
يا أنتِ.. يا آنسة!
التفت إليه، كان واقفا أمامي بجسده الكبير. قلت:
كيف عرفت أني آنسة؟!
قال:
أناملك الرقيقة لا تزينها الذهب.
إذن ماذا تريد؟
جذبني مظهرك ..وجهك الحزين و.. برودة عينيك.
ابتسمت بسخرية، وقلت:
لا يخدعنك وجهي الحزين أو برودة عيني.
وذهبت، كعادته كان يحب أن يكون أول المتحدثين وآخرهم، سمعته يقول:
تلك القصيدة كانت لك.
أخبرتني صديقتي أن الرجل كان يأتي يوميا إلى المركز على غير عادته، وفي آخر مرة سأل عني. التقيت به مرة أخرى في المركز، كان وحده جالسا يبعثر أصابعه في أوراق كتاب، شاهدني، تعمد أن يتجاهلني. عيناه تتلصصان وكأنهما تفتشان جسدي.
التففت أنا من حوله، رفع رأسه قليلاً، يبحث عني، أدار رأسه إلى الخلف. رآني واقفة أمامه، ارتبك قليلاً، لكنه كان ذكياً. استطاع إخفاء ارتباكه. قال لا مبالياً:
لمَ أنت واقفة خلفي..؟
قلت:
كنت أبحث عنك.
عني؟!
نعم. لقد أخبروني أنك تبحث عني منذ أكثر من شهر.
كان هذا الحوار القصير هو بداية تعارفنا، تكلم كثيراً عن نفسه.
أخبرني أنه متزوج وغير سعيد بزواجه، أكثر أوقاته يقضيها خارج البيت في المراكز الثقافية أو المقاهي هرباً من زوجته ومشاكلها التي لا تنتهي، وأخبرني ذات مرة أنه معجب بي، وأن هدوئي يثيره، يتفنن في الكلام معي ومغازلتي، كنت أنصت إليه في اهتمام, وأحيانا أخرى بشك .رجل يجيد الكلام وامرأة تجيد الإنصات هذا حالنا في أغلب الأحيان، لكني كنت أعرف متى يكذب الرجل ومتى يقول الحقيقة. يستمتع في الحديث معي وهذا ما لاحظته رغم أنه حاول إخفاء ذلك كثيراً، كرر مرة أخرى قصيدة القيروان، قال لي كأنه القيروان قد خصني بقصيدته.
مشكلة بعض الرجال أنهم يعتقدون بالكلمات وحدها قادرون على نصب مصيدة للنساء باسم الحب، كتب لي رسالة وقصيدة، قال: قصيدة لم أكتب مثلها.. ولا أظن أني قادر على أن أكتب مثلها .كان ينتظر مني جواباً، لكن الجواب لم يأت، ولا أظنه سوف يحصل على الجواب، لأني كنت قد رحلت.
هاهو بعد خمس عشرة سنة لم يتغير، مازال يحب التجمعات والقيادة.
لحقني إلى الممر، صائحاً:
يا سيدة..
انتظرته، تقدم نحوي، وراح يحدق في وجهي وقال:
لم تتغيري!
قلت:
بلى, لقد أصبحت سيدة.
كان وجهه مرهقاً تعباً. قلت:
مازلت تحب القيادة، وتجيد الإقناع.
آه.. لقد تقاعد المدير السابق، وقد سمعنا أنهم سوف يحضرون لنا مديرة، امرأة تحكمنا.
قلت:
لا بأس، مارأيك لو نتكلم في مكتب المديرة.
لماذا؟!
ستعرف.
ومشيت، لم أسمع خطواته خلفي، كنت سعيدة لأني كنت المتكلمة الأخيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.