عواصم وكالات تزأمن تصريحان أحدهما سياسي للحكومة البريطانية والآخر عسكري لحلف شمال الأطلسي بدخول الحرب علي ليبيا مرحلة جديدة سيتم فيها استخدام طائرات (اباتشي) وجددت فرنسا وأميركا تأكيدهما إنجاز «المهمة الجارية» وأبدت روسيا استعدادها للدخول في وساطة لحل الأزمة، فيما استبعد الأمين العام المنصرم لجامعة الدول العربية عمرو موسى إمكانية رحيل القذافي طوعياً. فقد أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس أمام قمة مجموعة الثماني في دوفيل بفرنسا، أن عمليات الحلف الأطلسي العسكرية في ليبيا تدخل «مرحلة جديدة». وصرّح كاميرون للصحافيين: «تحدثت مساء أمس أول مع الدول الأربع الأخرى التي تشارك في هذه العملية منذ شهرين، وأعتقد أننا ندخل مرحلة جديدة». واعتبر أن العمليات ضد قوات معمر القذافي ستكون أكثر فاعلية مع قرار لندن وباريس إشراك مروحيات مقاتلة من طراز أباتشي في الهجمات. وأضاف كاميرون ان «النظام الليبي في وضع الدفاع عن النفس» وكانت فرنسا أعلنت أول من أمس ان مروحياتها قد تستخدم لتخفيف الضغط عن مصراتة. من جهته، قال قائد عملية حلف شمال الأطلسي في ليبيا، أمس، ان طائرات هليكوبتر فرنسية وبريطانية ستشارك في العملية الجارية في ليبيا تحت قيادة الحلف فور أن تكون جاهزة. وقال اللفتنانت جنرال تشارلز بوتشارد في إفادة صحافية: «طائرات الهليكوبتر هذه ستعمل بموجب تفويض الأممالمتحدة, ستشارك في العملية فور ان تكون مستعدة». وأضاف أن الطائرات ستقوم بمهمة نشطة تركز بالطبع على مهاجمة بعض القوات التي تكرس لأعمال العنف. وقال مسؤولون في حلف شمال الأطلسي ان أربع طائرات أباتشي هجومية بريطانية ستكون موجودة على متن السفينة الهجومية «اتش.ام.اس اوشين» في البحر المتوسط إلى جانب أربع طائرات فرنسية من طراز تايجر على متن حاملة طائرات الهليكوبتر الفرنسية تونير. وأعطى وزراء بريطانيون أول من أمس موافقتهم المبدئية على استخدام طائرات الأباتشي وقالوا ان حلف شمال الأطلسي يمكنه الآن ان يستدعيها. ويهدف استخدام طائرات الأباتشي إلى محاولة تسريع وتيرة الضغط على الزعيم الليبي معمر القذافي ليتنحى عن السلطة بعد ان بدأت حملة القصف الجوي في مارس بشن غارات من ارتفاعات أكبر. ويقول محللون عسكريون ان طائرات الهليكوبتر الهجومية ستسمح بشن هجمات أكثر دقة على قوات القذافي وتقليل خطر سقوط ضحايا من المدنيين، لكن في الوقت نفسه يسهل على الدفاعات الأرضية ضربها بشكل أكبر من الطائرات السريعة التي يستخدمها الحلف حتى الآن. وقال بوتشارد ان إرسال طائرات الهليكوبتر الهجومية لن يمهد لإرسال قوات برية إلى ليبيا وهو أمر تستبعده الدول الغربية. وقال: «التفويض الذي لدي واضح جداً, لا قوات على الأرض, في الحقيقة طائرات الهليكوبتر التي ترسل إلينا طائرات هجومية وليست من النوع الذي ينقل أعداداً كبيرة من القوات على الأرض, لا أنوي أن أنشر قوات على الأرض». وأضاف بوتشارد أنه على الرغم من تحقيق تقدم في مدينة مصراتة فإن قوات القذافي مازالت تمثل «خطراً واضحاً» على السكان. إلى ذلك شنت طائرات حلف شمال الأطلسي غارة جوية نهارية هزت العاصمة الليبية طرابلس يوم السبت, وتشن طائرات الحلف غاراتها على طرابلس ومواقع قوات الزعيم الليبي معمر القذافي في الليل عادة. وذكرت وكالة رويترز نقلاً عن مراسلها في طرابلس أنه سمع “دوياً كبيراً” مضيفاً أن الصوت “من الجو.. إما قنبلة أو صاروخ”. وكانت طائرات الحلف قد كثفت من غاراتها الليلية في الأيام الأخيرة على مواقع تابعة لقوات القذافي في ليبيا، وخاصة في طرابلس. وسياسياً أعلنت طرابلس رفضها أية مبادرات خارج إطار الاتحاد الأفريقي.. يأتي ذلك على خلفية تزايد الضغوط الدولية على القذافي, فقد جاء في البيان المشترك الصادر عن قمة مجموعة الدول الثماني الكبرى التي عقدت في مدينة دوفيل الفرنسية يوم الجمعة أن العقيد معمر القذافي لا يتمتع بمستقبل في ليبيا الديمقراطية. وقال قادة دول المجموعة في بيانهم: “إن القذافي والحكومة الليبية لم يتمكنا من تنفيذ التزامهما بحماية السكان المدنيين وفقدا شرعيتهما.. لا يوجد للقذافي مستقبل في ليبيا الحرة الديمقراطية”. وكان قادة دول مجموعة الثماني قد طلبوا من الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف في اللقاءات الثنائية على هامش قمة المجموعة، أن تلعب روسيا دور الوسيط لتحقيق تسوية للوضع المتأزم في ليبيا. ومن جانبه أعلن الرئيس ميدفيديف في مؤتمر صحفي عقد في ختام القمة أن نظام القذافي فقد شرعيته، وعليه أن يرحل.. وشدد الرئيس الروسي على أن روسيا مهتمة ب”الحفاظ على ليبيا دولة مستقلة وحرة ذات سيادة”. كما أعلن أن روسيا لن تستقبل القذافي. وأوفد ميدفيديف مبعوثه الخاص للتعاون مع دول أفريقيا رئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس الفدرالية (الشيوخ) الروسي ميخائيل مارغيلوف إلى بنغازي. من جهة أخرى دعت سيدة - عرفت عن نفسها بأنها قرينة العقيد الليبي، معمر القذافي - خلال مقابلة حصرية مع CNN، الجمعة، المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة حلف “الناتو” الذي يشن حملة جوية ضد نظام طرابلس بموجب قرار دولي، بدعوى ارتكابه جرائم حرب. ورغم نبرة اليأس التي تخللت نبرة صفية فركش القذافي، التي اقترنت بالعقيد الليبي بعد عام من توليه السلطة عام 1970، أثناء أول مقابلة تجريها سيدة ليبيا الأولى مع مؤسسة إعلامية، إلا أنها حملت بعنف على الحلف الأطلسي، وحمّلته مسؤولية المحنة التي تشهدها ليبيا وقتل ابنها، سيف العرب، أثناء ضربة جوية استهدفت طرابلس الشهر الماضي. وفي تصريح ينافي ما أدلت به السلطات الليبية عن تواجد القذافي وزوجته في المقر الذي استهدفه قصف الناتو وقتل فيه سيف العرب وثلاثة من أنجال العقيد الليبي، نفت صفية القذافي ذلك قائلة: “لم أتواجد في المكان وليتني كنت هناك لربما مت مع (سيف العرب)”. واتهمت الناتو باستهداف المدنيين الأبرياء قائلة: “أبنائي مدنيون، ورغم ذلك استهدفوا، ما دخلهم في كل ما يحدث؟!”. وينفذ الناتو حملة جوية لشل القدرات العسكرية لنظام القذافي بموجب قرار دولي فوض التحالف الدولي لاتخاذ كافة التدابير الضرورية واللازمة لحماية المدنيين من أطلق العقيد الليبي خلفهم حملة قمع دموية لإسكات المطالب الداعية لرحيله. وقبل أقل من أسبوعين، دعا مدّعي عام المحكمة الجنائية الدولية، لويس مورينو أوكامبو، لإصدار مذكرات اعتقال بحق الزعيم الليبي، ونجل صفية الأكبر، سيف الإسلام القذافي، بجانب مدير الاستخبارات الليبي، لتورطهم في هجمات منظمة واسعة النطاق ضد المدنيين. ورأت صفية القذافي أن على المحكمة الدولية ملاحقة الحلف الأطلسي، مضيفة: “عليهم محاكمة الناتو.. لقد قتلوا ابني والشعب الليبي”. على نفس السياق أعلن النظام الليبي أنه “غير معني” بقرارات قمة مجموعة الثماني التي دعت العقيد معمر القذافي إلى التنحي، مؤكداً أن أي مبادرة لحل الأزمة في ليبيا ينبغي أن تكون في إطار الاتحاد الأفريقي. وقال خالد الكعيم مساعد وزير الخارجية الليبي بعدما انضمت روسيا إلى الدعوات لتنحّي القذافي في ختام قمة مجموعة الثماني الجمعة بفرنسا، إن “القمة اقتصادية ونحن غير معنيين بقراراتها”. وعن عرض الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف التوسط في النزاع الليبي، أكد الكعيم أن طرابلس لم تطّلع على الموقف الروسي بشكل رسمي، وأشار إلى أنهم بصدد الاتصال بالحكومة الروسية للاستفسار عن المعلومات التي وردت في الصحافة. وأوضح أن الحكومة الليبية لن تتجاوب مع أية مبادرة تهمّش المبادرة الأفريقية، مؤكداً أن “لا أحد يستطيع أن يملي على الليبيين مستقبلهم السياسي”، وأن أي قرار سياسي في البلاد لا يعني سوى الليبيين. وأكد الكعيم زيارة رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما إلى ليبيا الاثنين القادم، دون أن يوضح ما إذا كان سيتم التطرق إلى مسألة رحيل القذافي كما أعلنت الرئاسة الجنوب أفريقية. وتنص خريطة الطريق الصادرة عن الاتحاد الأفريقي التي وافقت عليها طرابلس على وقف فوري لإطلاق النار وضمان وصول المساعدة الإنسانية وإجراء حوار يهدف إلى فتح المجال أمام انتقال سياسي للسلطة، إلا أنها لا تنص بوضوح على رحيل القذافي وهو ما دفع بالثوار إلى رفضها. وكان قادة مجموعة الثماني قد أكدوا في بيان قمتهم الختامي أن القذافي فقد كل الشرعية بسبب استخدامه للقوة ضد المدنيين الذين يحتجون على حكمه المستمر منذ 41 عاماً، وقالوا إنه ليس لديه مستقبل في ليبيا ديمقراطية ويتعين عليه الرحيل. وفي واشنطن أكد مسؤول في البيت الأبيض أن الولاياتالمتحدة تعتقد بأن روسيا يمكن أن تساعد في إنهاء الأزمة الليبية، وأنها ستبقى على اتصال مع موسكو بشأن المسألة، وذلك بعدما عرض الرئيس الروسي التوسط في ليبيا. وقال بن رودس نائب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحافيين المرافقين لباراك أوباما إلى بولندا: “يوجد اتفاق بشأن ما ينبغي حدوثه في ليبيا، ونعتقد بأن روسيا لديها دور لتقوم به للمضي قدماً كشريك وثيق لنا”.