جوبا - سبأ أعلنت جمهورية جنوب السودان أمس السبت استقلالها الرسمي عن جمهورية السودان وسط مراسم احتفالية حضرها عدد من كبار المسئولين من مختلف دول العالم ولاسيما الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مدينة جوبا عاصمة الدولة الوليدة لتصبح الدولة الرابعة والخمسين في إفريقيا. وبعد أن تلا رئيس برلمان الجنوب قرار الإعلان الرسمي للاستقلال أدّى رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت اليمين الدستورية كأول رئيس لها لفترة انتقالية تمتد أربع سنوات خلال الاحتفال الرسمي المقام في مدينة جوبا ونقلته وسائل الاعلام الرسمية. وتعهد سلفا كير في أداء القسم بتحمل مسئولياته واحترام الدستور والقانون وحماية النظام الديمقراطي وكرامة ووحدة شعب جنوب السودان. وسبق أداء القسم إنزال العلم السوداني, حيث قام ميارديت بإنزاله وتسليمه للرئيس السوداني عمر حسن البشير ورفع علم جمهورية جنوب السودان الوليدة. وكان الرئيس السوداني عمر حسن البشير من بين العديد من القادة الأفارقة ورؤساء الحكومات والدول وممثلي عدد من دول العالم والمنظمات تجمعوا للمشاركة في الاحتفالات بميلاد هذه الدولة. في هذه الأثناء أعلنت مصر رسمياً أمس اعترافها بجمهورية جنوب السودان من خلال “خطاب رسمي” بالاعتراف بالدولة الوليدة سلّمه وفد رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الوزراء الدكتور يحيي الجمل يشارك في احتفالات إعلان الدولة في جوبا. وذكر التليفزيون المصري أن وزير الخارجية محمد العرابي أعلن الاعتراف الرسمي وذلك لدى وصول الوفد المصري المشارك في احتفالات إعلان الدولة برئاسة الجمل وبرفقته وزيري الكهرباء والطاقة والخارجية. وأكد الوفد المصري في هذا الإطار حرص مصر على دعم وتعزيز العلاقات مع دولة جنوب السودان ومواصلة الدور المصري في تقريب وجهات النظر “بهدف تسوية المسائل العالقة بين شمال السودان وجنوبه وبما يؤمن علاقات جيدة ومستقرة بينهما في مختلف أنحاء المنطقة”. إلى ذلك دعت ممثلة الولاياتالمتحدة السفيرة سوزان رايس في كلمة ألقتها في الاحتفال دولتي السودان وجنوب السودان إلى حل القضايا العالقة بينهما عبر الحوار. وأكدت رايس أن بلادها ستكون شريكاً مستداماً وصديقاً دائماً للدولة الوليدة وستعمل معها على تعزيز السلام والاستقرار والديمقراطية والتنمية.. من جانبه هنأ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون شعب جنوب السودان بالاستقلال.. مشيداً بوفاء الرئيس السوداني عمر البشير بالتزامه في اتفاق السلام الشامل مع الجنوب. وقال بان إن المنظمة الدولية ستعترف في الأيام القليلة المقبلة بدولة جنوب السودان.. مبيناً ان الجنوب تنتظره تحديات كبيرة “ولكن سنكون معه حتى يتجاوزها”.. داعياً إلى تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين اللذين تجمعهما الروابط التاريخية والجغرافية والمصالح المشتركة. وأكد أن دولة الجنوب تمتلك امكانات واعدة وموارد تحتاج للاستغلال الأمثل من أجل إحداث النهضة المطلوبة. ودعا الأمين العام إلى حل القضايا مكان الخلاف بين الشمال والجنوب وتنفيذ ما تبقى من اتفاق السلام بخصوص ولايتي (جنوب كردفان) و(النيل الازرق) ومنطقة (ابيي). كما طالب قادة الجنوب بالعمل على نشر الديمقراطية وبناء مؤسسات قوية والاستفادة من التنوع في الجنوب لإرساء السلام الاجتماعي. من جهته أكد ممثل الجامعة العربية الأمين العام المساعد لشؤون الإعلام السفير محمد الخمليشي الثقة بأن عزم قيادتي السودان وجنوب السودان ستفضي إلى إرساء الشراكة من أجل الاستقرار والسلم في المنطقة بما يؤمن تعميق التعايش السلمي. ودعا الخمليشي إلى تكريس مبادىء حسن الجوار وإنهاء كافة مظاهر العنف وتجنب الخلافات والنزاعات ومعالجتها من خلال آليات التفاوض السلمي لخلق علاقات تقوم على دعائم الإخاء والتنمية والرفاه. وأكد أن الجامعة العربية ملتزمة بتقديم كافة أشكال العون والدعم اللازم لإعادة البناء والإعمار بهدف تحقيق الاستقرار في الدولة الوليدة. مشيراً إلى ان الجامعة ستواصل جهودها لزيادة الاستثمار العربي في الجنوب فضلاً عن حرصها على افضل اشكال التعاون مع دولة الجنوب. وحث المجتمع الدولي على تضافر الجهود لتوفير الدعم والمساعدة لشعبي جنوب وشمال السودان من أجل تعزيز فرص التنمية وبناء القدرات. وتحدث في الاحتفال أيضاً رئيس الاتحاد الأفريقي والرئيس الكيني ورئيس الوزراء الاثيوبي وممثل لدولة الصين والجماعة العربية, وأكد المتحدثون في كلماتهم دعمهم الدولة الجديدة واعترافهم بها كأحدث دولة في المنظومة الدولية. وفي هذا الصدد أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس اعتراف الولاياتالمتحدة رسمياً بجمهورية جنوب السودان الجديدة بعيد إعلان استقلالها. وقال الرئيس الأمريكي في بيان: “أعلن بفخر أن الولاياتالمتحدة تعترف رسمياً بجمهورية جنوب السودان دولة تتمتع بالسيادة ومستقلة ابتداء من هذا اليوم، 9 يوليو 2011”. إلى ذلك أكد رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك ان ولادة جمهورية جنوب السودان يجب ان تكون بداية لعصر جديد من السلام والرخاء للشعب السوداني في الشمال والجنوب. وقال بوزيك في بيان له: “إنه لتحقيق السلام والرخاء للشعب السوداني في الشمال والجنوب يجب على البلدين حل القضايا العالقة بمساعدة المجتمع الدولي”. ويأتي إعلان جنوب السودان دولة مستقلة بعد استفتاء جرى في يناير الماضي حيث صوت 98 في المائة من الجنوبيين لصالح الانفصال وذلك وفقاً لاتفاق شامل للسلام وقع عام 2005 “اتفاق نيفاشا” والذي وضع حداً للحرب بين الشمال والجنوب. إلى ذلك كشف ممثل حكومة جنوب السودان في واشنطن إزيكيل جاتكوث عن أن سلفاكير ميار ديت رئيس دولة جنوب السودان سيحضر جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة في الرابع عشر من الشهر الجاري بنيويورك للاعتراف بالدولة الجديدة رسمياً، وقبول عضويتها في المنظمة الدولية. وسيجري رئيس دولة جنوب السودان مباحاثات مع المسؤولين الأميركيين في نيويوركوواشنطن حول علاقات البلدين في المرحلة القادمة.