يفضل العديد من سكان العاصمة صنعاء هذه الأيام الذهاب إلى مدينة ثلا ء، وذلك للاسترخاء ولقضاء أوقاتاً ممتعة، بعيداً عن ضجيج العاصمة بسياراتها ودخانها وشوارعها المزدحمة، خاصة أن مناخ العاصمة صنعاء هذه الأيام يميل إلى الحرارة في النهار، لاسيما مع تأخر موسم الأمطار هذا العام مما جعل جو العاصمة حارا وقليل الأوكسجين.لهذا تعتبر مدينة ثلاء التاريخية هي أبرز المتنفسات السياحية للعاصمة صنعاء حيث تبعد عن العاصمة بحوالي 45 كيلومترا فقط من جهة شمال غرب، كما ترتفع عن سطح البحر بحوالي 2600م تقريبا مما جعلها تتمتع بمناخ معتدل. وثلاء هي من مديريات محافظة عمران حيث تمتاز هذه المدينة التاريخية والسياحية بمعالمها الأثرية والتاريخية، والتي ما زالت شاهدة على تاريخ وحضارة الإنسان اليمني في مختلف العصور التاريخية، لاسيما في عصر الحضارة الإسلامية، كما تتمتع المدينة بوجود العديد من المنازل المنحوتة داخل جبل ثلاء، والبعض الآخر من هذه المنازل صممت على نمط يتيح للماء بالمرور من تحتها، وذلك ليستمتع ويستفيد أهلها بمياه الأمطار والسيول المتدفقة من الجبل، ليضيف ذلك التصميم جمالا رائعا إلى جمال هذه المدينة التي يعشقها كل من زارها، ويتجلى ذلك في وصف أحد الشعراء قائلا: أما رأيت ثلاء في نصب قامته يبدو لنا من حضيض الأرض تكميشا كأنة طائر هيأ قوادمه لأن يطير ولما ينشر الريشا التاريخ يتحدث وتتحدث كتب التاريخ خاصة كتاب الإكليل للهمداني بأن المدينة تنسب إلى ثلاء بن لباخة بن أقيان بن حمير الأصغر سهل بن كعب بن زيد بن سهل بن عمر بن قيس بن معاوية بن حشم بن عبد مشي بن وائل بن الغوثبن حيدان بن فطن بن غريب نب زهير بن أبية – أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عامر بن شالخ بن ارفحشد بن سام بن نوح بن الملك بن متوشلخ بن اخنوح بن اليادد بن مهلائيل بن فبنان بن انوس بن آدم، أحد أبناء لباخة بن اقيان الستة الذين هم يوعس وحصص وزغبات وحبابة وصيعان ونسب اقبان مخلاف اقبان والذي يسمى تارة مخلاف شبام وتارة أخرى مخلاف حمير وقد اختط ثلاء بن لباخة المدينة قبل أكثر من ألفي عام وكانت تسمى قبل ذلك بقرية الطلح وكما تحدثنا أن ثلاء تمتاز بالعديد من المعالم التاريخية والحضارية لعل أهمها: حصن ثلاء: لا يمكن للزائر عند زيارة المدينة أن يستثني الحصن من الزيارة وحصن ثلاء هو عبارة عن قلعة أثرية موغلة في القدم يجسد ذلك قوة وعظمة الإنسان الذي قهر الطبيعة في الأزمنة الغابرة وسخرها وجعلها طيعة له تشعر بذلك وأنت تقف على تلك المعالم الأثرية والتاريخية من بقايا القصور والبرك وأبراج الحراسة وأسوار التحصينات والمقابر الصخرية ومدافن الحبوب المنقورة في الصخور والأراضي الزراعية وبوابتي الحصن العجيبتين وكذلك توفر المرافق الهامة. وهو حصن حصين مهيب جعل من المدينة ملاذا آمنا لكل هارب أو متحصن أو معارض أو داعية في مختلف المراحل التاريخية حيث تكسرت أمامه كل وسائل الهجوم كما أنه كان مقرا للعديد من العلماء والدعاة والأئمة والأمراء ونسجت حول الحصن العديد من القصص والأساطير لذوي البطولات والمعارك وأشهر تلك المعارك ما دار بين الإمام المطهر والأتراك حيث توجد بأعلى الحصن نقوش حميرية سبئية كما يوجد به مسجدان تولى بناء أحدهما الإمام عبدالله بن حمزة أما الأخير والموجود بعرض الحصن فقد بناه محسن الزلب. كما توجد بسطحه بركتان مقضضتان محفورتان في الصخر هما بركة المباح وبركة جعران كما توجد برك أخرى محفورة في الصخر والكثير من المدافن والمنازل والمقابر الصخرية المحفورة في الصخر أو المبنية بالحجارة خلال دولة الحسين بن القاسم العياني ويقدر ذلك في ما بين 375ه-450ه تم العمل على ترميم وتوسيع مدرج الحصن وبوابتيه وأسواره وعدد من المباني والأبراج كذلك كان الإمام المطهر بن شرف الدين له دور في ترميم وتجديد البناء في الحصن. السور تتميز ثلاء بان لها سورا عظيما مهيبا منيعا حصينا تمتد جذوره عبر التاريخ إلى العهد الحميري بحسب ما تذكر بعض المصادر الحديثة . ويمتاز السور ببنائه بالأحجار الكبيرة وقد امتد البناء في السور عبر الزمن منذ القدم إلى عهد الإمام المطهر وقد استمر الترميم فيه وبدون انقطاع، كما كان يوجد بالسور ممر للخيالة أثناء نوبة الحراسة لم يسلم هذا السور من الخراب إما بقوة سيول الأمطار أو ضربات الغزاة ويحتاج السور بأبراجه وأبوابه إلى إعادة ترميم يعيد له مجده وشموخه العظيم. ويذكر أن السور بني على مراحل، الأولى بناء الجزء الواقع شمال باب المباح والمسافة 250 من الباب جهة الجنوب وهذا الجزء يظهر أنه بني بنفس فترة وزمن سور شبام والذي بني في عهد الدولة الحميرية والثاني الجزء الواقع من بعد المسافة السابقة وحتى النوبة البرج شرق مسجد بنهان وقد تم بناء هذا الجزء خلال القرن السابع الهجري أو أوائل القرن الثامن إذ من الملاحظ أن بناء المسجد المذكور أقدم من بناء هذه المرحلة من السور . وفي المرحلة الثالثة، بني الجزء الواقع من بعد البرج المذكور سابقا وحتى باب الهادي وقد تم بناء هذا الجزء خلال القرن الثامن. وفي الرابعة بني الجزء المبتدىء من باب الهادي وحتى النهاية وقد تم بناء هذا الجزء بعد سنة 850ه كما يذكر التاريخ أن الحسن بن إبراهيم العياني كان قد عمل في بناء هذا السور وذلك في أوائل القرن الخامس الهجري. الجامع الكبير: أيضا من أهم معالم المدينة الجامع الكبير والذي يعود تاريخ إنشائه إلى فترة مبكرة من بداية العصر الإسلامي ويصعب تحديد تاريخه بشكل دقيق بسبب الإضافات والتجديدات التي تمت في البناء القديم حتى أنه لا يعرف أين يقع مكانه بالضبط فجدران الجامع ومنشآته أصبحت متداخلة ومختلطة إلى حد كبير ومن خلال الوصف المعماري للجامع سوف نحاول أن نوضح ذلك قدر الإمكان. الجامع يقع على تل مرتفع في وسط المدينة ويتم الوصول إليه من خلال ممر صاعد حيث تطل واجهته الجنوبية على فناء واسع مكشوف وفي الناحية الغربية منه إيوان مستطيل الشكل، يفتح بعقدين نصف دائريين وعلى هذا الفناء زخرفة فتحية العقد الجنوبي بكتلة نباتية ضخمة على هيئة ورقة نباتية خماسية تعلوها فتحة مستديرة تكتنفها من الناحيتين حليات معمارية متدلية إلى الأسفل وأغلب الاحتمال أن هذا الإيوان كان يشكل في الأصل وحدة معمارية ضمن مساحة الجامع الرئيسية، وربما كان يستخدم للتدريس في الجامع كما يزيد من أهمية هذا الإيوان بقاء بعض الأشرطة الكتابية الممتدة على جدرانه بخط النسخ في الجهات الغربية والجنوبية والشرقية وتشمل آية الكرسي والنص التأسيسي وبعض العبارات وأبيات من الشعر أما النص التأسيسي فبقي كالتالي: وكان الفراغ من هذه العمارة المباركة في شهر ذي الحجة سنة سبع وتسعين وسبعمائة من الهجرة المباركة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم. تطل واجهة الجامع على الناحية الجنوبية من الفناء السابق ذكره وهي واجهة بسيطة خالية من العناصر الزخرفية تتوسطها فتحة المدخل المؤدية إلى الجامع على نفس محور المحراب تقريبا وإلى الغرب منها مدخل آخر تشكل عمارة الجامعة من الداخل خليطا من القديم والجديد كما سبق ذكره حيث تبدو الآثار المعمارية واضحة على أجزائه المعمارية.. بوصف عام الجامع على هيئة مستطيلة الشكل تبلغ مساحته الداخلية من الشمال إلى الجنوب حوالي 560 مترا مربعا وتتكون من عشر بلاطات مقابلة لجدار القبلة يفصلها. أطفالها يتحدثون مختلف اللغات كما أن مدينة ثلاء التي تمتاز بأحيائها وأزقتها المرصوفة بالأحجار يعشقها العديد من السياح ومن مختلف الجنسيات وذلك لجمال طابعها المعماري والاستمتاع بمشاهدة معالمها التاريخية والحضارية وأيضا الاستمتاع بهوائها العليل البعيد عن التلوث البيئي ودخان المعامل الصناعية وما إلى ذلك، كما أنها تطل على البساتين الفسيحة ذات الخضرة الدائمة، لهذا لايمكن أن يأتي أي سائح أو زائر لزيارة العاصمة صنعاء ولا يقوم بزيارة مدينة ثلاء، لهذا امتهن العديد من سكانها حرفة الصناعات اليدوية والتحف التقليدية والمجسمات المعمارية والتي تستهوي السياح كصناعة العقيق وغيرها من الصناعات الحرفية التقليدية، كما أن العديد من أطفال وفتيات المدينة يتحدثون العديد من اللغات الأجنبية من خلال مرافقتهم المستمرة للأفواج السياحية والتي كانت تصل إلى حوالي أكثر من مائتين وخمسين سيارة في اليوم الواحد.