حثّ خبراء اقتصاد الحكومة على تكثيف جهودها لتنمية إنتاجية القطاع السمكي في بلادنا لزيادة عوائده الاقتصادية وقيمته المضافة من جهة ورفع مساهمته في تغطية الفجوة الغذائية المعتمدة على اللحوم من جهة أخرى. وتسهم الثروة السمكية حالياً بحسب موقع الاقتصادي اليمني في توفير عائدات نقدية لليمن جراء التصدير تتجاوز 60 مليار ريال سنوياً، فيما تقدر حجم المبيعات للداخل بنحو 30 مليار ريال لكنها في المقابل لا تسهم سوى بنسبة 10 15 % من حجم الاستهلاك المحلي من البروتينات الحيوانية والذي يسيطر عليه اللحوم بأنواعها البيضاء والحمراء. ويقول الخبراء إن ارتفاع أسعار اللحوم أدى إلى تراجع حصة الأفراد في اليمن من البروتينات الحيوانية بعد أن وصل كيلو اللحوم الحمراء إلى 2000 ريال للغنمي و1400 ريال للبقري والدواجن إلى 1400 ريال للحبة الواحدة الطازجة وهو ما يجعل من فرص تعويض النقص في البروتينات من خلال استهلاك الأسماك أمراً أكثر واقعية طالما وأن الإنتاج الوطني سيتمكن من توفير المطلوب. وحسب أحدث الإحصائيات الرسمية فقد ارتفعت عائدات بلادنا من صادرات الأسماك والأحياء البحرية العام الماضي 2010م إلى 272 مليوناً و160 ألف دولار مقارنة ب223 مليون دولار خلال العام 2009م وبنسبة زيادة 22 %. واتخذت وزارة الثروة السمكية عدة إجراءات لتشجيع الصادرات السمكية وفتح أسواق جديدة للمنتجات السمكية وخاصة الأسواق التي تشهد طلباً متزايداً على الأسماك اليمنية ومن ضمنها رفع جودة تلك المنتجات بما يرفع من قيمتها في الأسواق العالمية ويمكنها من المنافسة. كما شهدت المنشآت السمكية على امتداد السواحل اليمنية خلال السنوات القليلة الماضية تطورات مكنتها من رفع سعتها التخزينية من 7 آلاف طن إلى أكثر من 47 ألف طن فيما ارتفعت طاقة تجميد الأسماك في اليوم إلى أكثر من ألف و213 طناً. ويقول تقرير من وزارة الثروة السمكية إن عدد المنشآت السمكية لتحضير وتخزين وحفظ الأسماك ارتفع خلال العام 2010م إلى 49 معملاً وثلاثة مصانع للأسماك، استوعبت أكثر من أربعة آلاف و500 عامل وعاملة.. مبيناً أن هذه المنشآت مجهزة بأحدث المعدات ووسائل حفظ الأسماك وفقاً للمواصفات العالمية. وتتميز اليمن بامتلاكها بحاراً واسعة تزخر بثروة عظيمة هائلة من الأسماك لكن معظمها بات يصدر للخارج الأمر الذي دفع الأسعار للارتفاع وبات كيلو السمك الواحد يتجاوز 1000 ريال مما أدى إلى إرباك احتياجات الأسر اليمنية خصوصاً منها الساكنة على السواحل والتي تعتمد عليها كوجبة أساسية وتعتبر هذه الوجبة مصدر غذاء للفقراء الذين لا يتمكنون من شراء اللحوم لتناولها في وجباتهم الغذائية. ويقترح الخبراء قيام الحكومة بتعزيز الإنتاج السمكي عبر برامج استثمارية كفيلة بزيادة إنتاج اليمن وتمكين السوق اليمنية المحلية من الاستفادة من 50 % من الإنتاج على الأقل لتوفيره للاستهلاك المحلي. ورغم أن عائدات الإنتاج السمكي المصدر للخارج يتصدر الاهتمام لدى كل من الدولة والصيادين والمصدرين فإن الخبراء يدعون لضرورة اتخاذ برامج استثمارية وصناعية تمكن اليمنيين من الحصول على وجبات غذائية رخيصة الثمن من الأسماك خصوصاً تلك الأسماك السطحية كالسردين والتونة والتي تصدر للخارج بأقل الأسعار وتخصص كأعلاف للحيوانات تصدر لدول الجوار. ووفقاً للدراسات فإن اليمن يمتلك مخزوناً هائلاً من الثروة السمكية تصل إلى حوالي 850 ألف طن يتيح اصطياد ما يزيد عن 500 ألف طن سنوياً لأكثر من 400 نوع من الأسماك والأحياء البحرية، في حين لم يتجاوز حجم الاستغلال الفعلي نسبة 44 %. وأكدت دراسة أعدها مكتب وزارة الثروة السمكية بمحافظة عدن حول تنمية القطاع الصناعي المعتمد على الموارد السمكية في المحافظة أن استغلال الموارد السمكية في مياه الجمهورية اليمنية الاستغلال الأمثل يؤمّن ويطور الصناعات السمكية الضخمة التي ستكفل بالتالي تأمين حاجيات السكان من الأسماك إضافة إلى الارتقاء بالمساعدات الفنية التي تقدم لأرباب الصناعة السمكية والمؤسسات المعنية ويمكّن من تبادل الخبرات ونقل تكنولوجيا الإنتاج والتسويق. ولفتت الدراسة إلى أن هناك مشاريع يمكن إقامتها في المستقبل تعتمد على المواد الخام المحلية خاصة في القطاع السمكي كمشروع إنشاء مصانع لتعليب أسماك التونة والماكريل وإنشاء معامل شبه التعليب يعمل أساساً في تمليح وتجفيف بعض المنتجات السمكية. وتناولت الدراسة أهم الصناعات القائمة حالياً في محافظة عدن المعتمدة على المواد الخام المحلية في القطاع السمكي منها عدد من المعامل الخاصة بتحضير وإنتاج وتجهيز الأسماك والأحياء البحرية وفقاً لمواصفات الجودة العالمية التي تلعب دوراً مهماً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وبيّنت أن معامل المنتجات السمكية الوطنية وخلال العشر سنوات الأخيرة أكسبت الصادرات السمكية اليمنية شهرة عالمية عبر مواكبتها لكافة الاشتراطات الصحية المطبقة في دول الاتحاد الأوروبي.