الاضطرابات النفسية هي انحراف في سلوك الإنسان وتصرفاته يؤدي به الضعف والقلق والصراع النفسي ويصبح عاجزاً عن ممارسة حياته بصورة سوية وأنواع الاضطرابات كثيرة من أشهرها القلق والاكتئاب والوسواس القهري وتوهم المرض والخوف “الرهاب “ والأرق. الأسباب أسباب هذه الاضطرابات التي أصبحت من أبرز ظواهر العصر حسب رأي علماء مختصين لاتزال محط أنظار علماء الطب النفسي الذين يجاهدون لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء هذه الاضطرابات. الدكتور أحمد محمد شعبان رئيس قسم البحوث بمركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة..يرى أن ما توصل إليه علماء الطب النفسي لا يعدو أن يكون من قبيل النظريات التي وجدت لها في الواقع بعض الدعم ويعتذرون عن تأخرهم في الوصول إلى الحقيقة بأن المعلومات عنها لاتزال شحيحة؛ نظراً لتعقد الظاهرة النفسية وقدرة المصاب بها على المقاومة. ويقول د. شعبان : وإذا كان هذا العذر قد يبدو مقبولاً من أولئك الغربيين الذين أقصوا الوحي من مصادر المعرفة وقصروها على الواقع المشاهد فقط من خلال التجريب فالباحث المسلم غير معذور ألبتة؛ لأنه لم يقع في المعاناة التي وقعوا فيها والتي فرضها الصراع بين المنهج التجريبي ودينهم.. فقد أثبتت الدراسات التوافق التام بين ما ثبت من الحقائق العلمية عن طريق المنهج التجريبي وبين ما ثبت عن طريق القرآن الكريم. وأبرز الأسباب التي استانسوا بها حتى الآن أربعة هي: العوامل المتصلة بالتنشئة الأسرية العوامل الاقتصادية والاجتماعية العوامل النفسية العوامل الوراثية ويهمنا هنا العوامل المتصلة بالتنشئة الأسرية والتي يعبرون عنها أحياناً بالخبرات المؤلمة زمن الطفولة الباكرة كحرمان الطفل من الحب والتفاهم والقبول وعدم حمايته من رفقاء السوء أو من الخبرات السلوكية الضارة أو من المعارف المعوقة للنمو الأخلاقي السليم. الأمن الاقتصادي والاجتماعي أما العوامل الاقتصادية والاجتماعية كالبطالة وضعف السند في مجتمع تسوده الفوارق الاجتماعية ومعيار الترقي فيه الواسطة والمعارف والعائلة فيعبر عنها العلماء بالأمن الاقتصادي والأمن الاجتماعي ويختلفون في التعبير عن العوامل النفسية تبعاً للمدارس المتنوعة التي ظهرت في مجال علم النفس والطب النفسي. ومن النظريات التي بناها أصحابها بقصد أو بغير قصد على أسس وقواعد تتناقض مع حقائق القرآن الكريم النظرية البيوفسيولوجية والتي اعتبر أصحابها أن الوراثة هي السبب الأول والأخير في إصابة الإنسان بالاضطرابات النفسية، وبالتالي فإن سلوكه المنحرف ماهو إلا رد فعل لتركيبه البيولوجي، فهذه النظرية تتصادم مع مسلمات القرآن الكريم في تأكيده على منح الإنسان جزءا من الحرية لاختيار الخير أو الشر، الفساد أو الصلاح، الهداية أو الضلال.. ومن ثم طلب منه السعي إلى سلوك طريق الهداية وتزكية النفس ووعده الثواب على ذلك ونهاه عن سلوك طريق الغواية واتباع هوى النفس وأوعده العقاب على ذلك في الآيات 7 10 من سورة الشمس “ فأما من طغى” وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى..الخ” ويشير القرآن الكريم إلى السبب الرئيسي والأهم في إصابة الإنسان بالاضطرابات النفسية ألا وهو الجهل بالحقيقة المطلقة لهذا الوجود وهذا الجهل ناتج عن البعد عن الله، قال تعالى "واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي": وقال " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون” البقرة : 257.